14 - مهمة زوجتي العزيزة

أثناء الاستماع الى تقرير الفارس انهى كيران التوقيع على الصفحة الاخيرة من الوثيقة ثم رفع رأسه و سأل :

" هل هناك المزيد من المستندات ؟ "

" لا حضرة القائد " نفى الفارس الواقف بزيه العسكري الابيض ثم اتبع : " في الوقت الحالي لا توجد مسائل ملحة عليك الاهتمام بها "

" حسنا .. " اومئ برأسه " يمكنك الانصراف " ثم منح كيران الاذن للفارس بعدها تراجع ليسند ظهره إلى الكرسي، فرك رقبته المتصلبة ثم أمال رأسه نحو الخلف يحدق في السقف بشرود لثواني قبل أن يدوي صوت ارتطام عنيف

" كيران "

دفع شينايير الباب ثم اندفع نحو الداخل صارخا :

" مصيبة! "

انتفض كيران من مكانه و فتح عينيه على نطاق واسع

" شـ شينايير! "

همس تحت انفاسه ثم اعتدل في جلسته و اسقط قبضته على المكتب و صرخ ثائرا :

" عليك اللعنة ! ألم يعلمك احد أن من الآداب طرق الباب ؟ "

انكمش شينايير و تجمد في مكانه لا يقوى على الحركة او الكلام تتأرجح حدقتاه يمنة و يسرة مطأطأ الرأس يستمع إلى توبيخ كيران له

" كم مرة اخبرتك ان تتوقف عن التصرف هكذا؟"

" آ-آسف .. أنا-أنا حقا اعتذر بصدق "

اغلق كيران عينيه ثم استنشق بعنف و زفر ببطء الهواء محاولا السيطرة على غضبه و كبح جماحه ثم تنهد و عاد يسند ظهره إلى الكرسي بينما يفرك ارتفاع جسر أنفه

ساد الصمت الارجاء و شيئا فشيئا بدأت ملامح كيران تنبسط و عاد يرسم على وجهه تعبير الوجه الفارغ الخالي من أي عاطفة بعدها فصل شفتيه و قال مبددا السكون السائد :

" ما الذي جعلك تندفع هكذا ؟ "

بعد أن أدرك شينايير أن كيران أصبح أهدأ من نبرة صوته تقدم نحو الامام و توقف على بعد خطوة من أمام المكتب ثم قال بعبوس :

" ديميتريوس .."

عقد كيران حاجبيه

" ما به ؟ "

" انه يعمل .. يبذل جهدا "

ضحك كيران مكذبا ما قاله شينايير ثم قال :

" لا تهذي "

" حسنا ، قد يبدو كلامي هذا غريبا لكنك اكثر شخص يعلم بأن ديميتريوس ليس نوع الاشخاص الذي يبذل الكثير من الجهد خاصة في العمل "

تفحص كيران ملامح شينايير الذي يبدو عليه الجد في ما يقوله

" انت لا تمزح صحيح ؟ "

نفى شينايير برأسه ، فاستقام كيران من مكانه " اتبعني .. " قال ثم خطى صوب الباب و خلفه شينايير يلاحق ظله

" رأيت انا لا امزح ، انظر "

استرق كيران النظر من الباب الموارب يراقب ديميتريوس وهو منغمس في قراءة الوثائق المكدسة على مكتبه بانتباه شديد و خلفه يقف شينايير

" واو! ، انه في مرحلة متقدمة بالفعل " التفت كيران نحو شينايير ثم سأل هامسا :" ما الذي حدث ؟ "

" لويز غادرت " رد بعبوس

" هاه ! لقد اخبرته .. لقد اخبرته بأن مكانته لن تسمح له بذلك ، لويز ليست الشخص الذي سيتوافق و مكانته "

أوافقك الرأي لكن انت تعرف ديميتريوس .. من الصعب اقناعه بذلك "

اومئ كيران برأسه ثم قال :

