الفصل 2: الأخوات الضائعات
لم يكن نوار مدركًا أن هناك من كان يراقبه من بعيد.
كانت صاحبة تلك العيون اللامعة فتاة ذات شعر قصير أرجواني، وجسد نحيل يبدو وكأنه قد تحمله الرياح بعيدًا. بدا أنها في عمر نوار تقريبًا.
في أحضانها، كانت تحمل فتاة صغيرة بالكاد تبلغ عامًا واحدًا، بشعر برتقالي متناثر على رأسها الصغير.
كانت الطفلة ذات الشعر البرتقالي متسخة الوجه، وتبدو بائسة وهي تشدّ على ذراع أختها قائلة بصوت ناعم يشبه رائحة الحليب:
"أختي... أنا جائعة..."
عند سماع ذلك، عقدت الأخت الكبرى حاجبيها، ونظرت إلى ظهر نوار الذي كان يبتعد، ثم عضّت شفتيها وهمست:
"كوني هادئة، لا تتكلمي. سنقوم بملاحقته."
وهكذا، بدأ الطفلان الصغيران في التسلل خلف نوار بصمت.
بعد فترة من المشي، شعر نوار أخيرًا أن هناك شيئًا غريبًا.
لماذا أشعر وكأن هناك هالة شقية تقترب مني؟
عقد حاجبيه وأبطأ من خطواته، ثم التفت فجأة!
هاه؟
لم يكن هناك شيء، باستثناء جدار متهدم ظهر من خلفه خصلة شعر أرجوانية وأخرى برتقالية...
رفع نوار حاجبه وهو يتظاهر بعدم رؤيتهما، ثم استدار مجددًا وسار قليلًا، قبل أن يلتفت فجأة مرة أخرى!
وهناك...
ظهرت خصلتان صغيرتان من الشعر، تبرزان مثل زهرتين بريتين أو فطرين صغيرين من بعيد.
كاد نوار أن ينفجر ضاحكًا، وقرر اللعب معهما. فاستدار مجددًا، وخطى خطوة واحدة، ثم استدار فجأة!
وفجأة... قفزت الطفلة ذات العام الواحد أمامه مباشرة!
عندما أدركت الأخت الكبرى أن نوار رآهما، سرعان ما سحبت شقيقتها الصغيرة إلى الوراء.
ضحك نوار وقال لهما: "اخرجا، لقد رأيتكما!"
ارتجفت الفتاتان الصغيرتان قليلًا، ثم خرجتا ببطء من خلف الجدار.
نظر نوار إليهما، فتاة كبيرة وأخرى صغيرة؟ هل هما يتيمتان بسبب الحرب؟
حاول أن يبتسم بلطف قدر الإمكان، واقترب منهما قائلًا:
"لماذا تتبعاني؟"
اختبأت الطفلة ذات الشعر البرتقالي خلف أختها، بينما رفعت الأخت الكبرى رأسها ونظرت إليه قائلة:
"نبحث عن شيء نأكله."
"شيء نأكله؟" شعر نوار بالدهشة.
كان هو نفسه جائعًا بشدة ولا يعرف حتى أين يجد الطعام.
"أنا أيضًا أبحث عن شيء آكله، لم أجد أي شيء بعد."
ثم فكر للحظة وقال: "لا بأس، يمكننا البحث معًا."
ترددت الفتاتان للحظة، لكن نوار أضاف: "إذا لم تريدا، فلا مشكلة."
وعندما استدار ليغادر، ترددت الأخت الكبرى قليلًا، لكنها قررت في النهاية اللحاق به مع شقيقتها الصغيرة، مع الحفاظ على مسافة آمنة.
لاحظ نوار ذلك وشعر بالارتياح قليلاً. في النهاية، هما مجرد طفلين، ومن الطبيعي أن يثقوا بالآخرين بسهولة.
مع استمرارهم في المشي، أصبح الهواء أثقل برائحة التحلل والدخان المحترق، مما جعلهم يشعرون بالغثيان.
بدأت آثار الدم تنتشر على الأرض، وواجه نوار بعض الجثث لأول مرة.
