العائلة ليست من يرتبط بكَ بصلة الدم، بل من تحبهم.
• تراي باركر*.
*كات وممثل أمريكي
***
“هااااه!”
جلست سيان فجأة رافعةً جسدها، وفتحت عينيها على وسعهما.
“هاه….هاه……”
كان جسدها مبللًا تمامًا بالعرق، ويديها ترتجفان قليلاً.
و تذبذبت حدقتا عينيها من الخوف، لكنها مع ذلك طمأنت الكلب ذو الثلاثة أرجل كأن شيئًا لم يكن.
“لا بأس، لينكون. لقد استيقظتُ الآن.”
لكن الكلب الذي عاش معها لسنواتٍ طويلة لم يُخدع. فاحتضنها بهدوء.
أسندت سيان جسدها إلى الكلب الضخم، ورفعت بصعوبة خصلات شعرها المبللة.
منذ ذلك اليوم قبل 21 عامًا، حين أُبيدت عائلتها كاملة، لم تمر ليلةٌ واحدة بين ديسمبر ومنتصف مايو دون كابوس.
وكان الكابوس يبدأ في كل مرة كما لو أنه شريطٌ مسجل يُعاد تشغيله.
صريرٌ خافت يخدش الأعصاب تزامنٌ مع فتح الباب، ثم يبدأ حلم المجزرة حيث يُقتل أفراد العائلة واحدًا تلو الآخر.
ما يلي ذلك يشبه لعبة الغميضة تمامًا.
“اختبئ جيدًا، لا تُرينا رأسكِ.”
لأنه كان حلمًا تموت فيه إن أُمسكت.
طوال واحد وعشرين عامًا، ظل شبح الألف قدم يرسل الكوابيس في كل اتجاه، باحثًا عن الطفلة التي تعرف “ذكريات ذلك اليوم” وأين تختبئ.
وبفضل هذه الكوابيس التي تؤدي دور جهاز الاستقبال، كان شبح الألف قدم يقترب منها عامًا بعد عام.
وكان من المؤكد أنه في الليلة التي تتحد فيها الكوابيس مع الواقع، ستواجه شبح الألف قدم وجهًا لوجه.
***
الساعة الرابعة فجرًا.
خرجت سيان من الحمام بعد أن استحمّت بماء ساخن، وتوجهت مباشرةً إلى غرفة الملابس.
كانت كل الأشياء في غرفة الملابس، من الثياب إلى الإكسسوارات، الأحذية والحقائب، سوداء تمامًا وكأنها مخصصةٌ للجنازات.
طقطقة-
تفقدت المسدس بمهارة وعلّقته على خصرها.
كان يبدو كمسدسٍ دوّار للوهلة الأولى، لكن الرصاص فيه كان مختلفًا تمامًا.
كانت رصاصاتٌ فضية معالَجة بطريقة خاصة، تُستخدم لمواجهة الأرواح.
رنين-
عندما كانت تلتقط معطفها، انطلقت إشعاراتٌ من الحاسوب المحمول الموضوع في غرفة المعيشة.
• "مرحبًا، عزيزتي. أتريدين الاطلاع على سجل تاي جوون؟"
من بدأَ المحادثة كانت عميلة معلوماتٍ تابعة لأوتيس. كانت امرأة، لا يُعرف اسمها الحقيقي أو عمرها أو جنسيتها، وتُعرف فقط بالحرف G.
جلست سيان على ذراع الأريكة وبدأت المكالمة.
“نعم. أريد أن أعرف إن كان هناك أي شيءٍ غير طبيعي في تعامله مع شركاء العمل الآخرين.”
• "غير طبيعي؟ أليس كل من في أوتيس غريبي الأطوار أصلًا؟"
هذا صحيح. لكن تاي جوون كان شيئًا يتجاوز الغرابة.
لا يوجد دليل، لكنها كانت تظن أن تاي جوون هو من قتل المجنون “A” في موكدونغ.
