تقطير! تقطير! تقطير!

تراجع تشو مينغ روي في خوف من المنظر الذي رحب به . كان الامر كما لو ان الشخص الذي كان في مراة الملابس لم يكن هو نفسه بل كانت جثة تشريح .

'كيف يمكن لشخص بمثل هذه الجروح الخطيرة البقاء على قيد الحياة !؟'

ادار راسه بغير تصديق وفحص الجانب الاخر .على الرغم من انه كان على بعد مسافة وكانت الاضاءة ضعيفة , الا انه مازال قادر على رؤية الجرح والاختراق وبقع الدم الحمراء الداكنة .

" هذا .... "

اخذ تشو مينغ روي نفسا عميقا بينما كان يحاول جاهدا تهدئة نفسه .

مد يده للضغط على صدره الايسر وشعر بنبض قلبه المتسارع الذي كان ينبع بالحيوية الهائلة .

ثم لمس جلده المكشوف . تحت البرودة الطفيفة كان هناك دفء متدفق .

عندما قرفص , وبعد التحقق من ان ركبتيه يمكن ان تنحني , وقف تشو مينغ روي مرة اخرى وهدأ .

" ما الذي يحدث ؟" تمتم مع عبوس طفيف , لقد خطط لتفقد اصابة راسه بجدية مرة اخرى .

لقد اخذ خطوتين الى الامام وتوقف فجأة . كان ضوء القمر الدموي قاتما نسبيا . لذلك لم يكن كافيا "لتفقده الجاد"

تم تفعيل شظية من ذاكرته بينما قام تشو مينغ وي بتحويل رأسه للنظر الى الانابيب البيضاء الرمادية والمصباح الشبكي المعدني على الحائط .

كان ذلك هو مصباح الغاز الاكثر شيوعا في هذا العصر . كان لهبه مستقرا وكانت امكانية اضاءته ممتازة !

مع وضع عائلة موريتي , حتى مصباح الكيروسين كان حلما , ناهيك عن مصباح غاز . استخدام الشموع كان الاكثر ملائمة لمنزلتهم ومكانتهم . ومع ذلك , عندما كان قد احرق زيت منتصف الليل قبل اربع سنوات ليدخل جامعة هوي , شعر شقيقه الاكبر بينسون انه امر مهم يعتمد عليه مستقبل اسرته و لذلك , اصر على خلق ظروف دراسة مواتية لكلاين حتى لو كان ذلك يعني تحمل الديون .

بطبيعة الحال , لم يكن بينسون , الذي يعرف القراءة والكتابة وعمل لعدة سنوات , شخصا متسرعا لا يفكر في العواقب , لقد كان لديه في جعبته بعض الحيل وتحاور مع المالك بشأن " رفع معايير الشقة عن طريق تركيب انابيب الغاز لتحسين احتمالية التأجير في المستقبل ".

كان المالك مقتنعا وقدم المال لاستكمال التعديلات الاساسية . بعد ذلك , وباستخدام ايجابية العمل في شركة استيراد وتصدير , قام بشراء مصباح غاز جديد تماما كان سعره قريبا من تكلفة التصنيع . في النهاية , كل ما احتاجه هو استخدام مدخراته ولم يكن بحاجة الى اقتراض المال !.

بعد ان اومضت شظية الذاكرة في ذهنه , جاء تشو مينغ روي الى المكتب حيث قام بتدوير صمام الغاز .

مع صوت قوي , بدت شرارة من الاحتكاك , الضوء لم ينزل على تشو مينغ روي كما كان يتوقع .

ادار المفتاح لعدة مرات , ولكن كل ما فعله مصباح الغاز هو احداث ضوضاء والبقاء مظلما .

"همم ...." سحب يده وضغط على صدغه الايسر , سعى للبحث عن السبب في شظايا ذاكرته .

بعد ثواني قليلة استدار وسار نحو الباب . مد يده الى الالة المركبة التي كانت متصلة بالجدار , كانت انابيب بيضاء متصلة بها .

"كان هذا عداد غاز !"

بعد رؤية التروس والمحامل المكشوفة , اخرج عملة من جيب بنطاله .

لونها اصفر داكن , ولها وميض من البرونز . نقش على الجزء الامامي من العملة بصورة رجل يرتدي تاج , مع " 1 " على مجموعة من القمح خلفه .

