في الطريق إلى العاصمة...
استمر الطريق طويلاً، وكانت السماء تتلبد بالغيوم كأنها تعكس الأجواء المتوترة بين ويليام وأدريان. بعد لحظات من الصمت، قاطع صوت حوافر الخيل أفكارهم حين وصل رسول آخر على جواده، يحمل خبراً جديداً.
قال الرسول وهو يلهث: "سيدي ويليام، سيدي أدريان، وصلت أخبار من الجنوب. الأوضاع هناك أسوأ مما كنا نظن. تمرد جديد اندلع في قرية حدودية، ويبدو أن هناك أيدي خفية تحركه."
نظر أدريان بقلق إلى ويليام، وقال: "هذا ليس وقت الجدال حول المثاليات، ويليام. الأمور تخرج عن السيطرة."
أجاب ويليام بثبات: "وهذا بالضبط سبب أهمية موقفنا. لا يمكننا الاستمرار في تجاهل المعاناة، أدريان. علينا أن نفعل شيئًا مختلفًا هذه المرة."
قبل أن يرد أدريان، قطع الرسول حديثهما: "الإمبراطور أمر بالتحرك فوراً إلى العاصمة دون تأخير. يبدو أن الوضع يتجاوز الجنوب وحده."
تبادل الرجلان نظرات مليئة بالتوتر، ثم أومأ أدريان للرسول وقال: "سنتبع التعليمات."
تحرك الموكب بسرعة أكبر نحو العاصمة، حيث بدأت الغيوم المتجمعة تنذر بعاصفة وشيكة.
في القصر، بعد ساعات من مغادرة ويليام وأدريان...
كانت فيوناريا جالسة قرب نافورة صغيرة في الحديقة، تراقب انعكاس صورتها في الماء. بدت شاردة الأفكار، حتى جاء كايدن وجلس بجوارها بصمت.
قال كايدن بعد لحظة: "هل تعتقدين أنهم سيكونون بخير؟"
ردت فيوناريا بنبرة قلقة: "لا أعرف... لكن لدي شعور بأن هذا الاجتماع سيكون بداية لشيء خطير."
أجاب كايدن بثقة: "ويليام قوي، وأدريان كذلك. لا داعي للقلق. المهم أن نكون نحن مستعدين لما قد يأتي."
نظرت فيوناريا إليه وقالت: "كايدن، إذا جاء يوم واحتاجت الإمبراطورية لنا... هل ستكون مستعدًا للتضحية؟"
أجابها بعد تفكير عميق: "إذا كان هذا يعني أن أكون جزءًا من تغيير حقيقي، فالإجابة نعم."
صمتت فيوناريا، لكنها شعرت ببذرة أمل تتفتح داخلها. ربما، برغم كل هذا الظلام، يمكنهم أن يكونوا الضوء الذي تحتاجه الإمبراطورية.
في الطريق إلى العاصمة...
بينما يسير الموكب على الطريق، وصل ماكسويل على جواده بسرعة واضحة. كان وجهه متجهمًا وكأنه يحمل أخبارًا لا تُبشر بالخير.
قال أدريان بدهشة: "ماكسويل؟ ما الذي أتى بك بهذه السرعة؟"
رد ماكسويل وهو يسحب نفسًا عميقًا: "لقد انتشرت الأخبار في العاصمة. الثورة ليست مجرد شائعات. إنها حقيقية، وتنظمها مجموعات من داخل الإمبراطورية نفسها، وليست مدعومة من الخارج كما ظننا."
رفع ويليام حاجبيه وقال بجدية: "ثورة ضد من؟"
أجاب ماكسويل: "ضد الفساد والطبقية التي تفترس الإمبراطورية. هؤلاء الناس يطالبون بالعدالة، ولكن الأمور تخرج عن السيطرة. هناك مواجهات عنيفة بالفعل."