" صحيح "

" كيران ؟ هل هذا انت ؟ "

تبادل كيران و شينايير النظرات بعيون متسعة ثم التفت الاثنان نحو مصدر الصوت ، نضف كيران حلقه " نعم ، نعم إنه أنا " ثم بعد أن كشف عن نفسه خطى نحو الداخل

" من الجيد انك اتيت كنت سأطلبك قبل لحظات ، عليك ان تحدد التاريخ الذي يلائمك و زوجتك لعقد المؤتمر الصحفي لأنني سأشرف عليه شخصيا "

امال ديميتريوس رأسه و خاطب المختبئ خلف كيران قائلا :

" شينايير ، هل انتهيت من التقرير الذي طلبت منك اعداده ؟ "

اظهر شينايير نفسه ثم ابتسم بارتباك و فصل شفتيه

" في الحقيقة .. "

تقدم كيران خطوتين ثم استند بيديه على المكتب و قال مخاطبا ديميتريوس :

" دعك من هذا الان ، هناك ما اريد الحديث عنه معك "

نظر ديميتريوس الى شخصية كيران الواقف امامه ثم اسقط نظره "حسنا ، اختصر " بعدها استأنف قراءة الوثائق امامه

تبادل كيران و شينايير نظرات الاستغراب للحظة قبل ان يفصل كيران شفتيه

" اليك قائمة الطعام التي طلبتها سيدتي "

امسكت سينا الورقة التي مدها إليها ريوجان ثم جابت بنظرها كل بقعة منها

" هل يتم تغييرها عادة ؟ "

" لا سيدتي ، لم يتم تغيير هذه القائمة منذ سنوات، نحن لا نعتمدها كثيرا "

" حقا ؟ "

اومئ ريوجان برأسه مؤكدا

حسنا اذا ، لنرى ما لدينا هنا ، الخبز ، موجود ، منتجات الالبان ، لا تحتوي اطباق هذه القائمة على اي نوع من المنتجات اللبنية ، حضور اللحوم قليل بالإضافة الى المأكولات البحرية كالأسماك في حين ان الخضار تحتل جزءا كبيرا منها

" هل كيران يختار عادة من هذه القائمة ؟ "

نفى ريوجان برأسه ثم رد :

" سموه نادرا ما يتناول وجباته الكاملة لكن عندما يفعل فهو يختار طبقا عشوائيا قد ينتمي للقائمة و ربما لا ، أو يقوم بتحضير شيء ما بنفسه "

" حسنا ، ماذا عن الحلويات "

يفضل سموه النوع قليل السكر منها "

" المشروبات ؟ "

" النبيذ او الماء ، يحب بالإضافة الى ذلك شرب الماء المحلى بالعسل و القهوة بالدرجة الاولى "

بعد النظر في كل هذا يبدو انه يعتمد النظام الغذائي منخفض الدهون و الذي يتكون في الغالب من النباتات مع كمية محدودة من المنتجات الحيوانية ، حسنا هذا جيد ، انها لمعجزة التزامه به لكن هذا النظام يفتقر للتنوع ، وهو غير مناسب ابدا له كفارس ، جسده يحتاج إلى الأطعمة الدهنية بنسبة متوسطة على الأقل

بالتفكير في ذلك ، ذلك اليوم ، يوم الوليمة لا أذكر أنه تناول أكثر من ثلاث أو أربع لقيمات

تنهدت سينا ثم رفعت رأسها و سألت :

" هل كان كيران يتناول الطعام وحيدا دائما ؟ "

" في اغلب الاوقات ، نعم "

" ماذا عن حبيباته السابقات ؟ "

" يستيقظ سموه باكرا كما انه يعود الى القصر متأخرا أغلب الاوقات لهذا نادرا ما يلتقي بخليلاته لشرب الشاي، السيدة أدرى بذلك ايضا "