عرف ان هذه هي العملة الاساسية في مملكة لوين , كانت تدعى بنس نحاسي , كانت القوة الشرائية لواحد منه ما يقارب من ثلاثة الى اربع يوانات من قبل انتقاله , هذه العملات كان لها فئة اخرى , مثل الخمس بنسات , نصف بنس , ربع بنس .

على الرغم من الانواع الثلاثة , لم تكن الفئات ذات الوحدات الصغيرة كافية . في الحياة اليومية , كان على المرء ان يشتري عدة اشياء مختلفة فقط لانفاق عملة واحدة من وقت لاخر .

بعد تقليب العملة , التي تم سكها وتداولها بعد صعود الملك جورج الثالث الى العرش , عدة مرات , ادخلها في " الفم " العمودي الرقيق لعداد الغاز .

كلينك ! كلينك !

بعد هبوط البنس الى الجزء السفلي من العداد , بدء صوت الطحن على الفور , مما انتج ايقاعا ميكانيكيا قصيرا لكن موسيقيا .

حدق تشو مينغ روي في العداد لبضع ثوان قبل العودة الى المكتب الخشبي القوي البنية , ثم مد يده لادارة مفتاح الغاز .

بعد بعض الضجيج , صدى صوت حاد .

اشتعل عمود النار ونما بسرعة , احتلت الاضاءة الساطعة اولا الجزء الداخلي من مصباح الجدار قبل اختراق الزجاج الشفاف , حيث غطت الغرفة بتوهج دافيء .

سرعان ما انحسر الظلام مع تراجع الضوء القرمزي خارج النافذة , شعر تشو مينغ روي بالراحة لسبب غامض بينما جاء بسرعة اما مراة الملابس .

هذه المرة , تقفد بجدية صدغه ولم يفوت تفصيلا واحدا .

بعد بضع جولات من الدراسة , ادرك انه بصرف النظر عن بقع الدم الاصلية , لم يعد السائل يتدفق من الجرح الغريب , بدا الامر كما لو انه تلقى افضل عملية تخثير وتضميد , اما بالنسبة لسائل الدماغ الذي تدفق ببطء والنمو الملحوظ للحم والدم حول الجرح , فهذا يعني ان الجرح قد يستغرق من ثلاثين الى اربعين دقيقة , او ربما حتى ساعتين الى ثلاث قبل ان يختفي مع ترك ندبة خفيفة فقط .

" الاثار التصالحية التي يجلبها الانتقال , ربما ؟ " حنى تشو مينغ روي الزاوية اليمنى من فمه بينما تمتم في صمت .

بعد ذلك , اطلق تنهيدة طويلة , بغض النظر عن ذلك , لا يزال على قيد الحياة !

بعد ان حسم رايه , سحب درجا واخرج قطعة صغيرة من الصابون . اخذ واحدة من المناشف المهترأة المعلقة على جانب الخزانة وفتح الباب , وسار الى الحماما العام الذي يتقاسمه المستأجرون في الطابق الثاني .

'نعم , يجب ان اقوم بتنظيف بقع الدم من على رأسي , او سأبقى مثل مسرح جريمة متنقل , من العادي ان اخيف نفسي , ولكن اذا ما اخفت شقيقتي ميليسا , عندما تستيقظ صباح الغد , سيكون الامر مشكلة الى حد ما !'

كام الممر الخارجي اسود تماما , كان يمكن بالكاد رؤية بعض الاشكال بسبب ضوء القمر القرمزي من النافذة في نهاية الممر . بدوا مثل زوج من العيون الوحشية التي لاحظتبصمت الحياة في وقت متاخر من الليل .

خفف نشو مينغ روي خطاه بينما سار نحو الحمام المشترك بخوف مرتعش .

عندما دخل , كان هناك ضوء قمر اكثر حتى , مما سمح له برؤية كل شيء بوضوح , وقف امام حوض الغسيل وفتح مقبض الصنبور .

عند سماع صوت الماء المتدفق , تذكر فجأة مالك المكان , السيد فرانكي .

