' انه ليس مؤلما كما اعتقدت ، أشعر بالانتعاش في جسدي كله كما لو أن الصداع و التعب قد تلاشى ..هل هذه الجنة ؟ ، انه دافئ و مريح ، لو كنت اعلم إن الموت بهذه الروعة لفعلت ذلك قبل خمسة عشر عاما من الآن ..

' آه ، انا سعيدة '

" اسـتـيـقـظـتِ ؟ "

همهمت سينا براحة ثم فتحت عينيها على نطاق واسع في اللحظة التالية تنظر بصدمة الى الرجل المستلقي بجانبها الذي كان يتثاءب و يعبث بشعره بإغراء

" مـ ما الذي تفعله في الجنة ؟ "

تدحرجت بسرعة نحو الخلف الى ان كادت تسقط من السرير الا ان كيران تدارك ذلك و قام بلف ذراعه حولها

" امسكت بك "

فغرت سينا فمها بدهشة تنظر إليه بعينيها المفتوحتين على مصراعـيـهما

" كيف ؟ .. أنا ميتة ، كيف ؟ هذا .."

لمست بأصبعها جبهته ثم شهقت و تمتمت بصدمة

" حـ حقيقي .. هذا .. لمـ لماذا انت حقيقي ؟ "

" هل تعتقدين انني سأتركك ببساطة تذهبين ؟ "

عندما فصلت سينا شفتيها للرد اسقطها كيران على السرير ثم ثبتها مكبلا يديها بكفه الكبيرة

" انت .. كـ كيف ؟ "

قطبت حاجيها ثم نفخت الهواء بحنق لتبعد خصلات الشعر عن وجهها و قال محذرة :

" يفضل أن تبتعد عني ، كيران كينجي "

ابتسم كيران بخبث ثم رد :

" وان لم افعل ؟ "

تنهدت سينا بنفاذ صبر ثم ابتسمت و قالت :

" لقد حذرتك "

ارجعت رأسها نحو الخلف ثم صكت بجبهتها وجهه بعنف ، في اللحظة التي ارتد فيها رأسه نحو الخلف استغلت الفرصة و حاوطت ساقيها حول خصره ثم دفعته ليسقط على الجانب الاخر و تعتليه مثبتة يديه، زفرت الهواء ثم قالت لاهثة :

".. كان عليهم اخبارك بأن المرأة التي تحايلت عليها تجيد اللكم ، شركاء هذه الايام ، تكلم "

لعقت شفتها السفلى ثم اتبعت صارخة

" من ارسلك ؟ كيف عرفت ؟"

" انت لا تريدين فعل هذا ، جسدك متعب ، لنتحدث بعد أن تأخذ قسطا من الراحة "

رفعت خصلات شعرها عن وجهها بغضب ثم ردت :

" كما لو انك تهتم ، أليس هذا ما تريده من الأساس ، التخلص مني "

" ماذا ؟! ما الذي تهذين به ؟ "

" انتم يا رجال الامبراطورية حقا ناكرون للجميل ، الشراب المسموم كان من تدبيرك أليس كذلك ؟ "

" هل تعتقدين ان الامر بتلك السهولة ؟ "

" هو كذلك بالنسبة لك ، خنق رقبة شخص ما و رميه ارضا امر سهل اليس كذلك "

" انت متعبة عليك الـ .. "

سحبت كيران من ياقته بقوة ثم صرخت :

" اجبني "

وصل غضبه حد الذروة في تلك الحالة لم يكن صعبا عليه ابعادها عنه و تثبيتها على السرير مجددا

" انا لن اقوم بضرب امرأة تعلمين هذا "

" عن نفسي لن اتردد ابدًا في لكم واحدة "

ضغطت اصابعها الى ان ابيضت مفاصلها ثم لكمت بقبضتها بطنه بكل ما تملكه من قوة ما جعله يعتصر شفتيها كاتما ألمه بعدها علق بصوته المختنق

لـ ليس سيئا "

احتاج دقيقتين لاستعادة صوته و تنظيم انفاسه و الصراخ قائلا :

إن كنت حقا اخطط لقتلك كنت قطعت رأسك من البداية لست نوع القتلة المتسترين امثال سادتك "

" !؟ و تعترف بذلك ايها الـ .. مهلا ماذا "

سكنت تحاول استجماع افكارها و استيعاب ما قاله ثم صكت اسنانها و زمجرت :

" الاوغاد ! "

زفر كيران انفاسه ثم رفع ثقله عنها و جلس على جانب السرير يمسح الدماء المتسربة من انفه ثم صرخ معاتبا :

" منعتك من شرب ما يقدم لك ، لماذا فعلتِ ؟ "

" انا لا اذكر كيف حدث ذلك لكن مهلا ، هل تعاتبني الآن ؟ "

" سينا"

' حسنا هذه النظرة مخيفة ، حقا '

ابتلعت ريقها ثم فركت مؤخرة رأسها و قالت بنبرة منخفضة

" لم اعتقد قط بأنه سيكون مسموما لكن لماذا ؟! أنا لم ..

' بعد التفكير في الامر اعتقد انه .. حسنا مخالفتي لاهم القوانين و الزواج من اجنبي '

جلست القرفصاء على السرير تفكر

' بالإضافة الى مساعدته للوصول الى العرش .. و ان يكن هذا ليس مبررا لقتلي ، اعتقد .. نعم هو كذلك لأنني .. '

" لأنني خدعت ايضا "

كتفت ذراعيها امام صدرها ثم نظرت الى كيران رافعة احد حاجبيها و قالت :

" ما الذي تنتظره ، هيا ، ألن تبرر ؟ "

" اذا هذه هي خطتك ؟ "

خلف الباب كان الخادمان الوفيان يستعدان لاقتحام الغرفة و تنفيذ مخطتهما الخطير ـ تبادل الاثنان النظرات ثم اطلقا تنهيدة طويلة

" انت لم تعجبني منذ اللحظة التي رأيتك فيها "

اعترفت ماري

رفع جيروم كتفيه غير مبال بكلامها ثم رد قائلا :

" ابادلك الشعور نفسه يا انسة لكن فلتعلمي ان ما اقوم به لمصلحة سيدي و ابعاده عن سيدتك تلك لهذا السبب نحن هنا ، نعمل معا ، لا شيء اخر "

اومأت ماري برأسها برضا ثم مدت يدها

" جيد "

