الفصل 149

انا خائف

الفصل 149

هل كان الامر حقا مبهم او كان واضح

نعم قصر العبق المعطر هو منزله و موطنه ولكن كم من شخص ترك موطنه بحجة البحث عن الفرص الأخرى كم من شخص انتقل الى مكان اخر مدينة اخرى كليا

فقط لانه يريد ان يرى العالم كما يقول

ترك وطنه و ترك منزله و ترك كل شئ فقط لانه اراد هذا

اذا لماذا لم يترك اكيرون قصر العبق المعطر

لم يكن الامر متعلق ب الوطن او المكام حقا

ولكن متعلق ب الأشخاص نفسهم

نظر اكيرون الى سيدة القصر بهدوء و احترام

ثم تنهد وهو ينظر الى السماء المظلمة فوقه

حيث بدا يفكر في سؤال سيدة القصر عن لماذا يبتسم دائما وهو نقي القلب و جميل الروح هكذا في هذا العالم القاسي

"لقول الحقيقة لقد سمعت هذا السؤال طوال حياتي

حتى من والدي و والدتي

لماذا ابتسم و استمر ب الابتسام و السعادة

حتى عندما توفي والدي قبل اشهر استمريت ب الامر

حتى عندما تم قتلي تقريباً و كدت اموت

حتى عندما احترق القصر و كل اهله

العالم بشع يا سيدتي

قبيح و بشع و مقزز

ولكن اذا ما فتح الشخص اعينه على البشاعة و القبح فلن يرى الجمال ابدا

نعم لقد تاذيت

نعم لقد احترقت

نعم لقد عانيت

نعم و نعم و نعم ولكن ما زلت ابتسم

لاني اعلم في اللحظة التي اتوقف فيها عن الابتسام فسوف اتحطم و اقع ضحية جنون العالم و ربما سوف افقد ذاتي

في اعين الناس انه امر بسيط ولكنه صعب

صعب جدا

الابتسام في وجه كل شي

سيدتي

عندما لم نجد اخاكي و الان تم تصنيفه على انه ميت بالفعل

هل فرحتي ام حزنتي "

كانت سيدة القصر تعلم ان تصرفات اكيرون كانت صعبة حقا

ان تبتسم هكذا في وجه كل شي بدون تقييد

اي قلب يجب ان يملك الإنسان ليفعل هذا

لم ينكسر و يتحطم على موت والديه

لم يحقد او يكره على موته هو

لم يبغض من تركوا القصر و هربوا

وانما فقط ابتسم بهدوء و نقاء حتى

كان الامر صعب حقا فاي بشري يستطيع فعل هذا الامر

ربما في العالم اجمع فقط اكيرون يستطيع فعل ذلك

فكرت سيدة القصر بكلمات اكيرون وهو يتحدث ثم وصلت الى كلماته الأخيرة حيث

ارتعش قلب سيدة القصر وهي تستمتع الى كلمات اكيرون الأخيرة و تفكر في الامر

"لقول الحقيقة انا كنت قلقة منه ولكنه لا يزال اخي لذلك كنت مرتاحه البال لان كل تلك القذارة سوف تتوقف ولكن قلبي حزن عليه لانه اخي الصغير "

"هل تستطيعين الابتسام اذا ما احضرت جثه اخيك الان امامك "

مع هذا السؤال اختفى الضوء من اعين سيدة القصر وهي تتخيل المنظر

على الرغم من القذارة التي كان يفعلها اخيها و على الرغم من كل الأخطاء التي فعلها

الا انه في وقت ما كان اخيها العزيز اللطيف الصغير

ذلك الفتى الذي ربته هي بنفسها و علمته كل شي و دربته

لو تم احضار جثه اخيها الان امامها فقلبها حقا سوف يتحطم حزنا على موته و البكاء سيكون راحتها الوحيدة

في اعين سيدة القصر اخوها قد مات

ولكن في قلبها كان هناك امل انه هرب الى مكان اخر و اختفى

هرب الى الارض السفلية او حتى القصور الاخرى

ولكن حتى وان كان ميت حقا فهي سوف تحزن عليه و تمضي قدما

ولكن لو رأت جثته حقا امام اعينها الان

هل تستطيع حقا المضي قدما و الهدوء

"لا

لا استطيع

اخبرني يا اكيرون حقا كيف تفعلها"

