94 - الطرق على باب الخلاص (10)

لم يتغير شيء في منظر الجزيرة سوى إضافة تاي جوون، لكن فجأة دبت الحيوية في وجوه السكان.

حتى عندما كان الزعيم سادان يتحدث بجوارهم مباشرة، لم يكفّ الأتباع عن إلقاء نظراتٍ خاطفة على تاي جوون. وفي كل مرة يحدث ذلك، كان سادان يبتسم ابتسامةً ودودة، لكن عضلات فكّه ترتجف قليلًا من الضيق.

لم يكن هناك مفرٌ من المقارنة بين الاثنين. إن كان سادان رجلًا في منتصف العمر، هادئًا وطيب المظهر، فإن تاي جوون كان وسيمًا بجاذبية آسرة، تحيطه هالةٌ حسية وخطرة.

وفوق ذلك، بينما كان سادان يرتدي زيّ الأتباع الأخضر الفاتح، كان تاي جوون يرتدي الزيّ الأصفر الخاص بالمشرفين. و لعلّ هذا الاختلاف في الصورة هو ما جعل سادان يبدو متحفظًا من اقتراب تاي جوون.

ومع بدء جوون بالتجوال النشط في أرجاء القرية طوال اليوم، امتلأت الجزيرة، التي بدت وكأنها عالقةٌ في حالة خمول بريء وكسل، بطاقة متجددة.

خلال الأيام الثلاثة الماضية، كانوا يستيقظون في الرابعة والنصف فجرًا ويقضون يومًا رتيبًا إلى حدّ الملل…..لكن بعد أن لمحوا جوون يتنقّل ذهابًا وإيابًا بضع مرات، وجدوا أن الوقت قد أصبح مساءً بالفعل.

“أوه؟ لقد حلّ المساء؟”

“متى مرّ الوقت بهذه السرعة؟”

وأبدى بقية السكان دهشتهم للشعور ذاته.

***

“الآنسة مين سارا، لنتحدث قليلًا.”

خاطبها جوون فجأة أثناء وقت العشاء. و قد كان سيان جالسةً بين ثلاث من التابعات اللواتي يزرعن البطيخ، فحملت صينية طعامها ونهضت.

و عندما همّت بأن تتبعه، خطف جوون الصينية منها على الفور، وسلّمها للمسؤول عن توزيع الطعام بابتسامة لطيفة.

“اليخنة بالبطاطس كانت لذيذة جدًا، شكرًا لكم.”

“آه…..نـ-نعم.”

في الجزيرة كان يُعد ترك أي طعام في الصينية خطيئة، لذا كان لا بد من أكل كل ما فيها. لكن رغم أن الصينية التي حملتها سيان كان بها بعض البقايا، لم يجرؤ أحدٌ على قول شيء.

ثم خرج الاثنان من قاعة الطعام التي خيّم عليها الصمت وسط أنظار الجميع.

***

شششـ-!

اندفعت مياه البحر الزرقاء الداكنة ثم تحطمت تاركةً زَبَدًا أبيض قبل أن تختفي.

وعندما نظرت سيان خلف كتفها، رأت مراقبًا يرتدي الزيّ الأصفر يترصدها على بُعد عشرين مترًا.

ثم هزّت قدميها لتتخلص من الرمل الذي دخل حذاءها،

“لماذا أتيتَ إلى هذه الجزيرة؟ من الواضح أنكَ ستثير الشبهات.”

“حسنًا، حتى لو حدثت مشكلة، فأنتِ ستحمينني يا آنسة سيان، أليس كذلك؟”

تابع جوون كلامه بلا مبالاة،

“ألم تقولي أنكِ ستنقذينني، يا لي سيان؟”

“أنا؟ متى قلت ذلك؟”

“هاه، والآن تحاولين التهرب مجددًا. في وقت معركة شبح الألف قدم أمسكتِ بيدي ووعدتِني قائلة: هيا بنا، سأُنقذ تاي جوون.”

