تحت السماء الملبدة بالغيوم، امتدت المدينة أمام جاك كلوحة معقدة متشابكة بين القديم والجديد، بين الغنى والفقر. خطا جاك خطواته الأولى نحو أبواب المدينة العريضة، وبينما مر من بوابتها الضخمة، وجد نفسه في عالم ينبض بالحياة. عربات تجرها أحصنة ضخمة تمر بجانبه، وعجلاتها تدور على الأرض الحجرية، صخب أصوات الحدادين في كل مكان، ورائحة الخبز الطازج تنبعث من أفران المخابز المجاورة.

وقف لبرهة في وسط الشارع العريض، عينيه تجولان في الأفق. المتاجر تصطف على الجانبين، تعرض بضاعتها براقة ولامعة تحت الأضواء الباهتة. القمصان الحريرية، الأساور المصنوعة من الذهب، وحتى الزيوت العطرية، كل شيء يبدو مصممًا لجذب الأثرياء. كانت أصوات الضحكات ترتفع من بعض المقاهي، وأطفال يركضون في الزوايا الضيقة بين الحشود. كل شيء بدا سعيدًا في هذه اللحظة.

لكن حينما خطا جاك خطوة أبعد قليلاً في عمق المدينة، تغير المشهد تدريجيًا. بدأت الأرصفة تنحسر، وحل محلها الطين والغبار، والمباني الفخمة تلاشت لتحل محلها منازل ضيقة متهالكة. هنا، في الأزقة الجانبية، كان الواقع مختلفًا تمامًا. المتشردون يجلسون بجانب الجدران المتشققة، يرتدون ثيابًا بالية تكاد لا تغطي أجسادهم. وجوههم منهكة، عيونهم فارغة من الأمل، وكأنهم ينتظرون شيئًا لا يأتي أبدًا.

مر بجانبه عربة فاخرة تجرها أربعة أحصنة بيضاء، يقودها سائق نبيل يرتدي معطفًا طويلًا وقبعة فاخرة. كانت العربة تلمع بفخامة، وزجاج النوافذ يعكس بريق الشمس الباهتة. من داخل العربة، نظر رجل وامرأة يرتديان الملابس الفاخرة خارج النافذة نحو المتشردين بازدراء واضح. المرأة همست شيئًا للرجل، وتبسمت باحتقار. وكأنهم لا يرون هؤلاء البشر كجزء من حياتهم، بل كحشرات يمكن تجاهلها. " اللعنة لاتخبرني انه هناك عنصريه في هذا العالم العين؟" اطلق زفير مهدئا نفسه"دعنى نبحث عن منزل ما"

سار جاك ببطء عبر الشوارع الواسعة للمدينة، عينيه تتأمل التفاصيل المحيطة. العربات المزينة، الأحصنة المزخرفة، ورائحة الخبز الطازج من المخابز المجاورة. كل شيء هنا ينبض بالحياة. قرر أن يتوقف بجانب متجر لبيع الأقمشة، حيث كانت بضاعته تعرض على واجهة مغطاة بالزجاج.

وقف جاك للحظات أمام المتجر، ثم توجه إلى الرجل الذي يقف خلف المنضدة، رجل في منتصف العمر يعتمر قبعة واسعة. "عذرًا، أبحث عن منزل للإيجار. هل تعرف أحدًا يمكنه مساعدتي؟"نظر الرجل إلى جاك بتردد، ثم نظر حوله وكأنه لا يريد أن يُسمع."المنازل هنا ليست رخيصة، خاصة للأشخاص الغرباء."

لم يتحرك جاك من مكانه، عيناه ثابتتان على الرجل. "لست بحاجة لمنزل فاخر. مجرد مكان هادئ."

الرجل تردد للحظات أخرى، ثم اقترب منه قليلاً، وكأنما يكشف عن سر. "إذا كنت جادًا في ذلك... جرب التحدث مع السيد هارولد. يملك بعض المنازل الصغيرة على أطراف المدينة. لكن يجب أن تعلم... لن يكون رخيصًا." اومأ جاك رأسه "أين يمكنني أن أجد هذا السيد هارولد؟"

أشار الرجل بإصبعه نحو زاوية بعيدة في السوق. "متجره عند نهاية هذا الشارع. لا تخلط بينه وبين الآخرين، يبيع أدوات زراعية وبعض الأشياء القديمة. سترى لافتة صغيرة عند الباب."

