ذُهل شي بي من كلمات مي تشانغ سو. توقف قلبه عن الخفقان. رفع عينيه، ورأى أنه بينما كانت هناك ابتسامة خفيفة تعلو مي تشانغ سو، إلا أن عينَيه لم تُظهر ذرةً من الابتهاج. عرف شي بي أن مكيدته الصغيرة قد فطن إلى حقيقتها زعيمُ تحالف النهر الشرقي الذكي بصورة استثنائية. شعر بالإحراج تمامًا، وفكّر يائسًا في طريقة يوضح فيها نفسه.

نظرًا لظروف شياو جينغ روي الخاصة، قضى غالبية حياته مسافرًا خارج العاصمة، خصيصًا بعدما بلغ سن الرشد. لم يُشرك نفسه في السياسة قط. لكن حتى مع ذلك، فهو لا يزال ابن ماركيز، وله بعضٌ من المعرفة الرئيسية بالقوى العظمى في الديوان الإمبراطوري. حينما سمع كلمات مي تشانغ سو ورأى تعبير شي بي، قليلٌ من التفكّر أوضح الحالة له. كان ثائرًا. سار متقدمًا ليقي مي تشانغ سو خلفه وأخبر شي بي بصوتٍ عالٍ، "اذهب وأبلغ الإمبراطورة وأمي، سو معتلّ الصحة ولا يستطيع الذهاب لتحيتهن."

"ماذا تفعل يا أخي؟" حاول شي بي أن يدفعه جانبًا على عجل. "توقف عن التسبب بالمتاعب. أتعتقد أن الأشخاص الجالسون في الردهة الرئيسية مجرد ضيوفٍ عاديين؟ لا يمكنك ببساطة أن تراهم إذا رغبت في ذلك، ولا أن ترفض إن لم ترغب في ذلك."

ارتعش فك شياو جينغ روي. قبض على ذراع شي بي بشدة واستدعى طاقته الداخلية، جاعلًا أخاه عاجزًا عن الحركة. حدق إلى عينَي شي بي مباشرة وتحدث بجدية، "أصدق أن والدتي والأميرة ني هوانغ تشعران بالفضول فقط. من تريد مقابلة سو حقًا هي الإمبراطورة، صحيح؟ لذا، سأقول هذا مجددًا. أرجو أن تذهب لإبلاغ الإمبراطورة، سو مريض ولا يريد أن يضلّ مساره أمام جلالتها، واطلب عفوها."

حاول شي بي الإفلات من قبضة شياو جينغ روي بقوة كبيرة، لكنه عجز عن تحرير نفسه. احمرَّ من الإحراج والانزعاج. رغم أن شي بي يشير إلى شياو جينغ روي بـ"أخي"، ويوجد حقًا رابطٌ أخوي حميم بين الاثنين، شي بي لم ينظر إلى أو احترم شياو جينغ روي كأخٍ أكبر بحق أبدًا. كان شياو جينغ روي لطيفًا ومتواضعًا بالفطرة. لطالما أذعن إلى إخوته، ولم يملِ أوامره عليهم بوصفه أخًا أكبر قط، وسامح دومًا أي مضايقاتٍ طائشة تلقاها. لم يكن صارمًا خصوصًا مع شي بي، الوريث. تصرفه القاسي المفاجئ كان مفاجئًا لشي بي، الذي لم يعتد عليه.

مشى مي تشانغ سو إلى الأمام وتحدث بنفور، "لا عليك يا جينغ روي. سوف—" لم يكمل قبل أن ردّ شياو جينغ روي بحسم دون أن يلتفت حتى، "لا! قطعًا لا!"

"أخي!!"

"لا يهمني ما جال في فكرك حينما دعوتَ سو إلى جين لينغ. كل ما أعرفه هو أنني دعوته ليستريح ويتماثل للشفاء. هذه النزاعات لا علاقة لها به." كانت عينا شياو جينغ روي حازمتين ولا تتزحزحان. "الأمير يو أو وليّ العهد، مهما كان الموقف الذي تريد اتخاذه، أيًا كان من تريد اتخاذ جانبه، ذلك شأنك. سمح لك والدي بذلك، وكذلك أنا، وإلى حدٍ أكبر حتى. ولكن، سو ليس متورطًا بشؤون البلاط الإمبراطوري. حتى لو كان يسيطر على أعظم عشيرة في العالم، حتى لو كان يمتاز بموهبة يمكن تعيينها، لا يمكنك دعوته على أساس فرضيات كاذبة وتكيد لتُشركه في الصراع هكذا، دون أي اعتبار لتفكيره. حتى لو كان سو شخصًا غريبًا، إن أفعالك تنافي الأخلاق. ولا داعي لذكر، لا بدّ أنك تكن على الأقل بعض المشاعر الودية له من خلال ترحالنا معًا، أوليس كذلك؟"

لم يسبق لشي بي أن سمع كلماتٍ قاسية كهذه من شياو جينغ روي قط. علاوة على ذلك، كان مَلومًا، ولذلك لم يكن مهيبًا بطبيعة الحال. تمتم رادًا بحجة معاكسة، "هذا فقط للقاء بالإمبراطورة، ليس مضطرًا إلى أن يقرر أي شيء..."

