أمسك باللفافة في يده و شعر بالإمتنان تجاه بالري . هذا الأحمق لم يستخدم اللفافة قط , و هذا ما يمنح إبرو خمس فرص للحياة إن استطاع استخدامها بشكل مناسب . ما أثار انتباهه لاحقا هو خريطة عالم ريونيد التي اكتسبها من بالري . رغم أنه لازال يشعر بالحيرة إزاء اسم هذا العالم الذي هو فيه الآن , هل هو عالم ريونيد أم عالم نرو كما أخبره بالري من قبل , لكن ما استطاع الخروج به من بالري و من كل هذه التنبيهات أن هذا العالم حقيقي تماما و ليس مجرد لعبة . ما خمنه كذلك أنه موجود في العالم بصورة مجازية و ليس بهيئته الأصلية و إلا فإن مات فلن يمكنه العودة من جديد للحياة . هذا الخليط العجيب بين الواقع و اللعبة الإفتراضية جعله لا يعلم إن كان بالفعل في الواقع أم في الخيال ! بغض النظر عن أي شيء شعر ببعض من الإثارة و كثير من الترقب لأنه قد أمسك بين يديه أول خيط سيدله على حقيقة لعبة ريونيد . فهل عالم ريونيد أو نرو أو ما كان اسمه هو بالفعل ما وراء لعبة ريونيد و محاولة سيطرتها على العالم و تغيير أوضاعه ؟ هذه اللعبة رغم أنه قد لعب فيها قرابة الخمس سنوات كاملة إلا أن يوما بعد يوم لازال يتعلم أشياء جديدة بشأنها . أمسك بالخريطة التي كانت على هيئة حجر صغير في حجم كف اليد مصقول من الجانبين ذي لون برتقالي خافت يشع بعض من الضوء كل عدة ثوان . شعر بحرارة خارجة من الحجر حين أحكم قبضته عليه لكن لم يحدث شيء حين ضغط على الحجر , لذا أخذ يقلبه بين يديه متفحصا إياه بعناية ليقوم في النهاية باستخدام سكلة التقصي خاصته ليجد نفسه بغتة واقفا في مكان غريب تحيط به السحب من كل إتجاه . بدا كما لو كان في السماء و الأرض أسفل منه محدد عليها خطوط و أشكال غريبة . كانت الخريطة ضخمة بشكل أدهشه للغاية . نظر للخريطة محاولا فهمها بشكل كامل لكنه أيقن خلال الدقائق الأولى لفحصه لها أن تلك الخريطة بالفعل عملاقة . هو يوجد في أحد أطراف الخريطة و التي يحدها سور كبير مكتوب فوقه اسم سور أبيدون . كان السور يمتد محيطا بالخريطة العملاقة بشكل جعل إبرو يتسائل إن قام بالتحرك موازيا للسور كما كان يفكر كم سنة كان سيستغرق حتى يصل إلى ربعه ربما . أخذ يبحث في المنطقة حوله , فالخريطة بدت عصية على أن يفهمها على مرة واحدة . بعد تفحصه بصعوبة للمنطقة المحيطة به استطاع أن يكتشف وجود مدينة صغيرة توجد على مسافة تبعد حوالي ثمانين كيلو مترا تقريبا . لاحظ أن الخريطة بها ألوان عدة , فالمنطقة المجاورة للسور يحيط بها اللون الأحمر القاتم بشكل غريب . بجوار تلك المنطقة توجد منطقة باللون البرتقالي يليها منطقة باللون الأصفر ثم الأخضر الباهت ثم الأخضر الزمردي ثم أللون الرمادي و بعدها البني ثم الرمادي الغامق و أخيرا اللون الأسود . لاحظ أن المنطقة الخاصة باللون الأسود تعتبر أضيق المناطق على الخريطة و أقلها مساحة على الإطلاق . لاحظ كذلك أن مدينة أبيدون تقع على تخوم هذه المنطقة , أي أنها ليست في مركز العالم الحالي . فكر فيما تعنيه هذه الألوان , هل هي مقياس لدرجة الخطورة أم مقياس لشيء آخر . تحسبا لأي موقف خطير قد يجد نفسه فيه اعتبر أن الألوان تلك مقياس للخطورة . أعاد التدقيق في تلك المدينة الصغيرة القريبة منه ليجدها ضمن منطقة اللون البرتقالي و هذا ما يعني أنها ليست في مثل خطورة المكان الذي هو فيه الآن . فكر في الخروج من الخريطة ليجد نفسه قد عاد من جديد فوق الغصن الذي هو فيه الآن .