شكر جاك الرجل وواصل طريقه. بينما كان يسير بين المتاجر، لاحظ . العربات الفاخرة التي تجرها الأحصنة تمر به، لكن أصحابها لم يعيروا اهتمامًا لأي شيء حولهم سوى أنفسهم. وجوههم مغطاة بالاحتقار، خاصة عندما تمر عيونهم على المتشردين في الأزقة المجاورة.

كان المشهد مروعًا. في زاوية من الطريق، جلس رجل مسن مرتديًا ثيابًا ممزقة، مد يده نحو العربة المارة، ولكن النبيل داخل العربة نظر إليه بازدراء، ثم همس لرفيقه" هذا العجوز يضن انه يرتقي لمستوى أن يمتلك الشرف بأن نعطيه بعض المال" ضحك رفيقه بهستيريه. وقف جاك للحظات يراقب تلك العيون الممتلئة بالغرور،"المدينة تبدو مزدهرة، ولكن تحت السطح... الفجوة بين الناس أكبر مما تبدو."

استمر جاك في طريقه حتى وصل إلى متجر صغير عند الزاوية. الباب كان مفتوحًا قليلاً، وفوقه لافتة خشبية باهتة تقول "الأدوات الزراعية القديمة". دخل المتجر، وكان الجو داخله مختلفًا تمامًا عن الشارع الخارجي. رائحة الخشب والزيوت تغمر المكان، والأدوات الزراعية المعلقة على الجدران تبدو مهترئة من كثرة الاستخدام.

خلف الطاولة الخشبية وقف رجل عجوز بشعر رمادي وجسمه منحنٍ قليلاً. التف لعجوز لجاك "من انت؟! و ماذا تريد؟"

" لايهم من انا المهم انه هناك من أخبروني أنك تؤجر منازل."

رفع السيد هارولد رأسه ببطء، وكأن جاك قطع عليه تفكيرًا عميقًا. "نعم، لدي بعض المنازل، لكنها ليست لمن يبحث عن الرفاهية." رد جاك وهو منحني لرتسه ولايكشف من وجهه الى دقنه"لست بحاجة للرفاهية. أريد فقط مكانًا هادئًا."

نظر السيد هارولد إلى جاك بنظرة تفحصية، وكأنه يحاول قراءة نواياه.وبتسم بسخريه "الهدوء؟ هذه المدينة لا تعرف الهدوء." لم يهتم جاك لكلامه وقال"سمعت أن لديك منزلًا قديمًا على أطراف المدينة. قد يكون مناسبًا لي."[حسنا انها كذبه مني]

ابتسم العجوز ابتسامة باردة، ثم مد يده نحو درج خشبي صغير وأخرج منه مفتاحًا معدنيًا قديمًا. "هناك منزل في شارع 'الظل'. إنه صغير، وربما سيكون مناسبًا لك... لكن الإيجار مقدم." أخرج جاك كيسًا صغيرًا من المال وأعطى الرجل ما طلب دون تردد.[حسنا لم أكن املك المال حسنا سأرد المال لصاحب المتجر عندما يكون لدي] "هذا يكفي لشهر. المفتاح هنا، المنزل في نهاية الشارع، ستعرفه من الباب الأزرق المتشقق." أمسك جاك المفتاح بيده، وشكر الرجل دون أن يقول شيئًا آخر، ثم خرج من المتجر. الجو في الخارج كان قد بدأ يتغير، الغيوم تتكاثف، والهواء يصبح أكثر برودة.

سار جاك باتجاه العنوان الذي أعطاه إياه السيد هارولد. كلما تعمق في الزقاق، كلما زادت رائحة الرطوبة وطين الأزقة. المنازل هنا كانت أقدم، والجدران مغطاة بالشقوق، والنوافذ مغطاة بالغبار. في النهاية، وجد الباب الأزرق المتشقق، كما وصفه هارولد.

أدخل المفتاح في القفل، فتح الباب بصرير خافت، ودخل إلى الداخل. كان المنزل مظلمًا وباردًا، والأرضية خشبية تصدر صوتًا مع كل خطوة. الغرفة الرئيسية كانت تحتوي على طاولة خشبية قديمة وكرسيين، وفي الزاوية كان هناك سرير بسيط. الرائحة هنا كانت خليطًا من الرطوبة والخشب القديم. [ليس سيئًا. على الأقل هادئ كما طلبت.]

