---
ابتسم يوجين ابتسامة عريضة وقال: "من الرائع أن نجدك هنا، آرون. لقد كنا نبحث عنك من أجل كتاب الإرث."
صمت آرون لوهلة، ثم تراجع بضع خطوات إلى الوراء، وقال بحزم وبرود: "لا."
رد يوجين بدهشة: "ماذا؟"
أجاب آرون: "لا، هذا الكتاب لي."
صُدم يوجين من رده، وحاول إقناعه قائلاً: "آرون، نحن نكمل ما بدأه ويليام. لقد قطعنا شوطًا طويلًا، ونحتاج إلى مساعدة أموال أبي لإتمام الرحلة. أرجوك، تفهم ذلك."
ظل آرون صامتًا للحظة، ثم قال بحزم: "لا يا يوجين. يمكنك أن تُكمل ما تريد بعيدًا عني. لن أسمح لأحد بأن يضع يده على الكتاب قبل أن أضع يدي على تلك الثروة. لقد أهداني ويليام هذا الكتاب، وهو ملكي وحدي!"
وقع كلام آرون كالصاعقة على قلب يوجين، بينما وقف رين مستغربًا من الموقف، وكايدن بدوره لم يستوعب ما يحدث. تساءل في نفسه: لماذا تصرف آرون بهذه الطريقة؟ وأين ذهبت مبادئه التي تعلمها من ويليام؟ ولماذا بدا يوجين متشددًا هكذا؟
بينما كان كايدن غارقًا في التفكير، صرخ يوجين بغضب، وسحب سيفه متجهًا نحو آرون، في حين تبعه رين لدعمه: "أيها الأناني!"
حاول كايدن تهدئة الموقف قائلاً: "يوجين، اهدأ! يمكننا حل الأمر وديًا!"
لكن يوجين رد بغضب، بينما كان سيفه يتصادم مع سيف آرون: "وديًا؟! كيف تناقش مغرورًا أغرته الأموال!"
قال آرون ببرود: "فلتكتم لسانك، يوجين! لقد أهداني ويليام الكتاب! أتريد أن تأخذه مني فقط لأنك ابنه؟ من الأناني الآن؟"
صرخ يوجين بغضب: "اصمت! لا تذكر اسم أبي على لسانك! لم يكن يعلم أن مبادئك ستتغير. كنت تلميذه الأول! ألا تريد إنهاء الفساد كما أراد؟!"
ضحك آرون بسخرية وقال: "لطالما كان ويليام يطارد المستحيل! لم أؤمن يومًا بتلك الأوهام!"
في تلك اللحظة، تفوق آرون على يوجين ورين معًا، وكاد يصيب يوجين إصابة خطيرة. لكن كايدن تدخل سريعًا وقال بحزم: "آرون، أنت حثالة."
استمرت المبارزة طويلاً، حتى تمكن الثلاثة من هزيمة آرون وأخذ الكتاب منه.
قال كايدن : "بعد كل ما قرأت عنك... آرون، لم تكن أبدًا كما توقعنا."
وأضاف يوجين بحزن: "ولم تكن كما تحدث أبي عنك."
قال رين وهو يحاول كسر الصمت: "احم... لقد خذلتنا يا آرون."
بعد أن هدأ الثلاثة وأدركوا خطورة ما حدث، لاحظوا نظرات الناس من حولهم. أصواتهم المرتفعة وذكرهم لأسماء بعضهم، خاصة اسم كايدن، جذبت الانتباه. سرعان ما انتشر اسم كايدن المطلوب في المنطقة، وهرع الحراس لمحاولة القبض عليهم.
قال كايدن بسرعة: "ليس لدينا وقت. يوجين، رين، فلنغادر الآن!"
في وسط الفوضى، تبعوا كايدن، الذي قادهم عبر طريق سري لم يكن يعرفه سوى القليل. انتهى بهم الأمر إلى شاطئ مهجور، قذر، وخالٍ تمامًا من السفن أو البشر.
وبينما كانوا يستريحون هناك، تفاجؤوا بوصول إيلياس، الذي تتبعهم حتى دخل معهم المكان. جلسوا جميعًا يتأملون الوضع حتى حلول الليل، حين لاحظوا سفينة تقترب من الأفق.
عندما اقتربت السفينة، انكشفت أعلامها السوداء المزينة برمز النسر الفضي، وتردد صدى أصوات البحارة. على سطح السفينة، وقف فريز، قائد السفينة، بجانب عين الصقر، المحارب المعروف ببصره الحاد. خلفهما، كان طاقمهم المكون من رجال ونساء ذوي خبرات متنوعة، خلفهم، كان الطاقم يجهز اللوح الخشبي للصعود.
قال يوجين ورين في صوت واحد وهما يسحبان سيفيهما: "إنها سفينة فريز! يا له من خطر يواجهنا الآن!"
لكن كايدن بدا واثقًا وهو يراقب السفينة.
ما إن رست السفينة حتى نزل فريز، مادًا يده إلى كايدن وقال: "هيا، أيها الفتى. هناك مملكة ننتظرها وثروة بانتظارنا."
ابتسم كايدن بهدوء ومد يده لفريز قائلاً بنبرة ودية:
"بالطبع، فريز. رحلة كهذه تحتاج إلى روح متفائلة ورفقة قوية. لنبدأ، فالمملكة تنتظرنا."