هذا يفسر سبب تدهور حالته الصحية ، انشغاله الدائم بين أعماله الحكومية و الخاصة يزيد الأمور سوءاً بالإضافة إلى وحدته

" حسنا ريوجان ، شكرا لك ، يمكنك الانصراف "

انحنى المعني بطاعة ثم انسحب نحو الخارج

" اذا هل جربت استعمال الاستراتيجية المعاكسة ؟ " سأل شينايير فتشكلت عقدة بين حاجبي ديميتريوس الذي نطق مستفهما :

" استراتيجية معاكسة ؟ ماذا يعنيه هذا ؟ "

" شينايير معه حق لما لا تجرب ذلك بالمعكوس"

التفت ديميتريوس نحو كيران الجالس على يساره ثم سأل :

" كيف ذلك ؟ "

" من خلال تجاهلها "

اجاب شينايير ثم نضف حلقه و اتبع :

" اخي انت تهتم بلويز بطريقة تجعلها تشعر بانها مقيدة لذلك جرب شيئا اخر ، قم بتجاهلها على الاقل في نهاية التمثيلية ستكتشف ان كانت خائفة منك او لا تحبك من الاساس "

" حسنا و كيف افعل هذا ؟ "

" عن طريق الحصول على شخص ثالث بينكما " رد كيران

" شخص ثالث ؟ "

اومئ كيران برأسه مؤكدا ثم واصل قائلا :

" عندها سنرى ان كانت لويز ستقوم برد فعل ام لا في النهاية اكثر عدو للمرأة هو امرأة اخرى "

" بالضبط " أردف شينايير مؤيدا لكلام كيران

رمق ديميتريوس شينايير على يمينه ثم نقل نظره الى كيران على يساره ثم قال :

" أتعلمان شيئا ، بعد التفكير في الامر تبدوان متفقين جدا عندما يتعلق الامر بالمكائد "

تبادل الاثنان النظرات و الابتسامة بفخر ثم تنهدا معا في الوقت نفسه

ساد الصمت لبرهة ثم قطعه ديميتريوس سائلاً :

" بالمناسبة ، شينايير اين كنت طوال هذه الفترة ؟ لم أرك في الجوار "

" عانيت من الحساسية "

" لماذا ؟ من اجبرك على تناول الخوخ ؟ "

" بخصوص ذلك .. "

التفت شينايير نحو كيران ثم ابتسم ملء شدقيه و اطبق كفيه

" كيران، هناك طلب صغير اريد منك تحققه لي"

" طلب ؟ مهلا! ليست لدي السلطة للسماح لك بالخروج ، لا تفكر في طلب ذلك "

" الأمر ليس كذلك ، تقريبا .. "

نظف شينايير حلقه ثم اتبع بتوتر :

" في الحقيقة .. لأكون صادقا ه‍ هناك امرأة من حاشيتك لفتت انتباهي "

" إيه .. و ماذا بعد ؟ "

تردد شينايير و هو يحاول استجماع شجاعته لثواني ثم انفجر صارخا:

" اريد اذنك للقائها و التعرف عليها "

" كل هذا التوتر من أجل لا شيء .." ضحك كيران ساخرا على حال شينايير ثم أضاف : " حسنا ، لك ذلك "

" سنستقبل ضيف اليوم "

رفع جيروم أحد حاجبيه ثم سأل :

" اليوم ؟ من ؟ "

" الامير الثاني "

" حقا؟! اذا هل هو هنا من اجل السيدة ؟ "

" ماذا ؟ ما علاقة سينا بــ .. مهلا! "

تذكر كيران ما قاله جيروم ذلك اليوم عن كون سينا عادت رفقة الامير الثاني الى القصر ثم فغر فمه و شتم بغيض :

" الوغد! "

' اذا هل كانت سينا غايته من البداية ؟ هل كذب بخصوص هويته يا ترى ؟ '

لعق شفته السفلى ثم ابتسم بمكر و قال :

" جيروم ، ابلغ زوجتي العزيزة ان لديها مهمة اليوم "

" عذرا ؟ "

" فقط اوصل ما قلته بالحرف ، هيا "

اومئ جيروم برأسه استدار و خطى باتجاه الباب و قبل أن يدير المقبض

مهلا ! "

التفت نحو مصدر الصوت المفاجئ و رأى سيده يقبل نحوه

" دع عنك هذا، سأخبرها بنفسي "

تراجع جيروم مفسحًا المجال لسيده للخروج ثم خرج بعده و أوصد الباب خلفه

" سينا "

" همم .."

