المخبأ الحقيقي

عند خروجي من السجن، ظننت أني سأسير في طريق مستقيم، لكني كنت مخطئًا، لأني دخلت متاهة مليئة بالمنعطفات و الطرق المسدودة.

بعد الصدمة التي رأيتها، توجهت إلى مكتب رحمة. كان هاتفي قد نفدت بطاريته، و كذلك أنا. دخلت للمكتب، وضعت هاتفي في الشاحن،

و استلقيت على الكنبة.

بعد مدة قصيرة، دخلت رحمة إلى المكتب و هي تحمل حقيبتها، و القلق بادي على وجهها، و حتى صوتها:

"أين أنت؟! اتصلت بك عدة مرات، و لم أستطع الوصول إليك! إنك مختفٍ منذ يومين، ظننت أن مكروهًا أصابك!"

إنها أول مرة رأيت انفعالها بهذه الطريقة.

"أخِفْتِ عليّ؟ لا تخافي، انتهى شحن الهاتف فقط."

"لو ترى ما وصلتُ إليه، لخفتَ أيضًا!"

"ماذا وجدتِ؟"

"أولًا، عمر، لقد قُتل. وصلتُ لملف الحادث من صديقتي في شرطة المرور، كل الدلائل تشير إلى قتله: نسبة الكحول في دمه، السرعة المقدَّرة، وعدم وجود آثار للفرامل.

بالإضافة إلى أني ذهبتُ لأرى الطبيب الذي شرح الجثة... النتيجة؟ توفي بعدها إثر سكتة قلبية!"

رمت بالملفات فوق الطاولة، و أكملت، بينما أخذتها أنا و بدأت أطلع عليها:

"في الثلاث قضايا يوجد رابط واحد: نفس المحقق... المحقق أشرف!"

توقفتُ عن القراءة، و رميت الملفات على الطاولة.

"توقعت أن ذلك المحقق اللعين له إصبع، فخلال التحقيق معي، كان يبدو أنه أراد إلصاق التهمة بي مهما حدث.

أما الآن، فقد تأكد الأمر، اما ذلك التقرير فهو مزوّر بالتأكيد، لأن عمر لا يشرب أبدًا، حتى إنه لا يدخّن، لذلك أمه متأكدة."

توقفت عن الكلام للحظات حتى ذهب الغضب عني، ثم أكملت:

"أما الوضع عندي، فلا يقل حماسًا عنك! عماد أصبح غنيًّا: فيلا، و سيارة فاخرة. أمير فهو مختفٍ، لكن لا بد من ظهوره في أقرب وقت.

و المفاجأة الكبرى: حمزة! هو أيضًا... فيلا، و سيارة فاخرة، بالإضافة إلى زواجه. و من مَن يا ترى؟ من ملاك!"

سألت رحمة:

"مَن ملاك؟"

"حبيبة عمر السابقة. فتاة غنية، أبوها رجل أعمال، لكن هناك أقوال عن قيامه ببعض الأعمال غير القانونية.

كنتُ أشك أن حمزة معجب بها، لكن لم أتوقع زواجهما أبدًا.

الحبال بدأت تتشابك، و الصداع في رأسي بدأ من جديد."

نهضتُ من مكاني، حملت اللوح، و بدأتُ بالكتابة و الربط بين الأمور:

"انظري... أولًا: لدينا المحقق عديم الشرف، أشرف.

ثانيًا: ملاك، و الثلاثي المرح، و علاقتهم بموت عمر.

ثالثًا: كلهم لديهم إصبع في قضيتي.

الآن، لأنهم تخلّصوا من عمر، فلا بد أنه كان يملك شيئًا ضدهم، سواء كان معهم من البداية ثم انقلب عليهم، أو كان تحت التهديد.

أظن أن علينا إيجاد ما كان يملك، إن أردنا التقدّم."

"كيف سنجد ما يخبّئه عمر؟"

"سأذهب إلى أمه، لعلي أجد شيئًا... على الأقل سأحاول."

تركتُ رحمة في المكتب، و ذهبتُ إلى بيت عمر بعد أن أخذتُ سيارتها. أظن أنه محكوم علي بعدم الراحة.

قمتُ بالدق على الباب فور وصولي لمنزل عمر، فتحت أمه، لكن فور رؤيتي قامت بإغلاقه، لكن تمكنت من إيقافها:

"أرجوكِ، توقفي! إني أبحث عن الحقيقة فقط!"

"أيّ حقيقة؟ أيّ حقيقة؟!" قالت ذلك وهي تحاول غلق الباب بكامل قوتها.

"حقيقة سجني، و حقيقة مقتل عمر."

فور سماعها ذلك، انخارت قواها، فتحت الباب، وكلها حزن.

لم تتكلم معي، بل و لم تنظر لوجهي حتى، ربما تلومني على موته. أما بالنسبة لي، فأراها محقة.

أخذتني مباشرة إلى غرفته، كانت تعرف أني أقرب الناس إليه، حيث قضينا معا العديد من الأوقات في هذه الغرفة:

"تفضل، لم يدخل أحد هذه الغرفة منذ جنازته، أين دخل بقية مجموعتكم، بعدها لم يأتِ أحد."

خرجت و أغلقت الباب.

الجميع كان يعرف أن عمر يملك درجًا مخفيًّا في خزانته، و هو ما وجدته فارغًا.

و لكن، ما لم يعرفه أحد غيري، أن لديه مخبأً آخر تحت السرير، حيث تحت احدى البلاطات، حفر حفرة و وضع صندوق بداخلها.

فور رفعي للبلاطة، داخل المخبأ كانت المفاجأة:

"فلاش يو إس بي."

2025/08/16 · 3 مشاهدة · 583 كلمة
Raouf Raouf
نادي الروايات - 2025