# الفصل الثامن والعشرون:

مر يومان على جلستنا الأولى مع الأستاذ إيليا في الملاذ الخفي. قضيت أنا وسيلينا هذا الوقت في ممارسة ما تعلمناه - الشعور بالظلال المحيطة بنا، وسحبها، ودفعها بوعي. لم يكن الأمر سهلاً في البداية، خاصة خارج بيئة الكهف الهادئة. كانت ضوضاء الأكاديمية وتدفق المانا المستمر من الطلاب الآخرين يمثلان تشتيتًا كبيرًا.

لكننا ثابرنا. وجدنا أماكن هادئة ومنعزلة - زوايا نائية في المكتبة، أو بقع معزولة في الحدائق الشاسعة - ومارسنا تماريننا بصبر. بدأت أشعر بتحسن تدريجي في قدرتي على "الاستماع" إلى الظلال، حتى في وضح النهار. كان الأمر أشبه بضبط محطة راديو خافتة؛ في البداية، كان هناك الكثير من التشويش، ولكن مع التركيز والممارسة، بدأت أسمع "الموسيقى" الخافتة للظلال تحت السطح.

لاحظت أن سيلينا كانت تتقدم بشكل أسرع مني في هذا الجانب. يبدو أن لديها ألفة طبيعية أكثر مع الإحساس الدقيق بالظلال، بينما كنت لا أزال أعتمد بشكل كبير على قوتي الغريزية. ومع ذلك، كنت أتعلم كيفية ترويض تلك القوة، وتوجيهها بدقة أكبر.

كانت علاقتي مع سيلينا قد استقرت في حالة من الحذر المتبادل. لم نعد نتجاهل بعضنا البعض، لكننا أيضًا لم نعد إلى الحميمية السابقة التي كانت تتخلل تدريبنا الأولي. كان هناك مسافة، ولكنها لم تكن مسافة عدائية. كانت أشبه بفهم ضمني بأننا بحاجة إلى توخي الحذر، ليس فقط من الأعداء الخارجيين، ولكن أيضًا من تعقيدات علاقتنا الخاصة.

تحدثنا قليلاً عن الأستاذ إيليا ودوافعه المحتملة. اتفقنا على أنه لا يزال لغزًا، لكن مساعدته كانت لا تقدر بثمن في الوقت الحالي. قررنا الاستمرار في التعلم منه، مع الحفاظ على درجة صحية من الشك واليقظة.

في اليوم الثالث، بعد انتهاء الفصول الدراسية، التقينا مرة أخرى عند البوابة الشرقية. كان الأستاذ إيليا ينتظرنا كالعادة، بعباءته الداكنة وتعبيره الجاد.

"أرى أنكما كنتما تمارسان"، قال وهو ينظر إلينا بعينيه الثاقبتين. "هناك تغيير طفيف في توقيعكما في الظلال. أصبح أكثر... وضوحًا".

"هل هذا جيد أم سيء؟" سألت سيلينا.

"كلاهما"، قال الأستاذ إيليا. "إنه يعني أنكما تتقدمان، وأن سيطرتكما تزداد. ولكنه يعني أيضًا أنكما أصبحتا أكثر وضوحًا لأولئك الذين يستطيعون رؤية الظلال. يجب أن نسرع في تدريبكما الدفاعي".

قادنا مرة أخرى عبر الغابة إلى الملاذ الخفي. بمجرد دخولنا وإغلاق المدخل السحري خلفنا، شعرنا بالهدوء والأمان النسبي يغمرنا. كان هذا المكان حقًا ملاذًا، بعيدًا عن ضغوط ومخاطر العالم الخارجي.

"اليوم، سنتعمق أكثر في فهم طبيعة الظلال"، قال الأستاذ إيليا، وهو يقف في وسط الكهف المضاء بالبلورات. "لقد تعلمتما كيفية الشعور بها والتفاعل معها بشكل أساسي. الآن، سنتعلم عن خصائصها المختلفة".

"خصائصها؟" كررت.

"نعم"، قال الأستاذ إيليا. "الظلال ليست مجرد كتلة متجانسة. إنها تتكون من طبقات وأنواع مختلفة، ولكل منها خصائص وتأثيرات فريدة. فهم هذه الاختلافات هو مفتاح استخدام سحر الظل بفعالية ودقة".

أشار إلى أحد الجدران المغطاة بالنقوش القديمة. "هذه النقوش ليست مجرد زخرفة. إنها تمثل جوانب مختلفة من الظلال. انظرا هنا".

اقتربنا ونظرنا إلى النقش الذي أشار إليه. كان يصور دوامة مظلمة، وفي داخلها رموز صغيرة تمثل عناصر مختلفة - النار، الماء، الهواء، الأرض.

