• “السيدة لي سيان، يبدو أن لديكِ موهبةً في فرض الهيبة. في المرة القادمة، هل يمكنكِ أن تحاصريني بتلك الطريقة أيضًا؟ بطريقةٍ تقشعر لها الأبدان.”

بمجرد أن خرجت سيان من مركز الاحتجاز وركبت السيارة، بدأ جوون يضحك بخفة.

ضحكته تسللت عبر سماعة الأذن كأنها تدغدغها برقة.

صوته، الذي يشبه صوت مذيع راديو في ساعة متأخرة من الليل، كان يصل الى اذنها بسلاسة.

صوته المتسلل إلى أعماق الأذن كان يحمل موجاتٍ ذات جاذبية خاصة. ولأنها أرادت أن تبتعد قدر الإمكان عن صوت تاي جوون هذا، نزعت سيان السماعة اللاسلكية من أذنها، ثم حول الاتصال إلى وضع السماعة الخارجية ووضعت الهاتف على الحامل.

“الرجل في مركز الاحتجاز، سيرغب بالتأكد مما إذا كانت الخاتم قد اختفى فعلًا أم لا. و سيرسلُ أحدًا إلى هناك قريبًا.”

• “لقد وصل بالفعل.”

“بالفعل؟”

• “بما أنه سمع أن أمامه مهلة سبعة أيام، فلا بد أنه في قمة التوتر الآن. و من جاء كـ’دليل’…..امرأة، في منتصف العشرينيات. دخلت لتوّها إلى شركة القاتل.”

ما إن سمعت سيان كلمات جوون حتى شغّلت الحاسوب المحمول الذي كان موضوعًا على المقعد المجاور، وبدأت العمل فورًا بالتنسيق مع العميل G من وكالة أوتيس للمعلومات.

كلاك- كلاك- كلاك- كلاك-

توالت أصوات الكاميرا، ثم أرسل جوون إلى سيام صورًا لامرأةٍ في العشرينات، التُقطت من مسافاتٍ بعيدة وقريبة، مع سيارة فاخرة.

هذه المرأة…..كانت عارضة أزياءٍ شهيرة، وكانت على علاقة عاطفية مع الرجل في مركز الاحتجاز.

ززز ززز-

اهتز الهاتف، ثم أرسل جوون، الموجود في سيول، دفعةً أخرى من الصور ومقاطع الفيديو.

كان الفيديو، الذي بلغت مدته 40 ثانية، يُظهر العارضة وهي تدخل الشركة ثم تخرج مجددًا، وكانت حركة شفتيها أثناء المكالمة تقول…..

“أقول لكَ، الخاتم ليس موجوداً فعلًا!”

وبينما كانت سيان تتصفح الصور بسرعة، كانت الصورة الأخيرة تُظهر العارضة وهي تصعد إلى السيارة.

• “حسنًا، فلنذهب إلى الجحر الآن.”

بدأ جوون المراقبة بخفة وهدوء.

كان من الواضح أين ستذهب هذه العارضة. لا بد أن الرجل في مركز الاحتجاز قد توسل قائلًا، “اذهبي فورًا إلى المكان الذي أطلبه منكِ، دون أي نقاش!”

كما قال جوون، من المؤكد أنها ستتجه مباشرةً إلى الجحر.

• “لي سيان، ماذا تفعلين في أيام العطلة؟”

عقدت سيان حاجبيها بانزعاج من السؤال المفاجئ.

“ركّز أكثر على المهمة.”

• “التركيز على المهمة من اختصاص قلبي.”

“ومن اختصاصي أن أقول لكَ أن تصمت. هل تظن أن الهدف سيذهب لمسافةٍ بعيدة؟”

ردت عليه بأكبر قدرٍ ممكن من البرود، لكن جوون أطلق ضحكةً خافتة، وكأنه التقط انفعالًا خفيفًا في نبرة صوتها.

• “سأخبركِ بهذا خصيصًا لأنكِ شخص جذابٌ للغاية يا لي سيان..…”

قال ذلك بشكلٍ مفاجئ.

• “هذه المرأة التي ألاحقها…..ستموت بعد 23 دقيقة.”