كان خائفًا، لكنه لم يُرد إظهار ذلك أمام الفتاتين الصغيرتين. أخذ نفسًا عميقًا وبدأ يبحث في الجثث بأيدٍ مرتجفة.
وجد جثة قرصان مغطاة بجروح السيوف والدماء، وعلى رأسه عصابة قماشية تدل على أنه كان بحارًا.
كان وجهه ملتويًا بطريقة مرعبة، لكن نوار شعر بالارتياح عندما رأى حزمة صغيرة مربوطة حول خصره.
فتحها بيد مرتعشة، فوجد قطعة خبز شبه جافة.
ابتلع ريقه وهو يرى عيون الفتاتين تلمع بالجوع. ثم تنهد وقال:
"خذوها، أنتما تحتاجانها أكثر مني."
نظرت الأخت الكبرى إليه للحظة، ثم انحنت بأدب وهي تأخذ الخبز، قبل أن تسلمه لأختها الصغيرة.
بدأتا بتناول الخبز ببطء، قطعةً قطعة.
واصل نوار البحث بين الجثث، وتمكن من العثور على المزيد من الطعام. ومع مرور الوقت، بدأ يشعر بنوع من الارتباط بهاتين الطفلتين.
عند حلول الليل، بحثوا عن مأوى للنوم.
كان نوار جالسًا يراقب الفتاتين الصغيرتين، اللتين كانتا تتعانقان بحثًا عن الدفء، فابتسم قليلًا رغم الأوضاع المأساوية.
بفضل موهبة "تعزيز القدرة على التحمل"، لم يكن متعبًا كثيرًا كما توقع. بدا أن هذه القدرة ستكون مفيدة جدًا.
في البحر البعيد، كانت سفينة بحرية تقترب ببطء من الجزيرة.
وقفت فتاة ذات شعر وردي بزي البحرية على سطح السفينة، تحدق في السماء بشرود.
بالقرب منها، كان مجموعة من جنود البحرية يتهامسون بقلق حولها.
"هل ستكون بيلمير بخير؟"
"لم تأكل منذ أيام، ستنهار قريبًا."
"حسنًا، بعد ما حدث لوحدتها السابقة..."
"شش! اخفض صوتك!"
لكن بيلمير لم تكن منتبهة لهم. عيناها اللتان كانتا دائمًا مفعمتين بالمشاغبة، كانتا الآن مليئتين بالحزن.
"انتباه!"
صاح الضابط المسؤول فجأة، ووقف الجنود جميعًا في صفوف مستقيمة، ومن بينهم بيلمير.
"الجندية بيلمير!"
"نعم، سيدي!"
عادت نظرات بيلمير إلى الجدية والعزيمة.
"ستقودين فريقًا لاستكشاف القرية على الجزيرة. البقية سيتبعونني لدعم داخل المملكة!"
"نعم، سيدي!"
لكن قبل أن تتحرك، اقتربت بيلمير من الضابط وقالت:
"سيدي، بخصوص استقالتي..."
نظر الضابط إليها بلطف وقال:
"هل أنتِ متأكدة من ذلك؟ لديك مستقبل مشرق في البحرية."
بيلمير هزّت رأسها بصمت.
"وحدتك بأكملها قُتلت، وكنتِ الناجية الوحيدة. يجب أن تواصلي العيش من أجلهم!"
قال الضابط ذلك بصوت متأثر، لكنه لاحظ تعبير بيلمير الحزين، فقرر التراجع وقال:
"فكري في الأمر جيدًا."
"نعم، سيدي..."
حدّقت بيلمير في الأرض المدمرة، تتساءل عن معنى البقاء على قيد الحياة.
على ساحة المعركة، استيقظ نوار فجأة على صوت خطوات تقترب!
شعرت الفتاتان بالخطر أيضًا واستيقظتا من نومهما.
زاد صوت الخطوات اقترابًا، وبدأ نوار يتصبب عرقًا باردًا وهو يحاول كبح خوفه.
حاول حماية الفتاتين خلفه، ثم عضّ شفتيه وهو يحدق في المسافة.
زي البحرية؟
تلك المرأة هي... بيلمير!
لا يمكن أن يكون... هل هاتان الفتاتان هما...؟؟؟