كان وجه يوجين ورين ممتلئًا بالدهشة، عاجزين عن استيعاب ما يحدث.
بينما كان يوجين، ورين وإيلياس يتأملون السفينة ، قطع كايدن الصمت قائلاً:
"لقد وصلت السفينة في الوقت المحدد تمامًا. يبدو أن فريز رجل يلتزم بمواعيده."
نظر يوجين إليه بدهشة: "انتظر، ماذا؟ هل كنت تعرف عن هذا؟"
أومأ كايدن بهدوء وقال: "نعم، كنت قد تواصلت مع فريز قبل المبارزة الثالثة. إنه رجل ذو نفوذ قوي في البحر، ويعرف كيف يتجنب الإمبراطور وأعوانه. إذا أردنا الوصول إلى مملكة السلام بأمان، فهو خيارنا الوحيد."
رد رين بانزعاج: "لماذا لم تخبرنا بهذا من قبل؟"
قال كايدن بنبرة هادئة: "لأنكم كنتم منشغلين بآرون، ولم أجد الوقت المناسب للشرح. الآن نحن بحاجة إليه أكثر من أي وقت مضى."
---
في العاصمة، كانت فيونا تقف أمام نافذة كبيرة في أحد المنازل الفخمة، تراقب الشوارع المزدحمة. دخل ديكلان الغرفة وهو يحمل لفافة أوراق، قائلاً:
"لا أصدق أنك جئتي إلى العاصمة بنفسك ،فيونا، لقد جمعت المعلومات التي طلبتها. الإمبراطور بدأ يتحرك ضد كايدن ورفاقه. هناك أوامر مباشرة باعتقالهم أحياء، خاصة بعد الحادثة الأخيرة."
التفتت إليه فيونا وقالت بهدوء: "كنت أتوقع ذلك. الإمبراطور لن يتركهم يتحركون بحرية. لكن لا تقلق، لدي خطة لتشتيت انتباهه لكن أحتاج مساعدتك."
رفع ديكلان حاجبه وقال: "وما هي خطتك هذه المرة؟"
ابتسمت فيونا وقالت: "سنستغل الشائعات حول آرون. إذا تمكنّا من نشر أخبار زائفة عن تحركاته، سيتوجه الإمبراطور نحوه بدلاً من كايدن."
أومأ ديكلان بتردد: "فكرة جريئة، لكن ماذا لو اكتشف الإمبراطور الحقيقة؟"
ردت فيونا بحزم: "عندها سنكون قد منحنا كايدن الوقت الكافي للابتعاد. نحن نلعب على الوقت، وعلينا أن نتحرك بسرعة."
صمت ديكلان لوهلة، ثم قال: "حسنًا. سأبدأ بنشر الأخبار فورًا. لكن تأكدي أن هذه الخطوة لن تؤدي إلى نتائج عكسية."
---
بعد أيام من الإبحار، بدأت السفينة بالاقتراب من شواطئ المملكة. على الأفق، ظهرت معالم مملكة السلام واضحة، بأبراجها العالية وأسوارها الصخرية التي جعلتها في سلام حتى يومنا هذا.
قال فريز بابتسامة عريضة: "ها نحن ذا. مملكة السلام في انتظاركم. من هنا تبدأ مغامرتكم الحقيقية لم أصدق أن مكان كهذا موجود حتى الآن."
رد كايدن بنبرة حازمة: "شكراً لك، فريز. سنكمل من هنا."
عين الصقر: سننتظر حتى تعود ،كايدن.
نظر يوجين إلى الأفق، حيث رأى السفن الحربية راسية في الميناء، وقال: "لن تكون المهمة سهلة. لكننا مستعدون لكل شيء."
رن صوت رين وهو يشد على سيفه: "لقد تجاوزنا الكثير. لن نتراجع الآن."
وبينما كانت السفينة تقترب من الميناء، سادت لحظة من الصمت بينهم، كأنهم يودعون بحرًا مليئًا بالتحديات، استعدادًا لدخول أرض جديدة مليئة بالغموض والأسرار.
وصلوا إلى بوابة ضخمة مزينة بالنقوش التي تحكي قصص السلام والوحدة. كانت الألوان الزاهية والأزهار المتدلية تضفي على المكان سحراً خاصاً. وقف الحراس على الجانبين، لكنهم لم يظهروا أي عدائية، بل اكتفوا بتوجيه التحية للمارّين.
بينما كان الأربعة يستعدون لدخول المدينة، لفتت فتاة صغيرة أنظارهم. كانت ترتدي فستاناً بسيطاً، وشعرها الأسود ينسدل على كتفيها. توقفت فجأة عند رؤية يوجين، وعيناها اتسعتا بدهشة وكأنها رأت شبحاً من الماضي.
ركضت الفتاة نحو الداخل، ثم توقفت فجأة عند عتبة البوابة وصاحت بصوت عالٍ: "أمييييي! لقد عاد العم ويليام!"
تجمد الجميع في مكانهم. كلمات الفتاة أصابتهم بالذهول، خاصة يوجين الذي وقف مذهولاً ينظر إلى الفتاة وكأن الزمن عاد به إلى الوراء.