بما ان الماء جزء من الايجار , هذا الرجل القصير الرقيق الذي ارتدى قبعة رسمية وسترة , وبدلة سوداء , تفقد دائما الحمام بنشاط منتبها لاي اصوات مياه متدفقة .

اذا تهافتت المياه بصوت عالي , سيتجاهل السيد فرانكي جميع صفاته المحترمة من خلال التلويح بعصاه وهو يضرب بابا الحمام , يصرخ بأشياء مثل :

' لص فقير !'

'تضييع الماء هو امر مخجل !'

'سأتذكرك !'

'اذا رأيت هذا يحدث مرة اخرى و ستذهب انت وامتعتك القذرة !'

'اسمع كلماتي !, هذه هي اكثر الشقق قيمة مقابل المال في مدينة تينغن , لن تجد مالكا اكثر لطفا في اي مكان اخر !'

واضعا تلك الافكار جانبا , استخدم منشفة رطبة لتنظيف بقع الدم من وجهه مرارا وتكرارا .

بعد التحقق من نفسه باستخدام مراة متهدمة في الحمام والتحقق من ان كل ما تبقى كان جرح شنيع ووجه شاحب , استرخى . ثم خلع قميص الكتان خاصته واستخدم قطعة صابون لغسل بقع الدم .

في تلك اللحظة لقد جعد حاجبيه وتذكر وجود مشكلة محتملة

كان الجرح مبالغا فيه للغاية وكان هناك الكثير من الدماء , وبصرف النظر عن جسده , من المحتمل انه في غرفته لا تزال هناك علامات على اصابته !

بعد ان انتهى من قميص الكتان بعد بضع دقائق , عاد بسرعة الى شقته بملابس رطبة , مسح اولا بصمة الدم من على المكتب , بعد ذلك , بحث عن البقع التي فاتته .

اكتشف على الفور ان كمية معتبرة من الدماء تناثرت على الارض اسفل المكتب , وكان هناك رصاصة صفراء على الجانب الايسر من الجدار .

" اطلاق رصاصة مباشرة الى الصدغ ؟" بعد مزج ومطابقة الادلة من قبل , كان لدى تشو مينغ روي فكرة تقريبية عن كيفية وفاة كلاين .

لم يكن في عجلة من امره للتحقق من تخمينه وبدلا من ذلك قام بمسح بقع الدم بشكل جدي وتنظيف " مسرح الجريمة " بعد ذلك تخذ الرصاصة وعاد الى جانب مكتبه , قتح اسطوانة المسدس وافرغ الرصاصات .

ما مجموعه 5 رصاصات وقذيفة فارغة كلهم ببريق نحاسي .

" تماما ...." نظر تشو مينغ روي الى القذيفة الفارغة امامه وادخل الرصاصات مرة اخرى الى الاسطوانة بينما اومئ .

غير نظره نحو اليسار وسقط على الكلمات في دفتر الملاحظات :" الجميع سيموت , بمن فيهم أنا " . بعد ذلك نشات المزيد من الاسئلة .

'من اين اتى المسدس؟'

'هل كان انتحارا ؟ ام تم تزييفه على انه انتحار ؟'

'اي نوع من المتاعب يمكن ان يضع خريج جامعة من اصول متواضعة نفسه فيها ؟'

'لماذا قد تترك هذه الطريقة الانتحارية هذا الكم القليل من الدماء فقط؟ هل لاني انتقلت في الوقت المناسب وجاءت مع فوائد شفاء ؟'

بعد التأمل للحظة , غير تشو مينغ روي , الى قميص كتان اخر . جلس على الكرسي المكتبي وبدأ يفكر في امور اكثر اهمية .

لم تكن تجربة كلاين شيئا عليه الاهتمام به .

المشكلة الحقيقية هي معرفة سبب انتقاله , واذا ما كان سيستطيع العودة .

والديه , اقاربه , اصدقائه و اصحابه و العالم الرائع للانترنت , وجميع انواع الاطعمة الشهية , هذه الاسباب التي دفعته للتفكير بالعودة !

نقر .. نقر .. نقر ..كانت اليد اليمنى لتشو مينغ روي غريزيا تسحب اسطوانة المسدس وتعيدها لمكانها مرة اخرى , مرارا وتكرارا !

