حدق براندي وكونان بصمت في المبنى المشتعل امامهما .
لم يعرفا ان كانت هذه صدفة ام لا ، فالإنفجار حدث بمجرد وصولهم الى المختبر .
إضافة الى بطاقة كايتو كيد التي طارت الى براندي ، كانت البطاقة نفس الأولى تقريبا ، واحد من أوجه البطاقة مرسوم عليه ملامح كايتو كيد المبتسم ، بينما الوجه الثاني به رسالة .
كان الضابط تاكاجي يساعد الناس على اخلاء المكان ، بينما كانت الضابطة ساتو على الجانب تتصل برجال الإطفاء ، ثم بدأت بمساعدة تاكاجي .
" هل يوجد شيء مكتوب على البطاقة ؟ " تحدث كونان بهدوء شديد وهو ينظر الى بطاقة كايتو كيد في يد براندي .
هز براندي رأسه قبل ان يقلب البطاقة ويقول ببطء " الليلة ، عندما يكون نصف القمر ظاهرا في سماء الحقيقة ، سآخذ وبكل سرور كنز ملكة البحار الاسطوري … كايتو كيد "
مع ذلك ، عندما انهى حديثه ظهر عبوس طفيف على وجهه ، بينما قام كونان بوضع يده على ذقنه ، اغمض عينيه وهو يفكر .
نصف القمر ؟ ألم تكن في البداية القمر المكتمل ؟ لماذا قد يغير كايتو كيد من رسالته ؟
أعاد قراءة الرسالة بضعة مرات لعله اخطئ في شيء ما ، ولكن كل شيء طبيعي .
كايتو كيد لا يزال سيسرق الناي الليلة ، ولكن … هل يمكن ان التوقيت سيختلف ؟
لم يستطع الإثنان التوصل لأي شيء في الوقت الحالي .
" ولكن … لماذا قام بتفجير المختبر أيضا ؟ "
لم يستطع كونان إيجاد أي سبب مقنع لهذا مهما حاول التفكير .
صمت براندي للحظة ، هز رأسه وهو يقول ببطء " اجل … لن يقوم الفاعل بتفجير المختبر بدون سبب … "
بعد تفكير طويل ، تمكن براندي من إيجاد ثلاث فرضيات .
أولها هي ان المجرم قد اكتشف دليلا سيقود الى هويته في هذا المختبر ، لذلك قرر تفجيره كاملا والتخلص من أي شيء يهدده ، وهذا منطقي .
الفرضية الثانية هي ان انفجار المختبر لا علاقه له بقاتل آكيو بانزان او كايتو كيد ، بل مجرم اخر كانت له عداوة مع آكيو بانزان او شيء كهذا ، لذلك قرر تفجير المختبر .
ام الثالثة فهي …
اذا كانت البطاقة التي يحملها في يده الآن والبطاقة الأولى التي وجدوها عند جثة العالم قد تم ارسالهما من نفس الشخص ، الا وهو كايتو كيد ، فيمكن القول ان كايتو كيد هو القاتل والشخص الذي فجر المختبر ، وهدفه هو نشر البطاقات التي تحتوي على رسالة سرية ما .
نوعا ما … وجد براندي صعوبة في تصديق الفرضية الثالثة ، ففي النهاية ، لن يفعل ذلك سوى شخص مختل .
نظر الى الضابط تاكاجي والضابطة ساتو ، الذي يبدو انهما مشغولان بإخلاء السكان وسيستغرقون وقتا طويلا للإنتهاء ، تنهد بخفة ودخل السيارة ، قرر فعل شيء آخر في الوقت الذي ينتظرهما فيه .
" ما رأيك بالذهاب الى منزل المدعوة هيماري ؟ "
ماذا ؟
نظر براندي الى كونان بقليل من الإنذهال .
حدق به كونان للحظات ، ثم قال بسخرية " اذا انفجر المختبر فهذا يعني انه ليس لدينا خيار سوى جمع المعلومات منها مباشرة ، انت محقق ، ولكنك لا تستطيع اكتشاف هذا حتى ؟ "
براندي كان عاجزا عن الكلام لفترة من الوقت .
بعد دقائق من تهدئة نفسه ، ابتسم بخبث أخيرا ونظر الى كونان بهدوء ، جيد ، جيد جدا .
تريد التحدي ؟ لنفعل هذا إذًا !
خرج الإثنان من سيارة الضابط تاكاجي ومشيا بعيدا عن المختبر ، حينها سأل كونان " أتعرف اين تعيش هيماري – سان ؟ "
فكر براندي للحظة قبل ان يخرج هاتفه من جيبه ، ذهب الى صندوق الرسائل قبل ان يبحث عن رقم هاتف العجوز جيروكيتشي .
