حقائق و أكاذيب
«خيانة»... كم من الممكن أن تحمله كلمة واحدة من المعاني؟
أمسكتُ تلك الورقة اللعينة بقوة و بدأت أتمتم بعض الكلمات الفاحشة:
"حياتي اللعينة أصبحت عبارة عن ألغاز، ماذا يعني هذا الآن بحق الجحيم؟"
رأسي بدأ يؤلمني مرة أخرى من كثرة الأسئلة؛ من خان من؟ من وضع هذا الرقم للقضية؟ و لماذا؟
تلك المحامية، هل هي من انتبهت لهذا أم هناك من يرشدها؟
الكثير من الأسئلة المبهمة، لا بد من حل هذا الأمر و إلا سينتهي بجنوني.
صباح تعيس آخر، لم أنم سوى ساعتين، و لكن أيمكن أن ينهض الإنسان من النوم و رأسه يؤلمه بهذا الشكل؟ كانت هذه أول كلماتي، كان الصمت يملأ الزنزانة مع الصباح الباكر.
كل هذا حتى فُتح الباب و أشار الحارس بيده نحوي:
"أنت، هيا، لديك زيارة."
قفزتُ فورًا من مكاني، خرجتُ معه و قلت في نفسي:
"في الوقت المناسب."
الممر كالعادة، كأنه طريق الألف ميل، و لأختصرها، قلت للحارس:
"لم أتوقع أن يأتي يوم و أفرح برؤية وجهك."
إحمرّ وجهه و قال:
"هه، مضحك. ادخل و أغلق فمك."
حيث أمسك بي من ذراعي و دفعني نحو غرفة الزيارات.
جلستُ في الطاولة أنتظر المحامية، كنت كالطفل الذي ينتظر والده ليحضر له الحلوى.
بعد بضع دقائق دخلت، بمشيتها المتراقصة، تحمل حقيبتها بوجه بارد كالمرة الماضية.
فور جلوسها، بوجهي الصارم و نظرتي التي كانت كالسهم، قلت:
"ستجيبين على كل الأسئلة اللعينة التي في رأسي... أرسِلي لأرى من أنت."
لم يتغير وجهها، بقيت كما هي، لم تُعطِ أي ردة فعل، بل حافظت على هدوئها و برودتها:
"بهدوء، سأخبرك بكل ما لدي.
أنا أخت المرأة التي طُعِنت.
بعد الحادثة بمدة، جاءني ظرف به رقم القضية مرفقًا بالشرح، و النتيجة كلمة الخيانة، التي يبدو أنك وصلت إليها.
في الأساس، كنت مطلعة على الأمر، لكن الشك بدأ... بعدها، من فترة لأخرى، كانت تصلني رسائل عن القضية. كلها تشير إلى لعبة، لعبة كبيرة بصفة مخيفة."
بدأتُ بالضرب على الطاولة:
"من؟ من؟ من الذي يلعب؟!"
بينما صرخ الحارس من الخلف: "بهدوء!" و ردّت هي:
"لا أعرف... هناك أحدٌ يريد إدانتك، و آخر تبرئتك برأيي."
أسندتُ ظهري على الكرسي:
"أأخبرك بشيء؟ أرسِلي لي حبلًا، أرجوك، لأشنق نفسي و يرتاح الجميع، ها؟ ما رأيك؟ أظن أنها فكرة جميلة!"
"توقف عن الجنون. لقد عيّنت جلستك، ستكون الأسبوع المقبل.
بالدفاع الذي جهزته، بنسبة تسعين بالمئة ستخرج.
طبعًا، إن لم يتدخل أحد."
مفاجأة أخرى لم أكن أنتظرها.
"الخروج؟ لم أتوقع أن ذلك ممكن..."
"لا تتحمس كثيرًا، بالتأكيد خروجك سيغيّر حسابات البعض، لن يتركوك و شأنك."
"أوف أوف... ماذا لو تفكرين بفكرة الحبل؟ حقًا إنها فكرة رائعة."
في الحقيقة، أنا أمزح لكي أمنع نفسي من الجنون.
"توقف عن المزاح. لكن لديّ سؤال لك: أتعرف كيف وصلت بصماتك للسكين؟"
<فلاش باك – قبل الحادثة بأشهر>
"أتعرفون؟ الآن، مباشرة إلى النوم!"
نزلتُ من السيارة، فقد كنت مع أصدقائي في رحلة على شاطئ البحر، حيث نصبنا الخيام و المشواة.
كانا يومين رائعين، مليئين براحة البال، المتعة، المرح، و الأكل الجيد.
"أنت! افتح حقيبة سيارتك اللعينة!"
"أصبحت سيارتي لعينة الآن؟ جيد!"
أخرجتُ أغراضي، و بينما كنت أتفقدها، لاحظت أن هناك شيئًا مفقودًا... السكين!
قلت بغضب، فقد كنت أحبها:
"أين السكين خاصتي؟ من يحمله فليأتِ به بسرعة!"
أنكر الجميع، حتى أني فتّشت كل الأغراض في السيارة، لكن لا يوجد...
"أيها الملاعين! تركتم السكين في الشاطئ، أليس كذلك؟ آه... مجموعة من الحمقى!"
أغلقتُ حقيبة السيارة بقوة و اتجهتُ نحو المنزل.
<الآن>
"لا، لا أعلم." قمتُ بالرد على المحامية بعد شرودي للحظات.
"أمتأكد؟" سألت بنبرة شك.
"نعم، متأكد."
"حسنًا، نلتقي في المحكمة إذًا. و إلى غاية ذلك، انتبه على نفسك."
"نلتقي يوم المحكمة إذًا."...