قال أدريان بحذر: "وهل نحن هنا لدعم الإمبراطور أم لتهدئة الثورة؟"
صمت الجميع لوهلة، ثم قال ماكسويل: "الإمبراطور أمر بالاجتماع لأنه يعلم أن الأمور قد تتدهور. علينا أن نكون مستعدين لأي قرار."
في القصر، بعد مغادرة الجميع...
كانت فيوناريا وكايدن في الحديقة، يعتنيان بالزهور معًا. كانت فيوناريا تُمسك بزهرة صغيرة بلطف، تنزع الأوراق الذابلة عنها.
قالت وهي تبتسم: "هذه الزهور تذكرني بك، كايدن. تبدو قوية من الخارج، لكنها تحتاج إلى الكثير من العناية لتنمو."
ضحك كايدن وقال: "وأنت مثل هذه الحديقة بأكملها، تمنحين الحياة للجميع من حولك."
مد كايدن يده وأعطاها زهرة بنفسجية، وقال: "هذه من أجلك. أظن أنها تناسبك."
أخذت فيوناريا الزهرة، وتوردت وجنتاها بخجل، لكنها قالت: "ربما عليّ أن أعتني بك أكثر، إذن."
جلس الاثنان على العشب بين الزهور، يتحدثان عن المستقبل. قالت فيوناريا بهدوء: "كايدن، وعدني بشيء."
نظر إليها بجدية وقال: "ما هو؟"
قالت بابتسامة هادئة: "مهما حدث، لا تفقد إيمانك بنفسك وبما تحاول تحقيقه. العالم يحتاج إلى أشخاص مثلك."
أومأ كايدن وقال: "أعدك بذلك. وأنتِ... لا تدعي القلق يأخذك بعيدًا. أنا بخير طالما أنتِ هنا."
في العاصمة، داخل القصر الإمبراطوري...
وصل ويليام، أدريان، وماكسويل إلى قاعة الاجتماعات الكبرى. كان الجو مكهربًا، والإمبراطور بدا أكثر توترًا من المعتاد.
قال الإمبراطور بصوت مهيب: "أعلم أنكم قد سمعتم عن الثورة. ما يحدث الآن ليس مجرد غضب شعبي، بل حركة منظمة تهدد استقرار الإمبراطورية."
رد ويليام بثبات: "وهل هناك مطالب محددة؟"
قال المستشار بجوار الإمبراطور: "إنهم يطالبون بمحاكمة الفاسدين علنًا، وإعادة توزيع الثروات، وإصلاح النظام الإقطاعي."
أدريان بخبث: "وهل نحن هنا لدعم مطالبهم أم لقمعها؟"
قال الإمبراطور بغضب: "نحن هنا لحماية الإمبراطورية. ولكنني بحاجة إلى من يفهم هذه الثورة ويعرف كيف يهدئ الأوضاع."
تبادل ماكسويل وويليام النظرات، ثم قال ويليام: "قد تكون هذه فرصتنا لفعل شيء حقيقي. إذا تعاملنا مع الثورة بحكمة، فقد نتمكن من تغيير الأمور للأفضل دون إراقة دماء."
صمت الإمبراطور للحظة، ثم قال: "افعلوا ما ترونه مناسبًا. لكن تذكروا، أي فشل سيُعتبر خيانة."
في العاصمة، ساحة المواجهة
تقدمت قوات الإمبراطورية نحو الميدان الذي سيطر عليه الثوار. كان صوت قرع الطبول وصرخات الجنود يشق السماء، بينما وقفت مجموعة من الثوار في مواجهة الجيش، يحملون أسلحة بسيطة ولكنهم مفعمون بالعزيمة.
وقف ويليام وأدريان وماكسويل في الصفوف الأمامية إلى جانب قائد الجيش.
قال ويليام بهدوء وهو ينظر إلى الجموع: "إنهم ليسوا مجرد ثوار. هؤلاء الناس يريدون العدالة، يريدون أن يسمعهم أحد."
رد أدريان بجفاء: "ويليام، نحن هنا لتنفيذ الأوامر. ليس هناك مجال للعاطفة."
