عندما قام كوسوي بتفجير الجزء الجنوبي لمقاطعة مورلاي ردّا على هجوم السير ألدريك الذي نفذه أول وصوله، أصبح سكان المدينة في حالة هستيرية من شدة الفزع.

غادر الكل الساحة ركضا مختبئين في أماكن مختلفة، أغلب سكان المدينة احتموا في حضيرة نائية على أطراف المقاطعة بأمر من الفارس الإمبراطوري، ظنا منه أنها المكان الأكثر أمانا في الوضع الراهن.

في الواقع كان ظنه صائبا إلى حد ما، إذ لم يبق من مواطني المدينة ناج سواهم.

لوضع النقاط على الحروف، كان كوسوي مختبئا معهم في الحضيرة منذ البداية، كان مستمتعا بمشاهدة تعابير الخوف و اليأس تطغى على وجوههم و تأكل أرواحهم ببطىء. حالة الذعر التي كان عليها اللاجئون وسط الحضيرة، منعتهم من ملاحظة وجود غريب بينهم. الكل يصلي من أجل حياته. أمّا الذئب، فكان طوال الوقت متخفيا وسط الخراف.

من فتحة تحت باب الحضيرة دخلت الأفعى التي كانت ترافق كوسوي.

"عمل جيد، كما هو متوقع من فتاتي."

كوسوي وهو يربت على رأس الأفعى.

لم تكن أفعى كوسوي مجرد مامبا سوداء عادية، على خلاف بقية الحيوانات، لقد طورت قدرتها في ظروف غامضة على استعمال طاقة حياتها لتأخذ شكل هالة كهالة البشر، (جميع الكائنات الحية تملك طاقة حياة لكن النباتات و الحيوانات على خلاف البشر غير قادرة على التحكم فيها، أو تطويرها، فقط تستهلكها و تعيد تجديدها بشكل غريزي).

على خلاف ذلك تستطيع أفعى كوسوي التحكم في طاقة حياتها لإنشاء هالة تمكنها من تفعيل تقنيات هجومية أودفاعية تماما مثل البشر، حتى أنها تستطيع التحول لهيئة بشرية لمدة محدودة ثم تعود لشكلها الطبيعي. كان هذا التطور ممكنا نتيجة أبحاث و تجارب كثيرة خضعت لها هذه الأفعى طوال طوال حياتها رفقة سيدها. كما أنها طورت رفقة كوسوي قدرتها على التواصل معه بأشكال متعددة كالتخاطر و ربط الحواس.

هذا يوضح كيف استطاع كوسوي أن يحدث هذه السلسلة من القتل و التخريب على الرغم من تواجده وسط المدنيين في الحضيرة طوال الوقت.

اقترب السير ألدريك من مكان الحضيرة، فور أن وصل إليها، كانت الصدمة.

المكان برمته قد مسح بالكامل، كما لو لم يكن له وجود من الأساس. لقد اختفت الحضيرة!!

صاح السير ألدريك :

"كيف لحظيرة بمساحة عشرة آلاف متر مربع أن تختفي هكذا فجأجة، أقسم أني تركتها هنا قبل أن أذهب لمطاردة ذلك اللعين."

أخذ الفارس يتفحص المكان لإيجاد أثر أو دليل من شأنه أن يساعده على تفسير ما حدث، إلى أن وجد رسالة أخرى منقوشة على صخرة بارزة في المكان.

"من المتعب مطاردة الجميع في أماكن متفرقة، جمعك لأغلب قرود مدينتك الأبرياء في مكان واحد سهل عليّ الأمور كثيرا."

كانت هذه الرسالة بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير. انهارت معنويات الفارس الإمبراطوري تماما. سكان مورلاي، مَن كان من المفروض أن يكون المسؤول الأول عن حمايتهم. قد قادهم بنفسه إلى هلاكهم.

لك أن تتخيل وقع هذا الأمر على حامل فخر سلاح فرسان الإمبراطور. لقد فشل فشلا ذريعا في أداء واجبه. كان يفكر بجدية أن يقدم على الإنتحار و ينهي هذه المهزلة التي يعيشها.

على نفس الحجر توجد رسالة أخرى بخط أصغر، هذه المرة كان الفارس مترددا، لم يرغب حقا في قراءة فحواها. هذه الرسائل أصبحت أسوء كوابيسه.

لم تعد لديه الجرأة أو القوة على تحمل المزيد. لقد انهار السير ألدريك.

"أيها الأب بيترولوس، لأربعين عاما كنت الحصن المنيع لمقاطعة مورلاي. طوال تواجدك فيها لم يجرؤ أحد على الإقتراب منها، لو كنت بيننا الآن لما حدث أيّ من هذا، ماذا كنت لتفعل لو كنت مكاني."

بصوت حزين و نبرة يائسة يناجي السير ألدريك روح بيترولوسالعائمة بين النجوم.

استجمع الفارس الإمبراطوري شتات نفسه و نهض على قدميه، أعاد النظر في الرسالة المنقوشة على الحجر. الكتابة في الأسفل كانت تقول:

"على أحد الأشجار نَقشتُ سبيل خلاصك، عند مطلع الفجر يكون الأوان قد فات. مع تحياتي، المشرف."

2023/12/11 · 20 مشاهدة · 575 كلمة
نادي الروايات - 2025