ذو المرتبة الأولى في لائحة لانغ يا، السيد مي من النهر الشرقي.

ينحدر شي يو من نسب نبيل وعريق كما أنه يمتلك الرتبة العالية للماركيز، إلا أنه كان مستحيلًا ألا ينبهر من هذا اللقب.

"يتلألأُ في الأبعادِ كما لو كان جليدًا، كما لو كان ثلجًا. ينتشرُ بسَكينةٍ شذًا رقيقٌ بطول النهر المتعرج. يميّز كل أبطال هذا العالم، في قمة النهر الشرقي هناك السيد مي." كانت هذه هي القصيدة التي ألقاها الرئيس شو كيتيان من طائفة القوى العظمى الشمالية جُرف التنّين حينما قابل مي تشانغ سو لأول مرة قبل تسع سنين.

آنذاك، دخلت عائلة غونغ سون منطقة النهر الشرقي أثناء هروبها من الاغتيال. عبر شو كيتيان النهر في المطاردة. زعيم تحالف النهر الشرقي الذي عُيّن حديثًا، مي تشانغ سو، وصل شخصيًا في ضفة النهر للترحيب بشو كيتيان. الرجلان، غير مسلحين ودون حرس، تجاذبا أطراف نقاش سري في قمة جبل هي. بعدَ يومَين، نزل شو كيتيان من الجبل ليعود إلى الشمال، أُنقذت عائلة غونغ سون، وانتشرت شُهرة تحالف النهر الشرقي في أرجاء البلدان.

"لطالما توارى زعيم تحالف النهر الشرقي عن الأنظار. لم يرَه أحدٌ أبدًا... كيف تعرفتما عليه؟" سأل شي يو بعدما تفكّر للحظة.

"كان أخي..." أجاب شي بي متمتمًا. تولّى شياو جينغ روي الرد، "نعم يا والدي. في الشتاء الماضي، مررت بجبل كين في سفري وكنت أرتاح في صالة شاي. وتصادف أن سو كان جالسًا أمام الطاولة المجاورة. كان يحدق إلى غُصنٍ من أزهار الخوخ[1] كنتُ أمسكه، وبدا كأنه أعجبه حقًا. أهديته أزهار الخوخ دون تفكير، وتعرفنا على بعضينا. كثيرًا ما كنتُ تحت رعايته أثناء ترحالي من ذلك الحين. سو ذو جسدٍ واهن، وصحةٍ متوعكة. أخبره الطبيب المسن، الطبيب شون جين، أنه يتوجب عليه مغادرة النهر الشرقي وتجاهل شؤون تحالفه لكي يركز على الشفاء. لذا، استغليت هذه الفرصة لدعوته ليمكث في جين لينغ قليلًا... كما يعرف والدي، شُهرة سو واسعة الانتشار. قرّر أن يستعمل الاسم المستعار سو جي من أجل يحافظ على أسلوب حياة ساكن..."

"هكذا الأمر إذن..." أومأ شي يو. "مهما كان. السيد سو ضيفٌ موقّر. ينبغي لكما أن تعتنيا به جيدًا."

انحنى شياو جينغ روي وشي بي معًا بطاعة، ومشيا إلى الخارج ببطء.

حالما غادرا مكتب والدهما، أمسك شي بي شياو جينغ روي مستفسرًا. اكتشف أخيرًا قتال فيليو مع القائد منغ، وتمتم مشدوهًا. ذهب الاثنان إلى كوخ الثلج لينبئا مي تشانغ سو عن أن والدهما اكتشف هويته الحقيقية. ابتسم زعيم تحالف النهر الشرقي بكل بساطة ابتسامةً ضعيفة، ولم يولّ الأمر اهتمامًا كبيرًا.

في الصباح الباكر من اليوم القادم، جاء ابن أخ الإمبراطورة يان يوجين مرتديًا ملابسًا أنيقة. أعلن قائلًا، "لا بد أن إرهاق سو من سفره قد هدأ الآن. لذا اليوم، دعونا نخرج لنتسلى." سحب شياو جينغ روي ومي تشانغ سو خارجًا، وترك شي بي وراءه، الذي كان غارقًا بالعمل بعينَين مستاءتين.