'نعم , لم يكن هناك فرق كبير بالنسبة لي بين هذه الفترة من الزمن والماضي لقد كنت غير محظوظ قليلا , لكن لماذا انتقلت دون سبب على الاطلاق ؟!'

'الحظ السيء .... نعم ! , لقد قمت بطقوس تحسين الحظ قبل العشاء اليوم !'

اومضت فكرة في عقل تشو مينغ روي , مضيئة ذكريات اخفاها الضباب من الارتباك .

باعتباره كفؤا كسياسي لوحة مفاتيح، مؤرخ لوحة مفاتيح، عالم إقتصاد لوحة المفاتيح، بيولوجي لوحة مفاتيح، وفولكلوري لوحة المفاتيح، فقد اعتبر نفسه دائماً “على علم بشيء من كل شيء”. بالطبع ، غالباً ما سيسخر منه صديقه الأفضل على أنه “يعرف فقط القليل من كل شيء” .

‘مايعنيه كل هذا أنه لم يكن إلا واحدا من محبي الجدال على الأنترنات حيث يمكنه أن يجادلك في أي موضوع وهذا ما تعنيه كلمة لوحة المفاتيح في الجملة السابقة’

وكان واحد من هذه ألأشياء هو العرافة الصينية .

عندما زار مسقط رأسه في العام الماضي ، اكتشف كتابًا مربوطا بالخيوط بعنوان ‘أساسيات التنبأ وفنون الأركَان لسلالتي تشين وهان’ في متجر قديم. بدا مشوقًا لحد ما وكان بإمكانه أن يساعده في المواقف على الإنترنت ، لذلك اشتراه. لسوء الحظ ، كان اهتمامه قصير الأجل. جعل النص العمودي الذي استخدمه تجربة القراءة رهيبة. كل ما فعله هو قلب الصفحات الأولى قبل أن يلقي به في الزاوية .

لقد عانى من موجة من سوء الحظ في الشهر الماضي – فقد هاتفه الخلوي ، والزبائن فروا بعد خداعه، وأخطاء في العمل. عندئذٍ فقط تذكر فجأة طقوس تحسين الحظ المكتوبة في بداية ‘أساسيات التنبأ وفنون ألأركان’ علاوة على ذلك ، كانت المتطلبات بسيطة للغاية ، دون أي متطلبات أساسية .

كل ما إحتاجه هو الحصول على أربعة أجزاء من الطعام الأساسي في منطقته ووضعها في الزوايا الأربع من غرفته. يمكن وضعها على الأثاث مثل الطاولات والخزائن. ثم كان سيقف في منتصف الغرفة ، وكان عليه أن يأخذ أربع خطوات ضد اتجاه عقارب الساعة لصنع مربع. تطلبت الخطوة الأولى منه أن يهتف بصدق “تأتي البركة من السيد الخالد للجنة والأرض”. وكانت الخطوة الثانية هي أن يردد بصمت، “تأتي البركة من سيد السماء للجنة و ألأرض”. وكانت الخطوة الثالثة هي “تأتي البركة من الحاكم الممجد للجنة والأرض” ، والخطوة الرابعة كانت “تأتي البركة من الإلهي المؤهل للجنة والأرض”. بعد أن تم اتخاذ الخطوات الأربعة ، كان بحاجة إلى إغلاق عينيه والانتظار لمدة خمس دقائق في مكانه الأصلي. عندئذ فقط يعتبر الطقس كامل .

ولأنه لم يكلفه أي أموال ، فقد وجد الكتاب ، تبع ما كان منصوصا عليه ، وفعله قبل العشاء. ومع ذلك … لم يحدث شيء في ذلك الوقت .

من كان يظن أنه سوف ينقل في الواقع في منتصف الليل!

‘ألإنتقال!’

“هناك احتمال واضح بأن ذلك يرجع إلى طقوس تحسين الحظ … نعم ، يجب أن أجربها هنا غداً. إذ كان هذا حقاً بسبب ذلك، فأنا أقف أمام فرصة العودة مرة أخرى!” توقف تشو مينغ روي عن دق أسطوانة المسدس وجلس فجأة بشكل مستقيم .

بغض النظر ، كان عليه أن يجربها!

كان عليه أن يحاول تحية مريم!

2022/10/28 · 112 مشاهدة · 2051 كلمة
نادي الروايات - 2025