الفصل الثاني: في عالم اللعبة (2)
~~~
"وجدتكِ..."
قالها أريس من بين أسنانه وهو يوجه إصبعه بغضب نحو بقرة سوداء كانت تنظر إليه للحظة، قبل أن تستدير وتعود للجري داخل القرية وكأنها تسخر منه.
ركض خلفها بحماس غاضب، لكن ما لم يتوقعه هو أن تلك البقرة لم تكن عادية أبداً.
قفزت فوق كومة من الخشب، ثم دارت بخفة حول عمود مكسور، ثم تسلقت سورًا منخفضًا بمهارة جعلته يشك أن فيها جينات نينجا!
"ما هذا بحق الجحيم... باكورة؟!"
قالها أريس وهو يتعثر خلفها، يركض كمن يطارِد حلمًا مستحيلاً.
أثناء ذلك، وقف بعض الجان – بأذانهم الطويلة وأزيائهم الرفيعة – يشاهدون المطاردة الغريبة. همس أحدهم وهو يرفع كأسًا صغيرًا من الشاي:
"حيوان السيد الأليف... سريعٌ كعادته."
بعد مطاردة مضحكة ومُرهقة، وصل أريس أخيرًا إلى منزل كبير على حافة القرية.
رغم أنه كان منزلًا ريفيًا، إلا أنه بدا واسعًا ومكونًا من طابقين مع عليةٍ صغيرة تطل من السطح.
تنهّد أريس، ثم عبس وهو يرى البقرة تقترب من باب المنزل بثقة. وقبل أن يصرخ، فُتح الباب ليظهر خلفه خادم عجوز... وسيم بشكل غريب.
"أخرج هذه البقرة اللعينة... إنها عشائي!"
قالها أريس وهو يلهث.
لكن الخادم انحنى قليلاً وقال بلطف:
"أعتذر سيدي، ولكن هذه بقرتنا... الحيوان الأليف الخاص بسيد هذا القصر. إن كانت قد أزعجتك، يمكننا تعويضك بــ—"
وقبل أن يُكمل، لف أريس ذراعه حول عنقه كأنه صديق قديم، وسحب الخادم إلى الداخل وهو يبتسم:
"حسنًا طالما ستطعمونني وتسمحون لي بالنوم في قصركم الفاخر... فأنا مستعد للمسامحة، بل وربما نُصبح أصدقاء!"
"بكل تأكيد..."
ردّ الخادم بصوت هادئ، ورغم سحب أريس له كأن القصر ملكه، لم يُظهر انزعاجًا.
بل في عقله، فكر بهدوء:
كان أمر السيدة أن نستضيفه... لقد جعل الأمر أسهل لي.
ثم أبعد يد أريس برفق، وعدّل ملابسه، وأشار له ليتبعه.
دخل أريس إلى صالة واسعة مزينة بذوق ريفي راقٍ، وهناك، في صدر المجلس، جلس رجلٌ عجوز ذو هيبة، على كرسيٍّ خشبي مزخرف يناسب زعيم قرية.
وبجانبه، وقفت فتاة...
شابة جميلة، شعرها فضيّ طويل ينساب كالحرير، وعيناها زرقاوان لامعتان كسماء صباحية بعد المطر.
توقف الزمن للحظة. فتح أريس فمه ببطء، وبصوت خالٍ من أي تعبير قال:
"تزوجيني..."
احمر وجه الفتاة فجأة، وخفَضت عينيها بخجل.
أما الرجل العجوز، ففتح عينيه بهدوء، وحدق في أريس.
وفي اللحظة التالية...
"أاااه!"
تلقى أريس ضربة هادئة وموجعة في معدته من الخادم.
"تبا لك..."
قالها وهو ينحني، قابضًا على بطنه.
"أووووف..."
شهق أريس وهو يتلوّى على الأرض بعد الضربة المباغتة من الخادم العجوز. كان يمكنه أن يقسم أن معدته سمعت صدى الضربة ثلاث مرات قبل أن تستوعب ما حدث. ولكن الغريب... أن الألم اختفى فجأة. لا، ليس كأنه خفَّ، بل تبخّر تمامًا.
"هاه... جسدي... هل هذا تحديث؟"
نهض ببطء وهو يفرك معدته، وعيناه تتجولان في المكان... حتى توقفتا عند مشهد كان ليوقظ أي شخص فاقد للوعي.
كانت واقفة هناك، بجوار العجوز الجالس على كرسي فاخر بالنسبة لقرية خشبية—وهو أقرب إلى عرش بسيط مغطى بالفرو. فتاة، إن كان الجمال يُقاس بالأساطير، فهذه كانت سبب كتابتها.
شعرها الفضي الطويل يتدلى برقة على كتفيها، يلمع كأنه عاكس لضوء القمر. بشرتها بيضاء نقية، وعيناها حمراوان بلون ياقوتي يشع بالدفء والرهبة معًا. كان وجهها محمرًا من الإحراج، ربما من كلام أريس الذي صرخ به سابقًا دون تفكير:
"تزوجيني..."