صافح جيروم يدها الرفيعة بينما يتبادلان نظرات التحدي

" جيد جدا "

بعد ان فصلا يديهما وجها قوامهما نحو الباب ثم دفعاه صارخين :

" سيدي "

" سيدتي "

جال الخادمان بنظرات فاحصة في ارجاء الغرفة

" حسنا لم يكن هذا ما توقعت رؤيته " همس جيروم لماري فردت هي الاخرى قائلا : " و انا ايضا ، أي نوع من الزوابع ضرب هذه الغرفة ؟ .. مهلا ! لا تقل لي .. "

فغرت ماري فمها بصدمة ثم صكت اسنانها في اللحظة التالية و قالت :

" كيف يجرأ سيدك على تعنيف سيدتي "

" ماذا ؟ "

" انظر الى حالها ، الا ترى " صرخت ماري في وجه جيروم ثم اتبعت : " انظر الى ملابسها الشعثاء و شعرها المتشابك "

تفقدت سينا هندامها الذي يوحي بأن شجارا كبيرا حصل ، اذ انزلقت حمالات ثوبها الرفيعة عن كتفيها و انتفخ شعرها و غرق وجهها الصغير داخله

' هل مظهري بهذا السوء حقا ؟ '

" مـ ماري انت تخطئين كيران لم .."

" سـ سيدي ، انفك ينزف "

اندفع جيروم نحو سيده يتفقده بقلق ثم التفت نحو ماري و قال :

" من يعنف من الان ، سيدتك المتوحشة .."

نظرت ماري الى سينا بذهول و فكها السفلي يكاد يصطدم بالأرض ثم همست :

" هل فعلت ذلك حقا ؟ "

فركت سينا مؤخرة رأسها ثم ابتسمت و اومئت برأسها

" احسنت "

رفعت ماري ابهامها مشجعة ثم التفتت نحو جيروم ، نضفت حلقها و قالت :

"أيا كان ، سيدك لديه نوايا خفية "

" و سيدتك تستمر في الظهور امامه و نشر الفوضى لولا تهورها و شربها الشراب المسموم لما وصلنا الى هنا"

" سيدك المخادع هو الملوم من البداية لو انه صارحها بذلك مسبقا لما حدث ذلك"

" لم يرد خسارتها سيدي طيب القلب "

ضحكت ماري ساخرة

" خسارتها ؟ و كأنه يهتم، لعلمك يا هذا سيدك هو المسؤول عن حالتها الآن"

واصل كيران وسينا متابعة العرض امامهما ، تتدحرج مقلتاهما تارة هنا و تارة اخرى هناك

سألت سينا " ما الذي يفعلانه ؟ أشعر بالصداع "

" يتناقشان حول .. حولنا على ما يبدو "

" حقا ، اذا انظري ، انظري الى ما فعلته سيدتك المتوحشة بقميصه "

" معه حق ، لدي ثلاثة ازرار مفقودة "

" سيدتي كادت تفقد حياتها بسبب سيدك كيف لها أن تكون هادئة بعد كل شيء ؟ "

" بالضبط ، هي محقة ، كدت اموت ، ماذا لديك لتقوله الآن ؟ "

اطلق كيران تنهيدة طويلة ثم بعثر خصلات شعره و قال: :

" هل تريدين افتعال شجار اخر ، مجددا ، انا متعب "

تراجع نحو الخلف ليحط على السرير ثم اغلق عينيه و اتبع :

" أجليه لوقت لاحق "

" انت نائم على سريري في غرفتي الآن ، لدينا اتفاق عليك أن تدفع عشرة قطع لا بل عشرين ، ثلا .. "

سحبها لتستلقي بجانبه ثم سحب اللّـِحاف و قال :

" لنناقش الامر لاحقا ، لننم اولا "

فركت سينا عينيها الناعستين ثم سألت بقلق :

" ألا يزال انفك يؤلمك ؟ "

رد كيران بصوت ناعس :

" مجرد التفكير في انه تم ضربي من قبل امرأة ، يا إلهي ، كبريائي ينتحب في الزاوية "

" سيدك الطيب كاد يتسبب في قتل الوريث "

انتفت سينا من مكانها ثم ابعدت اللحاف عنها و سحبت نفسها من السرير بسرعة بعدها استقامت تنظر الى كيران بحنق ، تمتمت:

" صحيح ، الوريث .. كدت انسى "

' شكرا على تذكيري ماري '

" جيروم ، ماري غادرا و لا تسمحا لاحد بالدخول ، هناك ما اريد مناقشته و هذا الماكر ، و أيضا لا تفهموا الامر خطأ ، يا جيروم انا لن المس سيدك الغالي مجددا لذا لا حاجة للقلق "

" لكن سيدتي .. بقائك معه لـ - "

" لا عليك ماري "

بترت سينا اعتراض ماري القلقة ثم ساقتها و جيروم خارج الغرفة و اغلقت الباب

" الان ، ابدأ "

شابكت ذراعيها امام صدرها و قالت بجدية :

" انا لن أسألك عن كيف عرفت او عن الشخص الذي اخبرك لأنني بالفعل مذهولة ، اذ طوال السنوات الثماني عشر الماضية التي بذلت فيها جهدا جبارا لإخفاء ذلك ، اكتشفت انت كل شيء في لحظات ، واو انا حقا منبهرة ، قيل أن السلطة تحقق المستحيل لكنني لم اصدق ذلك ، لكن الآن ، انا اصدق "

صفقت بيديها ثم أضافت :

" ما الذي تريده الآن ؟ رأسي ؟ لا ، اوه ! مهلا لحظة ، فهمت ، انت تريد الختم "

القت نظرة على ملامحه تحاول قراءتها ثم أتبعت :

" كما توقعت ، انت تريد الختم

قهقهت ضاحكة بينما تمسك ببطنها ثم نظفت حلقها و أضافت :

" اخبر الشخص الذي دلك علي انه اخطأ العنوان أو .."

