الفصل 36: انانوفا وحذر غير طبيعي
-------------------
صوت زقزقة العصافير أنذر عن طلوع النهار بنسيمه البارد والمنعش.
خلال الليلة الماضية لم ينم سايرو ابدا ولم يرتاح بل استغل وقته المتبقي في صقل مختلف الحبوب وتحويل ملكية معظم الكنوز التي اشتراها من السوق في اليوم السابق.
في حين قضى ما تبقى من وقته بعد صقل الحبوب في جمع المانا من محيطه بكميات هائلة للاختراق الى ذروة النجمة الخامسة، اي انه لم يتبقى امامه سوى نصف خطوة نحو مستوى ساحر سماوي مقاتل ذو 6 نجوم.
لكن ولسبب ما توقف سايرو في اللحظة الاخيرة لدرجة ان تدريبه تضرر من توقفه المفاجئ ورجع الى ذروة النجمة الخامسة بعد ان كان نصف خطوة نجمة سادسة…
"سرعة تطوري مرعبة للغاية، لو لم انتبه قبل قليل لكنه دخلت النجمة السادسة قبل ان اصلح النطاق المدمر وهذا سيدمر خططي تماما، حتى لو تأذي تدريبي ورجعت خطوة الى الوراء لازال امامي وقت اضع فيه اساساتي قبل ان اتقدم الى النجمة السادسة"
بعد ان ابتلع سايرو حبوب شفاء الدم من المستوى الرابع، قام بشفاء اصابته التي نتجت عن قمع تدريبه ليستقر تدريبه اخيرا في ذروة النجمة الخامسة اخيرا.
" بالنسبة للمقاتلين الآخرين عند اختراق كل مرحلة سيحتاجون الى تمرير المانا من الفضاء الروحي الى عروق الطاقة في الجسم وتدعيم اعضائهم الداخلية باستمرار لتقويتها قبل ان يخترقوا الى المرحلة التالية والا في حالة كانت اجسادهم ضعيفة ستنفجر بالطاقة الهائلة المخزنة لديهم وينتهي بهم الامر بإصابات داخلية او حتى الموت في اسوء الحالات، لكن جسدي الحالي قوي كفاية لتحمل طاقة التشي الهائلة فما بالك بطاقة المانا العادية، لكنني سأحتاج لتقوية جسدي اكثر قبل ان ابدأ بتجميع المانا السوداء واستعمالها كطاقة اخرى داخل جسدي"
مع ان سايرو لم يدرب جسده ابدا الا ان استبدال جسده العادي بجسد إلهي مقدس نتج عنه جسد قوي نوعا ما بسبب الطريقة التي استعملها للاستبدال.
حيث قام بتدمير لحمه واعضائه وصولا الى عظامه مرارا وتكرار للوصول الى هذه النتيجة.
وبما ان المقاتلين يعتمدون بشكل كامل على طريقة تدريب الفضاء الروحي، قلة ما تجد اشخاص يدربون اجسادهم بتقنيات خاصة.
حيث ان المقاتل العادي يصبح جسده اقوى مع كل اختراق لكل مقاتلي التدريب الجسدي لديهم اجساد اقوى عن غيرهم من هم بنفس المستوى بسبب ان مقاتلي الجسد يستعملون طاقة خاصة تسمى بالحيوية تنبع من نقاط الضغط الخاصة بالجسد عند صقلها.
حاليا جسد سايرو مكافئ لجسد شخص صقل جميع نقاط الضغط البالغ عددها 108.
وفي حالة اراد تدريب نوعين من الطاقة سيحتاج الى تدريب جسده أكثر من ذلك او العمل على جعل جسده الالهي مكتمل فحسب.
"على اية حال، تدريب جسدي يمكنه ان ينتظر حتى افتح بحر معرفتي لأخزن تدريبي فيه لكي لا اتسبب في قتل نفسي عن طريق تقنية تدريب الجسد التي سأستعملها مستقبلا."
امسك سايرو بلفافات اليشم الروحية ثم وضعها داخل خاتمه الفراغي، ثم اخرج خاتمين، وضع عليهما بصمته الروحية ثم قام بتوزيع الحبوب التي صنعها على الخاتمين بالتساوي.
ما ان سمع صوت الفتاتين في الاسفل صاحيتان تنهد سايرو لينزل الى قاعة الطعام ويجد سورا وآنانوفا تنتظراه على طاولة الفطور ثم بدأ بالأكل بينما يتناقشون عن مختلف الأشياء التي عليهم فعلها بعد ان يدخلوا للأكاديمية.