-هل أقوم باستخدام اللفافة للانتقال إلى المنطقة القريبة من المدينة أم لا ؟

كان ذلك هو السؤال المهم الذي يراوده الآن . ظل يتلفت في المنطقة المحيطة بالشجرة التي هو عليها محاولا إلتقاط أقل إشارة إلى وجود هذا الوحش الصامت . ما جعله مترددا من السير تجاه هذه المدينة بشكل مباشر و التضحية بإستخدام اللفافة الأسطورية هو عدم مقدرته على إكتشاف وجود الوحش في المنطقة حوله , ناهيك عن فرضية ألا يكون الوحش بمفرده و أن هناك قطيع كامل من هذا الوحش المخيف . كلما تذكر فكي الوحش و هما تطبقان على بالري شعر برجفة لا إرادية في جسده مصحوبة ببرودة مخيفة . المشكلة أنه لو تم قتله فسيخسر كل المعدات الأسطورية الخاصة به إضافة إلى كم العملات الذي يحمله . فكر قليلا في هذه المشكلة ثم قرر أن يقوم بتحويل أغلب المعدات الأسطورية و عشرين من العملات الأبدونية إلى آية . سيترك فقط في مخزنه الشخصي ثلاث أسلحة من المستوى الأسطوري و أغلب عملات أبيدون . هو لا يخشى من فقدان تلك العملات , لكنه قام بتحويل ما يكفي ويفيض عن حاجة آية و أعضاء فريقه . كلما تذكر أولئك الكسالى شعر بالغضب تجاههم لكنه لا يمتلك الوقت بعد لتأنيبهم على عدم إضافته في اللعبة كما اتفق معهم من قبل . المعدات الثلاث التي تركها معه كانت بحاجة لمستوى مرتفع للغاية أقلهم بحاجة لمستوى مئة و ثمانون . هو لا يعرف الوضع في المدينة التي سيذهب إليها لكنه قد يحتاج لمبادلة تلك الأسلحة بعملات أبيدونية إن احتاج لشراء شيء ما من هناك . بعدما انتهى من كل تحضيراته تحسبا لظهوره في مكان يحتوي على وحوش مثل التي قابلها لتوه أو أخرى أكثر شراسة منها , أمسك باللفافة من جديد ثم فتحها و وجدها مقسمة إلى نصفين , أحدها خاص بالقتال و الأخرى بالإنتقال . قام بنطق تعويذة تفعيل الإنتقال . بعد ثوان خمس شعر بأن بصره بغتة صار يرى على مسافات بعيدة للغاية . فاجأه الأمر تماما و شعر بالغرابة و الدهشة و الإرتباك ليقف في مكانه حائرا ماذا يفعل . بعد ثوان استطاع فهم تقريبا ما يحدث ليشعر بالراحة و السعادة . فكان أحد العوامل التي يخشاها أن ينتقل إلى مكان بعيد عن المدينة و حينها يجابه مخاطر ريونيد بنفسه . حين قام بتفعيل اللفافة تغيرت نظرته لما حوله و هذا يعني أنه يرى الآن المكان الذي سينتقل إليه . كانت المنطقة التي ينظر لها مختلفة جذريا عما هو فيها الآن , فالأرض مغطاة بحشائش بنية اللون و تنتشر الكثير من الأشجار التي لا تقارن بالشجرة التي يقف عليها الآن من حيث الضخامة , فقد كانت أقل حجما بكثير . كانت السمة الأبرز هو وجود عدد كبير من الوحوش ذات الرأس المغطاة بالفرو و بعضها يشبه البشر في شكله الخارجي و إن حملت ملامح وجوههم الفرو الأحمر المميز لتلك الوحوش . فكر في استخدام سكلة التقصي عليهم ليجد أنه لا يمكنه فعل ذلك . نظر للأرض البنية من حول الوحوش محاولا معرفة إن كان هناك