المبادلة
أمسكت السلاح، بدأت أُقلّبه يمينًا و يسارًا... إنها أول مرة أحمل فيها سلاحًا.
أراني الأفعى كيفية استخدامه للضرورة، و قد كنت مستعدًا لذلك.
انتهى الاستعداد، جاءت الأخبار من رجال المراقبة أيضًا، و اقترب وقت الحسم.
خرجنا من المقهى، و كانت الصدمة: عشرون... نعم، عشرون رجلًا مدججًا بالسلاح، رشاشات، بنادق! يقفون بجانب سياراتهم.
قلت في نفسي: أيّ رجل هو العجوز؟! لكن ذلك ليس وقت معرفته، بل وقت إنقاذ رحمة.
انطلقت سيارات الرجال، ركبت السيارة، أمسكت المقود بقوة، أخذت نفسًا طويلًا، و انطلقت إلى المستودع، مكان اللقاء.
الخطة مع الرجال هي ترك سياراتهم بعيدًا، و مراقبة المكان، و التدخل عند الضرورة فقط، كما أن حياة رحمة هي الأولوية القصوى و لو كان ذلك على حساب حياتي.
دخلت بسيارتي المستودع، أوقفتها مقابل سياراتهم مع الحفاظ على مسافة.
نزلت من السيارة، تكلّم الشخص الذي كان على رأسهم:
"أتَعرف؟ لقد حزنت كثيرًا لأنك لم تعرفني."
عندما رأيت وجهه، قمت بالعض على أسناني لدرجة أن الصرير الذي خرج منها كان مسموعًا.
"عماااد! لم أعرفك لأنك لم تكن ثرثارًا لهذه الدرجة في الماضي." لكن سرعان ما عدت إلى هدوئي.
"لكن ينقصك شيء... آآه، سلسلة على عنقك، فأنت الآخر أصبحت تشبه الكلب!
أيضعون لكم شيئًا في الأكل لتصبحوا هكذا؟؟"
بصوت فيه حدّة، أجاب:
"هيا، لننتهِ من الأمر، أين الصندوق؟"
"هل أغضبت الجميلة؟ هههه..." أردت استفزازه، و نجحت، لكن تحوّلت للجدية فورًا:
"الفتاة أولًا."
"حفظتَ درسك جيدًا."
أشار بيده، أنزل رجله فتاة من الفان، لكن رأسها مغطّى.
"حسنًا، رأيت الفتاة، أحضر الصندوق لينتهي الأمر."
"رأيت فتاة... و ليس خاصّتي. انزع الغطاء."
لا ثقة، فالشخص الذي أمامي ليس هو نفسه صديقي قبل سنوات.
تأفّف، ثم نزع الغطاء. كانت هي...
أحسست بخوفها، لفقد كان فمها مغلقًا، لكن عينيها كانتا تصرخان طالبتين المساعدة.
أردت أن ينتهي الأمر بسرعة.
أخرجت الصندوق.
تقدّم أحد رجاله، تفقده، و أشار لعماد بأنه كامل.
حمل الصندوق، و هو عائد، وضعت سكينًا على رقبته.
"إلى أين؟"
وضع الجميع أيديهم على خاصرتهم، قبل أن يتكلّم عماد مشيرًا لرجاله بالتوقف:
"أنت، ما الذي تفعله؟"
"كنت أظنها مبادلة... سنقوم بذلك في وقت واحد. أرسلها و لننتهِ."
"ذكي كعادتك."
أرسل رحمة، وأنا تركت رجله.
فور وصولها، رمت بنفسها في حضني، أمسكت بها و بدأت بالتراجع إلى الخلف.
لم أزح عينيّ عنهم، و فجأة، سحبوا الأسلحة نحونا.
ابتسم عماد، و بغرور قال:
"مع الأسف... انتهى المشوار!"
كان الانتصار على وجه عماد باديًا، لكن سرعان ما تحوّل إلى صدمة.
سحبتُ سلاحي أنا الآخر، و دخل الأفعى مع الرجال المسلحين.
أحسست بارتفاع في درجة الحرارة في المكان، بقيت أنسحب بنفس الطريقة، و دقات قلبي في ارتفاع، حتى صرخت في وجهه:
"ما رأيك عماد؟ فلنُطلق؟"
عمّ الصمت للحظة، و انسحب الجميع ببطء نحو السيارات، الجميع يعلم: لو بدأ الرصاص، لن ينجو أحد، الجميع سيخسر.
الأفعى قاد سيارتي، أما أنا، فركبت في الخلف مع رحمة.
أزلت اللصق من على فمها، و الحبال من يديها.
كانت لا تزال ترتجف، و أنا أحاول تهدئتها.
قال الأفعى، بصوت يملؤه الحماس:
"حركة جيدة... عدم إعطائهم ظهرك، لو استدرت، لكنتم موتى الآن."
بينما رددت عليه:
"كانت لجدي مقولة تقول: مهما كان عدوك شريفًا، إيّاك و إعطائه ظهرك، دائمًا أبقِ عينيك عليه.
و إن أعطاك هو ظهره، إيّاك و التفكير حتى في طعنه من الخلف، فالرجل لا يقوم بذلك."
شحب وجهه، لكني لم أهتم، لأن رحمة فقدت الوعي فجأة.
حاولت إيقاظها، لكن بدون أي رد فعل.
صرخت بقوة:
"المشفى! المشفى بسرعة!"
و انطلقنا إلى المشفى كالرصاصة...
في هذا الوقت، وسط مكتب كبير، فخم، و مظلم، يحتوي على أرقى الأثاث و الديكورات، انطفأ التلفاز الكبير الذي كان يعرض ما يحدث في المستودع.
الضوء الوحيد المتبقي فيه هو ذاك الضوء المنبعث من حوض السمك.
بصوت متثاقل و يحتوي على بحة، لشخص كبير في السن:
"كوزغون... نجوت مجددًا."
ضحك بشدّة:
"أساسًا، هذا هو المتوقع من حفيد الغراب."