“بعد 23 دقيقة؟ كيف يمكنكَ أن تقول ذلك بهذه الثقة؟”

• “لأنني أستطيع معرفة وقت الوفاة.”

"……."

• “الحدائق، المتاجر الكبرى، المتاجر الصغيرة، المكاتب، وغيرها…..بين هذا الكم الهائل من البشر، أولئك الذين لا أستطيع رؤية وقت وفاتهم، جميعهم أشباح.”

من الواضح أنه لم يكن يمزح. فمنذ النظرة الأولى، كان تاي جوون مختلفًا عن الأشخاص العاديين.

لكنه يستطيع معرفة وقت الوفاة؟…..لم تسمع سيان عن قدرةٍ كهذه حتى داخل أوتيس.

نظرت سيان إلى الساعة الرقمية في السيارة. و كان الوقت الحالي: الثالثة و24 دقيقة صباحًا.

أي أن بعد 23 دقيقة ستكون الساعة الثالثة و47 دقيقة.

فتحت تطبيق الخرائط، وبدأت تقدّر المسافة التي يمكن قطعها من موقع جوون الحالي خلال 23 دقيقة.

وبما أن المكان في وسط سيول، كان من غير المؤكد إلى أي منطقةٍ يمكن أن تتحرك العارضة. الاحتمالات كانت مفتوحةً على جميع الجهات.

لحسن الحظ، كان جوون يبلغها على الفور كلما اختار أي اتجاه عند تقاطع الطرق، بينما كانت سيان تتابع الطرق بإصبعها، و تواصل التنسيق في الوقت الحقيقي مع العميل G من أوتيس.

أخذت نظرةً سريعة إلى الساعة الرقمية، وإذا بها تشير إلى الثالثة وأربعين دقيقة صباحًا.

بقي سبع دقائق حتى وقت الوفاة المتوقع للعارضة.

ثم ست دقائق.

خمس دقائق متبقية…

و بسرعة أصبحت أربع دقائق…

في لحظةٍ ما، بدأت الهدف تسلك طريقًا واحدًا مستقيمًا، ومن خلال ذلك كان من الواضح أن وجهتها تزداد اقترابًا لحظةً بلحظة.

وأخيرًا، الساعة الثالثة وست وأربعون دقيقة.

أرسل جوون دفعة من الصور دفعةً واحدة.

• “مطعمٌ صيني عادي في حي سكني. اسمه (ميهيانغ). لافتةٌ قديمة، المكان متّسخٌ قليلًا، يعمل بنظام التوصيل وعلى مدار 24 ساعة. من النوع الذي لا يلفت الأنظار لأنه موجودٌ في كل مكان.”

“والعارضة؟”

• “ستموت، بعد دقيقةٍ واحدة.”

إذا كانت ستموت بعد وصولها للمكان، فهذا يعني أنها ستكون جريمة قتل.

• “هممم، الفتاة نزلت من السيارة ودخلت إلى المطعم الصيني. خطواتها توحي بالتوتر والعجلة. الباب يُفتح من الداخل…..الفتاة تلتفت قليلًا إلى الخلف قبل أن تدخل، انتهت. الباب أُغلق.”

تحركت عينا سيان بشكل طبيعي نحو الساعة الرقمية.

الساعة 3:47.

• “الباب يُفتح، وسيدة المطعم خرجت.”

"……."

• “تحمل بيدها دلوًا بلاستيكيًا كبيرًا مملوءًا بالماء، وتغرف منه باستخدام مغرفةٍ لتسكب الماء أمام المدخل…..ترشه بقوة، ثم تعتدل وتنظر حولها، وبعدها ترش الماء مجددًا. كل هذا في هذا الظلام الدامس، قبيل الرابعة فجرًا.”

كانت في ضحكة جوون نبرةُ سخرية.

بدا وكأنه يستمتع أو يعبّر عن تهكمه بينما كان يعدّ العدّ التنازلي للموت.

• “3… 2… 1، صفر.”

كييييييك-

على الفور حرّك جوون السيارة المتوقفة.

كان بإمكانه البقاء قليلًا لمراقبة الوضع أكثر، لكنه كان رجلًا يتمتع بقدرةٍ استثنائية على اتخاذ القرار في اللحظة الحاسمة.