واصلت ضحكها الهستيري تفصل بأنفاسها المتقطعة كلماتها بعضها عن البعض

" جرب ان تبحث عنه في مكان اخر .. قال ختم قال "

" سأبدأ ذلك من جسدك "

ابتلعت ما تبقى من ضحكتها ثم جفلت بصدمة و غطت صدرها بيديها

كـ كيف .. "

فكرت بخوف :

' حسنا سينا عليك ان تعترفي ، هذا الرجل الواقف امامك يعرف الكثير ، الكثير و هذا مخيف '

تراجعت خطوة نحو الخلف ثم نظفت حلقها و قالت :

" هل تعتقد أن حصولك على الختم هو كل شيء ، الكنيسة لن تبقيك على قيد الحياة ، من اين تأتي بهذه الثقة ، سخيف "

" انت تخاطبين الامر الناهي الجديد الآن ، يا اميرة "

نظرت إليه من رأسه الى اخمص قدميه بحنق ثم قالت بغضب :

" لا تنادني بذلك اللقب مجددا .. "

" اميرتي "

" تبا لك "

صرخت بانفعال و غادرت بعد أن رمقته بنظرتها الشرسة

' أن تكون تحت ضغط التهديد ليس جيدا ، ليس جيدا على الاطلاق '

_ القصر الامبراطوري _

طرق الرجل الاشقر طرقتين متتابعتين على الباب العتيق ثم ادار المقبض و دفع رأسه

" أخي "

" شيناي ! "

نظر الامبراطور الى الشاب بابتسامته العريضة ثم استقام من مكانه و توجه نحوه

" شيناي ، انه انت حقا "

اشار له بيده

" اقترب "

دخل المدعو شيناي اشقر الشعر ثم اقترب و عانق اخاه الامبراطور

" متى عدت ؟ لم يتم اعلامي بمجيئك "

القى شيناي جسده على الاريكة الجلدية السوداء ثم رد :

" أمس ليلا ، لا تسألني عن ذلك ارجوك لقد صادفتني مواقف محرجة و التقيت بفتاة غريبة "

اعتدل جالسا واضعا الساق فوق الاخرى ثم سأل محاولا تغيير الموضوع :

" دعك مني الان ، اين هي ؟ لويز لم اصادفها في طريقي ، انت لا تتركها تبتعد عنك عادة ، هل حدث شيء ما ؟ "

اسند الامبراطور ظهره للمكتب ثم تنهد و رد :

" لقد تغيرت الكثير من الامور بعد مغادرتك ، هي لم تعد حارستي الشخصية بعد الان كما انـ- "

" حسنا لقد فهمت ، تشاجرتما مجددا "

اومئ الامبراطور برأسه

" بالرغم من انك تعلم ان المرأة التي تطاردها ليس لديك مستقبل معها حتى في الاحلام " تمتم شيناي

" شيناي استطيع سماعك " نطق الامبراطور ثم اتبع معترضا بانفعال

" من قال ذلك و ايضا ، كيف لك ان تخاطب شقيقك الاكبر بهذه الطريقة ؟ "

" خطئي "

اطبق شيناي كفيه ثم اضاف معتذرا :

" صاحب الجلالة شقيقك الصغير اسفة على ما قاله هلا قبلت اعتذاره ؟ "

ضحك الامبراطور على نظرات شيناي البريئة المتوسلة ثم سأل :

" هل تعلم امي بمجيئك ؟ "

نفى برأسه ثم رفع اصبعه السبابة امام فمه و همس :

" لا تخبرها ، اريد مفاجأتها "

بعدها اعتدل واقفا ثم اتجه نحو الباب و قبل ان يخادر لوح مودعا

" ريوجان ، تعال " همست سينا لرئيس الخدم ثم اشارت له بيدها للاقتراب

" نعم سمو الارشيدوقة ، هل ناديتني ؟ " انحنى رئيس الخدم احتراما ثم سأل:

" لـ لا تنادني بتلك الطريقة .. و ايضا اريد ان أسألك سؤالا ، الا ينبغي ان تكون هناك اجراءات مناسبة لشيء بهذه الاهمية .. اعني الا تحتاج الالقاب ذات الرواتب العليا الى موافقة جلالته عندما يتعلق الامر بالزواج ؟ "

" لقد حصلت عليه ، الاذن "

جفلت سينا بصدمة ثم التفتت ببطء الى مصدر الصوت المألوف

" ان كنت تريدين ذلك استطيع ان اريك اياه "

خطت برفقته الى داخل غرفة المكتب ثم جلست على الاريكة تراقبه و هو يبحث عن شيء ما في درج مكتبه

" هنا .. "

وضع كيران الوثيقة على الطاولة ثم اتبع:

" هذه هي وثيقة الموافقة ، قد تختلف الصياغة قليلا عن ما اعتدت عليه ، لكنك تستطيعين فهم معظم المحتوى اليس كذلك ؟ "

الصقت سينا مقلتيها بالوثيقة تتبع ما كتب عليها كلمة كلمة

' امبراطور امبراطورية ناثين العظيمة و هنا كلام فارغ ، كلام فارغ ، وافق على ان تنظم سينا ... الى الارشيدوق باعتبارهما ... و الحفاظ على الامبراطورية كـ أرشيدوقة '

" لحظة، خط الكتابة هذا يبدو مألوفا " رمقت كيران بنظرة شك

" يجب ان يكون كذلك لأنني من كتبها ، لقد كتبتها و ختمتها بالختم الملكي "

" ماذا ؟! بنفسك ؟! "

" اي نوع من الاختام هذا المتاح للاستعمال العام ؟ و هذا الشيء خلف الوثيقة ايضا .. أليست هذه وثيقة النبالة التي تثبت لقبك ؟ كيف ختمها قبل يومين ؟ هل اصبحت الارشيدوق قبل يومين ؟ " تنهدت ثم اضافت :

" لا تضع ذلك التعبير على وجهك كما لو كنت لا تعلم شيئا ، بربك هل من المنطقي ان يعطي الامبراطور لقبا بهذه السرعة ؟ الا ينبغي ان تكون هناك عملية طويلة و معقدة قبل اعطاء اللقب الفعلي ؟ و ايضا .. لماذا لم تخبرني بهذا مسبقا ؟ "

" اعتقدت بأنه ليس مهما "

" و لماذا بحق الجحيم يكون هذا غير مهم، يا الهي "

' ايها القاتل المحتال المجنون لم اخطأ عندما قلت بأنه زواج احتيالي ، كله بسببي كيف سيتعامل سكان اوستن مع هذا القاتل المجنون كرئيس ؟ '

" لويز ، هل كانت هناك اي اخفاقات في المأدبة الملكية ؟ "

