الفصل 256: قوى شيطانية! قرار سيرا

_______________________

أشرقت عيناها بكلماته. ولأول مرة، أشار إليها بـ"طالبة" بدلًا من "فتاة صغيرة" أو أي لفظٍ مُستهجن. ملأها هذا الاعتراف بالفخر وإحساسًا مُتجددًا بالعزيمة.

انتفخ صدرها بدفء غير مألوف، ولأول مرة منذ ما بدا وكأنه عصور، اعتقدت أنها قادرة حقًا على تلبية توقعات شخص ما.

كان هناك شخص يعتمد عليها.

كتمت توترها، وقبضتاها مشدودتان على جانبيها. قالت بجدية: "أجل! سأبذل قصارى جهدي!"

انتفخ صدرها بدفء غير مألوف، ولأول مرة منذ ما بدا وكأنه عصور، اعتقدت أنها قادرة حقًا على تلبية توقعاته.

بدأ أوليفر في شرح خطته بالتفصيل.

__________________

"أيها القبطان، لقد حاصرنا المخيم وأغلقنا جميع نقاط الخروج،" أبلغ شيطان وهو ينحني أمام سيرا، التي كانت تقف على قمة جرف قصير يطل على الأفق.

ظلت سيرا صامتة، ناظرة إلى البعيد، غارقة في أفكارها. بدت سماء الليل ساكنة على نحو غير طبيعي، فسحتها المظلمة خالية من النجوم، كما لو أن السماوات حبست أنفاسها تحسبًا. هدير الطاقة الجهنمية الخافت من جنودها يتردد باطراد، وهالة خانقة تضغط على المعسكر كحيوان مفترس على وشك الهجوم.

كان عقلها مشغولاً بغموض الإنسان الذي حاصروه.

كيف؟ كيف استطاع إنسانٌ واحدٌ أن يخوضَ منطقةً من نوعها - دون أن يُقبض عليه، أو يُرى - ولم يُخلِّف وراءه سوى الرماد؟ حتى فاسوث، بارعٌ في الكشف والإدراك، لم يستشعره.

حركت مخالبها ببطء، تلمع أطرافها الحادة تحت ضوء الهلال الخافت. كانت الحركة آسرة، فكل نقرة معدنية تلتقط الضوء الخافت، كما لو كانت تختبر حدّ السلاح الذي كانت تحمله بدقة قاتلة. كان هذا الفعل غريزيًا، وسيلةً لتخفيف الضيق الغريب في صدرها.

الآن بعد أن وقع في الفخ، لم تستطع إلا أن تتساءل عما سيفعله بعد ذلك.

كان عقلها التكتيكي يعمل بجدّ، مُولّدًا سيناريوهات متعددة، ومُصمّمًا تدابير مضادة لكلّ منها. في خيالها، وضعته كقطعة شطرنج وحيدة على الرقعة، مُحاطًا بجيشها من القلاع والحصان. لكنّ الجزء المُقلق لم يكن الكش مات الذي تخيّلتْه، بل الشعور المُلحّ بأنه قد يتحرّك بطريقة لا تستطيع توقّعها.

ومع ذلك، هناك شيء ما في هذا الإنسان أزعجها.

وضعت يدها على صدرها، فشعرت بقلبها ينبض أسرع من المعتاد. كل نبضة ترددت بخفوت في أذنيها، إيقاع لم تستطع تجاهله. كان الأمر غريبًا - تموجًا في مشاعرها الهادئة. هل كان ترقبًا؟ فضولًا؟ أم ربما شعورًا بالخطر؟

مهما كان الأمر، فهي لا تستطيع أن تنكر فضولها.

"هذا الإنسان ليس بسيطًا"، فكرت.

التفتت إلى مرؤوستها، بنظرة حادة كالسيف. "اتبع الخطة."

"نعم يا كابتن." تردد الشيطان قبل أن ينطق مجددًا. انحنى رأسه قليلًا، وبدا على جسده خجل، مع أنه تجرأ على الكلام. "يا كابتن، هل من المقبول حقًا أن تتولى هذا الأمر بنفسك؟"

جمّدته نظرة سيرا الباردة. ارتجف الشيطان لكنه سرعان ما أوضح نفسه. "أنا... لا أقصد الشك في قدراتك. أنت الأقوى هنا بالطبع." توقف قليلًا، وابتلع ريقه بصوت مسموع. "الأمر ببساطة... يبدو أن إنسانًا واحدًا لا يستحق مكانتك."

