الحل في الغش

<صوت تنهد>

فتحتُ عيناي بهلع مرة أخرى.

نعم، مرة أخرى، فمنذ أن زارتني المحامية و أنا أستيقظ بخوف، أَتَصَبَّبُ عرقًا بسبب الكوابيس... هذا إن نمتُ أصلًا.

نظرتُ فوقي، فإذا برسالتها تقابلني بعد أن علقتها تحت السرير الذي فوقي.

هذا أجمل شيء يمكنك أن تبدأ صباحك به.

تلك الورقة اللعينة التي لم أفهم معناها حتى الآن.

كأنه ينقصني الألغاز في حياتي!

ذهبت لأغتسل داخل حمام أشبه بحمام صالة رياضية رخيصة، مرت سنوات و لم أستطع أن أعتاد على برودة الماء، لكن في الأيام الأخيرة أظنه جيدًا بسبب الغليان الذي أعيشه.

بعد الانتهاء، جاء الحراس للقيام بالعدّ.

تناولت الفطور، بعدها خرجنا إلى الساحة.

ساحة واسعة تحيط بها جدران مرتفعة، عليها أسلاك شائكة، بالإضافة إلى وجود برجي مراقبة على الزاوية، هي أشبه بجدار قلعة من العصور الوسطى.

الساحة لا توجد بها أشياء كثيرة سوى ملعب كرة قدم صغير و بعض الكراسي المهترئة موزعة على طول الجدران.

جلستُ كعادتي على أحد الكراسي الموجودة في الزاوية، و ذلك للبقاء وحيدًا مع أفكاري، لكن اليوم مختلف قليلًا...

لقد جلس العجوز إلى جانبي:

"أأنت بخير؟"

"أظن أن هذه ثاني مرة تسألني هذا السؤال."

"أجل، لكن المرة الماضية لم ينتهِ الأمر على خير."

"لنقل إنني خرجتُ بأقل الأضرار."

"مرّ شهر على تلك الزيارة، و منذ ذلك اليوم لاحظتُ أنك تنهض مرعوبًا. أترى كوابيس؟"

"نعم، كوابيس لعينة."

"ماذا ترى؟ إن أمكنك إخباري طبعًا."

"لا توجد مشكلة، في كوابيسي...

أرى نفسي داخل غرفة مغلقة، غرفة تحقيق.

أمامي طاولة، و يداي مربوطتان بأصفاد.

فوق رأسي مصباح متدلٍّ.

أبقى هكذا لفترة، ثم أبدأ بالصراخ: 'أيوجد أحد؟'

فجأة يظهر شخصان يسحباني، واحد من اليمين، و الآخر من اليسار.

كلما سحبني أحدهما، أستدير إليه، فيصرخ في وجهي: 'أأنت من طعنتها؟؟'

و هكذا مرارًا و مرارًا، و أنا في كل مرة أجيب أني بريء.

بعدها يختفيان مجددًا، و تظهر المحامية أمامي، تسأل هي أيضًا: 'أأنت من طعنتها؟؟'

لكن، قبل أن أجيبها، تختفي... و يبدأ رقم القضية بالظهور على الجدران، مع صوت غراب.

في الحقيقة أظن أنه صوتي.

ما رأيكايها العجوز؟ بالنسبة لي... هي بداية فقدان عقلي. أنا أجن، غالبًا."

ردّ العجوز محاولًا التخفيف:

"لا، مجرد تداخل في الأحداث. عليك أن تهدأ، و تتوقف عن التفكير بالأمر. اتركه ليأتي كما يشاء."

"كيف أتوقف عن التفكير في الأمر؟ إن كانت لديك فكرة فلا تبخل عليّ بها!"

"سهل: العب كرة، اقرأ كتبًا، أشغل نفسك بأمور أخرى."

فكرت مليًّا بما قاله و قررت أن أعطي الأمر فرصة.

"أتعرف؟ إنك على حق. تبا للأمر... لنلعب كرة!"

نهضتُ من مكاني، و توجهتُ للملعب الصغير أمامي.

سألت بحماس:

"أيوجد مكان للعب؟"

أدخلوني مباشرة، لحسن حظي يوجد مكان شاغر.

في العادة كنت ألعب في مناصب الدفاع، أما اليوم فقررت اللعب في الهجوم، في النهاية لم أكن سيئًا.

لعبت حتى جاء وقت العودة إلى الزنزانة.

لا أتذكّر آخر مرة لعبت فيها كرة القدم.

استحممت، و كان الماء باردًا كالعادة.

بعدها أخذتُ الكتاب الذي أعطاني إياه العجوز، و بدأت في القراءة، مبعدًا كل الأفكار الموجودة داخل رأسي، كل ذلك حتى دخل سجينان معنا، و هما متعانقان وويضحكان،

فقد اجتازا اختبار اليوم.

حيث إنهما يُكملان دراستهما، لعلّهما يحصلان على تخفيض في العقوبة بسبب الدراسة.

لم أتحمّل، و سألت:

"أنتما فرحان... يبدو أن العلامة الكاملة في الطريق؟"

فردّ أحدهما:

"الأمر كما خططنا له بالضبط.

الموضوع عبارة عن اختيار الإجابة الصحيحة.

اتفقنا: من يعرف الإجابة يُريها للآخر.

اليد اليمنى تدل على رقم السؤال، اليسرى على الإجابة:

واحد = ألف، اثنان = باء، ثلاثة = جيم، أربعة = دال... بوووم!!

نجحت الخطة!"

في تلك اللحظة، رفعتُ رأسي نحو الورقة. ضَربتْ فكرة مجنونة في رأسي، قلت في داخلي: يستحيل أن يكون الأمر هكذا، سيكون هذا أبعد من الجنون.

طلبتُ منه ورقة و قلم، و بدأتُ بالتسجيل.

وضعتُ ترتيب حروف الأبجدية مع الأرقام.

فإن قسمنا الأرقام و وضعنا بدلها حروفًا، قد نحصل على كلمة.

بعد عدة محاولات... صُعِقت، حيث كانت المفاجأة:

7 = خاء

28 = ياء

1 = ألف

25 = نون

3 = تاء

المجموع: "خيانة!!".....

2025/07/31 · 4 مشاهدة · 620 كلمة
Raouf Raouf
نادي الروايات - 2025