" لا ، يا صاحب الجلالة ، مجرد اضطراب طفيف لكنه تمت تسوية الوضع "

" سمعت ان كيران كان برفقة سيدة بالأمس "

" هذا صحيح "

" جيد "

نظر الامبراطور مطولا الى العنوان المكتوب بخط غليظ على اول صفحة من الجريدة ثم امسك بعكازه و استقام واقفا يراقب تحليق الطيور من النافذة

' سيدة الفهد الاسود ، ما الذي تخطط لفعله بحق الارض كيران ؟ هذا كله .. هل هو من اجل امرأة حقا؟ "

" لقد التقيت بها ايضا ، تبين ان كيران لديه ذوق فريد عكس احدهم "

ابتسم الامبراطور بخفة ثم رد :

" لعلمك ذوقي هو الذي اختارك "

احتقن وجه لويز بالدماء فأصبح احمر ، صكت اسنانها ثم زمجت بغضب :

" ديميتريوس دي كاليوس ايها الـ .. تعال الى هنا "

هرولت نحو بقعة تواجده فانتفض يهرب بينما تلاحقه هي بوجهها المكفهر

" لن تمسكِ بي "

" حقا ، سوف امضغك "

باغتته بسرعة ثم امسكته من ذراعه

" ما الذي كنت تقوله قبل قليل ؟ وقعت بين يدي "

حاول ديميتريوس التفكير في حل للفرار و لم يجد سوى التمثيل ، تأوه متألما

" ذ-ذراعي خُلعت.. مؤلم ، مؤلم "

تجعدت حواجب لويز بقلق و استرسلت تتأسف متفحصة ذراعه

" انا آسفة .. حقا انا ، أين تشعر بالألم ؟ انا حقا ، ديميتريوس أهي يدك الصناعية ؟ انا لم اقصد ايلامك ، صدقني انا .."

" لويز "

رفعت نظرها

" انا اريدك ، بشدة ، الى متى تريدينني ان استمر في قول هذا ؟ "

على تلك الوضعية و القرب انشأت اعينهما تواصلا طويلا تنقل احاسيس رفضها الجميع ، لم يرد احد لشجرتهما ان تنمو لذلك عليهم قطعها مرارا و تكرارا و منعها من النمو

" اذا اخبرني الى متى سأستمر في اخبارك بأنه لا توجد فرصة ، ديميتري لست بحاجة لسماع ذلك من الاشخاص في الخارج او حتى مني لأنك تعلم ، هنا .."

اشارت الى موضع قلبه ثم اتبعت :

" انت تعلم ان ذلك مستحيل "

" الم يقولو بأن هذا الاعرج اللعين لن يصبح ملكا ابدا ، لكن ماذا حدث بعدها ، الاعرج اللعين يبسط ذراعيه على كل شبر من الجزيرة "

" الامر مختلف تماما عن ذلك "

" ليس مستحيلا ما دمت تتقبلين ذلك ، انت لا تنكرين ذلك صحيح ، لويز انتــــــــ- "

" انا لا احبك ديميتري " اتبعت : " لماذا تجبرني على اسماعك الأسطوانة نفسها ، لماذا؟ "

اخذت نفس عميقا ثم اضافت بنبرة منخفضة عن السابقة :

" فقط استسلم، استسلم بشأني و كف عن تعذيب نفسك "

اطبقت يديها متوسلة :

" ارجوك ، توقف "

" لويز انا لـ- "

_ صاحبة الجلالة تطلب الاذن للدخول _

بعد ان انهى مرافق الإمبراطورة جملته، دخلت

" هل قاطعت شيئا ما ؟ "

نظراتها الحادة كانت كفيلة بجعل جسد لويز يرتعش حتى اخمص قدميها ، تراجعت خطوتين نحو الخلف مبتعدة عن ديميتريوس ثم ردت بسرعة

" على الاطلاق يا صاحبة الجلالة كنت استعد للمغادرة "

وجهت قوامها نحو الباب و عندما كانت على وشك اداة المقبض

" لويز "

التفتت

" سوف انظر في طلب عودتك الى موطنك "

انحنت لويز شاكرة ثم ردت :

" سوف اقدر ذلك حقا يا صاحبة الجلالة "

لم تنتظر بعدها ثانية اخرى فتحت الباب بيدها المرتعشة و هرولت بسرعة مبتعدة و قلبها يكاد يخرج من مكانه

' كل ما اردته هو خطة محكمة لمساعدة شعبي ، افلت موريس من يدي و عندما بحثت عن البديل .. تبا '

مسحت الدموع العالقة بين رموشها ثم سحبت ماء انفها و سألت :

" اشعر بالفضول حول امر ما ، لمادا تتجول في الارجاء و تقتل الناس بهذا الوجه الجميل الذي تملكه ؟ لست افهم "

" كيف يمكنني جمع المعلومات الاستخبارية دون قتل الناس "

ارتدت شفتها السفلى غير مصدقة ، لم تتوقع سينا الحصول على هذه الاجابة ، توقعت ان يتجاهلها او يغير الموضوع لكنه الان ، لقد افصح لها عن نوع عمله

' حسنا ليس لدي فكرة عن صحة هذا لأنه لم يسبق لي ان قمت بذلك لكنني اعتقد بأنه من الصعب جعلهم يتحدثون بنفسهم مع هذا الوجه لكنه لا يزال تصرفا غير صائب ، ان كنت سأعيش كزوجة كيران كينجي القاتل سيكون علي تحمل المسؤولية و الشعور بالذنب عن افعاله

' لا اعتقد ان لدي الثقة و القدرة على فعل ذلك '

" اذا .."

جلس كيران على الاريكة بجانبها ثم سأل :

" الا تزالين خائفة مني ؟ "

التفتت نحوه تنظر اليه بعينيها الدامعتين ثم ردت :

" ماذا برأيك ؟ "

استمر الاثنان يتواصلان بأعينهما الى ان قطع كيران ذلك عندما التفت الى الجهة الاخرى

" اصدقني القول .."