" هل سبق و التقيت بالأمير الثاني ؟ "

رفعت سينا حدقتيها و نظرت الى الشخص الواقف يستند على اطار الباب، مكتفا ذراعيه امام صدره

" لا .. "

' كما توقعت '

لماذا تسأل ؟ " سألتْ سينا

"ليس هناك سبب محدد لذلك ، لا تهتمي ، واصلي عملك"

راقبته الى ان اختفى و ابتسامته المريبة خلف الباب ثم رفعت كتفيها بلامبالاة و استأنفت عملها مجددا ، بعد مدة أقبل جيروم ليرافقها إلى جناح سيده بحجة أن هناك ما يريد مناقشته

"وحيدتي!"

نظرت سينا حولها بحيرة ثم اشارت الى نفسها رافعة حاجبيها باستغراب و حركت شفتيها تتمتم :

" انا ؟ "

" نعم من غيرك ، اقبلي "

ابتلعت ريقها ثم التفتت نحو جيروم

" جـ جيروم "

" نعم "

" هل من اعراض نزلة البرد الهلوسة و الجنون ؟ "

لف شفتيه بسخرية ثم رد :

" لست اعلم ، انت المعالجة "

" اوه صحيح "

'ما الذي يحدث هنا ؟! ام انه علم بأمر الشائعات! '

" وحيدتي "

ابتلعت ريقها الجاف بتوجس و جفلت بعد أن ايقظها صوت كيران الذي سحبها من دوامة افكارها ثم و بعد تردد أخذت نفسا عميقا، زفرته و قالت :

" الهي العزيز ، اعتني بروحي الضعيفة ، لقد استودعتها لك"

بعدها دفعت ساقا و خطت اولى خطواتها نحو الداخل

المرأة بشعرها المموج بلون اليقطين اقبلت نحونا ، بدت مختلفة بعض الشيء عن ذلك اليوم ، بدت أكثر اشراقا وهي تخطو بفستانها الزهري الفضفاض الذي انسدل مقبلا بحاشيته الأرض الرخامية ، جعلت أشكال الفراولة الحمراء المتناثرة على قماش الفستان و الاكمام القصيرة المنفوشة التي لمعت ببريق فريد و الشريط الاحمر الحريري الطويل الملفوف أسفل صدرها مظهرها أكثر لطافة

" اوه! شينايير ؟! "

" مرحبا يا صاحبة العينين الفريدتين "

ضحكت غير مصدقة ثم قالت :

" ما الذي تفعله هنا ؟ اعني كان هذا مفاجئا حقا ، كيف حالك ؟ اوه مهلا! دعني اطلب لكما شيئا لتشرباه اولا "

" حسنا يا حياتي، انت تعرفين جيدا ما اريده "

نظرت الى كيران ثم زيفت ابتسامة مشدودة و ردت

" بالطبع ، قهوة مرة "

' كحياتي معك '

" هل قلت شيئا يا وحيدتي ؟ "

" على الاطلاق " حولت نظرها الى شينايير و سألت :

" شينايير ماذا عنك؟ "

" سوف ارضى بأي نوع من الشاي "

" حسنا "

لحظة اختفائها خلف الباب و تلاشي صوت خطواتها اندفع كيران و سحب شينايير من ياقته بقوة ثم قال بحنق :

" اذا المرأة التي انت مهتم بها هي زوجتي "

" وما ادراني انها زوجتك اعتقدت بانها مجرد خادمة "

" خادمة ؟ و تجرأ على قول ذلك "

" مهلا كيران انا لا اقصد اي اساءة و ايضا ما بيننا هي علاقة صداقة نقية لماذا تصرخ في وجهي هكذا ؟ "

" ايها النذل الــ .."

