الملفات

.

.

كل صباح أستيقظ على نفس الأسئلة:

متى ينتهي الكابوس؟

و الآن، هل هي النهاية أم البداية؟...

بقيت عيناي لمدّة على الفلاشة، كأن الوقت توقّف.

أمسكتها و يداي ترتجفان، خرجت من الغرفة التي كانت مرتبة كالعادة، غرفة يحتوي كل شبر منها على إحدى الذكريات التي عشناها بداخلها.

نظرتُ في وجه أمه بعينين محمرّتين:

"أمي، أعدك أني سأجد من فعل هذا، أعدك. لكن لدي سؤال: هل البقية، يوم الجنازة، خرجوا من غرفة عمر معًا؟"

أجابت بصوت مثقل، و عينان تحملان بعض الأمل، ربما لأني الوحيد الذي صدّق أن ابنها قد قُتل:

"لا، بل كل واحد على حدة. أولًا حمزة و تلك الشيطانة، بعدهما عماد، ثم أمير... لا أذكر أيّهم أولًا."

أم عمر لم تكن تحب ملاك أبدًا، لكنها لم تظهر ذلك من قبل، بسبب حب ابنها لها.

شكرتها، قبّلت رأسها، و خرجت من المنزل إلى السيارة، و بأسرع ما يمكن، إلى المكتب. لم أترك الفلاشة من يدي أبدًا، و داخلي يحترق لمعرفة محتواها.

عند وصولي، رحمة كانت لا تزال هناك.

فتحتُ الحاسوب و وضعتُ الفلاشة، كانت تحتوي على فيديو لعمر، شغّلته:

"هه... بما أنك تشاهد الفيديو، يعني أني ميت... أو على الأرجح تم قتلي. وضعتُ الفلاشة هنا لأنك الوحيد الذي يمكن أن يجدها، فلا أحد يعرف هذا المخبأ غيرك.

بعد سجنك، بحثتُ كثيرًا في الأمر.

أتمنى أن تسامحني على عدم شهادتي، كنت ملزمًا، تعرف، ليس لدي سوى أمي. لكنني خبأت كل ما جمعتُ من أدلّة و معلومات في الشجرة العجيبة.

أظن أنك عرفتَ المكان، فأنت لا يمكنك نسيانه.

انتبه على نفسك، و لا تثق بأحد، فخطة المؤامرة التي أنت بداخلها عبارة عن لعبة شيطان.

إلى اللقاء أخي... اعتنِ بنفسك، جيدا، و أرجوك سامحني... باي."

انتهى الفيديو. هذه المرّة، لم أستطع إمساك دموعي...

فهل أفرح لعدم خيانته، و أنه لم يكن متواطئًا؟ أم أحزن على موته، ووأنه قُتل بسببي؟

انتهى الفيديو، لكن أفكاري في تزايد: "الأمور لا تُحل، بل تتعقّد."

سألت رحمة، و هي الأخرى لم تمسك دموعها:

"أتعرِف المكان الذي قاله؟"

"أكيد، فالرسالة موجّهة لي، لي وحدي."

نهضت من مكانها، حملت حقيبتها:

"هيا إذًا، لنذهب!"

أجبت بصوت مثقَل و موجوع:

"أنا سأذهب، فلتَرتاحي أنتِ."

"أأنت متأكد؟"

أشرتُ برأسي. لقد أردتُ البقاء وحيدًا.

"حسنًا، سأذهب للمشفى إذن، سأبقى الليلة هناك. إن احتجتَ لشيء، اتصل."

"اتفقنا. لكني أحتاج إلى السيارة، لأن المكان بعيد قليلًا."

لم تعترض.

غادرنا المكان معًا، كلٌّ في طريقه.

ذهبتُ نحو "الشجرة العجيبة"، و هي عبارة عن شجرة في إحدى الغابات التي كنّا نخيم فيها.

سمّيناها هكذا بسبب شكلها، فرغم كِبرها، إلا أنها مجوّفة من الداخل، و كانت رمزًا لمكان تخييمنا.

بعد ثلاث ساعات من السير بالسيارة، و خمس عشرة دقيقة على الأقدام داخل الغابة، وصلتُ إلى الشجرة.

نظرتُ إلى داخلها، وإذا بي أجد صندوقًا. أخرجته، و قد كان كنزًا حقيقيًا، مليئًا بالملفّات.

ألقيتُ عليها نظرة، و أول ما لفت انتباهي: دليل براءتي!

صورة لي معه، و عليها وقت و تاريخ الحادثة!

إنها أول مرّة أحسّ بالراحة منذ ذلك اليوم.

أغلقتُ الصندوق و نهضتُ من مكاني، متّجهًا للسيارة.

فور وصولي، وجدتُ أحدهم ينتظرني وسط عتمة الليل، حيث الضوء الوحيد الموجود هو ضوء سيارته...

"أمير." لقد كنتُ متفاجئًا لظهوره.

"لم تَنسَني إذن. صندوق جميل."

"أيُمكن نسيانك؟ فأنت لم تتغير."

بصوته المتلاعب كعادته: "فلتعطني الصندوق، و لننتهِ الأمر بسلام، بدون عنف." و هذه كانت مفاجأتي الثانية.

"الآن أظن أنك تغيرت، فقد أصبحتَ تُشبه الكلب. سأعطيك شيئًا آخر بدل الصندوق... أنت تعرفني جيدًا، إن كنت تستطيع أخذه، فتفضل!"

ردّ بتفاخر:

"ستندم... لا تقل إنّي لم أُخبرك."

مشيتُ للسيارة.

بالطبع، لم يتجرأ على التقدّم، يعرف أني سأبرحه ضربًا.

عدتُ للمكتب، و في الطريق اتصلتُ برحمة، لكنها لم ترد.

لم أعد الاتصال، لأن الوقت تأخّر.

فور وصولي، أخذتُ أقرأ الملفات، كان هناك الكثير من الأدلّة، و أكثر الأسماء المكررة هي: السيد، المحقق أشرف، و أمير، كما أنه ذَكر وجود أشخاص آخرين.

"تبا! لقد تحوّل عمر إلى المحقّق كونان!"

حلّ الصباح، إنها العاشرة...

رحمة لم تظهر بعد، اتصلتُ لكن هاتفها مغلق.

اتصلتُ بمنزلها... لم تُجب.

لم أستطع الصبر أكثر لأخبرها بما وجدت.

أخذتُ الملفات، و إلى المشفى.

كنتُ أعرف رقم الغرفة، لكني لم أتجرأ على الدخول.

طلبتُ من إحدى الممرضات أن تناديها، لكنها قالت إنّه لا يوجد أحد مع المريضة.

سألت زميلتها المناوبة، التي أخبرتها بأنها لم تأتِ أصلًا.

زاد قلقي.

خرجتُ من المشفى و أنا أحاول الاتصال مجددًا، و إذا بهاتفي يرن.

رددتُ:

"ألو؟"

صوت رجل لم أتعرف عليه:

"مرحبًا كوزغون... استمع، من يريد إلقاء التحية..."

"كوزغون..."

كان هذا صوت رحمة... و هي تبكي...

2025/08/18 · 3 مشاهدة · 701 كلمة
Raouf Raouf
نادي الروايات - 2025