بللت سينا شفتيها ثم اتبعت بصوتها المرتعش :

" هل قتلت البارون ؟ "

" لم اقتله "

" هاه ؟! "

" بعد التفكير في الامر ، انا لم انتهي من التعامل معه بعد "

" حـ حقا ؟! اذا هو لا يزال على قيد الحياة ؟ "

امسكت يد كيران فجأة ثم جالت بناظريها على ملامحه تترقب تأكيده

" لسوء الحظ "

ضحكت بفرح ثم قالت بينما تمسح دموعها التي ترفض التوقف عن الانهمار

" هذا يبعث الطمأنينة ظننت انه مات لأنني لم اسمع منه شيئا "

نظر كيران الى المرأة الباكية بجانبه ثم اسقط نظره على يده التي لا تزال تمسكها سينا بإحكام ، ضحك بخفة ثم سأل :

" أتريدين مني ان لا اقتله ؟ "

التفتت سينا نحوه بسرعة ثم اطبقت يديها و ردت متوسلة :

" نعم ارجوك لا تقتله "

" لماذا ؟ "

" ما الذي تعنيه بـ لماذا ؟ انا لا اعلم شيئا عن طريقة تفكيرك لكن حتى ان كان ذلك الرجل وغدا حقيرا تبقى الحياة شيئا ثمينا و حقا من الحقوق ولا يسمح لأي كان انتهاكه " ردت بانفعال

" حسنا اذا "

استقام كيران واقفا ثم اخرج سيجارة من العلبة الطويلة الموضوعة على الطاولة ، و عندما هم في اشعاله

" حقا ، سوف تدخن هذه الان "

" اذا انت تريدين ان اعود لقتل ذلك الوغد البدين ؟ "

ضحكت بارتباك ثم استقامت واقفة و قالت :

" تـ تعال ، هيا تعال ، سوف اساعدك .."

اخذت الولاعة الفضية من يده ثم سألت ببراءة :

" أ-أشعلها لك ؟ "

' من اين تفتح هذه الان ؟ معقدة ، لكن هذه النقوش عليها ..جميلة '

راقب كيران صراعها مع الولاعة تقلبها بين يديها باحثة عن مقدمتها لدقيقة ثم اخذها من يدها و اشعل السيجارة و قال :

" يا اميرة ، لست اعلم ان كنت ستصدقين هذا لكن ثقي بي لان ايذائك ليس في صالحي "

زفرت سينا انفاسها بغضب ثم قالت

الم اقل لك بأن تتوقف عن مناداتي بذلك "

" أتقصدين اميرة ؟ "

' لا استطيع التحمل اكثر ، اتلفت اعصابي اساسا ، كيران كينجي ايها الـ .. حذائي ، اين حذائي ؟ '

نظرت حولها تبحث عن خفها و عندما وقع نظرها عليه امسكت بالفردة و رفعتها مهددة ثم صرخت بغضب :

" سوف اسكتك بهذه ! "

عندما بدأت تلاحقه بخطواتها الصغيرة التي تساوي نصف خطواته صارخة

" ايها الــ .. تعال الى هنا "

' هذا الفستان الضيق اللعين .. سوف أقـ .. رأسي مـ ما هذا الصداع فجأة '

كادت تسقط على الارض لفقدانها التوازن فجأة ، الا ان كيران تدارك الوضع و لف ذراعه حول خصرها ثم ساعدها على الوقوف باستقامة

" انت متعبة و عليك الراحة الى متى سأستمر في تكرار هذا ؟ "

قال بقلق

" اللعنة ! ما الذي وضعه اولئك الاوغاد في الشراب ؟ "

' جسدي يشتعل و اشعر بالثقل و الخمول و رأسي يدور ، بالكاد تستطيع ساقاي المرتجفتان حملي ، حاولت التشبث بكتفي كيران لكنني استمر في الانزلاق كما لو ان هناك مغناطيسا يجذبني الى الاسفل '

" كـ كيران .."

لم ينتظرها الى ان تكمل جملتها ، حملها بين ذراعيه و اتجه بها الى الغرفة ثم استدعى جيروم

" اطلب من راسبيتن الحضور "

" ماذا ؟! هل ستأذن له بعلاج السيدة حقا ؟! "

" جيروم ، لا تتدخل "

تأفف جيروم بانزعاج ثم تمتم :

" فقط اتركها تموت و ستنتهي جميع مشاكلنا "

تنحنح كيران ثم قال بينما يرتب السجلات فوق مكتبه

" اولا صوتك مسموع و ثانيا لم احصل على الختم بعد لعلمك "

" حسنا حسنا فهمت "

رفع الصينية ثم وجه قوامه نحو الباب يتمتم بينما يخطو خطواته نحوه

" ليس و كأنك ستتركها تذهب بعد حصولك على الختم ، تلك الافعى اللعينة تجعلك مهوسا بها "

اطلق كيران تنهيدة طويلة ثم رفع رأسه يلمح خيال جيروم الذي كاد يختفي خلف الباب و صرخ :

" استطيع سماعك جيروم "

" قلت انني ارفض رؤية الطبيب لماذا لا تستمع الـ- "

عندما دخل ذلك الرجل الغارق في السواد بشعره الفاحم الذي يصل الى نهاية فكه و بشرته البيضاء بشكل ملفت الى الغرفة ابتلعت سينا ما تبقى من جملتها و انتشرت قشعريرة على طول عمودها الفقري ، عقدت حاجبيها فجأة و لفت اللحاف حولها ثم عانقت جسدها بقوة

' مـ مظلم ، هالته مخيفة هذا الرجل ليس طبيعيا ، لـ ليس طبيعيا '

نظرت الى كيران بعينيها المتذبذبتين بخوف ثم اسقطت نظرها

" راسبيتن ، ساحر البرج سيساعدك على استجماع طاقتك "

قدم كيران الساحر لسينا التي لم تكن مرتاحة ابدا ، غير قادرة على رفع نظرها نحوه

" هل يمكنني تفحص معصمك ، سيدتي ؟ "

رفعت سينا نظرها تستكشف سحنة المدعو راسبيتن ، عيناه الصغيرتان شديدتا السواد المحاطة بالتجاعيد ، بالرغم من انه كان يبتسم بخفة الا ان وجهه ظل جامدا خاليا من اي تعبير ما جعل سينا مرعوبة ، امسكت كم كيران بقوة فجأة فاستغرب

" سينا "

" لا "

صرخت رافضة ثم نظرت الى كيران متوسلة

امسك كيران يدها المتشبثة بكمه ثم دنى منها ، ربت على رأسها و همس :

" ثقي بي "

