الفصل الثالث: في عالم اللعبة (3)
شعاع شمس خجول تسلل من النافذة الخشبية الصغيرة، وتراقص على وجه أريس كأنه يقول له: استيقظ يا نائم... العالم لا ينتظرك.
فتح عينيه ببطء، كان مستلقيًا على سرير أبيض نظيف، ربما أنظف شيء رآه في هذا العالم حتى الآن. الجدران مصنوعة من خشب مصقول، ورائحة العشب الجاف تعبق في الأجواء. المكان هادئ، باستثناء أصوات العصافير وبعض الديوك العدوانية في الخارج.
لكن ما أيقظه حقًا لم يكن الديك، بل إشعارًا من النظام ظهر فوق رأسه:
[تم تعيين مهمة جديدة]
[اسم المهمة: بناء ملجأ]
[الوصف: العالم قاسٍ، ولا مكان لك فيه... إلا إذا بنيت واحدًا بنفسك!]
[المكافأة: +50 نقطة خبرة]
[التقييم: D]
أريس، الذي لم يزل نصف نائم، تمتم:
"ملجأ؟ هل أنا في برنامج البقاء؟ أين الكاميرات؟ أين المقدم ذو الصوت الغليظ؟"
وبينما يتثاءب، ظهرت نافذة الحالة تلقائيًا:
---
البيانات الشخصية:
الاسم: أريس
العمر: غير محدد
الفئة: بلا فئة
الطاقة: 100/100
الصحة: 10/10
المستوى: 1
الخبرة: 62/100
---
"بناء ملجأ..." همس وهو يرفع حاجبه.
وفي ذهنه، تخيّل كوخًا خشبيًا رائعًا، بشرفة صغيرة، ونافذة تطل على بحيرة… ثم تطور الخيال فجأة إلى قلعة ضخمة ببوابة كهربائية، وسياج من الليزر، وتماثيل تنين ترش نيرانًا.
ابتسم ابتسامة شيطانية وهو يفرك يديه، وقال: "سأجعل هذا الملجأ... قصرًا يليق بالملوك!"
لكن فجأة... انفتح الباب.
"صباح الخير، أريس."
دخلت ليا بخطوات هادئة، وعيناها لا تزالان تحملان نعاس الصباح. لكن ما إن رأته مستلقيًا على السرير، يبتسم كالشرير في لحظة النصر... حتى توقفت في مكانها.
"آه... ملاكي..." قالها أريس بصوت ناعم وهو يسند وجهه على كفّه، وابتسم ابتسامة جعلت الزهور تتفتح في الخلفية الخيالية.
احمرّ وجه ليا كأن أحدهم رمى عليها دلواً من العصير الأحمر.
"آه... أأ... أأه..."
كانت تحاول قول أي شيء، لكن الكلمات خرجت منها كأنها لغة مخلوقات غريبة.
تفكر ليا: واااه... نظراته... تجعلني أشعر بالخجل...
لم ينظر لي أحد هكذا من قبل... لا أحد يجرؤ حتى على النظر في عينيّ...
أريس؟ كان مستمتعًا للغاية. وكأنه يلعب لعبة "حرّج الأميرة بأقصى سرعة".
ولكن اللحظة الرومانسية لم تدم.
دخل رون دون استئذان وهو يحمل طبقًا فيه مناشف ساخنة.
"صباح النور... أوه، ألم تمت بعد؟ مؤسف..."
قالها وهو يضع المنشفة على الطاولة بقوة كأنها طلقة تحذيرية.
نظر إليه أريس وقال ببراءة: "صباح الخير، عمي رون... نمت جيدًا، هل أنت قلق عليّ؟"
أجابه رون بابتسامة باردة:
"أنا فقط قلق على كمية الأوكسجين التي تستهلكها."
ضحكت ليا بخفة رغم الإحراج، ثم قالت وهي تتقدم خطوة:
"الطعام جاهز في الأسفل، إذا لم تمانع... يمكنك أن تتناول الفطور معنا."
"أوه، فطور ملكي برفقة أميرة؟ أنا أقبل الدعوة بكل سرور!"
قالها أريس وهو ينهض بسرعة، لدرجة أن رأسه ارتطم بعارضة السقف.
"آآخ..."
"هوه... هذا السقف القصير فيه مؤامرة..."
ضحك رون وقال: "هذا السقف صُمم لطرد الحالمين بحياة القصور."
"آه، هذا يفسر الصداع الملكي الذي أشعر به..."
رد أريس وهو يحاول تعديل شعره أمام مرآة مكسورة.
وبينما خرجوا من الغرفة، سمعوا صرخة بعيدة من الخارج:
"موووووووو—فووووووووووش!!!"
نظر أريس بسرعة من النافذة، ليجد بقرة... تنفث النيران.