البطولة من أجل طلب يد الأميرة ني هوانغ للزواج تدنو، لذلك كانت العاصمة مزدهرة بفتيان موهوبين من أرجاء البلدان. اهتاجت كل المطاعم وصالات الشاي بالأعمال. بين الفينة والفينة، تكون هنالك شجارات مشوّقة، كما لو أن الناس يباشرون بأنفسهم الجولة الأولى من الإقصاء. عاشق الدراما يان يوجين وجد كلّ هذا مسليًا إلى حدٍّ كبير، واستمرّ بالجري في الأرجاء لمشاهدة العروض منذ يوم عودته. عندما جلب شياو جينغ روي ومي تشانغ سو إلى الخارج معه، كان متمكنًا بالفعل من التعريف بثقة بالمطاعم ذات أكبر عدد من المبارزات، وعن صالات الشاي ذات المقاتلين الأعلى مستوى.

شاهدوا ما يكفي يومًا واحدًا من الشجارات، وبالكاد رؤوا أي مقاتل ماهر. (بالطبع، أسياد فنون القتال الحقيقيون لن يصنعوا فُرجةً من أنفسهم بالانضمام إلى هذه الفوضى.) لا يزال يان يوجين متمتعًا بروح معنوية عالية، لكنّ شياو جينغ روي قد ضجر منذ وقت طويل. عادةً، يحاول أن يبقى من أجل متعة صديقه العزيز، لكنّهما اليوم أتيا برفقة مي تشانغ سو. حالما رآه بدأ يُظهر بادرات إرهاق، رفض فورًا اقتراح يان يوجين بأن يذهبوا ليتسلوا في مطعمٍ آخر.

"لمَ لا؟ ذلك المكان ممتعٌ حقًا. ذهبت إلى هناك قبل بضعة أيام، ورأيت رجلًا معه هراوة مدببة يقاتل آخرًا معه سيفَين. لم يضرب الرجل جيدًا بهراوته المدببة، وانتهى بها الأمر تطير إلى الخلف. ضرب نفسه على جبهته وفقد وعيه. أوه، لكم ضحكت..."

ذكّره شياو جينغ روي بهدوء، "يوجين، سو مُتعب."

"إه؟" رأى يان يوجين وجه مي تشانغ سو الباهت وصفع نفسه. "كنتُ طائشًا جدًا. سو مريض، طبعًا سيكون مختلفًا عنا. لمَ لا نسترح هنا إذن؟ الطعام هنا لذيذ جدًا. هل عليّ أن أطلب بعض الأطباق المميزة لكي تجربها يا سو؟"

"لقد تناولنا وجبات خفيفة قبل أقل من ساعتَين، كيف يكون لدينا متسعٌ لمزيد من الطعام؟" أسند مي تشانغ سو ظهره إلى كرسيه. رغم أنه بدا مُنهكًا، لا يزال لديه بعض من الحيوية. "فلنجلس لفترة قصيرة ثم يذهب كلّ إلى بيته. حتى مع أننا خرجنا لنلهو، لا يمكننا أن نبالغ كثيرًا. يجب أن ندع جينغ روي يعود إلى البيت ليتناول وجبة العشاء مع عائلته."

"هذا صحيح، شياو جينغ روي طفل صالح،" قال يان يوجين موافقًا. "على خلافي. لا يولّي أبي اهتمامًا بميعاد عودتي للبيت البتة..."

رغم أنه تحدث بطريقة مبتهجة، اكتشف مي تشانغ سو مع ذلك مقدارًا ضئيلًا من الوحدة. التفت ليلقي نظرة فاحصة على يان يوجين. لم يلاحظ شياو جينغ روي، لكونه معتادًا عليه كثيرًا. بدلًا من ذلك، لوّح بيده لخادم وأمره باستئجار عربة نظيفة بوسادة.