“هل يمكنني الاطلاع على أي ملاحظات ملفاته في تقارير التقييم، أو شكاوى من شركائه السابقين؟”
• "طبعًا، يمكنكِ ذلك.…..تاي جوون، هل كان سيء الطبع الى هذا الحد؟"
“بكل تأكيد.”
• إذاً، استعدي لمشكلةٍ كبيرة. فور أن تفتحي ملفه، سيتم إرسال إشعار إلى تاي جوون يُخبره بأن لي سيان اطلعت على سجله."
قالت العميلة G ذلك بخفة، لكنها بعد بضع ثوانٍ بدا عليها الاستغراب.
• "مهلاً، لا يوجد اسم تاي جوون أصلًا؟"
ماذا؟
“هل تقصدين أن تاي جوون غير موجود في نظام أوتيس؟”
• "هممم، نعم لا يوجد. هذا غريب حقًا……."
هل يمكن أن يكون السبب هو “الأفعى”؟
بما أن الأمر كان في غاية السرية، فربما تم إخفاء أسماء المعنيين حتى انتهاء المهمة، لحماية الأمن.
“إذًا، ماذا عني أنا؟”
• "أنتِ موجودة يا عزيزتي. لي سيان، مصنفة برتبة SSS، وأداؤها مثالي، عزيزتنا الخارقة. لحظة! سأبحث في قسم الملاحظات أو الشكاوى المرفقة. ربما كتب أحد من الذين عملوا مع تاي جوون سطرًا أو سطرين عنه."
بعد لحظات، عادت العميلة G وأبلغتها بخيبة أمل،
• "آه، آه، آه. ها هو تاي جوون، كان مختبئًا جيدًا هنا. لكن الملف عليه قفل! لا يمكنني فتحه من موقعي. آسفة، ستحتاجين إلى تصريحٍ من مستوى أعلى بكثير."
“هكذا إذن…….فهمت. شكرًا لكِ.”
أنهت سيان المكالمة، وقد غمر وجهها الحزن وهي تغرق في التفكير.
رئيس منظمة أوتيس كان الشخص الوحيد الذي صدّق قصة سيان حين كانت طفلة.
حتى في تلك الرواية التي بدت مستحيلة التصديق، عن أن “مجزرة عائلتها في منزل العطلة” كانت من فعل رجل وامرأة غريبي الأطراف، لهما أذرعٌ متعددة.
لقد أعطاها تفسيرًا لكل ذلك.
“يا إلهي…….لقد واجهتِ شبح الألف قدم العتيق.”
شبح الألف قدم.
لم تكن قصةً خيالية ناتجة عن صدمة عنيفة كما ظن الجميع، بل كانت حقيقية تمامًا.
قال الرئيس: “يمكن تفسير كل لغزٍ في هذا العالم، وإذا عرفت الطريقة، يمكنكِ مواجهته.”
لذلك، تبعت سيان الرئيس من ذلك اليوم، وتعلمت خصائص الأرواح الشريرة، وبدأت تتقن طريقة التعامل مع الأشباح خطوةً بخطوة.
بدأت عملها في أوتيس منذ كانت في الصف الثاني الإعدادي. و كانت ترافقها دائمًا روح الاستدعاء الوفية، الكلي ذو الثلاثة أرجل، وكانت تؤدي عملها أسرع وأفضل من البالغين.
بدأت من المهام الصغيرة، ثم أُوكلت إليها مهامٌ أكبر فأكبر، حتى أنه بحلول دخولها المرحلة الثانوية، أصبحت واحدةً من الأيدي الفعلية التي تصطاد الأشباح ضمن صفوف أوتيس.
وكان الرئيس هو من أصرّ على أن تتابع تعليمها حتى النهاية، من الابتدائية إلى الإعدادية، ثم الثانوية والجامعة.
“هذا العمل يجعلكِ تنهارين نفسيًا مرارًا. في لحظةٍ ما، يصاب الجميع بالجنون. لذا يا سيان، عيشي أيام الدراسة التي لن تعود، اختلطي بالناس العاديين وعيشي حياتكِ اليومية الثمينة. ثرثري مع أصدقائكِ من نفس السن، واذهبي إلى اللقاءات والمناسبات..…”
لقد ظل يكرر هذه النصائح بلا توقف.
