الفصل 015 : مراسم عشتروت.
-----------------------------
استيقظت (جودي) على صوت صياح (أورين) المزعج، ولكنها لم تتكاسل ولم تعاتبه بعد أن كانت تمشي نحوه وهي تفرك عينيها من العمش حتى رأت الباب الخشبي الصغير. حينها كل ذلك النعاس قد اختفى من الدهشة.
جودي: "واو... يبدو وكأنه نفق أو شيء من هذا القبيل."
"أجل، يبدو عميقاً كفاية. يمكنكِ سماع صدى أصواتنا في الداخل."
جودي: "أين تظن أنه يؤدي؟"
"ليس لدي أدنى فكرة، ولكن لا يجب علينا الذهاب إلى هناك. مع ذلك المصباح الصغير الوحيد، فلن نستطيع أن نرى شيئاً."
جودي: "هيهي...لا تقلق، لقد أتيت جاهزة. هناك أداة واحدة أخرى لم أريها لك بعد... تفقد هذا."
كانت (جودي) مولّية وجهها أمام الحائط وتفعل شيئاً بيديها على وجهها وكأنها ترتدي شيئاً ما. "أمهلني لحظة فقط..."
فاستدارت وكانت بوضعية وقوف مستقيمة، وهي ترتدي على رأسها نظارة الرؤية الليلية بتلك الأضواء الخضراء من عدساتها.
فقالت (جودي) بافتخار شديد: "بوووم!"
"هل هذه...؟
جودي: "أجل إنها نظارة الرؤية الليلية. ولا تحاول إخباري بأنهم ليسوا رائعين!"
"حسنا، هذا رائعاً حقاً! أرجوك أخبريني أنك أحضرتي لي واحدة لي!"
جودي: "نعم لقد أحضرت معي واحدة أخرى. ولكن لا ترتديهم حتى نكون داخل النفق. لأنه ومع وجود الضوء العادي هنا سوف تعميك."
"رائع!"
دخل الإثنان إلى النفق المظلم وكان قد ارتدى (أورين) تلك النظارة الليلية وهو يرى فقط الظلام.
"واو، يوجد هنا فقط الظلام المطلق. حسنا، الآن حان وقت تشغيل النظارة. هممممم... (جودي) هذا لا يعمل. (جودي)؟ (جوووودي)!"
جودي: "أنا هنا."
"أين؟ هل هذه أنتِ؟"
جودي: "اهمم... أجل، أبعد يدك إنك تلمس صدري."
"آه نعم، هذا ما اعتقدته أيضاً."
جودي: "عليك أن تقوم بتشغيلهم."
"وكيف أقوم بذلك؟"
جودي: "يجب أن يكون هناك زر في الجهة اليمنى من النظارة."
حاول (أورين) البحث عن زر تشغيل النظارة بعد عناء مع وجود ذلك الظلام الدامس، لكنه في الأخير استطاع الضغط عليه. فبدأ يرى بوضوح كل شيء أمامه باللون الأخضر وكانت (جودي) أمامه تشاهده عبر نظارتها.
"إنه يعمل! يا إلاهي. هذا المكان ضخم! هذا المكان يبدو وكأنه غرفة محصنة تحت الأرض!"
في البداية عندما وجد (أورين) ذلك الباب الخشبي كان فقط باباً صغيراً ليدخلك إلى نفق ضخم، لأن الإثنان كانا يظنان أن ذلك النفق صغير بمساحة الباب الخشبي.. لكنهم دهشوا عندما اكتشفوا العكس تماما!
جودي: "أجل، كنت أفكر بنفس الشيء. يوجد باب مباشرة في آخر هذا الممر."
"دعينا نقترب أكثر."
وبينما كانوا يتمشّون نحو الأمام كانت (جودي) في المقدمة وهي تبدو متحمسة للغاية. حتى وصلو إلى آخر الرواق الطويل والضخم فوجدو بوابة معدنية سوداء كبيرة.
جودي: "إنها بوابة معدنية... ولكن لا يوجد مقبض للباب."