ابتلع كيران ما تبقى من سخطه ثم افلت شينايير الذي عدل ياقته و زيف ابتسامة هو الآخر

' ما خطب جو التوتر الغريب هذا ؟! '

ضيقت سينا عينيها و نظرت إليهما تطالعهما بريبة للثواني من الزمن ثم فصلت شفتيها و سألت :

" هل حدث شيء ما في غيابي ؟ "

نفى كيران قائلا :

" لا ، لم يحدث شيء يا وحيدتي ، تقدمي "

وضعت الخادمة الصينية على المكتب بحذر ثم سكبت الشاي في القدح الخزفي ووضعته امام شينايير بعدها سكبت القهوة الداكنة في الفنجان ووضعته امام سيدها ثم انحنت و انصرفت

" عزيزتي "

التفتت سينا نحو كيران الذي اتبع قائلا :

" يبدو لي انك تعرفين ضيفنا "

" طبعا ، شينايير هو صديقي الذكر "

رفع حاجبيه ثم قال :

" حقا ؟ "

اومئت سينا برأسها ، رمق كيران شينايير ثم علق :

" جميل "

بعدها ارتشف من فنجان القهوة

" اللعنة ! "

تأوه متألما ووضعه بقوة جانبا ، اقتربت سينا منه ثم قالت :

" ما الخطب ؟ " رد : " انها ساخنة "

" انت تشربها ساخنة اساسا كيران و ايضا .."

تحسست سينا الفنجان ثم أضافت :

" انها ليست بتلك السخونة ، ألست تبالغ ؟"

" لا ! "

" كيران ما خطبك اليوم ؟ "

" اريد شربها باردة "

" هل علي ان انفخ عليها ؟ "

انتظرت سينا الرد منه بصبر لكنه لم يقل شيئا فتنهدت

' الهي ، سوف يصيبني بالجنون، هذا الطفل الكبير اللعين '

' لابأس يا سينا ، سلام ، من اجل 50000 قطعة ذهبية '

امسكت الفنجان ثم رفعته و نفخت تطرد البخار المتصاعد من القهوة و بعد ثواني رفعت رأسها فور تذكرها لشيء ما

" اوه ! شيناي، لم اسألك عن حال الامير الثاني، هل هو بخير ؟ "

" الامير الثاني ؟ "

رفع كيران حاجبيه ثم ضحك في اللحظة التالية فالتفتت سينا نحوه عاقدة حاجبيها

"لما تضحك ؟ انا فقط اسأل عن الشخص الذي انا معجبة به "

"معجبة ؟"

اومئت برأسها فضحك كيران ساخرا

" ماذا الا يحق لي ان اعجب بأحد ام ماذا ؟ "

" انا لا اقصد ذلك يا وحدتي لكن .."

نظر الى شينايير ثم اتبع:

" انا فقط أتساءل عن السبب الذي يجعلك معجبة بشخص عادي مثله، هذا كل ما في الامر"

" الامير الثاني ليس عاديا " اعترضت ثم اتبعت : " كان يجب ان يتوج بطلا لأنه يستمر في الكفاح للخروج من القفص الذي هو محبوس داخله "

" اخبرتني بأنك لم تلتقي به قط "

" لقد كنت اتابع المقالات التي تتحدث عنه منذ كنت صغيرة ،كما اعلم ان الجميع كانوا يعتقدون بأنه حامل السيف المقدس لان الحديث عنه لم يكن كثيفا "

" جميل "

ابتسم كيران بخفة ثم قال :

وحيدتي، انت لم تخبريني بكل هذا ؟

" لأنك لم تسأل "