' حقا ؟ انت لست في موضع لطلب ذلك ، ان وثقت بك فهذا يعني انني امنح ثقتي لهذا الغريب الواقف امامي ، في هذه الحال لن استطيع اخفاء طاقتي ، اللعنة على أولئك الاوغاد '

بعد تردد مدت سينا يدها

' هل سيكشف امري الان ؟ '

لامست اصابعه الباردة جلدها و تتبعت عروقها ، طوال دقائق العلاج القليلة استمر قلق سينا و لم يتوقف شعور عدم الارتياح ينهشه و يقطع امعائها ، في ذلك الوقت كل ما ارادت فعله هو سحب يدها و عندما عزمت على ذلك رفع الساحر يده و اردف قائلا :

" لا حاجة للقلق لان جسدك يشفي نفسه و شعور التعب الذي تشعرين به يعود لاستهلاكك الطاقة لفعل ذلك ، انها لــقدرة فريدة "

اومئت سينا بارتباك

" شـ شكرا "

انحنى الساحر نصف انحناءة ثم سحب نفسه نحو الخارج في اللحظة التالية لخروجه اخذت سينا نفسا طويلا ثم زفرته بقوة كما لو كانت تتنفس للمرة الاولى ثم تتمتم :

" لـ لم يحدث شيء ، انا بـ بخير "

" هل يمكنني استرجاع يدي الان ؟ "

نظرت الى كيران بحنق ثم فكت يده ، ارادت ان تلكمه بشدة لكنها تراجعت عن ذلك بعدها فكرت في شتمه بكل الشتائم التي اكتسبتها

" كيران "

" همم .. "

" انت قبيح جدا انا اكرهك ! "

' كيران كينجي كيف تشعر الان عندما يتم احباطك من قبل امرأة ، هذا ممتع اكثر مما ظننت ..لكن ما هذا التعبير الذي يصنعه ؟ هل كان ذلك صادما لسماعه ؟ '

تنحنحت سينا قليلا ثم قالت :

" كيران لا تأخذ ذلك على محمل الجد كنت فقط .. افرغ غضبي عليك لذا .. عندما قلت بأنك قبيح قصدت أنـ - "

" سينا "

" نعم "

" انت قبيحة ، لست بتلك الروعة "

' يا لك من .. هل كان عليك ان تكون تافها جدا و ترمي بنفس الكلمات علي للانتقام مني ؟ لما لا تدع الامر كما هو بما ان لديك كل شيء ، المظهر ، المال ، السلطة ، اللقب ، أعني ..'

" و ايضا لطيفة "

فتحت سينا عينيها على نطاق واسع تنظر الى الرجل جميل المظهر يبتسم بشكل مبهر ، يجعل من قلبها يخفق و انفاسها تتسابق بسرعة

" اوهاه ! "

" عفوا ؟ "

بعد ان ادركت الموقف المحرج الذي هي فيه قرصت خديها المشتعلين ثم نظفت حلقها و صرخت بحرج متلعثمة :

" تـ توقف ، توقف لن ينفع ذلك ، لـ لقد قلت للتو بأنني قـ قبيحة و لست بتلك الروعة ، كـ كيف لك ان تقول هذا لـامرأة ؟ لا لا ، لا ينفع "

راقب ثورانها باستمتاع كاتما ضحكته يفكر

' اريد اختطافها بيدي و اقوم بلمسها و الشعور بالراحة و السلام الذي لم اشعر به من قبل ولا استطيع تفسير السبب ، المسكنات لا تقترب لتكون فعالة مثلها تماما كشعور اللاشيء الذي يصاحب الميت ، لما لا استطيع ابعاد ناظري عنك ؟ من تكونين بحق الارض سينا ؟ '

اقترب كيران منها ثم نقر على جبهتها بخفة و سأل :

" هل اخافك ؟ "

نفت برأسها ثم ردت :

" لا اعتقد انك ستفهمني ان اخبرتك بما اشعر به "

" اذا لا تثقي به "

" حتى ان كان الشخص الغامض على الاطلاق ؟ "

" لهذا السبب لا اريدك ان تثق به "

" لكن اليس شخصا تثق به انت ؟ "

" ما مفهومك للثقة يا فتاة ؟ ليس كل من اتعامل معه يستحق ثقتي ، اعني لا احد اي كان يستحق الوثوق به بما انني لست الشخص الوحيد في حياته "

" اذا هل انت شخص يستحق الوثوق به ؟ "

" سؤال جيد ،اعلم انني سيء ، و فضيع ايضا ، لكنني في المقابل استطيع التميز بين ما هو صواب و خاطئ ، لا وجود للعبثية "

ادار مقبض الباب و قبل ان يخطو خطوة خارج الغرفة التفت نحوها و قال :

" خذي قسطا من الراحة ولا تجهدي نفسك "

بعدها غادر

صبيحة اليوم التالي :

" ماري "

وضعت الخادمة فنجان الشاي على المكتب ثم انتبهت لسيدتها

" نعم "

اشارت لها سينا بالاقتراب ثم همست في اذنها

" لما لا نهرب "

استندت ماري على المكتب ثم ردت هامسة :

" نهرب ! الى اين ؟ كيف و انت الارشيدوقة الان ؟ "

ثم تراجعت خطوة نحو الخلف و كتفت ذراعيها امام صدرها و اضافت :

" لو انك فعلت ذلك قبل الحفل لكن الان .."

نفت برأسها ثم اشارت الى قدح الشاي و قالت :

" اشربي "

اسقطت سينا نظرها تراقب ورقة النعناع الاخضر تطفو فوق السائل للحظات ثم سألت :

" انت لم تضعي الزنجبيل تعلمين انني لا احب الزنجبيل "

تنهدت ماري بقلة حيلة ثم ابتسمت و ردت بلطف :

" سوف يساعدك على الاسترخاء هيا اشربيه "

" لن افعل "

" اشربيه "

" لا "

اعتصرت ماري قبضتها بقوة ثم زفرت انفاسها تحاول السيطرة على غضبها

' ليس لدي خيار اخر ، حان الوقت لاستعمال التعذيب العاطفي '

تقدمت و رفعت القدح ، وضعته على الصينية بعدها وجهت قوامها نحو الباب و قالت بأسف و عبوس :

" الجميع يريد رؤيتك ميتة و انت تساعدين على ذلك ، أتريدين حقا ان تخيبي ضن والدك الذي علق الكثير من الآمال عليك ؟ مؤسف ، سوف يحصل ذلك الرجل الخبيث على الختم و يغرق الجميع في الدماء يا الهي ! قد يبيد اهل اوستن جميعا دون رحمة ، هل تريدين حدوث هذا حقا "