ماكسويل بحزم: "إذا لم نفعل ذلك، فسنُعتبر خونة. لا تنسوا هذا."
بدأت المعركة مع انطلاق أمر الهجوم. على الرغم من قلة خبرة الثوار مقارنة بالجيش الإمبراطوري، إلا أنهم قاتلوا بشجاعة وعزم كبيرين.
ويليام، رغم اشتراكه في القتال، لم يستطع أن يغض بصره عن وجوه الشباب والفقراء الذين كانوا يواجهون الموت دفاعًا عن أحلامهم.
بعد انتهاء المعركة
بعد ساعات من القتال، نجح الجيش الإمبراطوري في هزيمة الثوار. تناثرت الجثث في الساحة، وأُسر من بقي على قيد الحياة.
وقف ويليام في وسط الساحة، ينظر إلى الجثث والخراب حوله. كان الحزن يملأ قلبه.
قال أدريان وهو يمسح الدم عن سيفه: "لقد انتهى الأمر. الإمبراطورية في أمان."
ماكسويل، الذي كان متعبًا ولكن راضيًا عن النتيجة، قال: "الآن يمكننا العودة إلى العاصمة وتقديم التقرير للإمبراطور."
لم يرد ويليام، بل ظل واقفًا ينظر إلى جثة شاب صغير يحمل سكينًا في يده. قال بصوت منخفض: "لماذا؟ كل ما أرادوه هو حقوقهم... العدالة. هل كان لابد أن ينتهي الأمر هكذا؟"
رد أدريان ببرود: "هذه هي طبيعة الأمور، ويليام. العدالة المثالية ليست سوى حلم. العالم يحكمه الأقوياء."
ماكسويل وضع يده على كتف ويليام وقال: "تعلم أن تبقي مشاعرك جانبًا. لا يمكننا تغيير كل شيء."
في القصر، بعد العودة
عندما وصل الثلاثة إلى القصر، استقبلهم الإمبراطور بابتسامة راضية. قال: "أحسنتم. الإمبراطورية آمنة بفضلكم. سيتم مكافأتكم قريبًا."
أدريان انحنى وقال: "لقد فعلنا ما كان يجب فعله، يا مولاي."
ماكسويل أومأ موافقًا، لكنه لاحظ أن ويليام ظل صامتًا.
---
في القصر
كانت أجواء الاحتفال في القصر مبهجة، تعلوها الأضواء والموسيقى. عادت البعثة التي قادها ويليام وماكسويل وأدريان بنجاح إلى القصر، حيث تم استقبالهم بحفاوة كبيرة.
وقف الكونت ألبرت وزوجته الكونتيسة لونا في صدر القاعة، يشرفان على الاحتفال. ارتدى الكونت ألبرت زيه الرسمي وبدت عليه علامات الفخر، بينما كانت الكونتيسة لونا تشع أناقة، وهي تبتسم برقة لكل من حولها.
عندما دخل الثلاثة إلى القاعة، علت الهتافات والترحيبات. قال الكونت ألبرت بصوت عالٍ: "أرحب بعودتكم سالمين. أنتم فخر الإمبراطورية وشرفها."
أومأ أدريان برأسه وقال ببساطة: "نحن نخدم الإمبراطورية، ونأمل أن نسهم في استقرارها."
ابتسمت الكونتيسة لونا وأضافت: "أنتم رمز للشجاعة. شكرًا لكم على كل ما فعلتموه."
كان كايدن وفيوناريا يقفان على مقربة منهما، يحملان باقة من الزهور التي جمعاها معًا. اقترب كايدن من والده وقال: "أردنا أن نعبر عن امتناننا بهذه الزهور. نحن فخورون بكم جميعًا."
تلقى الكونت ألبرت الباقة وقال بابتسامة نادرة: "عمل رائع يا كايدن. أرى أنك تتعلم المسؤولية بسرعة."
أما فيوناريا، فقد قدمت وردة بيضاء لويليام وقالت بابتسامة خفيفة: "شكراً لجهودك. الحديقة تنتظرك دائمًا لتجد فيها بعض الهدوء."