……..
"خذا هاته الخواتم، استعملوها بشكل مؤقت حتى تحصلا على خواتمكما الفراغية الخاصة"
بعد ان اخرج سايرو الخواتم التي قسم الموارد فيها وضعها على الطاولة، لكن الفتاتين لم تفهما ما يقصده رغم البهجة الكبيرة التي رسمت على وجهيهما.
"يبدو انكما لا تدريان بعد، اذا وضعت على الخواتم الروحية بصمتي الروحية ستستطيعان استعمالهم دون خوف من سرقة الخواتم منكما، حيث ستكونان الوحيدتان اللتان بإمكانكما فتحهم"
لطالما كانت الخواتم الفراغية من أقرب الأدوات للمقاتلين بحيث يحتفظون بكل كنوزهم واشيائهم الشخصية بداخله.
الخاتم الفراغي يملك مساحة فضائية كبيرة داخله تختلف حسب اختلاف مستوى الخاتم، حيث في اغلب الحروب التي تقع في هذا العالم خواتم الجثث المتبقية بعد اي معركة هي أعظم غنيمة يمكن ان يحصل عليها الفائز.
وبسبب هذا وجد قانون غير مكتوب بين المقاتلين، حيث يقول
'لا تحمل خاتم فراغي قبل ان تصل للنجمة السادسة"
والسبب هو ان مقاتلي النجمة السادسة يستطيعون وضع بصمة روحية على خواتمهم بحيث يمنع من ان تسرق او تفتح بعد سرقتها.
" ام انتما خائفتان من ان تأخذ منكما الخواتم بلا حول ولا قوة؟ "
" لا سيدي، الأمر فقط مفاجئ بحيث تكون اول مرة لي احصل خاتم فراغي في حياتي، وطبعا كل ما علي فعله ان اكون قوية كفاية لكي لا يسرق مني"
نظر سايرو الى انانوفا المبتهجة بالخاتم ثم شرح لهم بضعة اشياء عن الحبوب التي بالداخل وعن طريقة استعمالها.
" تذكرا، حبوب المستوى الرابع لا يجب ان ترى من قبل اي شخص ابدا"
ثم نهض من طاولة الطعام ثم توجه الى الحديقة الخلفية.
" أنانوفا... اتبعيني"
وجه سايرو البارد جعل آنا خائفة وهي تتبعه، خوفا عليها اتبعتهم سورا كذلك.
جلس سايرو على الصخرة التي بتأمل عليها دوما ثم سأل أنانوفا سؤالا
" أنانوفا، ما هو هدفك من اتباعي طوال هذا الوقت؟"
اقشعرت انانوفا من سؤاله بحيث لم تتوقع ان يسألها سايرو سؤالا كهذا بعد كل هذا الوقت ابدا.
"لأنك يا سيدي انقذتني و-..."
"أنانوفا! ما هو هدفك من اتباعي طوال هذا الوقت؟"
صوت سايرو العالي جعل كل من انانوفا وسورا تتجمدان في مكانهما من الخوف.
خصوصا انانوفا الذي وجه لها السؤال...بحيث لم يكن امامها سوى ان تذرف الدموع التي لطالما كبحتها.
" سيدي...لقد انقذتني بالفعل وجعلتني احقق انتقاما لم احلم بتحقيقه، اغغه...في البداية ظننت ان حياتي بعد فقداني لوالدتي ستصبح بلا معنى لكن لم اتوقع ابدا انه ولو للحظة ان تأتيني الرغبة في وهب حياتي للشخص الذي جعل حياتي السوداء كورقة بيضاء، في البداية وجدت ما افعله غريبا لكن مع الوقت ادركت ان الغريب هو مشاعري الغريبة تلك، بعد ان قررت ان اهبك حياتي لأجعل لها سبب من وجودها ادركت انني لم اهبك حياتي فقط يا سيدي...بل..بل وهبتك قلبي ايضا دون ان ادري..."
استمرت انانوفا بالنحيب بعد ذلك بعد ان أصبح كلامها غير مفهوم من كثرة بكائها...
في حين ان سايرو ينظر اليها بوجه فارغ الى ان انفجر ضحكا
" هاها...ها...هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها!!"
ضحك سايرو من كل قلبه، ضحك على حالته، على شكوكه وعلى موقفه...
سايرو الذي لطالما عاش حياته حذرا خائفا من الخيانة نسي انه ليست كل العلاقات البشرية مبنية على أخذ وعطاء...