بعد فترة قصيرة، وصلت العربة، وافترق الثلاثة أمام المطعم. استمرّ يان يوجين في التجوال بالأرجاء، ورافق شياو جينغ روي مي تشانغ سو للعودة إلى قصر الماركيز نينغ.

بينما كانا يخرجان من العربة أمام القصر، شاهدهما خادمٌ على بُعد وجرى إلى الداخل ليعلن عودتهما. خرج شي بي متعجلًا ليرحب بهما فورًا بعد ذلك. نادى حالما رأى الاثنين، "لمَ خرجتما لمدة طويلة جدًا؟ إحداهن تريد رؤيتكما. إنهن ينتظرن لفترة طويلة الآن!"

كان ردّ فعل شياو جينغ روي لشكاوى شي بي استفسارًا فوريًا، "من يريد رؤيتنا؟" من جهة أخرى، أوقف مي تشانغ سو خطواته، ولمحةٌ من التردد ومضت بين حاجبيه. لكنها كانت للحظة وجيزة فقط، واستعاد سلوكه الهادئ بسرعة.

ألقى شي بي نظرات سريعة موزونة على أزياء الاثنين وقال بعجلة، "إنها مقبولة، لا يتعين عليكما التبديل. أسرعا وادخلا معي. الإمبراطورة، وأمي، والأميرة ني هوانغ يردن رؤيتكما."

صُعق شياو جينغ روي. النساء الثلاث اللاتي تحدث شي بي عنهن يمكن اعتبارهن أنبل وأقوى النساء في إمبراطورية ليانغ. الإمبراطورة تسيطر على القصر الداخلي[2]، وهي أمّ الإمبراطورية. وسمو الأميرة لي يانغ تكون أخت الإمبراطور وزوجة الماركيز نينغ. ومع أن الأميرة ني خوانغ ذات مكانة أخفض منهما، إلا أنها تقود عشرة آلاف وحدة فرسان في الحدود الجنوبية للإمبراطورية. تندر رؤية حتى واحدة من الثلاثة، ناهيكم عن ذكر أن يكنّ خصيصًا ينتظرن هنا معًا. بوسعنا أن نقول أنه لم يسبق لأحد أن اُستقبل في تجمعٍ نادرٍ كهذا من قبل.

"ما لك ذاهلٌ هكذا؟" لكز شي بي أخاه، "لا بأس إن لم ترغب في الدخول. إنهن يردن في الأساس مقابلة سو على كل حال."

"استمع إلى نفسك فقط." حملق شياو جينغ روي إلى شي بي باستياء، "هل أثرت فضولهن بكونك ثرثارًا مهذارًا وأخبرتهن عن قتال فيليو والقائد منغ؟ هل نسيتَ أن سو هنا ليتعافى من مرضه؟ إنه ليس هنا ليتعرف على كل النبلاء. أما زال سيقدر على الراحة بسلام لو كان محطّ الأنظار؟"

شعر شي بي بالخزي للغاية بعدما وُبّخ، واعتذر بإحراج، "إنها غلطتي. زلّ لساني بالصدفة بينما كنت أسلي الضيفتين مع أمي. سامحني من فضلك يا سو."

"كلا كلا،" قال مي تشانغ سو. وتحدث بلا مبالاة، "يجدر بي أن أكون ممتنًا لكون السيد الشاب شي يعرفني بالنبلاء. من يدري، عندما أرحب بهن بعد برهة قصيرة، لعلّ الإمبراطورة ستكافئني بكنوز عوضًا عن الأمير يو."


———
[1] كنية مي تشانغ سو "مي" تشير إلى زهرة الخوخ. زهرة الخوخ أو مي هوا لها مكانة هامة في الحضارة الصينية. لكونها تزهر في الشتاء، هي تمثّل الصلابة في وجه المشاق. سنرى زهرة الخوخ كرمز متكرر في السكينة في النار وهو مجازٌ لمي تشانغ سو.
[2] مكان قصر الحريم للإمبراطور.

2019/08/24 · 527 مشاهدة · 1222 كلمة
nourayu
نادي الروايات - 2024