" إجابة جيدة "

بعدها وعلى غفلة منها امسك معصمها ثم سحبها نحوه و اجلسها على حجره، نظرت سينا اليه بعيون متسعة ثم صكت اسنانها و همست :

" كيران ما خطبك ؟ "

عانق خصرها ثم وضع ذقنه على كتفها و قال مؤكدا على كل كلمة يقولها بينما حدقتاه مثبتتان على شينايير :

" سينا ، عزيزتي ، وحيدتي ، خرزتي المتلألئة ، هل تعرفين اسم الامير الثاني الحقيقي ؟ "

" الامير الثاني ؟ اسمه ؟ لا اذكر انه تم ذكر اسمه على الصُّحف أمم .. لا اعلم ، ما هو ؟ '

" اسمه الحقيقي هو .. "

نظرت بفضول تنتظر بترقب الاجابة

" لا تتسرعي يا حياتي سوف تتعرفين عليه قريبا اساسا "

تنهدت سينا ثم التفتت نحو شينايير و قالت :

" لم أكن أعلم أنك و زوجي تعرفان بعضكما البعض " ضحكت ثم اتبعت : " العالم صغير جدا حقا "

نظرت إلى كيران ثم قالت : " ألا تعتقد ذلك ؟ "

اومئ كيران برأسه ثم قرب وجهه من خاصتها ما جعلها ترتبك

' ما خطب هذه النظرات الآن ؟! ه‍ هذه النظرات ..'

" ک كيران ، م-ما الذي- "

فُتحت عيناها على نطاق واسع و تصلبت في مكانها كالخشبة ، قشعريرة سارت على طول عمودها الفقري فور شعورها بشفتيه الناعمة و الدافئة تضغط على خدها بلطف و تسارعت دقات قلبها فجأة لتجعل من تنفسها مضطربا ثم فجأة دغدغ شعور لطيف و غريب معدتها

بعد ثواني من الصدمة عاد عقلها المضطرب الى العمل يفكر في طريقة للرد على تصرف كيران المفاجئ

" عشقي .. "

استدارت نحوه مع ابتسامة مشدودة على وجهها لا تتماشى ابدا مع ملامح وجهها التي كانت تتوعده ثم كورت وجهه بيديها تمرر كفيها على خديه بلطف سرعان ما تحول إلى صفع ثم قرصت خديه تشدهما بقوة و قالت :

" كيف كنت سأعيش بدونك انا ؟ "

في تلك الاثناء لم يكن يسمع سوى صوت تأوه كيران الذي انكمش وجهه بألم

" اوه ! عزيزي، هل انا ثقيلة عليك ؟ حسنا انت اجلس هنا يا قرة عيني و انا سأجلس هناك ، حسنا ؟ "

استقامت سينا واقفة بسرعة ثم جلست على الكرسي المقابل لشينايير بهدوء كما لو أن شيئا لم يكن اما كيران فقد استمر في تدليك فكيه بينما يرمقها بعينين ملتهبتين يتطاير منهما الشرر

بعد توديع شينايير عاد الزوجان إلى الداخل ، صعد الاثنان السلالم معا و صولا إلى الطابق الثالث ، راقب سينا وهي تخطوا مبتعدة نحو غرفتها ثم فجأة تشوه وجهه ، أحكم قبضته ضاغطا على جانب صدره الأيسر و دقات قلبه تركض بصورة جنونية

" كيران ! "

لقد شعرت به ، ذلك الشعور الغريب المزعج و الثقيل على صدري فالتفتت و رأيت كيران يسند ضهره إلى الجدار، و بعد أن أفلتت مقبض الباب وجدت نفسي أخطو مهرولة نحوه

" هل انت بخير ؟ "

امسك كيران كأس الماء الذي مدته له سينا ثم اومئ برأسه و قال :

" ما حدث ليس بالأمر الجلل "