حركت سينا رأسها يمينا و يسارا تبعد المشاهد الدموية التي شكلتها مخيلتها ثم صرخت بخوف :

" أشرب، أشرب، سوف اشرب "

ابتسمت ماري بانتصار ثم وضعت القدح امام سينا التي امسكته بكلتا يديها و شربته كله دفعة واحدة

" انتهيت "

صفقت ماري مجاملة ثم ارسلت قبلة طائرة و قالت

" عمل جيد ، احسنت "

" و الان ما العمل للتخلص منه ؟ " همست

" انت الارشيدوقة الان اكرر و اعيد "

" حسنا فهمت انا الارشيدوقة لكن .. أمهليني لحظة ، لقد اشتعل مصباح رأسي الان ، انت مخطئة انا لست الارشيدوقة "

رفعت ماري احد حاجبيها باستغراب ثم قالت :

" كيف ؟ "

" أنسطي الي جيدا ، في دستور العائلة الحاكمة لا يسمح لي بالزواج من اجنبي، العامة فقط هم القادرون على ذلك و ليس افراد العائلة الحاكمة اليس كذلك اذا الزواج باطل "

" اعتذر على مقاطعة فرحتك لكنه كان كذلك قبل ان يتم تعديل الدستور ، لا يسمح للعامة الزواج من الاجانب و ليس افراد العائلة الحاكمة تم تغير هذا البند لرد الاعتبار للزواج السياسي و توطيد العلاقات و بما انك من الــ- "

تأففت سينا ثم قالت باستسلام مقاطعتا

" حسنا، حسنا فهمت لا مفر، علقت "

" ليس بالضبط لأنه يمكنك المطالبة باستلام اصول ثروة عائلتك و ادارتها بشكل فردي لكن في تلك الحالة عليك العودة و الزواج من- "

" مستحيل "

انتفضت من مكانها صارخة ثم اتبعت :

" افضل العيش مع كيران و الموت على الزواج من ديلاس هذا نهائي اساسا الرجل يريد قتلي كيف افعل ذلك ؟ "

' علقت مع هذا القاتل جميل الوجه .. اذا هل علي الغاء العقد ام ماذا في النهاية هذا ما كنت اريده نوعا ما لكن ليس بهذه الطريقة و مع قاتل ايضا ! كما ان حصوله على الختم .. لا لا لا '

" اليكِ الخطة .."

اسقطت قبضتها على المكتب ثم اتجهت نحو الباب و قبل ان تخرج تمتمت :

" سأحرص على عدم وصوله الى الختم "

' بما انه يخطط للحصول على الختم هذا يعني انه سيبقيني محتجزة هنا الى ان يصل الى مبتغاه مهما كانت المدة التي سيستغرقها ذلك و بالتالي .. سوف احرص على جعل الختم بعيدا عن يديه طوال الستة اشهر هذه و بعدها عندما اختفي لن يجد سبيلا اخر لذلك '

بعد سماعها صوت كيران يسمح لها بالدخول دلفت

" هناك ما اريد الحديث عنه بخصوص العقد ، هل انت متفرغ ؟ "

ابتسم كيران ملئ شدقيه بانتصار

' انا متأكد من انها ستطلب الغاء العقد الان '

ثم رد :

" حسنا، ما الذي تريدين قوله "

جلست سينا على الاريكة باعتدال ثم قالت :

" لا تمدد فترة العقد المتفق عليها ستة اشهر تحت اي ظرف كان "

سقطت زوايا فمه

اعتقد انها ستكون سعيدة باستعادتها لحقها لكنها عكس ذلك تريد مواصلة استعمال العقد

' اليس هذا ما تريده ، اذا .. لماذا ؟ لماذا لا تريدين البقاء معي ؟ '

نظر مطولا الى العقد امامه , اخذ نفسا عميقا بعدها اخرج الريشة من زجاجة الحبر ثم وقع ، جال بنظره على الوثيقة امامه و توقف فجأة ينظر الى توقيعها

' هي حتى لا تستعمل لقبها الحقيقي او اي شيء اخر ، اسمها فقط ، ربما لم يكن علي القيام بذلك من البداية ، ظننت ان هذا سيساعدها على ادارة اوستن بما انها تتمتع بقدر كبير من القوة كـ أرشيدوقة ، هل ستتجنبني الان ؟ '

لاحظت سينا تحديقه بتوقيعها ما جعلها تعلق قائلة :

" خطي ليس بتلك المثالية كخطك لذا اعذرنا ، كيران كينجي "

" الا تعتقدين ان هناك شيئا ناقصًا ؟ "

القت سينا نظرة فاحصة على الوثيقة ثم ردت :

" ناقص ، اين ؟ لقد كتبتها تماما كما كانت سابقا "

" بغض النظر عن علاقتنا التعاقدية انت زوجتي و الارشيدوقة الان ، هنا .. "

اشار الى المكان حيث وقعت ثم اتبع :

" الأصح ان تكتبي بروسبر سينا كينجي "

" اوهاه ! لا "

اومئ كيران برأسه ثم ابتسم و قال :

" بلى "

[ بروسبر سينا كينجي ]

" آخ يا رجل ، هذا يبدو و كأنني قاتلة ايضا "

ابعدت الوثيقة عن مرمى نظرها ثم استرسلت تنتحب بدرامية :

" امي ، ابنتك عالقة في هذا الكابوس الذي لا تستطيع الخروج منه ، اساسا كله بسبب موريس ، الهي اجعله يحترق و تلك المرأة التي جعلته ينسى تلك السنوات الجميلة لنا معا و يركض نحوها كالأبله ، لكن سينا عليك ان تعترفي ، الفتاة جميلة جدا و ليس لديها نقاط ضعف ، جسدها مثالي و لديها شعر اسود لامع و بشرة صافية كالحليب حتى انها .."