أخذ ويليام الوردة وقال بهدوء: "شكرًا يا فيوناريا. سأحرص على ذلك."
---
لاحقًا في الحديقة
بعد انتهاء الاحتفال، اختار ويليام أن يقضي بعض الوقت بمفرده في الحديقة. كانت الأجواء هادئة، والنجوم تتلألأ في السماء. جلس على أحد المقاعد، يمسك بالوردة البيضاء التي قدمتها له فيوناريا، وتفكيره يسبح في ما مر به خلال الرحلة.
رغم الاحتفال والابتسامات، كانت مشاهد الثورة والأحياء الفقيرة عالقة في ذهنه. استمر في التأمل بصمت، عازمًا على إيجاد طريقة لتحقيق العدالة التي يؤمن بها، مهما كان الثمن.
---
في قاعة العرش
جلس الإمبراطور على عرشه، يحدق في المستشار الذي وقف أمامه بانحناءة خفيفة، وقال بصوت يحمل نبرة غضب مكتوم: "لقد تأكدتُ الآن من خيانة ويليام. ذلك المنافق حاول منع الجيش من سحق التمرد. إنه لم يكن يومًا سوى حجر عثرة في طريق الإمبراطورية."
ابتسم المستشار ابتسامة ماكرة وقال: "كنت أعلم دائمًا أن ولاء ويليام ليس صلبًا، مولاي. لقد أظهر تعاطفه مع الأوباش منذ البداية."
قال الإمبراطور بازدراء: "ويليام... يا له من ثمرة غير ناضجة. يظن أنه يستطيع إصلاح العالم بأوهامه. لكني سأريه أن العالم لا يرحم."
أشار الإمبراطور للمستشار وقال: "لقد أرسلت أشخاصًا لإنهاء أمره."
رفع المستشار حاجبه وقال بسخرية خفيفة: "أشخاص؟ وهل تعتقد يا مولاي أن بضعة رجال كافون للتعامل مع شخص كويليام؟"
ابتسم الإمبراطور بخبث وقال: "وهل تعتقد أنني أترك شيئًا للصدفة؟ شخص واحد لا يكفي، ولذا أرسلت مجموعة من أمهر القتلة. لا أريد أن يتركوا له مجالاً للتنفس. إن أمثاله هم من يشعلون الفوضى بأفكارهم السخيفة."
ضحك المستشار بخبث وقال: "بالتأكيد، مولاي. لكن يجب أن نعترف أن التخلص منه سيزيد هيبتكم بين رجالكم. رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه تحدي سلطتكم."
رد الإمبراطور: "هذا بالضبط ما أريده. ويليام كان مجرد أداة، وأدوات كهذه تُكسر حين تنتهي فائدتها."
رد المستشار: "أجل، يا سيدي، ولكن لدي خطة أفضل للتخلص من ويليام."
رد الإمبراطور بخبث: "أنا استمع."
وفي يوم من الأيام بعد يوم من التخرج، كنتُ أنا وويليام نتجول في حديقة فيوري وسط الأشجار حيث لا يرانا أحد، .
قال ويليام: "أتعلم، سأخبر أدريان أن آخذك معي غدًا لتلتقي بيوجين. سأعرفك أيضًا على بعض الشباب الذين قد يفيدوك في المستقبل إذا أردت المساعدة، لقد حدثتهم عنك. وأيضًا، يا كايدن، تفضل هذا الكتاب، إنه سيفيدك كثيرًا من جميع النواحي، لقد كتبته خصيصًا لك."
رد كايدن بفرحة عفوية: "حقًا؟ رائع! شكرًا لك يا معلم، سأحتفظ به جيدًا."
قال ويليام: "من الجيد سماع ذلك. يمكنك الآن الذهاب لوضعه في المنزل، ثم نكمل بعد ذلك."
رد كايدن بسرعة: "حسنًا، يا معلم."