“لا…..لم أقصد ذلك.”

مرّرت سيان أصابعها في شعرها لتزيحه عن وجهها و ردّت معترضة،

“قلتُ أني سأُنقذكَ من شبح الألف قدم، هذا كل ما في الأمر.”

“أبدًا، أنا متأكدٌ أنكِ وعدتِ بإنقاذ حياتي كلها.”

جلس جوون فجأةً على ركبتيه، ووضع قدم سيان على فخذه وقلب حذاءها لينفض عنه الرمل.

فحاولت سحب قدمها غريزيًا، لكنه أمسك بكاحلها بإحكام.

ثم تحدثت بصوتٍ مبحوح قليلًا،

“لم أقل كلمة 'طوال حياتكَ' أبدًا.”

“حقًا…..أنتِ تهزّين قلب رجل مخلص وبريء، ثم تتظاهرين بالبراءة؟ هذا يجرحني كثيرًا.”

أطلقت سيان ضحكةً قصيرة من شدة الاستغراب، ثم ابتسمت بخفة. فابتسم جوون بدوره ووضع الحذاء بهدوء، ثم أخذ ينفض الرمل هذه المرة من باطن قدمها.

كانت لمسته دافئةً ورقيقة. و مليئةً بالمودة، تمنح شعورًا مبهجًا. لذلك لم ترفضه سيان وبقيت واقفةً بلا حراك.

في وهج الغروب الذي اكتسى بحمرة وردية، كان شعره المتطاير مع الريح يبدو ناعمًا للغاية. و لا بد أن ملمسه دافئ…..فقد ظل يتنقّل طوال اليوم تحت شمس الصيف الحارقة.

ذلك الشعر الناعم و الرطب…..لو غاصت أصابعها فيه لشعرت بدفءٍ مريح للغاية.

مدّت سيان يدها بلا وعي، فانسابت أصابعها تتشابك مع خصلات شعره. ثم رفع جوون عينيه إليها فورًا.

فارتبكت، وكأنها التقطت شيئًا من شعره، ثم سحبت يدها جانبًا وسألته بنبرة جافة.

“بماذا أخبرت الزعيم حتى سمح لكَ بالبقاء هنا؟”

“قلتُ أننا تابعون لجماعة مارس جِنريكاي.”

“مارس جِنريكاي؟”

“في فوكوؤوكا باليابان، حدث خلافٌ بين أحد أتباع مارس جِنريكاي وأحد أتباع سنابل القمح، لكننا نفتقر بشدّة لأي معلومات عن سنابل القمح، لذا أُرسلت العميلة مين سارا للتسلّل وجمع المعلومات.”

وبينما أعاد لها الحذاء، وقف مستقيمًا مشيرًا بأصبعه نحو الأعلى.

“أخبرتهم أن مارس جِنريكاي يراقب هذه الجزيرة عن كثب من السماء.”

كان يقصد المراقبة بالأقمار الصناعية.

لقد أحسّت سيان، كما أحسّت يوم لقاء مين هي سون والقط جون، أنه رجلٌ ماهر في نسج الأكاذيب بلباقة خفية.

على أي حال، كانت جماعة مارس جِنريكاي منظمةً عريقة جدًا، تؤمن بأن الحاكم يقيم على كوكب المريخ.

ومن مجرد إدراجهم لحاكم الحرب مارس في اسم ديانتهم يتضح توجّههم، فهم مشهورون بتطرفهم ونزعتهم العنيفة، وكثيرًا ما ظهروا بين الحين والآخر في الصفحات الإخبارية.

معظم أتباعهم من الأوروبيين واليابانيين الأثرياء. إذًا…..

“هل هاجموني لأني الفتاة الشابة العرّافة التي يبحثون عنها؟”

“بحسب ما قاله الزعيم، حين غيّرت مين سارا ملابسها عند نقطة التفتيش، بدا جسدها متماسكًا بشكل مريب. و كان واضحًا أنه ليس جسد شخص منعزل ومكتئب، بل شخص يعتني بنفسه عنايةً فائقة.”

