أبواب الجنون
هل يمكن أن تحمل كلمة واحدة كل هذا الوزن؟ كأني أحمل السماء.
بصوت مندهش: "أختك؟ كيف ذلك؟ ماذا تقولين؟"
إذ بالحارس يسحبني من ذراعي: "انتهى وقت الزيارة."
بدأت في مقاومته، بينما صراخي ملأ الغرفة: "أي أخت؟ أي أخت؟"
أما هي، فنهضت بعدما حملت حقيبتها، و اتجهت نحو الباب، و قالت ببرود: "لقد تركت لك بعض السجائر. نلتقي في المرة المقبلة."
و خرجت كأن شيئًا لم يكن. برودها هو ما زاد انفعالي.
أعادني الحارس نحو الزنزانة.
"تبا، أصبح الطريق أبعد من ذي قبل."
صدمة أخرى غير متوقعة، ماذا يحدث بحق الجحيم؟
فور دخولي الزنزانة، كل الأعين تنظر اتجاهي مرة أخرى، هذه المرة كأنهم رأوا شبحًا.
جلست على طاولة الطعام، كنت عبارة عن جثة.
وضع العجوز الكتاب الذي كان يقرؤه، قد علم فورًا أن الأمر كبير.
نزل من سريره، أخذ كأسًا من الماء، وتقدّم إلى جانبي.
قدّم لي الكأس مرفقًا بسؤال: "أأنت بخير؟"
أمسكت به و شربت رشفتين. أحسست أن رأسي سينفجر، لأن به مئات الأسئلة، بل الآلاف.
لا، لا، هناك خطأ!
دفعت بالطاولة، نهضت من مكاني و اتجهت نحو الباب، بدأت بالصراخ مجددًا، و أنا ألكم الباب بقوة لدرجة أن الدماء بدأت بالنزول من أصابعي:
"افتح الباب! افتح الباب!"
حاول البعض إيقافي، لكن العجوز أوقفهم. كان يعرف أنه في تلك اللحظة، لو اقترب أحد مني، لما انتهى الأمر على خير.
الحارس، فور فتح الباب، دفعته محاولًا الخروج، لكنه لم يكن وحده.
بدأوا بإمساكي. أظن أن صوت صراخي سمعه كل المساجين.
حملني الحراس مباشرة إلى مستوصف السجن، أين أعطاني الطبيب فورًا إبرة مهدّئة أفقدتني وعيي ببطء، حيث لم أستيقظ بعدها حتى المساء.
نهضت، و كان رأسي يؤلمني بشكل عجيب، و صوتي شبه مختفٍ من كثرة الصراخ.
سألت الطبيب: "ما الذي حصل؟"
"لا تخف، إنه انهيار عصبي. أعطيتك مهدّئًا، لكنك تبدو أفضل مما كنت عليه عند إحضارك."
أشرت برأسي و وجهت عينَي نحو السقف، أحاول تذكّر ما حدث.
جاء الحارس اللعين مجددًا:
"اسمع، بسبب الفوضى التي سبّبتها في الصباح، المدير قرر معاقبتك ثلاث أيام في المنفردة."
قلت في نفسي: "جيّد، أساسًا هذا ما كان ينقص."
مرت الأيام، و الشيء الوحيد المختلف بالنسبة لي هو كلام تلك المحامية.
بدأت الهالات السوداء تظهر تحت عيني بسبب عدم النوم.
فُتح الباب في الصباح الباكر:
"ألا يوجد حارس غيرك في السجن؟"
"ألم أعجبك؟"
"لا يوجد أجمل من وجهك لبدء اليوم، صدقني."
سحبني بسرعة:
"توقف عن الثرثرة."
رجعت إلى الزنزانة. بعد عملية عدّ السجناء، جلست، تناولت الفطور، و اتجهت إلى سريري.
فور استلقائي، أحضر الحارس رزمتين من علب السجائر. إنها تلك التي تركتها المحامية.
لكني لا أدخن، لذا أعطيتها لبقية السجناء.
مرّ اليوم بين الأكل و السرير.
بعد العشاء بقليل، اقترب مني أحد السجناء:
"أظن أن من أرسل السجائر أراد إيصال رسالة."
أعطاني ورقة و عاد إلى مكانه.
فتحت الورقة:
«728_1253 أهي صدفة؟؟»
بعد إمعان النظر في الورقة و طول التفكير، تذكّرت أن تلك هي رقم قضيتي.
"ماذا يعني هذا الآن؟ أظن أن هدف تلك المحامية هو إرسالي إلى مستشفى المجانين... لا يوجد تفسير آخر."......