حاول (أورين) فتح الباب بالقوة، فعندما ركل الباب برجله كان يطلق أنينا من شدة صلابة الباب.
"هذا مستحيل. إنه لا يتحرك ولو حتى سنتمتراً واحداً."
جودي: "ربما علينا أن نكمل تقدمنا إلى الأمام. هناك طريق في الجهة اليمنى وآخر في الجهة اليسرى. يمكننا أن ننفصل، سيُمَكّننا هذا من تغطية المكان بأكمله."
"هل أنتِ متأكدة؟ لا أعتقد بأنه يجب علينا أن نفترق."
جودي: "لا مشكلة في هذا. إن وجدتَ شيئاً، يمكننا التواصل عبر هذه النظارات. يوجد هناك جهاز تواصل مندمج بها."
"حسنا، بما أنك قلت هذا..... سأذهب من الجهة اليسرى."
جودي: "حسنا!"
اختار (أورين) الجهة اليسرى فذهب مباشرة من هناك واستدار يميناً فقد كانت بعض الإلتفاتات وكأنها متاهة حتى وجد نفسه يخرج من الجهة التي ذهب منها (جودي).
"اللعنة، عدت إلى مكان البداية!"فحاول أن يتواصل مع (جودي) ولكنها لا تجيب.
"(جودي)؟ هل تستطيعين سماعي؟ ... كنت أعلم أن هذا سيحدث... علي أن أغير الطريق."
فقرر العودة من الطريق الذي جاء منه، وهي نفس الجهة التي ذهبت منها (جودي). فظل يتمشى مباشرة مع تلك الإلتفاتات حتى وصلت إلى مكان لأول مرة يراه. كانت هناك رسمة على الحائط على شكل نجمة خماسية الشكل مقلوبة وسط دائرتين. وفي كل رأس من رؤوس تلك النجمة يوجد إسم فحاول (أورين) قرائتهم وكانو كالآتي:
إسماعيل، ليليث، مولوخ، عزازيل وآشماداي.
عشتروت
"اللعنة، ما الذي نبحث عنه... إننا نتدخل في أشياء لا يمكننا التعامل معها!"
فأكمل طريقه نحو الأمام وهو يتبع غريزته بدون تردد ومع العديد من المنعطفات وجد بابا أسوداً معدنيا وكان يظن أنه عاد إلى نفس المكان السابق، ولكن بعد أن تحقق وجد أنه باب آخر فافترض أنه سيكون مغلق أيضاً.. وعندما دفع الباب بيديه بقوة فتح الباب وخرج نور أبيض ساطع جدا جعل من (أورين) يبعد نظره لأنه كان يرتدي نظارة الرؤية الليلية الحساسة لأي نوع من الأضواء. فأزالها وفتح عينيه ليرى كل شيئ بوضوح.
لكنه صدم عندما رأى ما وجده وراء ذلك الباب. وجد كنيسة ضخمة جدا بها تماثيل كبيرة وزخرفات على الأرضية والجدران.
(كنيسة؟ كم من مسافة قد قطعت في تلك الأنفاق؟)
فسمع همساً يأتي من الفوق يقول: "بسست! (أورين)! هنا!"
رفع رأسه باحثا عن مصدر ذلك الهمس، فوجدها (جودي) واقفة فوق جسر صغير قريب من سقف الكنيسة فسألها:
"(جودي)؟ كيف صعدتِ إلى هناك؟"
فأجابته: "لا أعلم! أنا فقط بدأت أمشي حتى إنتهى بي الأمر هنا. بجب عليك أن تصعد إلى هنا! هناك سلالم هناك على اليمين. أعتقد بأنه توجد طريقة للخروج! علينا أن..."
لم تكد (جودي) أن تكمل كلامها حتى صدر صوت الباب وهو يُفتح وراء (أورين)، فلم يستطع أن يستدير بسرعة ويقوم بشيء مستهتر يتسبب في موته.
جودي: (أوه لا..).