"هذا يمثل 'صدى الظلال'"، شرح الأستاذ إيليا. "الظلال ليست مجرد فراغ، بل هي تحمل بصمات أو أصداء لما حدث في محيطها. يمكن للظل أن 'يتذكر' الأحداث القوية، أو المشاعر الشديدة، أو حتى وجود كائنات معينة".

"يتذكر؟" سألت سيلينا، وتبدو مفتونة.

"بطريقة مجازية، نعم"، قال الأستاذ إيليا. "يمكن للممارس الماهر أن 'يقرأ' هذه الأصداء في الظلال، وأن يستخلص معلومات حول الماضي. إنها قدرة تتطلب حساسية عالية وتركيزًا شديدًا، لكنها يمكن أن تكون أداة قوية للغاية لجمع المعلومات".

"هل يمكنك تعليمنا كيف نفعل ذلك؟" سألت، وفكرت على الفور في كيفية استخدام هذه القدرة لمعرفة المزيد عن أبناء الغسق أو المراقبين القدامى.

"سنصل إلى ذلك"، قال الأستاذ إيليا. "لكن أولاً، يجب أن تتعلموا كيفية الشعور بهذه الأصداء. إنها أكثر دقة وخفوتًا من الإحساس العام بالظلال".

"أغمضا أعينكما مرة أخرى"، أمر. "وركزا على الظلال في هذا الكهف. لكن هذه المرة، لا تركزا فقط على وجودها العام. حاولوا الشعور بالطبقات الأعمق، بالهمسات الخافتة للتاريخ المحفوظ داخلها. هذا الكهف قديم جدًا، وقد شهد الكثير. حاولوا الاستماع إلى قصصه".

أغمضت عيني وركزت، محاولاً تطبيق ما تعلمته في الجلسة السابقة، ولكن مع مستوى أعمق من التركيز. شعرت بالنسيج المألوف للظلال المحيطة بي. ثم، حاولت الغوص أعمق، تجاوز السطح، والاستماع إلى ما يكمن تحته.

في البداية، لم يكن هناك سوى الصمت. لكن بينما واصلت التركيز، بدأت أدرك شيئًا جديدًا. ومضات خافتة من الصور، أصوات غير واضحة، ومشاعر عابرة لا تخصني. رأيت لمحات سريعة لوجوه غريبة، وسمعت همسات بلغات قديمة، وشعرت بموجات من الخوف والأمل والقوة تتلاشى بسرعة.

كان الأمر مربكًا ومشتتًا. كانت الأصداء تتداخل وتتنافس على انتباهي، مثل العديد من محطات الراديو التي تبث في نفس الوقت.

"لا تحاولوا فهم كل شيء دفعة واحدة"، قال صوت الأستاذ إيليا الهادئ، وكأنه يقرأ أفكاري. "فقط لاحظوا وجود الأصداء. اعترفوا بها. اسمحوا لها بالمرور عبر وعيكم دون التشبث بها. الهدف الآن هو مجرد الشعور بوجودها، وتطوير الحساسية تجاهها".

حاولت اتباع نصيحته. توقفت عن محاولة فك رموز الصور والأصوات، وركزت بدلاً من ذلك على الإحساس العام بـ "التاريخ" المحفوظ في الظلال. شعرت بالعمق، بالقدم، بوزن القرون المتراكمة في هذا المكان.

فتحت عيني ورأيت سيلينا لا تزال مغمضة العينين، وتعبير من التركيز الشديد على وجهها. بدا وكأنها تختبر شيئًا مشابهًا.

"هذه هي الخطوة الأولى نحو قراءة صدى الظلال"، قال الأستاذ إيليا. "مع الممارسة، ستتعلمون كيفية التركيز على أصداء معينة، وتصفية الضوضاء، واستخلاص معلومات مفيدة. لكن هذا يتطلب وقتًا وصبرًا".

"ما هي الأنواع الأخرى من الظلال؟" سألت سيلينا، وهي تفتح عينيها ببطء.

أشار الأستاذ إيليا إلى نقش آخر على الحائط. كان يصور شكلين متشابكين، أحدهما يبدو وكأنه يلتهم الآخر.

"هذه تمثل 'الظلال المفترسة' أو 'الظلال الجائعة'"، قال الأستاذ إيليا، وأصبح صوته أكثر جدية. "ليست كل الظلال سلبية أو محايدة. بعضها يتغذى على الطاقة الحيوية أو المشاعر السلبية. يمكن أن تتشكل هذه الظلال في أماكن الموت أو المعاناة الشديدة، أو يمكن استدعاؤها عن قصد من قبل أولئك الذين يمارسون السحر المظلم".

"هل هي خطيرة؟" سألت، وشعرت بقشعريرة خفيفة.