جلس على أحد الكراسي، وألقى بجعبته على الطاولة. الغرفة كانت صامتة، والهدوء بدأ يغمر المكان،..

في الصباح الباكر، قرر جاك أن يخرج لاستكشاف المزيد من المدينة. سار في الشوارع الجانبية، يراقب الحركة اليومية للسكان. المتاجر كانت تفتح أبوابها، والباعة يصرخون لجذب الزبائن. كان الجو مليئًا بالحيوية، ولكن خلف كل ذلك، كانت هناك لمسات من التوتر.

وقف جاك بجانب أحد الأكشاك الصغيرة التي تبيع الفواكه، وسأل البائع بصوت هادئ:"مرحبا هل لي أن أسألك انا ارى ان الحياة هنا جيده لكن هل هناك شيئ مثير للإهتمام في هذه المدينه"

(** اعذروه الأخ متحمس شوي )

كان البائع، رجل قصير بوجه سمين، ألقى نظرة سريعة على جاك قبل أن يجيب. "الحياة؟ نعم، ربما تبدو كذلك... لكن ليس للجميع. هناك أشياء تحدث في الخفاء."رفع جاك حاجبه، محاولاً فهم ما يقصده الرجل."ماذا تعني بذلك؟"خفض البائع صوته قليلاً، وكأنه يخشى أن يسمعه أحد. "تلك المزادات... الناس يتحدثون عنها. أشياء غير طبيعية تحدث هناك. كن حذرًا إن قررت الاقتراب وايضا لايمكنك الدخول اليها بدون دعوه."ابتسم جاك بخفه" هل لي أن أسألك متى تقام هذه المزادات؟" تحولت نظرات البائع لحده و بعد.مده من الصمت" لقد سمعت ان هناك مزاد اليوم و سيكون في تاسعة ليلا لكن دعني أحذرك النبلاء فقط من يمتلكون القدره على دخول واذا حاولت أن تتسلل فمصيرك الموت المحتوم"...."هاهاهاها هاهاهاها " ضحك جاك بصوت مدوي بعد ثواني بدأ يهدء برويه [انا جاك فالكون الذي تفوق على ملك الشر و أعظم محقق انا اموت من طرف المزاد هه يالها من نكته] " حسنا شكرا لك على كل حال"

غادر جاك الشارع المزدحم، وبدأت أفكاره تتسابق حول كيفية التسلل إلى المزاد المحظور. [فكر يا جاك، فكر...]، قال في نفسه وهو ينظر حوله، محاولاً استحضار فكرة مبتكرة. فجأة، ابتسم بتلك الابتسامة التي تسبق كل مغامرة خطيرة. [أوه! وجدتها... سأزور دعوة! هاهاها!] ضحك في داخله، عازمًا على تنفيذ خطته. "الآن، عليّ فقط العثور على شخص يمتلك دعوة."

اختفى جاك بين الحشود مثل ظل يتلاشى تحت ضوء الشمس، ليظهر أمام بوابة قصر ضخم يعج بالفخامة والرعب في آنٍ واحد. جدرانه البيضاء الشاهقة تمتد كأنها تحاول الوصول إلى السماء، ومحيطه مزين بتماثيل حجرية منحوتة بدقة تامة. [حسنًا، هذا هو... القصر المعروف بأنه مقر "الهاوية".]

تفحص جاك المكان بعينيه الحادتين، قبل أن يدور حول القصر ليصل إلى الجزء الخلفي منه. الحراس كانوا منتشرين على طول الجدران، لكن جاك لم يكن ليُرى، فقد كانت حركته خفيفة كنسيم الليل. قفز عالياً بخفة مذهلة، عابرًا الجدران والصور، ليجد نفسه في حديقة خلفية غنية بالألوان، تزينها الزهور المتفتحة والشجيرات المصفوفة بدقة مثالية. الهواء كان معبأً برائحة الورد والياسمين، فيما زقزقة الطيور الليلية تملأ الأجواء. لكن جاك لم يكن مهتمًا بهذا الجمال.