" ما الذي تفعلينه على الارض ؟ "

عندما دخل كيران الى الغرفة وقع نظره على سينا الجالسة على الارض بفستانها الازرق الناعم الطويل ، مكشوف الظهر ، تمد ساقيها و بجانبها وثيقة العقد المعدلة ، شهقت بقوة تربت على صدرها محاولة تهدئة قلبها ثم ابتلعت ريقها و صرخت بانفعال :

" ما هذا الـ .. تصرف الاشباح اصدر صوتا ام انك تريدين ان اموت رعبا ، ما الذي تريده ؟ "

" قفي اولا "

" لن افعل تخدرت ساقاي رعبا اساسا "

" حسنا "

وضع السيجارة المشتعلة في فمه ثم دنى منها ينظر اليها بخبث

" ماذا ؟ ما .. ابتعد .. هش ! لا تفعل انا لا اريد .. "

بالرغم من اعتراضها الا ان كيران اصر ، لف ذراعيه حولها ثم رفعها عن الارض

" لا اريد .. قلت لا ، الارض ، ضعني ارضا حالا "

" احتفظي بأوامرك لأنني لن افعل، لم تأكلي شيئا منذ الصباح "

" من قال ذلك ؟ لقد شربت شاي الزنجبيل المقرف "

" لا ينفع "

صفعت صدره ثم صرخت :

" ضعني "

" حسنا ، لكن اولا هلا تنفضين غبار السيجارة لي اولا ، يا اميرة "

" ايها الـــــ .. كـ كيف ؟ انت قلتها انا اميرة ، اتعابي غالية كيف لأميرة ان تقوم بتلك الامور ؟ "

" مؤسف " رد كيران بعبوس

" امزح ، امزح لا تضع ذلك التعبير "

اخذت السيجارة تلوح بها كما لو كانت عصا سحرية ثم سألت :

" هكذا ؟ "

" ضعي الغبار هنا سيدتي "

التفتت سينا الى مصدر الصوت بفزع ، لقد كان ريوجان يحمل بيده صحنا فضيا صغيرا

' الهي كيف وصل الى هنا ما خطب سكان هذا القصر لا يصدرون صوتا كالأشباح ؟ '

نفضت سينا مقدمة السيجارة في الصحن ثم دستها في فم كيران

" و الان أفلتـ .."

ابتلعت ما تبقى من جملتها عندما قفزت فكرة غريبة الى ذهنها ، ابتسمت بخبث تقرب اصبعها من فمها

' يا ترى كيف هو طعمها ؟ '

" لا "

نظرت سينا بصدمة الى الرجل الذي يلعق اصبعها

' ما .. ما .. ما .. ما الذي ..؟!

ثم صرخت باكية :

" ماري .. لـ لعاب ! "

" سمو الارشيدوقة هل انت .."

اقتحمت ماري القاعة تبحث بناظريها عن سينا

" الار- الارشيدوق ! "

" سوف اعتني بها ، يمكنك الذهاب "

انحنت ماري احتراما ثم تراجعت عائدة الى عملها بالرغم من رفض سينا لذلك

" لا ماري .. أفلتني "

" ليس قبل غسل يديك اولا "

" افلتني حالا ، كيران افلـ .. ما الذي نفعله في الحمام ؟! "

نظرت الى كيران بخوف ثم قالت مهددة :

" سوف اصرخ ، اقسم انني سأفعل ان تـ .."

اطلق كيران تنهيدة طويلة ثم انزلها و فتح صنبور الماء :

" انه خطيرة ، المخدر الموجود في السيجارة ، عليك غسل يديك جيدا "

فرك يديها اسفل الماء بعد ان اضاف الغسول ثم اتبع :

"قد يكون الدخان غير مضر لكن المهدأ نفسه قادر على قتلك سينا "

" يــــــــ يقتلني .."

نظرت سينا لانعكاسها على المرآة المذهبة بصدمة لثواني ثم ردت :

" لست متأكدة من انني افهم هذه الامور لكن .. ماذا عنك ؟ اعلم انها تساعدك لكن حتما هناك تأثير سيء عليك بما ان لها تأثير قاتل على البشر ام انك لست بشريا ؟ "

' ذكيـــــــــة '

نظر لصورتها المنعكسة على المرآة يمدح نباهتها ثم ابتسم و فصل شفتيه للرد :

" لست بحاجة للاهتمام بهذه الامور كل ما عليه هو البقاء بعيدة عنها "

" لعلمك لست شخصا يستمع الى الاوامر بسهولة "

" عليك ذلك لأنني الاكبر سنا ، لا يمكنك كسر كلام من هم اكبر سنا منك "

نفخت خديها ثم قالت مستسلمة:

" حسنا سأفعل ، يمكنك افلاتي استطيع غسل يدي وحدي ان استمريت في فعل هذا ستضطر الى دفع المزيد من المال و ستصـبح مفلـ- "

فتحت عينيها على نطاق واسع ثم ابتلعت ريقها بصعوبة فور شعورها بجبهته الباردة تحط على كتفها المكشوف و خصلات شعه تدغدغ كتفيها

" كـ كيران .."

" عندما احتضنك هكذا يختفي الشعور تماما ، لا اشعر بالألم و كل ما اسمعه هو صوت دقات قلبك "

" انــــ انتظر دقيقة انت عليك ان تفلتني الان .."

" لطالما اردت التخلص من ذلك في الماضي .."

' التخلص من ماذا ؟ امـــــــــي انا خائفة '

" كـ كـيران اهدأ د-دعنا نـ نناقش هذا- "

" لم اشعر بهذا السلام منذ زمن لدرجة انني بدأت اشعر بالغضب و الجشع في كل مرة ألمسك فيها ، الجلد الناعم و اللامع يصيبني بالجنون "

امسك وجهها الصغير بيده ثم همس في اذنها قائلا :

" اريد التهامك "

اعلى البرج ، انعكس ضوء القمر على النافذة الزجاجية ليكشف عن ذلك الهيكل الجالس على كرسيه وسط الظلام ، يدندن مخاطبا الجثة المعلقة على الوتد الخشبي

" اتعلم يا صديقي ،انا لم اشعر بهذا الكم المهول من الطاقة منذ سنوات ، لقد جعلني ذلك .. اشعر بالجوع ، هذا الشعور يذكرني بذلك الفتى ما كان اسمه ذكرني ، اعتقد ان اسمه كان إيلي ؟ لا .. بل ايليا ، الشخص الوحيد الذي استطاع البقاء على قيد الحياة من بين الآلاف من الدمى .. مثير للاهتمام "

2022/08/19 · 84 مشاهدة · 6411 كلمة
جوليا
نادي الروايات - 2025