ميت أم حي؟
الروليت عجلة تدور، محتواها مجهول: إما كرة، زوجي و فردي، أحمر و أسود، فوز و خسارة، أو رصاصة، مليئة و فارغة، حياة و موت. نفس الاسم، نفس المبدأ، عجلة تدور، لكن النهاية عبارة عن مجهول. ****
"حكمت المحكمة على المتهم في القضية رقم 728_1253 بالسجن إلى غاية الجلسة المقبلة"، طَف (صوت المطرقة الخشبية)، "رُفعت الجلسة".
استدرت نحو الحضور في القاعة، قاعة كبيرة في جلسة حكم مفتوحة، مليئة بالناس. الأمر المرّ هو أنني لا أعرف أحدًا منهم. دون عائلة، دون أصدقاء، وحيد تمامًا.
الجميع سمع صوت المطرقة، لكنني سمعت صوت رصاصة؛ رصاصة أصابت قلبي أو عقلي، لا أعرف، لكن الأكيد أنها قامت بقتلي. لدرجة أنني لم أعد أسمع صوت أنفاسي حتى. اقترب الشرطي و وضع الأصفاد، ثم أمسك بي واحد من اليمين و آخر من اليسار. كانت وجوههم بلا تعابير، كالآلات، و هم يحملان جثة، لا محكومًا.
ركبتُ شاحنة النقل، معي الشرطيان. نافذة من الخلف مغطاة بشبّاك حديدي، و تلك الشاحنة المهترئة مليئة برائحة الموت، متجهة نحو قبري دون وجود من يُشيّع جنازتي.
وصلنا إلى آخر المحطة. لا أمتلك شيئًا لوضعه في الأمانة، أخذت الغطاء الذي يبدو كالكفن بالنسبة لي، و من ثم عبرت ممرًا طويلًا. الصوت الوحيد الموجود فيه هو صوت فتح الأبواب والمفاتيح الخاصة بالحارس ذو الوجه الجميل، الذي من كثرة جماله لا تدري إن كان إنسانًا أم جنًا.
دخلت المهجع. كانت أعين الجميع على السجين الجديد. مهجع، رغم وجود السجناء، إلا أنه يبدو مهجورًا: الجدار أكله الندى، و البلاط أكله الزمن، نوافذ من حديد، و أسِرّة تصرخ كلما جلس عليها أحد. الشيء الوحيد الجيد هنا هو طاولة الطعام التي تبدو جديدة، على الأقل لم تمرّ عليها عشر سنوات.
أظن أن الحياة هنا عبارة عن تنفّس فقط.
الجميع هنا يتساءل: ما هي جريمته حتى انتهى به الأمر هنا؟
سؤال، حتى أنا لا أعرف إجابته.
أنا مظلوم. أساسًا، الجميع هنا مظلوم.
تبا! بما أنك هنا، لا بد من خطأ. قد يكون خطئي هو الثقة... لكن لا يهم أين كان الخطأ، ما يهم هو أين انتهى بي الأمر.
أما الآن، فكل ما عليّ هو انتظار وصول النقل النهائي: القبر. فلا يوجد لديّ أمل في الخروج من هنا حيًّا.
التهمة؟
سرقة محل مجوهرات، و طعن امرأة. أي: محاولة قتل مع سبق الإصرار والترصّد.
محاولة؟ نعم، المرأة لم تمت، بل هي بين الحياة والموت... وضعها خطير، و قد دخلت في غيبوبة نحو المجهول. الطبيب قال: "تحتاج إلى معجزة للنجاة".
هل أنا بريء؟
لا أعرف.
كل الأدلة تشير نحوي. الكاميرات لم تلتقط الوجه، لكن المجرم يمتلك -بشكل ما- مواصفات جسدي. صاحب المحل لم يرَ شيئًا بسبب قنبلة الغاز، و الأصعب: البصمات على السكين... تبا! كانت لي!
كيف وصلت هناك؟ حاليًا، لا أعلم. فرأسي مشوش، لكنها كانت هناك. لا يوجد ما يمكن فعله.
كان لديّ دليل براءة: كنت مع صديق، بل كان أكثر من ذلك... كان أخًا. كانت رحلة منظمة نحو الطبيعة، صفر تكنولوجيا، فهو يملك كل المعدات للتخييم، لذا لم آخذ هاتفي. أي لا دليل براءة سوى شهادته... التي رفض الإدلاء بها.
هل خوف؟ أم متواطئ؟ لا أعلم.
في آخر اليوم، جلست عند النافذة، و كل ما رأيته هو غراب أسود، كان بالتأكيد ينظر إليّ. انتهى الأمر.
أظن أن عجلة السلاح في النهاية... مليئة.
لكن لا يهم ما حدث، أو ما سوف يحدث.
كم سأبقى؟
هل سيكون موتي هنا؟
أم يأتي يوم و أخرج ؟
لننتظر و نرَ...