"آآآاه..." زمجر الخادم العجوز بصوت منخفض، جعل قشعريرة تسري في ظهر أريس.
التفت إليه بسرعة. كان الخادم واقفًا كالصنم، وجهه لا يتحرك ولكن عيناه... عيناه تقولان: كررها مرة أخرى... فقط كررها.
ابتسم أريس بخفة، متمتمًا:
"آه... صحيح... سيدي، آنستي... هل يمكنني أن أعرف ما الذي تريدونه مني؟"
طوارئ! مفعول السحر انتهى! عد للعقل!
قال الرجل العجوز، الذي يبدو أنه زعيم القرية، بصوتٍ خشن كحطب محترق:
"هممم... من أين أتيت يا فتى؟"
أجاب أريس وهو يضع يديه في جيبه ويتنهد:
"بصراحة... لا أعلم."
"هاه؟!"
زمّت الفتاة شفتيها بدهشة، والخادم رفع حاجبه قليلًا وكأن أحدهم نسي سكينًا في الشوربة.
تقدّمت الفتاة خطوة للأمام، مترددة، ولكن بصوت ناعم أشبه بخرير نهر صغير قالت:
"أم... ما اسمك؟"
انحنى أريس قليلًا بأدب غير متوقع، واضعًا يده على صدره وقال:
"أنا أريس، ويشرفني معرفة أسمائكم."
احمر وجهها أكثر، ونظرت للأسفل، ثم قالت بخجل:
"أنا اسمي ليا... تشرفت بلقائك، سيد أريس. هذا جدي كاين، زعيم القرية. وذلك هو رون، كبير خدم القصر، لكني أناديه باحترام 'عمي رون'."
"تشرفت، تشرفت، وسعيد بوجودكم بين عظامي!" قالها أريس مبتسمًا، ثم غمز لها وأضاف بهدوء:
"ناديني ريس فقط، آنسة ليا... أو الأفضل، ليا فقط."
شهقت ليا بخجل بينما نظر جدها إليه بنظرة تقول أنا كبير في السن... لكن ما زلت أستطيع دفنك هنا.
أما رون؟ فقد نفخ من أنفه باحتقار محترف، كأنه خبير في تقييم الأغبياء.
بدأت جلسة استجواب رسمية بلكنات قروية ونظرات شك، وأجوبة أريس تراوحت بين "لا أعلم" و"يمكن" و"هل هذا طعام؟" لمدة نصف ساعة.
وفي النهاية، تنهد كاين قائلًا:
"تنهد... يبدو أنه فاقد الذاكرة."
قالها وكأنه قرر أن يعطيه اسمًا مستعارًا: السيد لا يتذكر.
"يا للأسف..." تمتم رون، وهو ينظر نحو أريس كمن ينظر إلى بقعة زيت على أرضية المطبخ.
لكن فجأة، تحولت الأجواء. اعتدل كاين في جلسته وقال:
"حسنًا، يمكنك البقاء في القرية لبعض الوقت. سنتابعك."
وقبل أن يفتح أريس فمه ليشكرهم، قالت ليا بابتسامة صغيرة:
"إن أردت، يمكنني مرافقتك في جولة داخل القرية... لتتعرف عليها."
كأن أحدهم ضغط زر "ابتسامة مجنونة"، انفجرت أسارير أريس بسعادة:
"حقًا؟ واو! بالطبع! أجل! أنا أحب الجولات! وأنا أحبكِ—أقصد... أحبّ القرى!"
ابتسم كاين بخفة كأنه رأى هذا النوع من الحمقى سابقًا، أما رون فقد تمتم لنفسه:
"هذا الولد يحتاج إلى إعادة تشغيل..."
وهكذا، خرج أريس من القصر الريفي الضخم في جولة تعريفية... برفقة فتاة ذات شعر فضي ساحر، وخلفه خادم ساخط يخطط للاغتيال الداخلي.
خرج أريس من القصر برفقة ليا، والهواء العليل يلامس وجهه كأن العالم يقول له: مبروك، لقد نجوت من الخادم العجوز... مؤقتًا.
سارت ليا أمامه بخطوات رشيقة، وكانت ترتدي ثوبًا بسيطًا بلون الخزامى، يتحرك مع نسمات الرياح بلطف. أما أريس؟ فكان يمشي وكأنه نجم سينمائي في افتتاح مهرجان، يلوّح بعينيه، ويبتسم للنباتات، ويغمز للفراشات.
قالت ليا بلطف، مشيرة إلى مبنى خشبي كبير ينبعث منه الضجيج والضحك:
"هذه هي حانة القرية. يأتي إليها الجميع بعد الغروب... بعضهم للشرب، بعضهم للغناء، والبعض فقط ليسقط على الأرض."
"هاه، مكان ممتاز لبدء تجارة العصائر السحرية..." تمتم أريس، ثم أضاف وهو يبتسم بمكر:
"لكن، هل يسمحون لمن هم دون سن الزواج بالدخول؟"
نظرت إليه بشيء من الدهشة ثم ضحكت بخجل. وفي تلك اللحظة، لاحظ أريس شيئًا غريبًا...
