الفصل الثاني: بداية الضياع

كان ليل مدينة بريستيلا هادئًا، لا يشوبه سوى صوت الرعد البعيد وأصوات الرياح التي تجلب معها رائحة المطر. لكن وسط هذا السكون، كان قلب راينهارد ينبض بشدة، مشاعر الصراع الداخلي تعصف به، كما لو أن كل نقطة من دمه كانت تطالبه بتوجيه سيفه نحو الجميع.

بعد محادثته مع ريغولوس ، شعورٌ عميقٌ بالندم كان يملأ صدره. كل تلك الأرواح التي فُقدت، وكل ذلك الخراب الذي خلفته طائفة الساحرة خلفها. كانت هذه لحظةً فاصلة، حيث كان عليه أن يواجه نفسه، وكل شيء كان يشير إلى قرار واحد فقط: التدمير .

حينما تقدم خطوة واحدة نحو ريغولوس ، الذي كان يبتسم ابتسامة غير مبالية، شعر راينهارد بشيء مختلف عن أي وقتٍ مضى. لم تكن هذه مجرد معركة للقتال أو الدفاع عن شيء عزيز، كانت هذه معركة لثأر لم يتم الرد عليه. كانت معركة ضد نفسه.

بغض النظر عن الطريقة التي تظاهر بها ريغولوس بالتسلية، كان يعي جيدًا أن قوة راينهارد ليست مجرد قوة سيف. بل هي القوة التي تتفجر داخل روحه، قادرة على محو كل ما يقف في طريقه.

راينهارد لم يعد يتحدث، بل كان ينقض على ريغولوس في لحظة واحدة. حركة سريعة لم يكن لأحد أن يتوقعها. سيفه هو من تحدث الآن، يتألق بلمعان غير بشري، كأنه غضب السماء نفسها. قطع الهواء مثل الفولاذ المشتعل، وبسرعة مذهلة، حرك سيفه باتجاه ريغولوس ، ليدمره في لحظة.

لكن، ريغولوس كان أسرع.

بابتسامة هادئة، رفع يده ببساطة ليوقف الهجوم.

"هل تعتقد أنني سأسمح لك بذلك؟" قالها بنبرة ملؤها التحدي.

راينهارد شعر بتفاجؤ لحظة توقف سيفه على بعد بضع سنتمترات من جسد ريغولوس ، بينما كانت قوة الرياح التي تحيط به تكسر كل حد ممكن.

لكنه لم يتراجع. بل شعر بشيء آخر في أعماقه. إرادة لا تُكسر.

"لن أسمح لك بالهروب. لن أسمح لك بأن تخرج من هذا المكان، ولا أن تلوث العالم الذي... الذي دمرته. اليوم، لن يكون هناك أحد يتفادى العقاب."

لكن بينما كانت معركة السيف هذه تتصاعد، شعر بشيء آخر يحوم حوله.

في أعماقه، العجز بدأ يزحف. كان هناك إحساس غريب، شعور بأن هذه المعركة لا تقتصر على ريغولوس أو سيرياس ، بل هي معركة داخل نفسه. كان يقاتل من أجل شيء أكبر، من أجل كل الأرواح التي ضاعت، ومن أجل شخص واحد فقط... سوبارو .

لم يكن ليدرك أن هذه المعركة، التي بدأت ضد شخص آخر، ستؤدي إلى صراع أعمق بكثير. صراع ليس مع ريغولوس ، بل مع ذاته.

كان هناك شيءٌ آخر بدأ يظهر: الخوف من الفشل .

وذلك الخوف أخذ يتسلل في عروقه كما لو أن كل ضربة يسددها لم تكن كافية ، وكل محاولة كانت محكوم عليها بالفشل. فجأة، شعر بشيءٍ مريب في قلبه، وكأن العدالة التي طالما سعى لتحقيقها لا تجد مكانها في هذا العالم المظلم. هل كان حقًا الفارس الذي يُفترض به أن ينقذ هذا العالم؟

في تلك اللحظة، حيث كان يواجه أكبر تهديد له، أدرك شيئًا مهمًا: ربما كان هو أيضًا جزءًا من المشكلة.

2025/02/12 · 40 مشاهدة · 463 كلمة
Dark Ruler
نادي الروايات - 2025