• “خلف الستارة في الغرفة اليمنى في الطابق الثاني، هناك منظارٌ عالي الدقة مخبّأ. أما في أقصى اليسار، فذلك الحمّام…..وهو في الواقع غرفة التخلص من الجثث.”

“هل أنتَ متأكد؟”

• “تقريبًا. لأن الظلام هناك مليءٌ بالأشباح الواقفين.”

“….…”

• “هناك حديقةٌ على اليسار، وسينسحبون عبرها.”

“لقد طلبتُ من أوتيس بالفعل إيقاف كاميرات المرور في تلك الجهة مؤقتًا. يمكنكَ الانسحاب براحتك. أما كاميرات الطرق التي قدتَ عبرها إلى هنا، فقد تم التعامل معها أيضًا—وصلني التأكيد الآن.”

ما إن ردّت عليه مباشرة، حتى أطلق جوون تنهيدة دهشة،

• “واه.”

بما أن “النجّارين” يتعاملون مع الأرواح كجزءٍ من عملهم، فغالبيتهم حساسون وانطوائيون بطبعهم. كانوا يكرهون تدخل الآخرين في شؤونهم، ويُبدون نفورًا واضحًا عندما يُطلب منهم العمل بالتنسيق مع منظمة.

و هي أيضًا لم تكن استثناءً، لكن العمل هو العمل. فقد كانت دائمًا تقدّم الواجب على المشاعر الشخصية.

أطلق جوون صوتًا قصيرًا يدل على الرضا، ثم أنهى المكالمة فجأة دون قول كلمةٍ إضافية.

• “اتصلي بي عندما تموت السمكة الذهبية.”

***

أي: لا تتواصلي معه حتى تموت السمكة الذهبية.

بعدها، اختفى تاي جوون إلى وجهةٍ ما بمفرده.

طق-

عادت سيان إلى المنزل ووضعت زجاجة السمكة على طاولة غرفة المعيشة.

السمكة الذهبية بلون اليوسفي كانت تسبح بتكاسل داخل الماء وكأن روحها قد فُقدت، مثل زومبي تائه.

• “اليوم كان اليوم الأول، كيف كان جوون؟ هل أزعجكِ شيء بشكلٍ خاص؟ أو هل هناك ما أثار قلقكِ؟”

اتصل بها الرئيس، فردّت سيان وهي تخلع معطفها.

“حتى مجرد جلوسه بجانبي وهو يتنفس كان مزعجًا.”

• “هاهاها. لكن يبدو أن جوون أُعجب بكِ كثيرًا.”

“هذا ليس بالخبر السار.”

• “هو يجعلكِ متوترة ومتأهبة، أليس كذلك؟ يغيظكِ بكلماته ويقلب داخلك. طبعه سيئٌ أيضًا.”

“صحيح. للغاية.”

• “لكنه يجيد عمله.”

“هل هذه ميزته الوحيدة؟”

• “ووسامته أيضًا.”

بعد صوت حركة الكرسي المتحرك الكهربائي، سُمِع صوت سكب مشروب.

كان الرئيس يشرب دائمًا الكونياك العطري مع صفار بيضة طازجة عائم على سطحه.

“قدرة رؤية توقيت وفاة الناس، لماذا لم تُذكر في ملف تاي جوون؟”

• “تاي جوون…..مميز. فريدٌ من نوعه. لديه الكثير من الأسرار التي لا يمكن الكشف عنها.”

"……."

• “حاولي أن تتقربي منه ببطءٍ إن أمكن.”

نبرة صوت الرئيس كانت مشبعةً بالعاطفة. لكن بما أنها لم تكن ترغب في الاستمرار بالحديث عن تاي جوون، غيّرت سيان الموضوع.

“الأفاعي قتلوا عارضة أزياءٍ مشهورة ومعروفة بسهولة، وكأنهم يسحبون منديلًا من علبة.”

• “اتصلت بكِ لأجل ذلك بالضبط. من الآن فصاعدًا، ستتوليْن أنتِ وتاي جوون المهام المتعلقة بالأفاعي، أو التي يُحتمل أن تكون مرتبطةً بها..…”

“سرية للغاية، صحيح؟”

• “صحيح. كل ما له علاقة بالأفاعي مصنّفٌ من الدرجة الأولى كأعلى سرية. هذه القضية…..قد تكون قاتلة.”