نظرات.
نظرات حارقة من ذكور الإلف في كل مكان: من شرفات المنازل، من خلف براميل، حتى من فوق سطح دجاجة!
وجوههم كلها تقول شيئًا واحدًا: لماذا هو معها؟ لماذا ليس أنا؟ هل ارتكبت خطيئة في حياة سابقة؟
وفي المقابل...
فتيات الإلف؟ ينظرن إليه بعينين لامعتين، يتهامسن فيما بينهن، إحداهن كادت تسقط من فوق سور الحديقة وهي تلوّح له.
فكر أريس وهو يضع يده على وجهه، متفحّصًا فكه، أنفه، عينيه:
"هل أنا... وسيم خارق؟ أهذا تأثير نظام الوسامة القصوى؟ أو هل أنا مجرد انعكاس لحُسنها؟"
رمق ليا بنظرة طويلة... ثم تمتم بخفوت وهو يبتسم:
"يا ليا، هل تعلمين أنكِ جميلة لدرجة أن الطبيعة تغار منكِ؟"
رمقته من طرف عينها، واحمرّ وجهها قليلاً، ثم همست:
"هل تقول هذا لكل فتاة تُرافقك في جولة؟"
أجاب بسرعة:
"أنا لا أرافق، بل أُختطف بالموافقة."
واصلوا السير. وصلوا إلى مبنى ببوابة حجرية عليه شعار سيفين متقاطعين، فقالت ليا:
"هنا مبنى الجنود. من هنا تُدار دوريات الحراسة، وحماية القرية من الوحوش."
"أوه، رائع. هل لديهم قسم مخصص لتجنيد وسيمين بلا ذاكرة؟"
ضحكت، ثم أشارت إلى مبنى بجانب السوق، بواجهة فخمة نسبياً، مكتوب عليه: نقابة الصيادين.
"وهنا يمكن لمن يملك مهارات قتالية أو سحرية أن ينضم للنقابة، ليؤدي مهامًا متنوعة. إن كنت مهتمًا، يمكنني سؤ—"
"نعم!" قالها أريس بسرعة، ثم تدارك نفسه، "أعني... نعم، لماذا لا؟ النقابة دائماً مكان ممتاز للبدء بكسر العظام."
وأخيرًا، توقفوا أمام متجر خشبي صغير تملأه النباتات المجففة والروائح العطرية.
قالت ليا وهي تشير إليه:
"وهنا يسكن الطبيب كوين. هو غريب الأطوار قليلاً... لكنه موهوب."
"كوين؟ أهذا الذي يصنع أدوية تشبه طعام القطط؟" سأل أريس، وهو ينظر للنافذة حيث توجد قطة تشرب جرعة سحرية بالفعل.
ثم فجأة، من خلفهم...
مموووووووووووووووووووووه!
استدار أريس فزعًا، ليجد بقرة ضخمة تركض نحوه... وتنفيث نيرانًا من أنفها!
"ماذاااااااا؟!" صرخ وقفز للخلف، ثم بدأ يركض بينما يصرخ كمن أحرق سرواله:
"منذ متى تملك الأبقار خاصية دراكو النارية؟! ليااااااااااااا!"
ضحكت ليا من قلبها وهي تغطي فمها، بينما رون الذي تبعهم عن بُعد، هز رأسه قائلاً:
"هذا الأحمق... سيشعل الحظيرة يومًا ما."
ركض أريس حول النافورة، ثم قفز فوق عربة خضار، ثم اختبأ خلف طفل صغير وهو يقول له:
"أنا البطل، وأنت الدرع، افهم الوضع!"
وأخيرًا، توقفت البقرة... شمت في أريس، ثم جلست على الأرض وبدأت تجتر بهدوء.
تنهد أريس وسقط على الأرض، ثم قال وهو ينظر إلى السماء:
"متى يمكنني الحصول على نظام يخبرني متى تهجم الأبقار؟!"
ضحكت ليا واقتربت منه، مدّت يدها إليه، وقالت:
"هيا، الجولة لم تنتهِ بعد... أيها الوسيم الخطير."
أخذ يدها، وهو يغمز لها، ثم تمتم:
"أظن أنني وقعت في حب القرية... وربما... بشخص ما فيها أيضاً."
وفي الخلف، رون وضع يده على سيفه وهمس:
"أقسم أنني سأجعل تلك البقرة صديقتي المقربة... فقط لتأديبه كل يوم."
---
أكيد! إليك نسخة فكاهية ومحفّزة للنقاش والتفاعل:
---
وصلت للنهاية؟ مبروك، أنت رسميًا من الناجين!
إذا ضحكت، تحمّست، أو حتى قلت "ما هذا الجنون؟"
شاركنا رأيك بالتعليقات – ردك يخليني أكتب أسرع!
وانضم لجروب الواتساب الموجود في خانة الدعم،
هناك نخطط للسيطرة على العالم... أو على الأقل، نضحك على أريس وهو يهرب من بقرة نارية!