في تلك اللحظة، وقف ويليام واستل سيفه ثم قال: "فلترحلوا أيها الجبناء، يا من تختبئون خلف الأشجار!"
وفجأة، هاجمت مجموعة من القتلة المحترفين الخاصة بالإمبراطور، ولكن الكفة كانت لصالح ويليام بعد كل ذلك، وبفارق كبير.
كنتُ في القصر في ذلك الوقت أبحث عن مكان أضع فيه الكتاب الذي أهداه لي ويليام، وكأنني أخفي كنزًا ثمينًا، ثم وضعته في أعلى المكتبة التي في غرفتي وسط الكتب، وأخبرت مارجريت ألا تدخل أحدًا.
أجابت مارجريت: "كما تأمر، سيدي الشاب."
بينما كنتُ خارجًا، راجعًا إلى ويليام، أرادت أوليفيا أن تأتي معي، لكنني قلت لها: "لا، سأذهب وحدي." فحزنت قليلاً، ولكنني قلت لها وأنا أربت على رأسها: "ربما في وقت لاحق."
تغيرت ملامحها وقالت لي: "عد بسلامة، يا أخي."
وأضافت أمي: "لا تتأخر كي تأكل معنا."
فأجبت وأنا أخرج من القصر: "حسنًا، يا أمي."
كنت ذاهبًا إلى تلك الحديقة عبر الممر بجانب القصر.
قرر كايدن أن يأخذ قسطًا من الراحة في الحديقة المليئة بالزهور التي كانت في الممر. كان القمر يضيء الممرات، وأوراق الأشجار تهتز بلطف مع نسمات الهواء.
أخذ كايدن يمشي ببطء في الممر الرئيسي، ممسكًا بوردة حمراء قطفها من إحدى الزهور التي زرعها بنفسه. وبينما كان يمشي، بدأ يغني بصوت هادئ أغنية من تأليفه يحب أن يغنيها أحيانًا:
"بين الزهور والعشب، أبحث عن أملٍ جديد،
في النور والظلال، يختبئ حلم سعيد،
يا ريحًا تحمل الأشواق، بلغ النجوم قصتي،
فوق الجبال سأرتقي، لأكتب معنى حريتي."
كان صوته ناعمًا ودافئًا، يمتلئ بإحساس من يضع قلبه في كل كلمة. توقف عند نافورة صغيرة في منتصف الحديقة، حيث انعكست صورته على الماء، وقال لنفسه بابتسامة: "يبدو أن الحدائق لا تتوقف عن إلهامي."
بينما كان يغني، مرت فيوناريا بالقرب منه، وكانت تحمل سلة صغيرة مليئة بالزهور التي جمعتها من أركان الحديقة. توقفت على بُعد خطوات منه، تستمع بصمت لصوته العذب.
عندما انتهى من الأغنية، اقتربت منه وقالت: "كايدن، صوتك جميل جدًا. لم أكن أعلم أنك تغني."
ابتسم كايدن بخجل وقال: "إنها أغنية أغنيها أحيانًا. أحيانًا أجد نفسي أغني دون أن أشعر."
ضحكت فيوناريا برفق وقالت: "الأغنية جميلة، تمامًا مثل الزهور التي نعتني بها. يجب أن تغني لي أكثر في المرات القادمة."
أجابها وهو يعيد الوردة إلى مكانها: "سأفعل بالتأكيد. لكن عليك أن تختاري أغنية المرة القادمة."
ثم أضاف: "سأكمل طريقي إذن."
فردت فيوناريا: "عد بسلامة، سألقاك غدًا إذن."
أكمل كايدن طريقه، متجهًا نحو الحديقة ليقابل ويليام مجددًا، لكنه سرعان ما شعر بشيء غريب. وكأن صخرة كبيرة دهست قلبه حينما رأى سيفًا طويلًا مخترقًا صدر ويليام وهو ملقى على الأرض، وسيفه الطويل الشهير ناصع البياض ذو رمز التنين كان مغطى بالدم. عيون كايدن لم تستطع أن تتمالك نفسها، كانت الدموع تتساقط رغماً عنه وهو يبكي بكل ما يملك. وفجأة سمع صوت الكثير من الناس يصرخون: "أمسكوا القاتل!"