لقد ارسل له وسالة من قبل ، لذلك من المفترض انه قد تم تسجيل رقم هاتفه أيضا .
بعد ثواني عديدة ، وجد الرقم أخيرا ، لم يتردد وأرسل رسالة للعجوز :
( هل تعرف اين تعيش هيمورا – سان ؟ )
دينغ —
اندهش براندي بسماع نغمة استقبال رسالة أخرى ، ولم يعد لحواسه الا بعد مضي عدة ثواني .
واو ! كان رد العجوز فوريًّا !
كانت الرسالة تحتوي على عنوان منزل الآنسة هيماري ، نظر براندي اليه للحظة قبل ان يتشكل عبوس على وجهه .
كان العنوان مألوفا قليلا بالنسبة له …
حسنا ، ربما مر عليه هذا العنوان في احدى القضايا التي حلها من قبل ، لم يهتم له ابدا .
أوقف الإثنان سيارة اجرة متوجهين مباشرة نحو العنوان الذي أعطاه إياهم العجوز جيروكيتشي .
……
بعد عشرين دقيقة ، وصل الإثنان أخيرا الى مدينة ميناتو حيث يقع منزل الآنسة هيماري .
عندها حدق الإثنان في المبنى الذي امامهما بفم مفتوح ، قبل ان يحدقا ببعضهما البعض .
اوه .
انه الفندق الذي يعيش به براندي …
نظر كونان الى براندي قبل ان يقول " انت تعيش هنا ، صحيح ؟ لا تخبرني انك أعطيت سائق سيارة الأجرة العنوان الخطأ "
" اخرس . "
نظر براندي بإنزعاج الى العنوان الذي ارسله له جيروكيتشي ، قبل ان يتوجه الإثنان نحو الغرفة المذكورة في الرسالة .
عندها ، فتح براندي فمه بإندهاش .
أليست تلك هي الغرفة التي بجانب غرفته ؟
' اوي ، لا تخبرني ان ذلك العجوز ارسل لي عنواني عن طريق الخطأ ؟ '
لم يعر كونان اهتماما لبراندي ومشى نحو باب غرفة الآنسة هيماري قبل ان يمد يده ويضغط على زر الجرس .
دينغ دونغ —
بعد عدة ثواني ، فتح الباب ، لتظهر امرأة ذات شعر طويل وترتدي ملابس حمراء .
نظرت الآنسة هيماري بإستغراب الى كونان قبل ان تقول بتساءل " انت … انت ذلك الطفل الذي رأيته هذا الصباح في البرج ؟ ما الذي تفعله هنا ؟ "
مشى براندي نحو كونان والآنسة هيماري ، ثم أجاب بإبتسامة قصيرة " اتينا لطرح بعض الأسئلة عليك ، بأمر من مشرف الشرطة ماتسوموتو – سان ، آمل انك لا تمانعين هذا يا هيماري – سان . "
استجواب ؟
عبست هيماري للحظة ، قبل ان تبتسم هي كذلك وترد عليه ببطء " اذا كان هذا امرا من مشرف الشرطة ، فلا امانع ابدا ! "
بعدها فتحت الباب وأشارت لهما للدخول والتحدث في الداخل .
كان تصميم غرفة هيماري هو نفسه تصميم غرفة براندي .
جلس الثلاثة على الأريكة الحمراء في غرفة الجلوس ، بينما احضرت هيماري لهم بعض العصير ليشربوه .
اخذ براندي رشفة واحدة قبل ان يسأل مباشرة " سمعنا من جيروكيتشي – سان انكِ المالكة الأصلية للناي ، وذلك بسبب ان والدك كان يحدثك عن اجداده القراصنة ، بل حتى اعطاكِ خريطة تمكنتم بفضلها من اكتشاف مكان الناي … اعتذر ان كان هذا شخصيا ولكن ، هل يمكنكِ اخبارنا المزيد من المعلومات عن والدك ؟ "
احضرت الآنسة هيماري كرسيا وجلست عليه ، ثم فكرت لفترة من الوقت قبل ان تجيب " صحيح ، والدي يدعى كوروكاوا ايتسوكي ، كان يعمل غواصًا منذ كان في العشرينيات من عمره . "
صمتت للحظة ثم أكملت " كان شخصا محبا للمغامرة كثيرا ، أتذكر انه عندما كان في عمري خمس سنوات فقط ، كان يحب ان يحكي لي العديد من قصصه في البحر ، حتى انه انشأ كتابا كاملا عن المخلوقات البحرية التي صادفها في طريقه .