مع سؤال سيدة القصر الصريح و الصادق

ابتسم اكيرون بلطف و خفه

"انه بسيط يا سيدتي

مزيج ما بين التمثيل و الحقيقة

اخدع ذاتي الحقيرة و اخبرها ان كل شئ بخير

اخدع قلبي و اقول نعم الامر جيد

اخدع عقلي و جسدي و روحي

ابتسم و اتضاهر ب السعادة ثم اعتاد على الامر و امضي قدما

التضاهر قاتل و جنوني نعم

يقال انك لا تستطيع الغاء كل شي و التحرك

فعلى المرء ان يحزن و يبكي لكي يتقدم

والا سوف ينكسر في يوم ما ولن يعود ل طبيعته حقا

فكل هذه المشاعر التي اخفاها و طمسها بعمق سوف تنطلق و تحطم ذلك الجدار العملاق الزائف و سوف تنطلق المشاعر مثل موجه بحر عملاق تحاول قتل نملة واحدة

الامر بسيط و الإجابة ابسط

النملة سوف تموت هكذا حقا

ولكن انا لا اهتم

انا لا اريد الانكسار لا اريد السقوط

لا اريد الحزن

لاني لو توقفت عن الابتسام اعلم اني سوف اعيث خرابا في كل شي

اعلم اني ساكون ذلك الشئ الذي اكرهه بشده"

"وما هو ذلك الشئ "

ابتسم اكيرون بلطف نقي وهو ينظر الى اعين سيدة القصر حيث انعكس ضوء القمر على وجهه و اعينه النقيه اللامعه

في تلك اللحظة كانت سيدة القصر تستطيع رؤية انعكاس وجهها في اعين اكيرون

و تلك النسخة من نفسها كانت جميلة

ففي تلك الاعين كل شئ كان نقي و خالي من العيوب والذنوب

"ذاتي "

مع هذا الجواب البسيط المتكون من اربع احرف فقط

سقط قلب سيدة القصر الى الحزن و الأسى حقا

فذلك الفتى كان يحارب ذاته لكي يبتسم

"في هذا العالم التافه الصغير

كل شخص يملك قلب و عقل

العقل يخبرك بشئ و القلب بشئ اخر

العقل يخبرك بالعدل و الحكم و القلب يخبرك ب القتل و الانتقام و الذبح

انا احاول السيطرة على كل شي بواسطه روحي

ولكن ماذا لو توقفت ماذا لو استسلمت

الامر مرعب يا سيدة القصر

انا خائف

انا مرتعب

انا مجرد بشري مختلط الدماء

ولكن انا ايضا بشري

املك الحقد و الكره و الانتقام و القتل وكل هذه المشاعر

و مشاعر الإنسان شي مقدس حقا ولكن بنفس الوقت شئ مظلم

انا خائف ان استسلم في يوم ما و سوف اتحطم

انا خائف ان اتوقف في يوم ما و سوف اقع ضحية ذاتي

انا فقط خائف "

ارتعش بدن سيدة القصر وهي تستمتع الى كلام اكيرون الحزين فهو

على الرغم من ضعفه و صغر سنه الا انه يقاتل ضد نفسه في معركة حامية الوطيس حقا

ف البشر فقط يستسلمون ل نزواتهم دائما و ابدا

عندما يتم قتل رفيق لك سوف تغضب

عندما يتم قتل فرد من عائلتك سوف تحقد و تكره

عندما يتم .....

كل هذه المشاعر المقدسة سوف تستهلك الفرد و تاخذه في درب و مصير اخر

بقيه البشر يستسلمون لهذه الأفكار بشكل مطلق و سريع

ولكن اكيرون لا

اكيرون كان مختلف و غير مفهوم حقا

كان يقاتل لكي لا يدع ذلك الجزء منه يخرج

فهو لا يريد ان يرى العالم ذاته التي يكرهها بشدة

لم يكن خجل من الاعتراف بانه خائف

لم يكن خجل من قول هذه الكلمات ولكن كان خائف فقط

خائف من ذاته التي سوف تظهر اذا ما تحطم و انكسر

مع كل هذا الكلام ابتسم اكيرون بهدوء

"ولكن

انا سوف ابتسم "

2024/06/26 · 21 مشاهدة · 1047 كلمة
نادي الروايات - 2024