تردد صوت الشيطان، لكنه أنهى كلامه بنبرة مُجاملة، آملاً في إصلاح زلة لسانه. علقت كلماته في الهواء، هشة ومحرجة، كجسر هشّ فوق هاوية. لقد ارتقى إلى منصبه الحالي بحذره واحترامه للسلطة، لا بإهانة من هم أقوى منه.

"هل تستحق مكانتي؟" سخرت سيرا، ونبرتها تقطر ازدراءً. ارتسمت على شفتيها ابتسامة خفيفة لم تصل إلى عينيها. "نفس الإنسان الذي تتجاهله قتل للتو منطقةً مليئةً بالشياطين دون أن يُنذر أحدًا. إن لم يكن هذا يستدعي تدخلي، فلا شيء يستدعي ذلك."

عبقت كلماتها في الهواء بنبرة جليدية، تحذيرٌ حادٌّ كحكّ مخالبها. تشنج حلق تابعها بينما سرت قشعريرةٌ في عموده الفقري.

قتل مدينة بأكملها دون أن يتم القبض عليه؟

عند النظر إلى تعبير وجه القبطان، عرف أنها لم تكن تبالغ.

انتفض جلده تحت وطأة كلماتها، وغرقت الحقيقة في أعماقه كسكين يخترق درعًا. فكّر الشيطان: "لا عجب أن السير فاسوث كان حذرًا للغاية، حتى بعد أن حاصره". لم يكن لدى معظم الجنود المجتمعين أدنى فكرة عن خطورة الموقف - فقد تم حشدهم بسرعة كبيرة جدًا بحيث لم يتمكنوا من تلقي إحاطات مفصلة.

سماع ذلك مباشرةً من سيرا جعل ثقل مأزقهم جليًا. حلّ رعبٌ مُريع محلّ كبريائه، وإدراكٌ مُقلقٌ بأنهم يواجهون شيئًا - أو شخصًا - لم يسبق لهم أن واجهوه.

فهمتُ الآن يا كابتن. أنت محق. هذا يتطلب قوتك.

انحنى الشيطان بعمق قبل أن يتراجع ليُبلغ الجنود، ضامنًا ألا يتصرف أيٌّ منهم بتهورٍ بسبب ثقته المفرطة. كانت تحركاته سريعةً وحذرةً، كما لو أن الهواء المحيط به أصبح ثقيلًا جدًا لدرجة أنه لم يعد قادرًا على التنفس بحرية. كان فقدان الجنود دون داعٍ آخر ما يتمناه.

بينما اختفى المرؤوس في الظلال، أعادت سيرا انتباهها إلى المعسكر بالأسفل. لقد حان الوقت. نزلت من الجرف، وحضورها يشعّ بالسلطة والتهديد، مستعدةً لمواجهة الإنسان شخصيًا.

____________

"اللعنة، هناك الكثير من الشياطين."

تمتم أوليفر في نفسه، ونظرته تجوب الشياطين التي لا تُحصى المحيطة به. كانت عيونهم الحمراء المتوهجة تومض كجمرٍ محترق في الظلام، تراقبه بصبرٍ وحشي. كانوا متمركزين في كل مكان - خلف الأشجار، على المنحدرات، رابضين قرب الصخور. أينما نظر، كانت أجسادهم تلوح في الأفق، كلٌّ منهم يرتدي زيًا عسكريًا رسميًا.

لم تكن الأعداد وحدها ما أزعجه، بل دقتها أيضًا. لقد سدّوا كل طريق هروب ممكن، تاركين إياه محاصرًا.

رغم كثرة عددهم، لم تكن بينهم حركة واحدة مُهملة. لا ثرثرة. لا علامات قلق. صمتٌ مُنضبطٌ فقط. بعث ذلك قشعريرةً خفيفةً تسري في عموده الفقري.

ومع ذلك، ورغم حضورهم الطاغي، لم يقترب منهم أحد. حافظوا على مسافة محسوبة، يحيطون به كالذئاب التي تنتظر أمر قائدها.

لفت انتباهه تموجٌ من الحركة بين الصفوف. انقسمت الشياطين لتشكل مسارًا، ولم ينكسر تشكيلهم الجامد إلا ليسمح لأحدٍ بالمرور.

غرقت معدة أوليفر.

______________

2025/06/21 · 42 مشاهدة · 855 كلمة
اوراكل
نادي الروايات - 2025