وعندما بلغ عمري التسع سنوات ، بدأتُ اسأله عن هدفه في كونه غواصا … ليحكي لي قصة تناقلتها الأجيال في عائلة ايتسوكي ، قال ان حب البحر شيء فطري في عائلتنا ، حيث كان العديد من اجداده يعملون في البحر ، عندها اخبرني حكاية غريبة .
قال لي ان واحدًا من اجداده كان قرصانا عظيما ، كوَّن اسطولا كبيرا من القراصنة وجاب البحار ليحقق أهدافا عظيمة ، حتى انه وجد كنزا اسطوريا ، للأسف ، ضاع منه ذلك الكنز في احدى الأيام ، وتم قتله من قبل بعض القراصنة الآخرين …
حزن اتباع جد والدي وقرروا البحث عن الكنز بدلا عنه ، ولكن مهما حصل لم يستطيعوا ايجاده ، فقرروا انشاء خريطة للمكان الذي ضاع فيه الكنز واهدوها لعائلة قائدهم المتوفي ، عائلة ايتسوكي !
كانت الخريطة تتناقل في عائلتنا لأجيال واجيال ، حتى وقعت أخيرا بين يدي والدي ، اصبح والدي غواصا لهدف واحد لا غير ، وهو إيجاد الكنز الذي ضاع قبل ثلاث مائة سنة من عائلتنا "
في حديثها ، كان بإمكان كونان وبراندي الشعور بمشاعر الدفئ والحزن في نفس الوقت .
بقي الإثنان صمتان للحظة ، قبل ان يسأل كونان " و أين هو والدكِ الآن ، هيماري – سان ؟ "
عند سماع سؤاله ، تشكلت ابتسامة مليئة بالحزن على وجه هيماري وهي تقول " توفيت والدتي عند ولادتي ، لذلك لم يبقى لي في عائلتي سوى والدي ، ومع ذلك ، من كان يتوقع انه وقبل سنتين من ايجادي للناي ، اي قبل سبع سنوات من الان ، اصيب بإنصمام هوائي اثناء بحثه عن الكنز … وتوفي هو أيضا … "
حينها انتبه كونان ليد الآنسة هيماري ، رغم انها اخفتها جيدا ، الا ان هذا لم يهرب من عيني الإثنين .
هيماري هذه … لقد كانت تشد يدها بقوة ، لدرجة انها قد احمرت .
يبدو انها ولسبب ما … غاضبة ، كانت الآنسة هيماري حاليا تندلع في الغضب ، ولكنها حاولت كبحه عمدا امام الإثنين .
حسنا ، يمكن لبراندي توقع السبب تقريبا .
بسبب ناي ملكة البحر ، اضطر العديد من اجدادها للمخاطرة بحياتهم لإيجاده ، بل حتى ان والدها قد دفع ثمنا غاليا في محاولة فعل ذلك .
من لن يشعر بالغضب لو حصل شيء كهذا له .
يبدو … ان الآنسة هيماري كانت تكن حبا شديدا لوالدها .
هذا شيء حتى قصر كامل مصنوع من الياقوت الأزرق لن يستطيع تعويضه .
صمت الثلاثة لعدة دقائق ، عندما رأى براندي ان الغضب في عيون هيماري بدأ يتلاشى ، سأل بهدوء " ما هي علاقتك بالضحية آكيو بانزان ؟ "
" آكيو – سان ؟ " نظرت هيماري الى براندي بقليل من الذهول ثم اضافت بإبتسامة " نحن شركاء عمل منذ خمس سنوات ، هو شخص شغوف ومحب للمعرفة واكتشاف اسرار الماضي ، والدليل على ذلك استمراره في دراسة الناي وتاريخ النحات هاروتو – سان لخمس سنين حتى الآن بدون أي توقف او ملل ، حتى انه اكتشف الهيكل العظمي للنحات قبل شهر فقط !
لو اردتني وصفه بجملة واحدة فسيكون … فضوله للمعرفة لا نهاية له ! "
هز براندي وكونان رأسيهما ، قبل ان يقفا ويقولا وداعهما الى الآنسة هيماري .
رغم ان ما قالته هايماري قبل قليل مفيد للغاية ، ولكن … انه لا يكفي ابدا !
لن يستطيعا تحقيق أي تقدم بهذه المعلومات وحدها ، كما انه يوجد كايتو كيد أيضا ، هل هذا يعني انه يجب عليهم الإنتظار حتى الليل عندما يأتي كيد للبرج لسرقة الناي ؟
تنهد براندي بعمق ، حقيقة هو لم يرد الإنتظار ابدا .