“آه..…”

“لذلك ظلوا يراقبونها عن كثب، وحين ذهبتِ إلى الشاطئ الصخري ليلة البارحة، قرروا اختباركِ.”

إذًا…..الشك بدأ من جسدها نفسه.

بدأت سيان تفهم سبب حرص زعيمهم على اختيار العملاء المتسللين بدقة شديدة.

لكن الجانب المطمئن الوحيد أن سادان ما زال يعتقد أن سيان و جوون مجرد عميلين لجماعة مارس جِنريكاي تسللا لجمع المعلومات.

ومع علمه بأن الجماعة تراقب الجزيرة حتى بالأقمار الصناعية، فلن يجرؤ على إيذائهما، إذ لن يرغب في أن تتصدّر جماعته ونظيرتها العنيفة عناوين الأخبار.

هل ما فقدناه يعادل ما كسبناه؟ فقد كُشف أمرهم كأتباع متخفّين، لكن على الأقل لم يُطرَدوا.

تنهدت سيان تنهيدةً قصيرة ثم سألت،

“لماذا لا يعمل جهاز الاتصال بالأقمار الصناعية ثنائي الاتجاه؟”

“هناك جهاز تشويش سري مُثبت على هذه الجزيرة، وقد تم التأكد من ذلك عند وصولكِ إليها. المكان الوحيد الذي يمكنه الاتصال بالبر الرئيسي هو نقطة التفتيش فقط.”

كنتُ أتوقع ذلك.

ألقت سيان نظرةً خاطفة خلفها، فإذا بعدد المراقبين ذوي الزيّ الأصفر قد ازداد إلى سبعة، وكانوا يقتربون وكأنهم على وشك التدخل.

فهمست شيان بسرعة،

“بحثت عن والدة كيم يون وو، لكنها لم تكن على هذه الجزيرة. وكذلك الكثير من الأشخاص المسجلين أنهم دخلوا أراضي هذه الجزيرة، لم أجدهم هنا.”

“كما توقعت..…”

من المرجح أنهم أُبقوا مسجلين كأحياء لأغراض قانونية، مثل إخفاء أموال أو تمرير ميراث، لكنهم في الواقع جميعًا أموات.

وبما أن عائلاتهم غارقة في هذا الدين، فلن يستغربوا حتى لو انقطعت أخبارهم.

“وأيضًا…..رأيتُ أرواحًا.”

فردّ جوون على الفور،

“فتياتٌ شابات، في أوائل العشرينات، بالكاد يبلغن الثالثة والعشرين.”

“صحيح. رأيتُ سبعًا منهن، وكانت آثار الدماء مركّزةً على أيديهن والنصف السفلي من أجسادهن. أعتقد أنه..…”

“إجهاضًا…..أو موتًا أثناء الولادة؟”

“نعم. والفستان الأبيض الذي كنّ يرتدينه…..لا بد أنه فستان زفاف، علامةً على أنهن زوجات الزعيم.”

حتى وإن كان الأمر كذلك، فهو ليس إنسانًا مهووسًا بالنساء لدرجة أن يُلقّح هذا العدد من الفتيات بالكاد تجاوزن العشرين؟

لا. أتذكّر أن في دفتر رسم “كيم يون وو” كان هناك رسم لرجل شبه عارٍ.

هل يفكر ما أفكر به؟ فتح جوون عينيه بنصف يقظة.

“يبدو أن علينا تعرية ملابس الزعيم العلوية علنًا. لنتحقق إن كان مشابهاً للرسم أم لا.”

“لكن، هل هذا ممكنٌ حقًا..…؟”

وفي تلك اللحظة، بدأت تلك الثياب الصفراء تقترب نحوهم.

فأزاحت سيان خصلات شعره إلى ما وراء أذنه، وفي حركة طبيعية تمامًا، نزعت جهاز الاتصال الفضائي ثنائي الاتجاه المثبّت خلف أذنها.