ببراعة اللصوص الذين يجيدون الخفاء، تسلل جاك عبر الحديقة دون أن يترك أثراً مسخدما خبرة "اليبيدي" احد تلاميذ المجد والمعروف بأنه لايتم الشعور به من قوة قدراته على تسلل .. الحراس كانوا يقفون في أماكنهم، غير مدركين لحضوره، وكأنهم تماثيل حجرية. [لا أحد يستطيع الشعور بي...]، فكر وهو يتقدم ببطء وهدوء، وكأن القصر كان ملكه، وكأن المكان خُلق ليكون ملعبه الشخصي.

كلما تقدم في الممرات الرخامية للقصر، كانت عيناه تتفحصان كل شيء. الأضواء الخافتة التي تلقي بظلال طويلة على الجدران المزينة باللوحات الفاخرة، السجاد الأحمر الوثير الذي يمتص صدى خطواته، والأبواب الخشبية الضخمة التي تغلق على أسرار لا يعرفها سوى النخبة.

لفت انتباه جاك باب غرفة شبه مغلق، كان ضوء خافت يتسلل من أسفله، مثيرًا فضوله المعتاد. دون تردد، انحرف عن مساره الأصلي، متجهاً نحو الباب. دفعه بلطف فصدر صوت خافت كأنما صرير باب قديم [كرك... كرك...]. كان في باله شيء واحد فقط، استكشاف كل زاوية من القصر لاستخراج ما يمكنه من معلومات أو دعوة للمزاد.

بمجرد أن خطى داخل الغرفة، تجمد للحظة قصيرة، فقد وجد نفسه في مواجهة مشهد غير متوقع. امرأة في مقتبل العمر، تبدو في الخامسة والعشرين تقريبًا، كانت واقفة في منتصف الغرفة، ترتدي فستاناً بسيطاً لكنه أنيق. شعرها الأسود اللامع كان يتدلى على كتفيها، وعيناها اتسعتا من المفاجأة عندما رأت جاك.

لكن قبل أن تستوعب ما يحدث، كان جاك قد تحرك بسرعة خاطفة. في لحظة، أصبح أمامها، وأطبق يده على فمها بمهارة فائقة، مانعًا أي صوت من الفرار. كانت أنفاسها سريعة ومرتجفة، وعيناها تعبران عن الصدمة والخوف. نظر جاك إليها ببرود، كان وجهه لا يظهر أي علامة للشفقة أو التردد. كان يركز فقط على هدفه.

همس لها بصوت منخفض وهادئ، وكأنه مجرد ظل في الليل: "اصمتي، لن يحدث لك شيء إن تعاونتِ." لم تكن تملك خياراً، نظرت إليه وهي تحاول فهم دوافعه، لكن يده بقيت ثابتة، تمنع أي محاولة للحديث أو الصراخ.

بعد أن هدأت المرأة قليلاً واستعادت أنفاسها، شعر جاك بأن ارتجاف جسدها بدأ يخفت. حرر يده عن فمها بحذر، مستعدًا لأي حركة مفاجئة. لكنها لم تصرخ، فقط وقفت هناك، تحدق فيه بعينيها الواسعتين. كان في عينيها الآن شيء مختلف—ليس الخوف، بل نوع من الفضول والحذر.

"مَن أنت؟" سألته بصوت مرتجف لكنها تحاول جاهدة الحفاظ على رباطة جأشها. "وماذا تريد؟"

تراجع جاك خطوة صغيرة، معطيًا إياها مساحة، قبل أن يرد بهدوء وهو يدرس ملامح وجهها: "أنا مجرد رجل يبحث عن شيء... وعن شخص."

حدقت فيه بعينين متسائلتين، فأضاف بصوت أخف: "هل أنتِ زوجة الرجل الملقب بالهاوية؟ صاحب هذا القصر؟"

رمشت المرأة بعينيها، وكأنها غير متوقعة السؤال، قبل أن تقول بتردد: "نعم... إنه زوجي. ماذا تريد منه؟"

ابتسم جاك ابتسامة خفيفة، وكأن هذه المعلومة قد فتحت أمامه باباً جديداً. خطا خطوة أقرب، لكن دون أن يظهر نوايا عدائية. بدلاً من ذلك، كان في نبرته شيء من الإغراء: "من الغريب، أن تكون امرأة مثلك مرتبطة برجل مثل هذا... شيخ عجوز، محاصر في القصر، بينما أنتِ في ريعان شبابك."