بل في بعض الأحيان تكون مبنية على مشاعر معقدة، مشاعر لا فائدة من وجودها...
لكنها على الأقل ستجعلك ترى العالم بشكل مختلف ولو لمرة.
........
بعد ان هدأ سايرو، مع صدمة ميمين المدهشة من الضحك الهستيري التي رأته امامها بعد وقت طويل...طويل للغاية...
لم تستطع قول شيء سوى المشاهدة بصمت.
"فهمت...جيد، انا اتطلع الى ما كانت حياتك سيبقى لوجودها سبب ام لا، يا آنا~"
ابتسمت انانوفا "وانا كذلك يا سيدي".
لتقاطعهم سورا بسؤال غريب
"ماذا عني ايها السيد ألن تسألني؟؟"
"انتِ؟ لقد رأيت ذكرياتك كلها بالفعل في ذلك العالم من نعومة اضافرك الى كم مرة غيرتي فيها حفاضة ابنة جارتك، لذلك اعلم كل اليقين بما يدون في عقلك"
"مـ-..مامذا!!! ذكرياتي؟!! "
"تجهزوا، سنزور السوق لآخر مرة ثم نتوجه الى الأكاديمية"
" حسنا يا سيدي~"
" انتظر..! ما الذي تعنيه بذكرياتي؟!! "
........
بعد ان استعدوا جيدا، خرج الجميع من المنزل الذي جلسوا فيه لعدة اشهر بينما يقفلوه وهم لا يدرون اذا كانوا سيعودون اليه ام لا بعد الآن.
بمشاعر متقلبة، غادروا متوجهين الى السوق.
استمر سايرو بالتنقل في ارجاء السوق لعله يجد شيئا مفيدا، لكنه لم يجد اي شيء مفيد غير فرشاة رسم عادية لتساعده في رسم النقوش.
شعر سايرو بخيبة امل بما انه لم يجد أي شيء مفيد آخر، طبعا لن يجد شيء اخذه اخرين قبله وخصوصا في هذا اليوم الكبير والمزدحم.
وهم مغادرين السوق، سحبت فتاة صغيرة ملابس سايرو...
"ايها الأخ الكبير، هل تريد ان تشتري تفاحة لذيذة؟"
امتلكت الفتاة صوتا ساحرا رغم صغرها لكن جسدها كان متسخا وملابسها الممزقة لا تغطي كامل جسدها كفاية.
لكن ذلك لم يغط ابدا ظرافتها وجاذبيتها كفتاة.
نزل سايرو على ركبته ثم سأل الفتاة الصغيرة سؤال
" هل هي حقا لذيذة؟ "
" اجل! لقد قطفتها بنفسي وجربتها انها لذيذة!"
"كم عمرك؟"
" ريتشي تبلغ من العمر 12 سنة!"
"جيد، ريتشي سأتذوق التفاحة، اذا لم يعجبني مذاقها سأدفع ثمنها واغادر وفي حالة اعجبني مذاقها سأدفع ثمنها ثم اهديك هدية اضافية، اتفقنا؟ "
" ريتشي موافقة!"
اكل سايرو من التفاحة وتفاجأ من مذاقها لكنه تكتم عن الأمر وأعلن اعجابه بمذاقها فقط.
" كما اتفقنا، هذه عملة ذهبية ثمن التفاحة"
" لكن...لكن ريتشي تبيع التفاحة بعملة نحاسية فقط؟ "
" تلك هديتي الأولى، اما الثانية هي هذه"
مرر سايرو المانا خاصته الى خاتمه الفراغي ثم اخرج تعويذة سوداء اللون.
"هذه التعويذة تمتلك خاصيتين، الأولى هي حمايتك من اي خطر مهما كان والثانية هي استدعائي اليك مهما كان بعدك عني، تذكري ان التعويذة تستعمل مرة واحدة فقط لذلك اختاري كيفية استعمالها بحذر"
"حقا؟ ريتشي لم تتوقع ان تحصل على كل هذا من مجرد تفاحة"
"حسنا، لقد كانت تفاحة لذيذة 'للغاية' "
" شكرا لك ايها الأخ الأكبر! "
ثم غادر سايرو هو والفتاتين.
'هي!! سايرو ايها الغبي تلك الفتاة-...'
'انا اعلم، لكن الوقت ليس مناسبا الآن، لا اريد ان اعرض حياتي للخطر الآن'
'تسك...تبا لحظك المقرف هذا!!'
-------------------
تأليف: Souhayl TP