---

الفصل السادس – بين الظل والضوء

استفاق ليام في الصباح على صوت خافت، كأن نافذة تتنفس، وعلى ضوء الشمس الذي ينساب عبر الستائر، يرقص فوق الأرض كما لو أنه يعبر عن شيء لم يكتمل بعد. كانت الغرفة هادئة، ولكن تلك الهدوء كان مشوبًا بشيء غير مرئي، شيء يستعد للكشف عن نفسه.

كانت الشمس تداعب وجهه بلطف، لكنها تركت في قلبه إحساسًا غريبًا؛ كان يتساءل إذا ما كانت تلك اللحظة هي بداية شيء مختلف.

"هل هو مجرد يوم آخر؟ أم أن هناك اختبارًا ينتظرني؟" فكر في نفسه وهو يتأمل الضوء الذي يدخل الغرفة، يشعر بشيء من القلق يساوره.

بعد لحظات، نهض ليام ببطء. خطواته تتنقل بين الشوارع الضيقة التي كانت تمتلئ بحياة مدينة ساو باولو. كان يسمع ضحكات الأطفال في الأزقة حيث كانوا يركضون خلف كرة قديمة، لعبتهم المفضلة، حيث لم يكن هناك من يحاسبهم سوى الشمس. كانت تلك اللحظات تجعل قلبه يرفرف، يذكّره بحلمه الذي بدأ يبتعد عن الواقع ليصبح شيئًا ملموسًا.

لكن رغم حماسه، كان قلبه مشوشًا، كان يعرف أن هناك شيئًا أعمق من مجرد اللعبة في انتظار. كان كل شيء هنا يعكس شغفًا مختلفًا، ولكن هل كان هذا هو المكان الذي سيختبر فيه إرادته؟

في تلك اللحظة، بينما كان يسير في الأزقة، شعر بشيء غريب، كما لو أن الزمان قد توقف. الصوت تلاشى فجأة، وامتلأ عقله بشيء لا يستطيع تفسيره.

"اختبار الإرادة يبدأ الآن."

كانت هذه الكلمات تظهر في ذهنه، تتردد، وكأنها تنبع من مكان بعيد في نفسه. لكنه كان يتساءل، هل هي حقيقة؟ أم مجرد فكرة يتلاعب بها عقله؟

نظر حوله، وفي الزاوية البعيدة من الحي، شاهد ظلًا رماديًا يتراقص على الحائط، ظلًا غير واضح المعالم، لكنه كان موجودًا، ينتظر.

لم يكن يعلم ما هو، لكنه شعر أن هذا ليس مجرد وهم. كانت هناك رسالة في هذا الظل، رسالة يريد أن يتلقاها.

"هل سيكون هذا هو الاختبار؟ هل هي دعوة للمواجهة؟" تساءل ليام، مستمرًا في التقدم نحو هذا الظل، الذي اختفى فجأة كما لو أنه كان جزءًا من حلمه.

عندما عاد إلى غرفته، وجد كرة سوداء صغيرة على الطاولة أمامه. كانت تتوهج بشكل غريب، وكأنها تحمل في طياتها شيئًا لا يمكن فهمه في هذه اللحظة.

أمسك بها بحذر، وعينيه تتنقل بين الضوء والظل، بين ما هو حقيقي وما هو غير مرئي. أدرك في تلك اللحظة أن اللعبة ليست مجرد مباراة كرة قدم. بل هي اختبار آخر، اختبار لم يكن يتوقعه. كان يعلم أن هذه الكرة تمثل أكثر من مجرد أداة للعب؛ إنها مفتاح لفهم نفسه.

أثناء التدريب، كانت الأجواء مشحونة بالتوتر، الجميع يركضون خلف الهدف، لكن ليام كان يشعر بشيء آخر، شيئًا مختلفًا. كان المدرب يقف في الزاوية، يراقب الجميع بعينين حادتين، كأن كل حركة في الملعب كانت جزءًا من اختبار أكبر.

"أنت هنا لأنك ستجد نفسك هنا، في هذا الاختبار الذي لن يكون فقط في الملعب." قال المدرب، عينيه تتخللان أعماق ليام.

"لكن هل تعرف من أنت؟ هل تعرف لماذا أنت هنا؟"

كانت الكلمات كالرصاص الذي يضرب قلبه، لكن ليام لم يجد الإجابة. كان يعلم أن هذه اللحظة لن تُختصر بالكلمات، وأن الاختبار الأكبر هو أن يواجه نفسه أولًا.

"الاختبار ليس في الركلات أو التمريرات، بل في قدرة قلبك على الاستمرار في مواجهة ما لا تراه."

في تلك اللحظة، شعر بشيء يتحرك داخله، كما لو أن قلبه ينبض بقوة أكبر. أصبح يدرك أن الاختبار لم يكن في قدراته الرياضية فقط، بل في إرادته، في عزيمته على الاستمرار مهما كانت الظروف.

في المرآة أمامه، رأى انعكاسه. لكنه لم يره كما كان من قبل. كان يرى شخصًا آخر الآن، شخصًا مدفوعًا بأهدافه، لكنه يعاني من خوف داخلي. لكنه أيضًا كان يعرف أن هذا هو الطريق الذي اختاره.

"لن يكون الطريق سهلاً..." قال ليام لنفسه، وهو يتنهد.

اختبار الإرادة لم يكن مجرد تحدٍ رياضي. كان اختبارًا لما وراء اللعبة. كان اختبارًا للروح، لا للقدرة البدنية فقط.

---

الاختبار لم يكن في الملعب فقط، بل في كل خطوة يخطوها، في كل قرار يتخذه. والآن بدأ ليام يدرك أن هذه اللعبة هي اختبار طويل. اختبار لا يتوقف. اختبارٌ للروح، للإرادة، وللحلم.

هل هو مستعد لمواجهة الظلال التي ستظهر له في طريقه؟

2025/05/13 · 8 مشاهدة · 641 كلمة
نادي الروايات - 2025