" هراء! أنا لا اصدق هذا "

زفر كيران نفسا ثم استقام واقفا و عندما دفع ساقا للمغادرة أمسكت سينا بذراعه

" انزع قميصك "

" ماذا ؟ "

" لا يهم ، يمكننك ابقائه "

اجلسته بالقوة على السرير و سط صدمته ثم مررت كفها على صدره كمن يستقرئ رموزا غريبة، عقدت حاجبيها

' فجوة ؟! '

بدا الانزعاج واضحا جليا على ملامحه ، امسك كيران يدها التي كانت تتجول متفحصة كل شبر من صدره ثم همس بأنفاس مضطربة

" أ-ألم تنتهي بعد ؟ "

رفعت سينا يدها عن صدره ثم امسكت يده اليسرى و نزعت القفاز عنها بحذر ، مررت اناملها على المناطق المشوهة و دون رفع رأسها سألت :

"هل استعملت السيف مؤخرا ؟ "

" السيف؟ انا لم أ.. " ابقى فمه مفتوحا لثواني فور التقاء ناظريه بخاصة سينا ثم خفض بصره و اعترف : " بلى "

" هل تريد الموت ؟ "

" ماذا ؟ "

" قلت هل تريد الموت ألهذا السبب تتصرف باستهتار هكذا"

تنهدت سينا ثم أتبعتْ :

" لا يمكنك فتح درج مغلق بقفل دون مفتاحه الخاص و ان قمت بتحطيمه كل ما ستحصل عليه هو درج محطم ، فقط الخسائر، نفس الشيء لا يمكنك استعمال السيف بدون قواك و ان استمريت في العناد ستموت ، لن تشعر بكيفية حدوث ذلك حتى ، فقط و دون سابق انذار ، فجأة لن يكون هناك يوم آخر"

الطريقة التي كانت تتحدث بها عن العواقب كانت مخيفة نوعا ما بالنسبة له، بالرغم من انه يدرك تماما انه طوال اكثر من عشر سنوات وفي كل مرة تطأ قدماه ساحة المعركة كان يتوقع نهاية كل شيء ، توقع دائما حدوث ذلك في اي لحظة لكن التفكير في ان ذلك قد يحدث بسبب اهماله و دون سابق انذار جعل الخوف يتسرب الى جوفه كسحابة سوداء ثقيلة و مزعجة

ابتلع ريقه الجاف الذي سقط تاركا صدى عميقا في داخله كحصى صغيرة سقطت في البئر

" اعلم نك تكره هذا ؟ انا اكرهه ايضا ، انا حقا اكره هذا الوضع اكثر منك حتى ، انا حقا اكره بشدة معالجتك ، انا اكره فكرة انه علي معالجتك، ان ذلك يجعل انفاسي مضغوطا في صدري كما لو ان حصى صغيرة تعيق مجرى التنفس ، اختنق! "

عبرت بضيق شديد ثم اطبق كفيها و توسلت :

" من فضلك، اتوسل اليك، ارجوك، هلا استمعت الى ما اقوله و أرحت كلانا ، اتوسل اليك ، انا لا افهم ما الذي تحاول اثباته او ما الشيء الذي تريد الوصول اليه بهذه السرعة لكن صدقا الطريقة الوحيدة لبلوغ ذلك هي بالتعافي"

" حسنا ، معك حق، قد يبدو هذا غريبا ، الحاحي المستمر، حسنا ، لا اريدك ان تثق بي ، لا تفعل ذلك لكن صدقني الشخص الوحيد الذي سيخسر ان مت هو انا "

" لماذا ؟ "

تجاهلت نظراته التي كشفت عن تساؤلات فضولية كثيرة ثم اضافت :

" و أيضا ،أنا ميتة بالفعل ، ليس عليك الخوف من أن يفشي شخص ميت سرك "

2022/08/19 · 70 مشاهدة · 3381 كلمة
جوليا
نادي الروايات - 2025