شعرت المرأة بشيء من التوتر يعود، لكن أيضاً بشيء آخر، ربما فضول. "ما الذي تقصده؟"

اقترب جاك أكثر، وصوته ينخفض وكأنه سر يهمس به في الظلام. "أنتِ شابة، جميلة، تستحقين أن تكوني مع شخص يشبهك في القوة والحيوية، لا مع رجل غارق في سنواته الماضية." توقف لحظة، ثم أضاف بابتسامة ماكرة: "رجل يمكنه أن يفهمكِ... ويعطيكِ ما تستحقين."

نظرت إليه المرأة بتمعن، محاولات الحذر تظهر بوضوح على وجهها، لكن في الوقت ذاته لم يكن بإمكانها تجاهل كلماته. "وكأنك تعرف ما أستحقه؟" سألت بسخرية طفيفة.

"أعرف أكثر مما تتصورين"، أجاب جاك، وعيناه تلمعان بنية واضحة، بينما كان كل حرف ينطق به مغلفاً بوعود مستترة. "مع شخص بعمركِ، تزداد الحياة متعة وإثارة. وليس مع رجل لم يعد لديه سوى الماضي."

بهدوء، أخذ جاك نفسًا عميقًا، وركز على تهدئة المرأة أمامه. كانت ملامحها ما زالت متوترة، لكنه لاحظ الضعف الذي بدأ يتسلل إليها تدريجيًا. بصوت ناعم وخافت، بدأ حديثه: "لا تخافي... أنا هنا فقط لأتحدث. لا أريد لكِ أي أذى."

راقب كيف تتنفس ببطء، عيناه لم تفارق عينيها. كل حركة منه كانت محسوبة بعناية، كل كلمة كانت موجهة لتقليل التوتر. تقنيات جاك النفسية كانت تعتمد على استراتيجية تُعرف بـ"تقنية المرآة العاطفية"، وهي أسلوب نفسي يجعله يعكس مشاعر الشخص الآخر، ما يجعله يشعر بأنه مفهوم وآمن.

اقترب منها قليلاً، إلى النقطة التي بات فيها أنفاسه تكاد تلامس رقبتها. أطلق نفسًا دافئًا بالقرب من أذنها، مما جعلها تنتفض قليلاً تحت تأثير الدفء المفاجئ. شُعرها وقف على أطرافه، وشعرت برعشة غريبة تسري في جسدها. كان هذا الفعل الصغير كافياً لجعلها تشعر بشعور لم تجربه منذ فترة طويلة؛ شعور بالانتشاء المختلط بالتوتر، لكنها لم تستطع مقاومته.

"أنتِ تستحقين الكثير، أكثر مما يمكنك تخيله،" همس بصوت ناعم، مستخدمًا نبرته كأداة للإغواء. كانت كل كلمة يلفظها تحمل معها جاذبية خفية. "رجل يعرف ما يحتاجه قلبك... وروحك. شاب، مليء بالحياة مثلك."

تراجعت قليلًا، محاولتها للحفاظ على رباطة جأشها بدأت تتلاشى، لكن جاك استمر، مستغلًا تأثير كلماته. اقترب مرة أخرى، لكن هذه المرة كانت لمسة يده خفيفة على كتفها، كأنها تذكير بأنها ليست وحدها. "لماذا تبقين مع رجل لا يعرف كيف يقدركِ؟"

عيناها كانت ترتجفان، وكأنها تحاول استيعاب كل كلمة. ومع مرور الوقت، بدأت تستسلم أكثر لفكرة أنها تستحق أكثر من حياتها الحالية.

"أنتِ شابة... وقوية. تستحقين أن تعيشي الحياة التي تناسبكِ." همس وهو يقترب أكثر، حتى بات بإمكانها أن تشعر بدفء أنفاسه على جلدها. أطلق مرة أخرى نفساً خفيفاً بجانب أذنها، مما جعلها تنتشي من جديد. كان تأثيره عليها قوياً؛ لم تعد قادرة على التفكير بوضوح.

ابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتي جاك وهو يلاحظ كيف استجابت له. أخذ بيدها بلطف وقادها نحو الفراش بهدوء، وكأن كل شيء كان قد خُطط له مسبقًا. انقلبت الأمور تمامًا حين أصبح الجو مليئًا بالحميمية، وكأن العالم الخارجي اختفى. نعموا مع بعضهم للحظات وكأن الزمن توقف، لكنه كان يعلم أن هدفه الأساسي لم يتحقق بعد.

