أصبحت الشوارع التي كانت تعج بالحركة ذات يوم تعج بأصوات الخطى المتسارعة والتمتمات القلقة للجنود. كما انتشرت همسات اللعنة عبرالحانات ذات الإضاءة الخافتة، وصارت الأسواق التي كانت مزدهرة ذات يوم مهجورة الآن.
أصبح الأمن و النظام الذي ميزّ مورلاي يتأرجح الآن على حافة الفوضى، الفوضى التي جلبها كوسوي.
فورتيجرن، القائد الذي نجا من عواصف لا تعد ولا تحصى من المؤامرات و محاولات الإخلال بالنظام و عمليات الشغب، وجد نفسه غير قادرعلى احباط المكائد التي لا يمكن التنبؤ بها للضّيف سيئ السمعة. أصبحت قوات حفظ النظام المرهقة، يائسة حقا، يزداد تضاؤل معنوياتهم مع كل مطاردة فاشلة، لقد أصبحوا رمزًا مكسورًا لأمل مورلاي المتلاشي.
أدرك كاسبر أنه في حال تأخر سلاح الفرسان الإمبراطوري، فإنّ المدينة ستسقط لامحالة، ما زاد من قهره أنه لم يكن للدخيل أي نية جادة في التعامل معهم، هو فقط يلهو بهم ليمتع نفسه كما لو كانوا دمى لعينة.
"من أين أتى هذا اللعين؟ هل نحن حقا بهذا العجز؟ صرنا جميعا أمامه مجرد معاتيه بلا حيلة. سحقا لهذا."
كاسبر وهو يعض أنامله من الغيظ.
في محاولة يائسة لاستعادة النظام. قام كاسبر يفضل خبراته و مهارته، بالتطويق على الضيف السيئ السمعة، حتى تمكن أخيرا من حصاره و مواجهته وجها لوجه.
"بإسم قوات حفظ النظام في مدينة مورلاي المهيبة، أنت رهن الإعتقال. سلم نفسك الآن و إلا فسأضطر لإستعمال القوة."
"يؤسفني أن أعلمك بأنك مضطر لإستمعمال القوة، وفي حال لم تكن قوتك كافية سوف تلقى حتفك هنا."
نية القتل الصادرة من هالة كوسوي كانت كفيلة بجعل كاسبر يرى العديد من الطرق التي يمكن للشخص أن يموت بها. لو لم يكن الرجل الأقوى في قوات حفظ النظام في مقاطعة مورلاي، لخرّ مغشيا عليه من هول الضغط الذي تسلطه طاقة حضور كوسوي المظلمة.
"م... مالذي تريده منا بحق الجحيم؟"
"لا شيء هيهيهي، فقط أريد أن أشهد المعاناة، إنها متعة لن تفهمها."
أجاب كوسوي و هو يضحك ضحكة لئيمة.
"لما لا تقوم بتنويري؟ أريد أن أفهم هذه المتعة."
"اوه، حسنا، من أين سأبدأ. هيهي، ببساطة أنا شخص يجد متعته في محن الآخرين. صرخاتهم من الألم، موسيقى في أذني. إن كنت ترغب في وصفٍ لهذه المتعة الغريبة، فيمكنك وصفها بالمتعة الملتوية، إنها تملء قلبي نشوة... ااه، تلك الهتافات السادية."
"أنا لم أر في حياتي قط مختلا لعينا كهذا الشخص، من غير المعقول أن يصل الإختلال بشخص ما إلى هذا الحد."
"أنا أعلم بالفعل ماتحاول فعله منذ البداية. أنت تحاول شراء الوقت إلى أن يصل سلاح الفرسان. لكن هذا لن يفيدكم في شيء. هيهههيهي."
همس كوسوي في أذن القائد كاسبر، و قبل أن تتمكن عيناه من رؤية ذلك، كان كوسوي قد تحرك بسرعة خاطفة مباشرة خلفه ليهمس بهذه الكلمات. قبل أن يستوعب القائد ما حصل، إذ برأسه يفصل عن جسده، محلقا في الفضاء ببطىء و كأن الوقت تجمد بضع لحظات، ليسقط على الأرض وسط الدماء التي ينزفها جسمه.
بسقوط الرجل الأقوى في المدينة أصبحت مهمة القبض على كوسوي مسألة بعيدة المنال. مصير مورلاي على المحك، ومواطنوها، الذين كانوا فخورين بتراثهم و نظامهم، يرتعدون الآن من الخوف.
في قلب الفوضى، وصل أخيرا سلاح الفرسان الإمبراطوري إنها قوة الدفاع الأولى في الإمبراطورية كلها. تنفس المتساكنون و الناجون من قوات حفظ النظام الصعداء، الجميع يعرف مدى قوة سلاح الفرسان و بطشهم بالأعداء. فور وصول الفارس، أظهر الأخير قدرة غريبة، حيث انتبعثت من جسده هالة صفراء أولا، ثم قام بتفعيل قدرته لإنشاء قنابل ضوئية للحد من تحرك الدخيل. زينت القنابل الضوئية السماء كما لو كانت إحتفالا لألعاب نارية. ثم تحولت كرات الضوء الصفراء للقنابل الضوئية، إلى أعمدة تنزل على الأرض بقوة مخلفة دمارا هائل. كانت تقنية هذا الفارس قوية جدًا لدرجة أنه لم يكن أحد من المتساكنين في هذه المقاطعة يعتقدون بوجود شخص في الإقليم يملك قوة كهذه. مع العزم المشتعل في عينيه، تقدم الفارس الإمبراطوري إلى الأمام، مقدما بصيصا من الأمل للمدينة المحاصرة.