فبدأ يتحدث أورين مع نفسه:
(حسنا، أورين. ربما يكون ورائك المئات من المختلين عقليا. أطلق نفسا عميقا وابقى هادئاً.)
ثم استنشق وزفر ببطئ. واستدار وكأنه واثق مما يفعله. فوجد رجلاً أسمراً يرتدي نفس الملابس التي كان يرتديها أولئك الرجال ال3 الذي كان من بينهم رجل يشبه والده، فظلا ينظران إلى بعضهما وينتظران من أحدهما أن يتكلم ولكن الصمت قد طال لذلك قرر (أورين) بدأ الكلام معه بثقة.
"... هل تريد شيئاً؟"
سأله ذلك الرجل: "من ... أنت؟"
فرد عليه (أورين) بنبرة صوتية واثقة وغليضة:
"يجب أن تراقب طريقة تحدثك يا هذا. أخبرني من أنت وسأجيبك بكل سرور."
أجابه الرجل: " أنا (مولوخ). والآن، أجب على سؤالي."
"أنا (عزازيل)."
مولوخ: "(عزازيل)؟ أنت؟ أنت مجرد طفل."
"وهل لديك مشكلة مع ذلك؟ لم أكن أعلم بأن العمر كان عائقاً لأكون إبنا لـ(عشتروت)."
مولوخ: "... لا أعتقد ذلك. فقط اذهب وارتدي عبائتك. المراسم سوف تبدأ بعد قليل."
"سأفعل، عند الوقت المناسب. ولن أتأخر."
لم يُجب (مولوخ) على كلام (أورين) وذهب في حال سبيله عبر الباب الذي دخل منه. وفور انغلاق الباب كانت (جودي) وكأنها تهنئ (أورين) على شجاعته في الخروج من تلك المشكلة مع ذلك الرجل (مولوخ).
جودي: "واو! لقد أخرجت نفسك من تلك الورطة بشكل رائع جدا! أنت الأفضل يا أخي! .. هيا أسرع! واصعد إلى هنا حالاً."
صعد (أورين) إلى فوق وجلس ركبتيه وورائه (جودي) مختبئة حتى لا يراهم الآخرين عند بداية المراسم.
"حسنا، سنبقى هنا لعدة دقائق لنرى إن كنا سنكتشف شيئاً آخر وبعد ذلك سوف نغادر."
دخل 4 من الأشخاص مرتديين كلهم عبائات لا تُظهر وجوههم، واقفين وسط الكنيسة مباشرة فوق رسمة صليب كبيرة منتظرين بداية المراسم وكان يبدو عليهم أنهم يتحدثون. وعندما رأتهم (جودي) قالت هامسة: "أنظر! إنهم 4 أشخاص إلتقوا في المنتصف هناك."
"إنهم يبدون مخيفين حقاً. هل تستطيعين سماع أي شيء؟"
جودي: "لا، إنهم يهمسون. لا أعلم ما الذي ينتظرونه."
بعد قليل أتى شخص آخر بملابس مختلفة كليا عن الآخرين، كان يرتدي بلوزة رمادية وسروال عادي وهو حافي القدمين ويحمل بيديه سيف طويل به آثار حمراء. فلاحظته (جودي) وقالت: "مهلا! أنظر إلى ذلك الرجل الراكع هناك!"
فقال ذلك الرجل الغريب وهو راكع: "Esse est deus" ثم نهض ووقف وقفة شامخة وأكمل:
"في مرة، استيقظت، مرميا إلى هذا العالم. تم إطعامي، بالطعام، الممتلكات، المعرفة. لكنني لم أشعر أبدا بالشبع."
قال أورين هامسا: "ما الذي يقوله ذلك الشخص بحق الجحيم؟"
فأكمل ذلك الرجل كلامه: "من أين جئنا. أين سنذهب. من نحن. من سنصبح. تجرأت على أن أسأل نفسي كل هذا. تجرأت على أن أعرف. تجرأت على أن أقبل بقوة ليس من المسموح لنا فهمها. تنكرت بالحياة التي تم إعطائي إياها. أصبحت (عشتروت). وأخيرا، لدي كل الأجوبة."