مسك كايدن سيف ويليام وركض وراء الحشد، يبحث عن قاتل معلمه ليثأر لويليام. وصل إلى نهاية الحشد ليرى ماكسويل وهو يقتل القاتل، قائلاً: "كيف لك فعل هذا الأمر الشنيع؟"
بعد عدة أيام، أرسل ماكسويل القاتل أمام الإمبراطور جثة هامدة، فكافأه الإمبراطور بجعله الأول في الإمبراطورية في فن السيافة، وأعطى الإمبراطور ليوجين وأمه قصرًا تكريماً لهما.
أما كايدن، فقد عاد إلى المنزل وهو في شدة حزنه، دخل غرفته ثم ألقى نفسه على الفراش وألقى سيفه على الأرض، وبدأ بالبكاء حتى نام.
كان يريد أن يذهب مع ويليام خارج الإمبراطورية غدا،لكن ذلك الغد لم يأتي.
عندما استيقظ كايدن في منتصف الليل، أخذ السيف والكتب وكل ما يتعلق بويليام، ودخل غرفة مهجورة في القصر، حيث وضع فيها تلك الأشياء من الأسلحة وغيرها، ثم قفل عليها بالقفل. بدأ كايدن يرسم لوحة لمعلمه بيده، ليراه دائمًا حتى وإن لم يكن على قيد الحياة.
جاءت فيوناريا لتواسي كايدن بعد سماعه الخبر، وهي في حزنها الشديد أيضًا، لكن المفاجأة أن كايدن لم يرد أن يقابل أحدًا ولا أن يخرج من غرفته إلا عندما يذهب لتلك الغرفة.
ومنذ ذلك الحين، لم يخرج كايدن من القصر لمدة عام كامل.
توقف كايدن عن السرد في تلك اللحظة، والدموع تنزل من عينيه وكأنه يعيش تلك الأجواء مرة أخرى.
قال رين بسرعة بعد أن رأى كايدن في تلك الحالة: "أسف لنذكيرك بذلك، كان فضولًا مني. أنا آسف."
قام كايدن على قدميه ومسح دموعه وقال: "لا عليك، فلتتجهز، اقتربنا من المملكة."
في محكمة العاصمة، وبينما ينتظر الجميع رد ألبيرت، كان هناك من يهتم لأمر كايدن وهناك من يريد سلامة ألبيرت لمصالحه الشخصية.
كان ألبيرت يقف أمام القاضي الذي يقاضيه وأمامه طاولة وهو مكبل بالقيود.
هنا، وفي هذا الموقع بالضبط، تنهد ألبيرت ثم صمت قليلاً، وبعدها قال بعلو صوته متحدثًا عن إبنه: "جوابي هو أن كايدن من عائلة براين أبا عن جد، ومن سينجبهم سيحملون اسم عائلة براين. وإنه الابن الذي أنجبته وأحببته وربيته، وهو سيبقى ذلك الشخص الذي يتمتع بالأخلاق والصفات النبيلة."
أصدر القاضي حكمًا بسجن الكونت ألبيرت، مجردًا من مكانته النبيلة. كان سيترك كل ذلك ضاحكًا غير مشكك في قراره، حتى رأى دموع ابنته التي كانت تنهال على كايدن بالسب والشتم، وهو ما جعل حال والدها هكذا. ذهب ألبيرت إليها، ثم رب
ت على رأسها وقال لها: "أعرف أنك حزينة الآن، لكن أرجوكي، أوليفيا، لا تكرهي أخاكي أبدًا."
بالرجوع إلى السفينة المتجهة إلى مملكة السيوف، فقد رست على شاطئ المملكة. نزل الثلاثة من السفينة متجهين إلى داخل المملكة، مع قول كايدن: "يبدأ الآن الجزء الخطير من الرحلة."