سقط كوسوي على الأرض بعد أن فصل هجوم السير ألدريك نصفه العلوي عن نصفه السفلي ، و بعد الكشف عن هوية هذا المجرم اتضح أنه ليس إلا شابا بعمر الأربعة وعشرين، كان يرتدي عباءة سوداء مزينة بنقوش ذهبية، و قد تباينت بشرته الداكنة مع شعره الأسود، كان يملك عينان أشبه بعيني ثعبان بلون ذهبي، عند النظر إليهما تبدو لوهلة وكأنها على وشك أن تخترق روحك. حول رقبته، انزلقت أفعى مامبا سوداء، كانت رفيقة طفولته الوحيدة، وجودها حول رقبته يعطي انطباعا مخيفا عن الظلام الذي يسكن روحه. كان كوسوي إرهابيا دوليا بلغت شهرته القارات الخمس، حيث اقترن إسمه بالعديد من الحوادث المروعة والتي تناقلتها الصحف و الأخبار. جعل كوسوي لنفسه اسما لامعا كأحد أخطر الأشخاص في العالم.

بأسماء عديدة في جميع أنحاء الأقاليم الخمسة، قد لا يعلم الجميع كيف يبدو لكن اسم كوسوي أشهر من نار على علم. كان الناس حول الأقاليم الخمسة يلقبونه بألقاب مختلفة مثل جالب الفوضى، ساحر الظل، والخبيث. همس البعض عنه على أنه لعنة ليليث، لكن لقبه الأكثر شهرة و الذي يبعث عند سماعه إلى عمودك الفقري رعشة من الرهبة، كان ا"لمامبا السوداء."

"إذن فهذا هو المامبا السوداء بلحمه و دمه! لاعجب أن القائد كاسبر و جميع قوات حفظ النظام كانوا عاجزين أمامه. سعيد لكوني أنا من وضع حدا لشر هذا المجرم." قال السير ألدريك بنبرة يغذيها الفخر.

فور أن هم الفارس الإمبراطوري بالرحيل، صعقه شعور مريع، انتفض بسرعة متخذا وضعية دفاعية، لكن لم يكن هناك شيء، أعاد النظر إلى الجثة مرة أخرى.

"إنها تبدو كما كانت عليه، لا شيء مريبا حولها لكن ماهذا الإحساس الفظيع، إنه يخترق قلبي كإبر حادة." السير ألدريك يخاطب نفسه.

فجأة و بشكل غير متوقع، نطقت جثة كوسوي المقطوعة إلى نصفين.

"إذن هذه هي قوة أحد أقوى ثلاثين شخصا في الإقليم الغربي بأسره. يال الخيبة هيهيهيهي."

تجمد السير ألدريك في مكانه، يحاول ايجاد تفسير لما يجري، وقبل أن يستوعب الأمر تحرك تلقائيا وغرس سيفه في قلب الجثة الناطقة، لكن هذه الجثة تحولت إلى دخان أسود تلاشى تدريجيا في الجو مع ضحكات و همسات و كلام غير مفهوم كما حدث في المرة الأولى تماما،ولكن هذه المرة حدث ذلك بشكل صاخب و مخيف أكثر.

"سحقا، لم يكن علي إرخاء دفاعي أبدا، أيتها الدودة اللعينة كيف تجرؤ على السخرية من سلاح الفرسان الإمبراطوري." الفارس يتحدث مع نفسه، وقد كاد ينفجر قلبه من شدة الغيض.

تحرك السير ألدريك لتعقب المامبا السوداء، كان الأخير يخلف وراءه آثارا تدل على مروره من ذاك المكان، هذه الآثار كانت إما عبارة عن بقع دماء متناثرة على الأرض و الجدران، أو جثث قتلى مرمية هنا و هناك، و إما منازل مهدمة أو تشتعل بالنيران. لم يكن كوسوي يترك خلفه سوى آثار للموتو الدمار.

عجز الفارس عن إيقاف سلسلة القتل و التخريب هذه، جعلته يفقد أعصابه مع كل دقيقة تمضي و مع كل مشهد مروع كان داخله يتقطع من العار و الخزي، لقد أقسم أن يقتل هذا السفاح و لو كان ذلك آخر شيء في حياته.

دخل الفارس إلى أحد أحياء مورلاي، لم يجد شيئا مثيرا للشبهة، تجول عبر أزقة الحي للتأكد من عدم وجود أثر للمجرم، إلى أن وجد شيئاما، كانت

كتابة على جدار أحد المنازل، كتبت بدماء أحدهم.

"أحسنت اللعب، مائتان قتلوا دفعة واحدة، تحسن ملحوظ."

كانت توجد كتابة أخرى تحتها بخط أصغر :

"ملاحظة : إذا حاولت الإعتداء على المشرف مجددا فلن تكون هناك جائزة، لأنه سلوك غير مهذب، تحلى ببعض الذوق و لنلعب بروح رياضية، توقيع المشرف."

ازداد غيض السير ألدريك، هذا المختل يوشك أن يفقده عقله.

"فقط إلى أي مدى يمكن للشخص أن يتمادى في أفعاله الشنيعة، لكن هذا... هذا يفوق كل التصورات." السير ألدريك مخاطبا نفسه.

واصل الفارس التقدم عبر الزقاق إلى أن وصل إلى ساحة الحي، حيث كان مشهد لمجزرة مروعة في انتظاره.

مجموعة من الجثث لضحايا من سكان المدينة، مقتولة بطريقة وحشية، لكن هذه المرة شاب هذا المشهد شيء غريب.

كانت جثث الضحايا موزعة على ساحة الحي بطريقة مشبوهة كما أن العديد منها كان ملقًا على الأرض بوضعية غريبة.

"مالذي يعنيه هذا، بحق أبواب الجحيم السبعة؟" صاح السير ألدريك بصوت يخنقه شعور الخزي.

لقد تمكن كوسوي من نشر سم اليأس في قلب الفارس الإمبراطوي، والذي بدأت أعراضه تظهر عليه أكثر فأكثر.

قفز إلى سطح أحد المنازل ليلقي نظرة على نطاق أوسع. لقد فهم أخير المغزى من وضع الجثث بتلك الطريقة، لقد كانت رسالة.

قبل أن يقرأ الرسالة كان تفكير الفارس مشغولا حول كيفية أن يمكن لشخص هارب أن يجد الوقت و الجهد الكافي لقتل العشرات و كتابة رسالة بواسطة جثثهم.

"إنه شيطان حقيقي، (صفع نفسه) ليس هذا وقت الحيرة، علي أن أجده في أقرب وقت."

أعاد نظره إلى الجثث ليقرأ ما تحمله الرسالة.

"الخراف في خطر."

"الخراف في خطر ؟ مالذي يفترض لهذا الهراء أن يعني؟ الخراف... في خطر... الخراف... الخراف... الخرااااااف!!!!" صاح السير ألدريك!

"كيف أمكنني أن أغفل عن أمر كهذا؟؟ سحقا، سحقااا."

بأقصى سرعته، هرع السير ألدريك إلى مكان معيّن. لقد تمكن أخير من فهم مقصود الرسالة.

2023/12/10 · 32 مشاهدة · 775 كلمة
نادي الروايات - 2025