ولإزالة قلق الرئيس عنها، داومت سيان على الدراسة كواجب، لكنها أتمت تخرجها بسرعة بسبب رغبتها الشديدة في التفرغ أكثر للعمل في أوتيس.
وبسبب ذلك، أصبحت لي سيان تُعرف في مرحلةٍ ما بـ”القائدة الأولى”، وتم تصنيفها في المرتبة SSS، وهي رتبة تُمنح لمن يُسمح له بفعل كل شيءٍ تقريبًا داخل أوتيس. كما تم تعيين أفضل عميلةِ معلومات تتناسب مع مستواها.
"لكن….."
تمتمت سيان وهي شاردة، غارقة في التفكير،
“حتى عميلة المعلومات G الخاصة بـ لي سيان لا تستطيع معرفة شيءٍ عن تاي جوون.”
***
تاي جوون، صاحب المشكلة نفسها، كان بانتظارها في موقف السيارات.
كان جالسًا على حافة حوض الزهور، يرمي حبة يوسفي صغيرة في الهواء ويلتقطها بخفة،
طق، طق، طق-
مظهره كان يوحي بالاسترخاء…..لكن تحت سماء يناير الشاحبة، بدا خطيرًا ومفعمًا بهالةٍ من الهيبة والرهبة.
بمجرد أن رأته، شعرت سيان بأعصابها تتوتر تلقائيًا.
أوقفت سيان سيارتها قربه، وقد ازدادت برودة ملامحها.
فتح جوون باب المقعد الأمامي من الخارج وبدأ الحديث،
“بما أن الرحلة طويلة اليوم، سأقود أنا.”
“هل كان بيننا مثل هذا الاتفاق أصلًا؟”
“القاعدة الأولى، من يشعر بإرهاق أقل هو من يقود. وقد وضعتُ هذه القاعدة الآن.”
لم تكن تبدو عليها علامات التعب إطلاقًا…..لكنها في الحقيقة لم تنم سوى ثلاثين دقيقة بعد أن راودها الكابوس مرتين تلك الليلة.
مع ذلك، فاجأها أنه رجلٌ يلاحظ تعب شريكته في العمل.
ردّت سيان بنبرة جافة تقطع أي تواصل،
“أنا من يدير حالتي الجسدية بنفسي.”
“بالطبع، افعلي ما تشائين. لكن يا لي سيان، إن كنتِ ستغفين أثناء القيادة، فهذا شأنك، أما أنا، فلا أرغب بالموت معكِ في حادث انتحارٍ مشترك.”
"……."
"انزلي. هيا."
حدقت سيان به لعشر ثوانٍ تقريباً، ثم فكت حزام الأمان وخرجت من مقعد السائق. فبدلاً من خوض معركة نفوذ لا طائل منها، فكرت في كفاءة العمل وأدركت أنه على حق.
عندما انتقلت إلى مقعد الراكب، جلس تاي جوون في مقعد السائق.
طام-
ما إن أُغلق باب السيارة حتى تغيرت الأجواء الداخلية، وغمرت هالته فضاءها.
كان تاي جوون رجلاً ذا حضورٍ قوي، لذا في فضاء مغلق، حتى أن هالته كانت ملحوظة.
أدارت سيان رأسها إلى اليمين كأنها تتجاهله.
كانت عيناها تؤلمانها، لذا كانت ممتنةً لأنها لن تضطر للقيادة إلى جانغوون.….لكن، هل تشعر بالنعاس؟
حتى منتصف مايو، كانت أعصابها مشدودة للغاية، وبالرغم من إرهاقها الشديد، لم تكد تنم. ففي كل مرة تنام فيها، تراودها الكوابيس.
طق طق-
لمس تاي جوون هاتفه برفق ووضعه على الحامل. ربما ينوي تشغيل موسيقى لأن القيادة لمسافات طويلة مملة.