وحوش مثل التي قابلها هنا أم لا دون جدوى . حاول بعدها التحرك ببصره من المنطقة التي يراها ليتفاجأ أنه يمكنه التحرك إلى الداخل , أي أن بإمكانه الانتقال لمسافة تقل عن مئة كيلومتر . تذكر مكان المدينة بشكل تقريبي و أخذ قرابة ساعة في بحثه الدؤوب حتى استطاع أن يجدها . على النقيض مما استشعره من خريطة ريونيد , كانت المدينة التي أمامه ضخمة للغاية , أضخم من أكبر المدن التي زارها قديما في حياته الماضية . كان السور العملاق الذي يبلغ مئة متر إرتفاعا ممتدا على مرمى البصر . حاول أن يدخل ببصره داخل المدينة لكنه اكتشف وجود هالة تحيط بالمدينة من مسافة تبعد قرابة مئة متر من سورها تمنعه من دخول نظره للمدينة . أخذ يتحرك ببصره حول السور حتى استطاع إيجاد بوابة مفتوحة على مصراعيها . أطال النظر نحو البوابة العملاقة و التي تصل في إرتفاعها إلى إرتفاع السور نفسه و إن أحاط بها برجين عظيمين يمتدان على جانبي البوابة بشكل نصف دائرة تقريبا . كان البرجان يرتفعان للأعلى مسافة تفوق المئة متر بكثير . لم يتسرع إبرو بالإنتقال نحو البوابة , حيث ظل يراقبها عن كثب لمدة ساعتين تقريبا . خلال ذلك الوقت استطاع رؤية عدد من الأشخاص الذين يدخلون و يخرجون من بوابة المدينة بشكل سلس و دون أن يتعرض أي منهم لأي هجوم من قبل الوحوش أو أي عدو . كان ما يهمه هو خلو المنطقة حول المدينة من أية وحوش , كذلك هو بحاجة للتيقن من عدم وجود أشخاص مثل بالري في المنطقة المحيطة بها . لاحظ وجود عدد من الحراس المتمركزين عند بوابة المدينة . أشعره ذلك بمزيد من الطمأنينة . اتخذ قراره بالتحرك فورا صوب مكان بقرب بوابة المدينة ليجد المكان حوله قد تحول لظلام دامس لثوان بعدها ظهر في المكان الذي كان يراه بعينيه . تلفت حوله في سرعة ليجد المكان خاليا من أية وحوش أو كمائن منصوبة له . لم يشعر بالراحة بعد فلازال خارج حيز هذه المدينة القوية . نظر نحو البوابة ليجد أن ظهوره المباغت هكذا قد جذب انتباه الحراس هناك , ليتحرك اثنين منهم نحوه في خطوات سريعة . شعر إبرو بالخطر منهم , فعلى ما يبدو أن مستواهم أعلى بكثير من مستواه الحالي . في لحظة قام بإخفاء اللفافة الأسطورية في مخزنه حتى لا يراها أحد . تذكر أنه لم يقم بعد بإضافة النقاط الخاصة من ترقيه في المستوى , فقد كان مشغولا بكثير من الأمور . شعر بالحماقة إزاء نسيانه لتلك الجزئية الهامة , هذه لم تكن مرته الأولى لنسيانه أمور مهمة وسط شعوره بالخطر أو الإرتباك . قرر بحزم أن يتدرب بشكل أكثر جدية لتعديل هذه النقطة السلبية في شخصيته و إلا وجد نفسه في موقف لا يعرف الفكاك منه كالموقف الذي هو فيه الآن .

-مرحبا بك أيها الغريب , لماذا لم تقم بالإنتقال لداخل المدينة مباشرة ؟ أنت تعرف جيدا مدى خطورة التواجد خارج أسوار مدينة شونتي .

2020/02/07 · 593 مشاهدة · 1496 كلمة
Ranmaro
نادي الروايات - 2024