“مين سارا وكيم تشول سو اتفقا مع الزعيم بالأمس على أن يبقيا هادئين ويغادرا الجزيرة بعد 11 يومًا كما كان مقررًا.”

فردّ جوون بابتسامةٍ باردة، وهو يخفي جهاز الاتصال الخاص به أيضاً في كفّه.

“لكن الاتفاق لم يُوقّع في عقد رسمي، لذا نحن سنأخذ الزعيم كما خططنا.”

***

وفي هذه الليلة أيضًا، كان أنين الألم و الخوف يتردد من زوايا المقر.

لو كان بإمكانهم على الأقل إضاءة المصباح بحرية، لكان الأمر أفضل، لكن في هذه الجزيرة، الإضاءة والانطفاء كانت تتم بالإجبار.

سكان الجزيرة غرقوا في العرق وسط ظلام دامس، وهم يتألمون من الكوابيس.

“آه! آه! آاااااااااه!”

سيان كانت مستلقيةً على السرير تحدّق في السقف، تستمع إلى تلك الصرخات التي تزداد حدة من كل اتجاه. لا بد أن هذه الصرخات البالغة بلغت حتى مقر الزعيم.

بالنسبة لـ سادان، الذي لا يعرف ما هي أشباح الكوابيس، لم يكن بوسعه إلا أن يظن أن السكان يتذكرون ماضيهم بسبب تغير البيئة.

لكن هذه الأرض، “أرض الخلاص”، كانت نعيم سادان، وصورةً مكتملة من حلمه، وكل النساء فيها كنّ نساءه.

و نعيمه هذا دُنّس وتعرض للغزو، ونساؤه فُتنّ برجل آخر.

هذا يعني أن تاي جوون كان يثير في سادان ضيقًا شديدًا، يهزّه بعنف حتى يفقد أعصابه تمامًا.

***

في اليوم الثاني لدخول جوون إلى أرض الخلاص، تبدل جو الجزيرة بشكل واضح. كان بإمكان الجميع الشعور بذلك.

بانغ-! بانغ-!

منذ الصباح، كان جوون يدقّ بالمطرقة منشغلًا بإصلاح باب خشبي.

ناولته سيان كوب ماء، ثم تحدثت بسخرية.

“هل سبق وفكّرت يومًا أنكَ تفيض بالتستوستيرون*؟”

*زي هرمون جذب وكذا

مسح جوون العرق عن ذقنه بظهر يده، ثم أجاب ببساطة وكأنه أمرٌ معتاد،

“طبعًا، دائمًا.”

لكنه لم يشرب الماء، بل سكب الكوب بأكمله فوق رأسه، ثم هزّ شعره بعنف ليتناثر منه الماء.

تلك الحركة الحسية المفعمة بالحيوية. و ملابسه المبتلّة التصقت بجسده لتكشفه دون مواربة—عضلات بطن مشدودة، و ظهرٌ عريض بعضلات قوية، و أكتاف ممتلئة.

عندما نظرت حولها بخفة، رأت أن النساء من أتباع الطائفة يتلوين شوقًا للاقتراب، كما لو أنهنّ سيدات يرغبن في سحب خادم وسيم إلى جانبهن.

أولئك الذين كانوا كأنهم جسدٌ واحد، متّحدين بولائهم للزعيم، صار كلٌ منهم غارقًا في أمانيه الشخصية لدرجة أنهم نسوا تلك الكوابيس في الليلة الماضية…..

وأخيرًا، ظهرت “الشقوق” التي يمكن أن تتسرّب منها الأسرار.

____________________

جوون جاي يطيح النسوان وياخذ سيان ويمشي😂

وسيان عاادي تكمل معه الخطه ✨

المهم اخيرا اجتمعوا هاعااهتهاهاها هت

Dana

2025/07/29 · 20 مشاهدة · 1499 كلمة
Dana ToT
نادي الروايات - 2025