فالمعلومات المتوفرة تشير إلى قرابين بشرية، وعمليات خطفٍ وقتل مخطط لها، ومراكز توليد على مستوى البلاد، وأكثر من مئة شخصٍ من عليةِ القوم قد يكونون متورطين.

واحتمال أن يكون ’الأفعى‘ شخصية غير متوقعة…..كان مرتفعًا للغاية.

• “بسبب خطورة المهمة البالغة، حتى المقر الرئيسي في روما يشعر بالقلق..…”

قال الرئيس ذلك بصوتٍ قاتم.

• “لكن في النهاية، قررنا أن نضع ثقتنا فيكما، أنتِ وتاي جوون، من أجل صيد الأفعى.”

***

“لينكون.”

ما إن أخرجت عظمة الكلاب من صندوق الوجبات، حتى ظهر الكلب ذو الأرجل الثلاثة الضخم، يلوّح بذيله بلطفٍ وهو يعبّر عن فرحته.

رغم أنه كيان روحيٌ ولا يستطيع الأكل فعليًا، إلا أن لينكون كان يحب عظام الكلاب وألعاب الكلاب كثيرًا.

ابتسمت سيان بلطف وهي تداعب أذن الكلب.

الساعة الخامسة صباحًا. كان الخارج لا يزال غارقًا في ظلام منتصف الشتاء. بينما وقفت بجوار النافذة تحتسي قهوتها السوداء و تحدق في ذلك الظلام.

<: سريٌ للغاية 0401. صيد الأفعى.

كانت “أوتيس” منظمةً دولية متخصصة في التعامل مع الأرواح الشريرة والأشباح، لطالما اجتثت بلا هوادة الطوائف الضارة، والشيطانية، والسحر الأسود، وكل ما يضر بحياة البشر.

وكانت أيضًا منظمةً سرية عمرها يقارب الألف عام، كثيرًا ما تنسق عملياتها مع الجهات العليا.

ومع ذلك، أن يعرب أحد كبار مسؤولي أوتيس عن “قلقه”…..فلا بد أن “الأفعى” جماعةٌ خطيرة وقوية على نحو يفوق التوقع.

قال الرئيس أنه قلّص عدد من يعرفون بعملية 0401 إلى الحد الأدنى.

في المقر الرئيسي في روما، لا يعلم بالأمر سوى اثنين من كبار المسؤولين، أما في الفرع الكوري فلا يعرف عن “الأفعى” سوى: الرئيس، و سيان، و تاي جوون، وعميل المعلومات الخاص G.

وكان ذلك إجراءً وقائيًا بديهيًا. فمن المحتمل أن تكون تلك الأفاعي السامة قد تسللت إلى السياسة والمال، بل وربما حتى إلى داخل أوتيس نفسها.

ترددت في ذهنها ضحكة الرئيس المريرة،

“لطالما تمنيتُ أن أواجههم يومًا ما، فلكن لم أتخيل قط أن نمسك بطرف الخيط بهذه الطريقة المصادفة.”

“هل سبق لكَ أن التقيت بالأفعى؟”

فأجابها الرئيس بجوابٍ لم تكن تتوقعه.

“أجل، قبل 21 عامًا.”

“قبل 21 عامًا؟”

“الذين جعلوني معاقًا هكذا…..كانوا أولئك الأفاعي.”

ضحك الرئيس بخفة، ممزوجةٍ بنبرة انتقام.

“أن تأتي مثل هذه الفرصة وأنا لا أزال على رأس أوتيس…..هذا ما يُسمى بـ’القدر’، أليس كذلك؟”

____________________

مسكين ذا الرئيس دونت ووري سيان بتجيب لك راسهم

المهم جوون ضحكني هو الي قاعد يتغزل فجأه قطع الاتصال كأنه يقول خلاص طفشت؟😭

مجنونين يجنون ✨

Dana

2025/05/03 · 2 مشاهدة · 1601 كلمة
Dana ToT
نادي الروايات - 2025