فرفع رأسه وظهر بأنه يرتدي قناعا يخفي معالم وجهه ولديه عينان بيضاون ثم أكمل: "Ab alio renascetur" فأدار رأسه نحو أولئك الأشخاص الـ4 الواقفين خلفه وقال لهم:
"لهذا قد أحضرتكم إلى هنا. لقد حان الوقت. يجب علينا أن ننفذ مهمتنا لإيقاظ العالم."
كانت (جودي) غير مكترثة بما كان يقوله ذلك الرجل المسمى بـ(عشتروت) ووجدت مخرجا صغيرا في ذلك نهلية الجسر الصغير وهمست موجهة كلامها إلى (أورين) الذي كان راكعاً وهو يستمع بإمعان إلى ما يقوله ذلك الشخص.
جودي: "أورين! هناك مخرج من هنا! لقد سمعنا بما فيه الكفاية! هيا بنا!"
"مهلا! فقط دقيقة واحدة أخرى!"
فقال أحد الأشخاص الـ4 إلى (عشتروت): "سوف نقوم بذلك، يا أبتي. كيف يجب أن نمضي؟"
فرد عليه عشتروت: "كيف؟ سوف أخبرك كيف. لا مزيد من التخفي، الرشوة، الإبتزاز، التلاعب. لا مزيد من العيش في الظلال. أقدم وأقوى المشاعر لدى البشرية هو الخوف، وأقدم وأقوى نوع من الخوف هو الخوف من المجهول. لذلك نحن أنشأنا الحكام. ليحمونا من المجهول. هناك حاكم حقيقي الآن. لقد أصبحتُ حاكماً. وقريبا، سيعرفون ذلك. لن يفهموا، ولكنهم سوف يتبعونني. سوف يطيعون. ومع ذلك، هناك مرحلة واحدة لأتخذها. أنا أفتقد.... قطعة واحدة أخيرة من الأحجية. شيء قد تمت سرقته مني قبل وقت طويل... سوف أعلمكم بأدواركم عندما يحين الوقت، يا أبنائي."
فتوقف عن الكلام لوهلة وكان يحدق بهم ومن ثم قال لهم: "أرى فقط 4 منكم من حضروا المراسم. ويبدو أن (آشماداي) لم يرد الإنظمام إلينا اليوم. ثم نظر نحو الأعلى إلى يمينه مباشرة وقال: "ربما ضيفنا الغير متوقع يمكنه أن يشرح لنا لماذا."
جعل هذا الرعب يدب في (أورين) لأن (عشتروت) كان يقصده بكلامه وهو ينظر إليه بتلك العينين المخيفتين. فنهض (أورين) من مكانه بسرعة وأخد يركض وراء (جودي) نحو المخرج.
"اللعنة، علينا أن نخرج من هنا! أركضي!"
هرب الإثنان من هناك، لكن (عشتروت) وأبنائه الـ4 لم يحركوا ساكناً. فحدثهم بغضب قائلا:
"أتمنى أن يشرح لي أحدكم لماذا هناك غرباء في المراسمي الخاصة."
أجابه خائفاً (مولوخ) ذلك الرجل الأسمر وهو من بين أحد الأشخاص الـ4 الواقفين أمامه قائلا: "أنا... أنا سبق لي أن رأيت ذلك الرجل من قبل، أبتي. إعتقدت بأنه......"
فصرخ (عشتروت) عليه وأمره غاضباً:
"أنا لا أهتم بما تعتقده. سوف تجدهم، وستحضرهم إليّ. سوف أمهلك حتى موعد حدوث الإنقلاب الشمسي القادم."
فرد عليه مولوخ خائفاً: "أ-أجل أبتي...."
يتبع..
(شاركوني آرائكم في تعليقات عن الرواية حتى الآن.. فهذه ليست برواية مشهورة ولكنها رائعة تستحق القراءة.)