" بالمناسبة ، انت تعيش في هذا الفندق أيضا ، صحيح ؟ أي غرفة ؟ " سأل كونان فجأة وهو ينظر الى براندي .
" لا اعرف ، لقد نسيت ، يمكنكَ استعمال واحدة من أجهزة التعقب تلك لمعرفة رقم غرفتي ، او يمكنك استعمال قدراتك كمحقق واستنتاج رقم الغرفة بنفسك ! " رد براندي بنبرة مليئة بالإنزعاج .
يبدو انه لم ينسى امر جهازي التعقب والتنصت بعد .
" اذا فأنت تعرف بأنني من وضعهم … هاها … " ابتسم كونان بتوتر وهو يحك مؤخرة رأسه ، كان هذا غير متوقع نوعا ما .
نظر اليه براندي قبل ان يقول بصوت عالي قليلا وبإنزعاج " بالطبع ! انت لن تعرف شعور إمكانية تجسس شخص ما عليك طوال الوقت ابدا ! "
نظر اليه كونان وابتسامة ساخرة تتشكل على وجهه .
يفترض ان تكون تلك جملتي وليس انت !
فجأة ، توقف براندي في مكانه ، نظر الى رجل ما كان منبطحا ويحدق في كل مكان في الأرض وكأنه يبحث عن شيء ما .
ابتسم براندي قبل ان يقول مخاطبا كونان " في رأيك ، مالذي يبحث عنه هذا الرجل هنا ؟ "
همم ؟
حدق كونان في الرجل لبضعة ثواني ، قبل ان يقول بعدم اهتمام " ساعة ثمينة ! "
وسع براندي عينيه بإنذهال وهو يسأل " كيف عرفت بهذه السرعة ؟ "
نظر اليه كونان بتعجب للحظات ثم قال وهو ينظر الى الرجل " انظر الى يده اليمنى … "
عند سماع اجابته ، هز براندي رأسه موافقا ، حيث رأى منذ زمن طويل ان معصم يد الرجل به اثار حمراء ، وتلك الآثار تأخذ شكل ساعة يد ، ما يعني ان الرجل كان يرتدي ساعته قبل فترة قصيرة فقط ، ولكنها ضاعت الآن لذلك هو يبحث عنها .
لذلك قرر اختبار كونان ، من كان يتوقع ايجاده للإيجابة بسرعة .
ولكن الفضول تملكه حول شيء ما ، فقرر سؤال الآخر " كيف عرفت انها ثمينة ؟ "
تشكلت ابتسامة قصيرة على وجه كونان قبل ان يقول " لقد كان يفتش جيوبه وملابسه اكثر من مرة حتى الآن ، إضافة الى ملامح التوتر والقلق على وجهه وهو يبحث عنها ، وهذا يدل على ان هذه الساعة التي ضاعت منه إما غالية الثمن ، او انها هدية من شخص عزيز على قلبه … لو كانت مجرد ساعة عادية ، فلن تظهر ملامح القلق عليه ابدا ! "
هكذا اذن …
هز براندي رأسه بموافقة وهو يسمع حديث الآخر ، لم يكن يركز كثيرا في تصرفات الرجل لذلك لم يكتشف هذا .
ابتسم كونان بسخرية قبل ان يقول " كمحقق ، يجب عليك ان تتذكر ان كل تفصيل صغير حتى لو كان غير مهم ، سيساعد في حل القضية . "
وواصل مشيه الى الأمام .
اما براندي ، فقد توقف في مكانه ولم يتحرك لفترة من الوقت ، بينما تعابير الجدية على وجهه .
كل تفصيل صغير سيساعد في حل القضية … بالتفكير في الأمر ، تذكر براندي شيئا ما لم يعره اهتماما من قبل .
" ما الخطب ؟ " سأل كونان .
" هاي … مختبر الضحية هو في مدينة بيكا ، صحيح ؟ لو مشينا من هناك حتى برج ملك البحار ، كم سنستغرق من الوقت ؟ "
" مشيا على الأقدام ؟ ساعة ونصف على الأقل ، لماذا ؟ "
نظر براندي الى كونان ، ثم فتح فمه ليقول ببطء " عندما قمنا بتفتيش منزل الضحية آكيو بانزان ، كانت سيارته لا تزال مركونة هناك . "
" اذن … كيف تمكن الضحية من القدوم الى البرج وفي عنقه ذلك الطوق ؟ حتى لو جاء مشيا ، كان بإمكانه طلب المساعدة من الناس في الطريق ، او الذهاب الى مركز الشرطة صحيح ؟ "
———
نهاية الفصل 62 .
أتمنى ان تكونوا استمتعتوا بالفصل .