(**مدخلنا ذي خصوصيات)

بعد أن انتهت تلك اللحظة الحميمة، انحنى جاك إليها وهو مستلقي بجانبها، وسألها بهدوء: "هل يمكنني أن أطلب منك شيئًا صغيرًا؟"

نظرت إليه بعينين مثقلتين بالإرهاق، لكنها كانت قد استسلمت تمامًا لسحره. "ماذا تريد؟"

"تذكرة للمزاد... أعرف أن زوجك يمتلكها. أعدك أنني سأعيدها لكِ بمجرد انتهاء الأمر. وسأعود لزيارتك... قريباً."

شعرت المرأة ببعض التردد للحظة، لكنها كانت قد انغمست كثيرًا في تلك اللحظة، ولم يعد بإمكانها المقاومة. همست بصوت ضعيف: "حسنًا... سأعطيك إياها، لكن عليك أن تعود."

ابتسم جاك بارتياح، ثم همس وهو يلامس خدها برفق: "أعدكِ... سأعود."

بعد أن غادر جاك الغرفة لأول مرة، كان ذهنه مشغولاً بالتخطيط لتزوير التذكرة. لقد كانت مهمته محفوفة بالتحديات، لكنه كان واثقاً في قدراته الفنية العالية. مع كل خطوة، كان يعي أن عليه أن يعيد التذكرة الأصلية ويحتفظ بالمزورة دون أن تشك المرأة بأي شيء.

تسلل جاك خارج القصر كما دخل — بمهارة ودقة، متجنبًا الحراس دون أن يلاحظوا وجوده. بمجرد وصوله إلى مكان آمن، أخرج التذكرة الأصلية من جيبه. نظر إليها ملياً، مُدركًا أن التزوير يجب أن يكون متقنًا إلى درجة لا تُثير الشكوك، خصوصًا وأن تلك الدعوات كانت فريدة من نوعها.

أخرج أدوات التزوير الخاصة به وبدأ بعملية محاكاة الختم الشمعي باستخدام تقنية "محاكاة الشمع"، وهي تقنية دقيقة تتطلب صبرًا ودقة بالغة. كل انحناءة في الختم، كل نقشة، تمت محاكاتها بحرفية عالية. بعد حوالي ساعة ونصف، نظر إلى التذكرة المزورة التي أنجزها، ولم يستطع تمييزها عن الأصلية. التذكرة المزورة كانت جاهزة تمامًا، وأخذت مكانها في جيبه الشخصي.

أما التذكرة الأصلية، فكان عليه إعادتها دون أن تلاحظ المرأة شيئًا. عاد جاك إلى القصر بنفس السرعة والمهارة التي خرج بها، متسللًا عبر الحديقة الخلابة. اقترب من النافذة الخلفية لغرفتها، ومن دون أن تُصدر حركته صوتًا، كان داخل الغرفة مجددًا.

لكن هذه المرة، لاحظت المرأة حضوره بشكل مفاجئ. كانت مستلقية، تتأمل بصمت، وعندما ظهر جاك فجأة في زاوية الغرفة، ارتعشت قليلاً ووضعت يدها على صدرها. "كيف... كيف دخلت هنا بهذه السرعة؟" سألته بلهجة مملوءة بالدهشة والارتباك.

اقترب جاك منها بخطوات هادئة، وابتسامة هادئة مرسومة على وجهه. "لقد نسيتِ، هذا المكان كأنه ملكي. لا شيء يمكن أن يمنعني من الدخول." أخرج التذكرة الأصلية ووضعها برفق بجانبها على الطاولة. "ها هي التذكرة التي طلبتِها. كما وعدتكِ، لم أقم بأخذ شيء."

بعد أن غرق جاك في حديثه معها، اقترب منها ببطء وقبلها على جبهتها برقة. كانت لمسة سريعة، لكنها تركت أثرًا عميقًا في قلبها. ابتسم لها بابتسامة مريحة، ثم نهض ببطء.

"سأحتاج إلى الاستعداد للمزاد. لا تقلقي، سأعود قريبًا."

غادر الغرفة، وهو يشعر بشعور من الانتصار. الآن، كل ما عليه هو الاستعداد لتحقيق خطته، فقد حصل على التذكرة المزورة وكل ما يحتاجه للدخول إلى عالم المزاد المليء بالأسرار.

2024/09/21 · 25 مشاهدة · 2628 كلمة
نادي الروايات - 2025