لكن ما ملأ السيارة كان صوت المطر.
هدير، هدير...-
صوت مطرٍ خفيف للغاية.
نظرت سيان إلى السماء الرمادية المتجمدة باللون الأزرق، ثم أغمضت عينيها المؤلمتين.
هذا مفاجئ. فقد قاد تاي جوون السيارة بلطفٍ شديد. كأنه حريص على عدم إيقاظها.
هدير، هد-
تحت وطأة صوت المطر الباهت، غفت سيان للحظة، وفي غفوتها شعرت بتاي جوون يغطيها بمعطفه.
كان المعطف الجيد دافئاً، مشبعاً برائحته الخفيفة. فشعرت وكأنها محمية داخل فضاء تاي جوون.
فكرت في دفع المعطف بعيداً، لكن.….
سوووو...-
وإذ بها تسمع صوت أمطار الربيع الهامسة، لتغرق في نومٍ عميق.
***
"لنأكل البطاطس."
وضعت الجدة صينيةَ ألمنيوم قديمةً أمامها.
في الغرفة المزدحمة بأغراضٍ متفرقة، كانت هناك بطانيةٌ قطنية سميكة ممدة، وكانت الأرضية البلاستيكية البالية متقشرة في أماكن متفرقة كأنها مصابة بالفطريات.
اقترب مينوو وهو ينظر بحذر إلى الجدة، ثم جلس.
"هيا، كُل يا حفيدي. كُل بسرعة."
كانت يد الجدة التي تحثه لطيفة.
عندما عجز الصبي البالغ من العمر سبع سنوات عن حمل البطاطس الساخنة، قامت الجدة بتقسيمها ومدتها له.
"أمكَ لم تتصل أبداً. تقول أنها سترسلك إلى المدرسة، ثم تقول لا. المدرسة في سيول كانت ستكون أفضل، لكنها تركتكَ في هذه القرية النائية. لا أعرف بماذا تفكر."
"……."
"اقرأ هذا. أما زلتَ لا تستطيع القراءة؟ ولا حتى سطراً واحداً؟"
سحبت الجدة كتاب قصص أطفال وأشارت إليه بإصبعها. فتوقف مينوو عن مضغ البطاطس وهز رأسه نفياً.
و عندما رأت الجدة ذلك، نقرت بلسانها.
"تس تس. ماذا نفعل؟"
لم يكن مينوو قادراً على القراءة. و لم يستطع دماغه فهم فكرة أن الحروف المتعرجة تتجمع لتشكل كلماتٍ وجمل.
الحرف "7" يرتفع أحياناً وينخفض أحياناً أخرى، وعندما ينقلب يصبح "L".
كلما حاول فهم قواعد الحروف المتداخلة والمتشابكة، شعر بدوارٍ في رأسه.
"حسناً، لا بأس. المهم أن تكون بصحة جيدة."
خرجت الجدة وشجعته وهي تربت على ظهره. كأن كونه بصحةٍ جيدة هو العزاء الوحيد، فقد كانت دائماً تحثه على اللعب والجري بجد.
ارتدى مينوو حذاءه على الفور، وقفز مهرولاً في المناظر الريفية المكونة من الجبال والحقول فقط.
من خلف الطفل الذي يلعب وحيداً، تلاشى بسرعة صوت التلفاز الذي شغلته الجدة.
<- حادثة القتل البشعة التي وقعت في مزرعة كلابٍ في جيونغسون، جانغوون، ربما سمعتم عنها.
حالياً، تتعقب الشرطة موظفاً في الثلاثينيات من عمره قتل صاحب المزرعة، السيد هيون، وفرّ هارباً.
الجاني يحمل سلاحاً، لذا يُرجى من السكان المحليين توخي الحذر الشديد.….>
___________________
ليه جابو القصة وبعدها الخبر؟ الورععع؟؟
المهم جوون طلع مُحترم ومُراعي يازينه وليدي 🤏🏻✨
سيان ياعمري مم ذاك اليوم وهي ماترقد زين طيي ببكي
Dana