"فقط للقاء بالإمبراطورة؟" ضحك شياو جينغ روي ببرود، "إن لم يكن من أجل معرفة سو الواسعة ومكانته بوصفه الزعيم لتحالف النهر الشرقي، فلمَ قد ترغب الإمبراطورة في اللقاء به فجأة؟ لو أن الإمبراطورة قدمت شرف التوظيف بالنيابة عن الأمير يو أثناء اللقاء، كيف ينبغي أن يرد سو؟ إذا وهبت الإمبراطورة بعضًا من الهدايا الثمينة استثنائيًا، هل تريد أن يقبلها سو أم أن يرفضها؟ دون موافقة سو، وضعتَه في حالة صعبة بشكل غير معقول. هل أفعالك لائقة بأفعال الصديق؟"

بدأ تعبير شي بي يترنّح بعدما وُبّخ بشراسة بالغة. كان تعبيره مليئًا بالإحراج، وانتفخت أوردة في جبينه. رقّ شياو جينغ روي عند رؤية هذا. أخفض نبرته وأكمل ببطء، "أخي، لطالما اعتمدت العائلة على عنايتك وجهودك العظيمة. لم أمدّك بكثيرٍ من المساعدة، ولذلك أشعر بالأسف. أعرف أن كل شيء تفعله من أجل آل شي. مهما يكن، لا يمكننا معاملة صديق هكذا. لو اكتشف يوجين هذا، فسيصرخ عليك أيضًا. سوف أرافق سو إلى كوخ الثلج الآن. وبالنسبة إلى الإمبراطورة... أؤمن بأنه عبر فطنتك البارعة، ستتمكن من حلّ المسألة." بعد ذلك، التفت ليمسك مي تشانغ سو، وغادر دون أن ينظر إلى الوراء حتى.

وقف شي بي مصعوقًا لفترة قصيرة. أخيرًا، تنهد، ولم يجرؤ على اللحاق بهما.

حالما عادا إلى كوخ الثلج، جلس مي تشانغ سو على الكرسي الطويل تحت الشجرة كالعادة. سكب شياو جينغ روي له كوبًا من الشاي الساخن، وأحضر مقعدًا بالجوار. جلس بهدوء لفترة طويلة من الزمن. أخيرًا، قال بصوت منخفض، "آسف..."

استراحت عينا مي تشانغ سو على وجه شياو جينغ روي ببطء. هذا الشاب القادم من عائلتين قد استعاد دفئه المعتاد الآن. كان وجهه وديعًا وعيناه ناصعتين، خاليتان تمامًا من الشراسة والعزم من السابق. ولكن، وهو يشاهده، شعر مي تشانغ سو بصدمة يصعب لفظها بوضوح.

اعتقد مي تشانغ سو في البدء أن شياو جينغ روي ابن بسيط وطيّب. لم يتخيل أبدًا أن يحوز هذا الشاب على مبادئ محكمة وحازمة كهذه في الصداقة والأخلاق.

لم يرغب في الذهاب للقاء بالإمبراطورة حاليًا، لكنه على الأغلب كان سيتولى الموقف إن اضطرا إلى اللقاء. مع ذلك، لم يسعه سوى أن يتأثر حينما تقدم شياو جينغ روي إلى الأمام ليعترض سبيله، يحميه دون أي تحفظات.

لو استطاع كل شخص أن يكون مثل شياو جينغ روي، فربما حينها سيكون العالم مكانًا أفضل بكثير. لسوء الحظ، كثيرٌ من الناس لا يستطيعون فعل ذلك، بالإضافة إلى نفسه...

"سو، أرجوك لا تنزعج من شي بي... إنه لم يتصرف بخبث في واقع الأمر. لطالما دعم الأمير يو، وهو معجبٌ بمعرفتك حقًا." لم يتمكن شياو جينغ روي من تبيّن تعبير مي تشانغ سو وشعر بالقلق قليلًا. "دافعك للقدوم إلى جين لينغ هو لتترك وراءك نزاعات التحالف، ومع ذلك نحن نجعلك تواجه فوضى كهذه الآن..."