تراجع خطوتين للوراء وصرخ:
"هاي! ما نوع القرى هذه؟! هل هذه بقرة أم تنين بهوية مزورة؟!"
ضحك رون وقال وهو يهم بالمغادرة:
"آه، تلك البقرة؟ لا تقلق، تنفث النار فقط عندما ترى الحمقى."
"آه، هذا سيء...الا يعني هذا أن العم رون هو الهدف الحصري."
تمام! إليك المشهد الثاني من الفصل الثالث بأسلوب روائي، مع كوميديا ومواقف مرعبة، وتفاعلات الشخصيات بشكل حي:
---
المشهد الثاني – فطور من الجحيم (تقريبًا)
جلس أريس على الطاولة الخشبية الطويلة في مطبخ منزل زعيم القرية، أمامه صحن من الحساء الرمادي المشكوك في مصدره، وقطعة خبز يُحتمل أنها نجت من العصر الحجري.
إلى جانبه جلست ليا، مرتدية ثوبًا بسيطًا يليق بصباح القرية، وعلى الطرف الآخر جلس العجوز كاين، زعيم قرية الربيع، يراقب بصمت. أما في الزاوية... فكان رون، يشحذ خنجره، وكأنه يُهيئ نفسه لذبح ديك… أو شخص.
أخذ أريس لقمة صغيرة من الخبز، توقف، حدّق في القطعة، ثم قال بوجه مليء بالخيانة:
"هل هذا... هل هذا خبز؟ أم حجر مُقنع؟ أقسم أن ضرسي نطق الشهادة للتو."
كاين تنهد.
ليا حاولت أن تبتسم لتخفف التوتر، لكن أريس لم يكن قد بدأ بعد.
غمس الخبز في الحساء، تذوقه، ثم فتح فمه ببطء كأن الحياة فقدت معناها.
"أين البهارات؟ أين النكهة؟ هل الطاهي يطبخ وهو نائم؟"
رون ابتسم ابتسامة مريبة وهو يُقلب خنجره في يده.
"إنه أنا."
"آه... حسناً... فجأة شعرت أن طعمه رائع. منعش. فيه لمسة موت."
نظر أريس إلى الجانب فرأى رون يختبر شفرة الخنجر على شعرة، ثم على ظفره، ثم على قطعة من خشب الطاولة... التي بدأت تذوب!
"اللعنة... لماذا العم رون هنا أيضًا؟ وجوده وحده يسبب عسر الهضم."
كاين تمتم في نفسه: "آه... هذا الفتى سيجعلني أندم أني استقبلته..."
ليا نظرت إليه محاولة التدخل: "أنا آسفة، أريس، أعني ريس-"
"همف! لن أستمع لك." قال وهو يدير وجهه كالطفل الذي حُرم من حلوى.
ولكن بعد ثوانٍ قليلة، لم يتحمّل، وعاد ينظر إليها من طرف عينه، مبتسمًا بنظرة حالمة: "لكن... ربما لو ناديتني ريس... سأفكر في الأمر."
احمرّ وجه ليا مرة أخرى وقالت:
"حسناً، ريس... سأشرح لك الوضع الآن."
بدأت ليا تسرد بينما أريس يقضم الخبز الصلب وكأن فكيه يخوضان معركة بقاء:
"عالم أوفيريا مليء بالمخاطر. هناك زومبي يظهرون في الليالي، وحيوانات متحورة تهاجم القرى، ووحوش سحرية تتغذى على الهالات."
"وهذا فقط الجزء اللطيف..." أضاف رون وهو يقشّر تفاحة بسكين بدا كأنه شحذها على أرواح الشجعان.
أكملت ليا:
"الأجواء هنا غير مستقرة. قد تكون تمشي تحت شمس دافئة، ثم فجأة تهطل أمطار حمضية تذيب الأشجار. أو تهب عاصفة سامة تقتل كل الكائنات الحية في طريقها."
أريس بلع لقمة ببطء، تجمد في مكانه، وانطفأت الحياة في عينيه.
"أ... أوفيريا؟... أوفيريا؟!!!"
نهض فجأة وهو ينظر حوله بذهول: "هذا مستحيل... نفس اسم اللعبة... نفس النظام... نفس كل شيء!"
تفكيره صار دوامة: نفس الاسم، نفس القوائم، نفس الخرائط! هل هذا يعني أنني داخل اللعبة؟ أم أن اللعبة نفسها كانت محاكاة لهذا الجحيم؟ هل المطورون كانوا سحرة؟ هل أنا الوحيد الذي أرسل إلى هذا الكابوس بينما غيري ذهب لعالم فيه أرانب تتكلم وعصير مانجا لانهائي؟!