"جدًا"، أكد الأستاذ إيليا. "يمكنها استنزاف قوتك، والتلاعب بعواطفك، وحتى السيطرة على عقلك إذا كنت غير حذر. يجب أن تتعلموا كيفية التعرف عليها وتجنبها، أو، إذا لزم الأمر، كيفية تبديدها أو حماية أنفسكم منها".

"وكيف نفعل ذلك؟" سألت سيلينا.

"هناك طرق مختلفة"، قال الأستاذ إيليا. "بعضها يتضمن استخدام الضوء أو أشكال أخرى من الطاقة الإيجابية لتبديدها. والبعض الآخر يتضمن استخدام قوتكم الخاصة لإنشاء حواجز أو دروع من الظل النقي لصدها. سنتدرب على هذه التقنيات لاحقًا".

ثم أشار إلى نقش ثالث، يصور شكلاً بشريًا محاطًا بهالة من الظل المتشكل.

"وهذه تمثل 'ظل الروح' أو 'الظل الداخلي'"، قال. "الظل الذي يسكن داخل كل واحد منا. إنه مرتبط بوعينا، وعواطفنا، وذكرياتنا. إنه مصدر قوتكم، ولكنه أيضًا مصدر ضعفكم إذا لم يتم فهمه والتحكم فيه".

"هل هذا مرتبط بـ 'ظل الهوس' الذي ذكرته؟" سألت، ونظرت إلى سيلينا بسرعة.

أومأ الأستاذ إيليا برأسه. "نعم. عندما يصبح الظل الداخلي غير متوازن، أو عندما يتأثر بقوة خارجية، يمكن أن يؤدي إلى حالات مثل ظل الهوس، أو الخوف الشديد، أو الغضب غير المنضبط. لهذا السبب، فإن فهم ظلكم الداخلي والعمل على توازنه أمر بالغ الأهمية".

"كيف نوازنه؟" سألت سيلينا بصوت منخفض.

"من خلال الوعي الذاتي، والتأمل، وتمارين التطهير"، قال الأستاذ إيليا. "ومن خلال مواجهة مخاوفكم ورغباتكم بصدق وشجاعة. لا يمكنكم السيطرة على الظل إذا كنتم تخافون منه أو تنكرونه. يجب أن تتقبلوه كجزء منكم، وأن تتعلموا كيفية العمل معه، وليس ضده".

قضينا بقية الجلسة نناقش هذه الأنواع المختلفة من الظلال، ونطرح الأسئلة، ونستمع إلى تفسيرات الأستاذ إيليا العميقة. كان الأمر أشبه بفتح صندوق باندورا؛ كل إجابة كانت تثير المزيد من الأسئلة، وكل مفهوم جديد كان يكشف عن طبقة أخرى من التعقيد.

شعرت بأن فهمي لسحر الظل يتوسع بسرعة، ولكنه أيضًا يصبح أكثر إثارة للقلق. لم تكن مجرد قوة يمكن استخدامها حسب الرغبة؛ كانت قوة حية ومعقدة، لها قواعدها ومخاطرها الخاصة.

عندما انتهت الجلسة وغادرنا الملاذ الخفي، كنت أشعر بالإرهاق الذهني، ولكن أيضًا بالتحفيز. كان هناك الكثير لنتعلمه، والكثير لنمارسه.

"صدى الظلال..." تمتمت سيلينا ونحن نسير عائدين نحو الأكاديمية. "أتساءل ما إذا كان بإمكاننا استخدامه لمعرفة المزيد عن والديّ".

نظرت إليها في مفاجأة. لم تتحدث كثيرًا عن عائلتها من قبل. "هل تعتقدين أن الظلال في منزلك القديم قد تحمل أصداءً لهم؟"

هزت كتفيها، ونظرة حزينة في عينيها. "ربما. لقد ماتوا عندما كنت صغيرة جدًا. لا أتذكر الكثير عنهم. ربما... ربما يمكن للظلال أن تخبرني بشيء".

شعرت بالتعاطف معها. "إذا كان هذا مهمًا لكِ، فيمكننا المحاولة معًا عندما نصبح أفضل في قراءة الأصداء".

نظرت إليّ، وابتسامة صغيرة وحزينة على شفتيها. "شكرًا لكِ، أليكس".

كانت تلك اللحظة تذكيرًا آخر بأن سيلينا لم تكن مجرد فتاة جليدية مهووسة. كان لديها ماضيها الخاص، وآلامها الخاصة، ورغباتها الخاصة. وكان تحالفنا، على الرغم من تعقيداته، يعني شيئًا لكلينا.

عدنا إلى الأكاديمية، وعقولنا مليئة بالأفكار الجديدة

والتحديات القادمة. كان طريق طويلاً ومحفوفًا بالمخاطر، لكننا كنا نسير فيه الآن، خطوة بخطوة، معًا.

2025/05/07 · 38 مشاهدة · 1379 كلمة
Uzuki
نادي الروايات - 2025