أبدى مي تشانغ سو ابتسامةً طفيفة. مدّ يده وربت على ركبة شياو جينغ روي، متحدثًا بهدوء، "أن أنزعج سيكون أمرًا مبالغًا فيه... أعرف أن لدى كل شخص أسبابه الخاصة التي تدفعه لأفعاله، وشي بي ليس مختلفًا. مع الأسف، يميل الجميع إلى أن يعيروا أنفسهم اهتمامًا كبيرًا. تكونت كثيرٌ من مصادر الإزعاج بهذه الطريقة. هذا متشابه في كل مكان في العالم. يان ويو يسفكان الدماء على عرشيهما، كيف يمكن لإمبراطوريتنا ليانغ أن تكون مختلفة؟"

"قبل أن تأتي إلى جين لينغ، قلتَ أنك احتجتَ إلى إخفاء هويتك." طأطأ شياو جينغ روي رأسه وبدا مخذولًا جدًا. "لقد وعدتك بوضوح، لكني لم أستطع أن أفي بذلك..."

"كيف يمكن أن تُلام على هذا؟ لقد نشأ ذلك من غلطتي. نسيت أن آمر فيليو بأن يحترس..."

هزّ شياو جينغ روي رأسه ممانعًا وقال برزانة، "سو، لا يتعين عليك أن تدّعي العمى أمام الحقيقة لتجنبني آلام مشاعري. بعد أحداث اليوم، يجب أن نفهم كلانا أنه حتى لو لم يتقاتل فيليو مع القائد منغ بالأمس، سيكشف شي بي مع ذلك هويتك الحقيقية للأمير يو..."

"حسنًا إذن، لمَ لا نفر من العاصمة تحت جُنح الظلام؟" مزح مي تشانغ سو، محاولًا تلطيف الجو.

"سو!!" صاح شياو جينغ روي بين القلق والضحك.

"حسنًا الآن، توقف عن القلق." ضحك مي تشانغ سو واستند إلى كرسيه. "ما حدث قد حدث، وكل شيء سيكون على خير ما يرام. كلا الحزبين يوظفان أشخاص موهوبين بيأس. وبما أنني لسوء الحظ قد رُقتُ لهما، فلن أجلب سوى المتاعب إلى النهر الشرقي لو هربت عائدًا، وثم أُوبخ من الأشخاص هناك على كوني مبشرًا بالمصائب. سيكون من الأفضل أن أبقى في العاصمة وأشاهد تفتح الدراما. حالما يفحصاني لبضع أيامٍ أكثر، سيكتشفان أنني مجرد عالمٍ لا نفع منه. ومن ثم، لن يقبلا أن أعمل لديهما حتى لو ذهبت سعيًا لهما."

يعرف شياو جينغ روي أن المسألة ليست بالبساطة التي ادعاها مي تشانغ سو، لكنه كان لا يزال مستمتعًا بالضحك، وروحه المعنوية المنخفضة قد مُحيت.

في النهاية، لم يثر الرفض أي مشاكل. الإمبراطورة والأميرة ني هوانغ خرجتا بسلام. يبدو أن شي بي ممتازٌ حقًا بطرقه. كانت وجبة العشاء مسالمة جدًا أيضًا. لا الماركيز نينغ ولا سمو الأميرة لي يانغ ذكرا أي شيء يخص ضيفهما في كوخ الثلج. بل كان شي بي أهدأ، وعاد إلى جناحه بعد بضع قضمات. لحق به شياو جينغ روي بعد فترة وجيزة ليتفقده. لم يغضب شي بي من أخيه، طلب فقط من شياو جينغ روي أن يعتذر إلى سو بدلًا منه. ثم استعمل عذر الشعور بالتوعك وذهب لينام باكرًا.

في اليوم التالي، جاء يان يوجين مجددًا لمزيدٍ من المغامرات، ووجد متفاجئًا أنه لا أحد يبدو نشيطًا جدًا. شكّ فورًا في أنه فوّت حدثًا عظيمًا. ذهب مباشرة ليستجوب شياو جينغ روي، لكنه لم يستطع أن ينقّب عن أي معلومة بعدما كافح لنصف يوم. لحسن الحظ، تذكر أخيرًا أن المنافسة لاختيار زوج الأميرة ني هوانغ ستبدأ في اليوم القادم، وأنه لا بد أن يرتاح ويحتفظ بطاقته ليناضل من أجل هدفه في الظفر بالفتاة. توقف أخيرًا عن تعذيب صديقه المفضل وعاد إلى المنزل منهكًا.

2019/08/26 · 479 مشاهدة · 1442 كلمة
nourayu
نادي الروايات - 2024