"آه، هذا غير عادل! الآخرون يذهبون لعالم مسالم فيه إلف حوريات ويونيكورن! أما أنا؟ فأنا أستيقظ في قرية فيها بقرة تنفث النار وحساء يُطهى بالكراهية!"
رون علّق وهو يقضم التفاحة:
"هذا لأنك فتى مميز... مميز في جلب النحس."
كاين لم يستطع تحمل صراخ أريس أكثر من هذا، فمدّ له ورقة قديمة مطوية، وقال بنبرة رسمية: "حسنًا، كفى تذمرًا. لدي عرض لك."
امسك اريس الورقة التي اختفت فور لمسها وظهرت نافذة النظام.
---
[تم تعيين مهمة جديدة]
[اسم المهمة: بيت من قش أم قصر من طين؟]
[الوصف: زعيم القرية العجوز كاين يملك منزلًا مهجورًا لا يستخدمه أحد. إذا قمت بإصلاحه وتحسينه، فسيُمنح لك كمكافأة.]
[المكافأة: منزل دائم في قرية الربيع + 100 نقطة خبرة]
[المدة المحددة: 7 أيام]
[التقييم: C]
---
"أحتاج على الأقل فأسًا، أو مطرقة... أو قطعة خشب واحدة!"
صرخ أريس وهو يسير خلف كاين في البيت، لكن العجوز لم يلتفت.
كاين جلس على كرسيه العتيق وشرب جرعة من مشروبه العشبي كأن أريس مجرد صوت مزعج في الخلفية.
"ماذا عن... حبل؟ هل أستطيع الحصول على حبل؟"
رون، الذي كان يقف بجانب الباب، تدخّل بصوت بارد:
"الحبل مخصص لمن يفشل في مهامه، وليس لبنائها."
"أوووه، نكتة! هل هذه نكتة من رون؟!" قال أريس وهو يضحك مصطنعًا. "يبدو أن اليوم يوم المعجزات!"
كاين أشار برأسه لرون، والذي تقدم بخطوات هادئة، ثم فتح الباب وأمسك أريس من ياقة قميصه... وركله خارج المنزل بكل هدوء.
بوم!
سقط أريس في بركة طين صغيرة أمام المنزل.
صرخ رون من الداخل وهو يغلق الباب: "لا تعُد إلا في الليل! ... أو، لا، أفضل ألا تعود أبدًا."
نهض أريس مغطى بالطين، رفع قبضته بتحدٍّ وصرخ: "اللعنة! عندما أصبح إمبراطور هذا العالم، سأجعلكم تنظفون حمامات التنانين المقدسة بالفرشاة اليدوية!"
ثم تمتم:
"...وفرشاة واحدة فقط لكل عشرة تنانين."
بعد ساعة، وبعد أن نفض الطين من شعره، اتبع أريس التعليمات التي أعطتها له ليا، متجهًا إلى الشمال حيث يقع منزله الجديد.
وصل إلى تلّة مرتفعة تطل على القرية... المكان منعزل، والهواء بارد، والهدوء يعم. بدا الأمر جيدًا، حتى رأى "المنزل".
"كوخ؟ لا لا... هذا كائن يحتضر..."
الكوخ كان شبه منحني من شدة قِدمه، الحشرات تزحف على النوافذ، والأبواب تصدر أصوات أنين وكأنها تطلب المساعدة.
فتح الباب بحذر... ثم تجمد في مكانه، أغلق الباب بسرعة وبملامح جامدة.
"ذاك الشيء... هل هذا مرحاض القرية العمومي؟!"
ظهرت نافذة مخزن اانظام وضغط اريس على خانة تظهر شكل مجرفة حجرية ، وضع على كتفه وبينما الرياح تحرك شعره نظر للقرية بهدوء.
ابتسم بسخرية، ثم قال لنفسه:
"أتساءل... كيف سيكون وجه كاين ورون عندما أحوّل هذا المرحاض إلى قصر ملكي؟"
رفع المجرفة عالياً، والريح تحرك شعره، والنظام يظهر نافذة صغيرة:
~~~
نهاية الفصل الثالث.
وصلت للنهاية؟ مبروك، أنت رسميًا من الناجين في عالم أوفيريا!
إذا ضحكت، تحمّست، أو حتى صرخت: "هل هذا الكوخ فيه مرحاض مشترك؟!"
فأنت مؤهل تمامًا لترك تعليق يخليني أكتب الفصل الجاي وأنا أضحك.
ولا تنسى تنضم لجروب الواتساب الموجود في خانة الدعم،
هناك نناقش أشياء مهمة جدًا... مثل:
هل رون فعلاً إنسان؟ أم مجرد خنجر بشري؟
وهل أريس سيبني قصرًا أم يخترع صنفًا جديدًا من البكتيريا؟
نراك في الفصل الجاي، حيث الجنون... صار نظام حياة.