بينما كان صوت صفارات الإنذار يتردد في جميع أنحاء المدينة، كان أكاكاو والد كين يركض في الشارع ويبحث عن ابنه وهو يبدي ملامح الخوف والتوتر.

أكاكو (بأعلى صوته): كين، أين أنت يا بني؟ أين أنت؟! كم أنا أب فاشل!

ثم نظر إلى الأرض بحزن وقال: أتمنى أن يكون قد ذهب مع يوكو إلى الملجئ..

يتحول المشهد الآن لكين ويوكو واخيها الأكبر، وكانا متواجدان في المجلئ الذي كان عبارة عن مدرسة مع حشد من الناس والعوائل.

كين(بنبرة خائفة): أنا قلق على عائلتي!

شقيق يوكو: ونحن أيضاً! شقيقتي الكبرى وأمي وأبي ليسوا في المنزل، لا نعلم ماذا حصل لهما..

ووسط كل هذا الإزعاج صدر صوت قصف قوي جداً بالقرب من الملجئ، فبدأت تسمع صرخات الأطفال والنساء، وأصوات الحطام، وبدأت رائحة الموت تملئ المكان، تمسك كين ويوكو وشقيقها ببعضهم وكانوا مغمضين العينين.

وبعد ساعتين، بدأت تتلاشى أصوات الصفارات والقصف والتحطيم، فظن كين بأن كل شيء سيكون بخير الآن.

كين: ما رأيكما بالخروج الآن؟ يبدو أن الأوضاع قد هدأت، لنذهب للبحث عن عوائلنا.

يوكو: أوافقك الرأي، هيا بنا.

ولكن ما إن خرج الأطفال الثلاثة من المدرسة، حتى بدأوا يسمعون الكثير من أصوات إطلاق النار، فكان هناك الكثير من جنود الاحتلال الذين يطلقون النار على العامة، وحتى على الأطفال، فأصيب كين بصدمة كبيرة، لقد رأى طفلاً رضيعاً بالكاد يستطيع أن يحبوا، فجاء أحد الجنود وأطلق النار على رأسه وتناثرت منه الدماء، فبدأت الدموع تنهمر من عينا كين وأصدقاءه من هول المنظر.

يوكو (تصرخ وتبكي): إنه مجرد طفل! لماذا يقتلون الأطفال؟ أليس لديهم رحمة!

وفجأة جاءهم جندي من الخلف، فتجمد الثلاثة في مكانهم من الرعب والخوف، كانت ملابس هذا الجندي ملطخة بالدماء، وكان يحمل مسدساً في يده، نظر إليهم باستهزاء ثم صوب المسدس نحو صدر شقيق يوكو، وأطلق النار بدون أي تردد، فسقط شقيق يوكو على الأرض ومات في نفس اللحظة بعدما فجرت القذيفة قلبه، فصرخت يوكو من هول المنظر وبدأ تبكي بأعلى صوتها، ولكن كين امسك بيدها وأخذ يركض بها، فاستطاعوا الهروب من الجندي الذي كان ما يزال يطلق النار ولكن طلقاته لم تصبهم، وسرعان ما وصلوا إلى زقاق مظلم لم يكن فيه أحد، فانهارت يوكو وأخذت تبكي بشدة، فعانقها كين وعيناه مليئتان بالدموع وحاول أن يخفف عنها، فاستمروا على هذا الحال لعدة دقائق، وبعدها شعر كين بأنه يجب أن يقول شيئاً.

كين: إنني لا أصدق ما حصل... آسف جداً يا يوكو... لنذهب إلى منازلنا ونطمئن على البقية.

وقفت يوكو ووجهها يبدو مرهقاً من كثرة البكاء، فأمسك كين بيدها وبدأوا بالمشي نحو طريق منزليهما، والصدمة بأنهم عندما وصلا، كان منزلاهما يحترقان، وكل شيء كان مدمر.

صرخ كين: منزلي! إن منزلي يحترق!!

دفع كين المنزل بسرعة وهرع إلى الداخل، بينما انطلقت يوكو إلى منزلها، وعندما دخل كين إلى منزله رأى كل شيء يحترق، ورأى والدته وشقيقته إيميلي بعد أن تحولوا إلى جثث هامدة، يبدو أنهما قد ماتا بسبب الاختناق، فبدأ كين بالصراخ والبكاء بدوره الآن، وبكى كثيراً في حضن أمه.

كين: أمي، أرجوكِ لا تتركيني يا أمي! أرجوكِ استيقظي! اخوتي الجدد لم يولدوا بعد! هل ستجعلينهم يموتون معكِ؟! أمي!!

وبعدها توجه نحو إيميلي وبدأ يحتضنها بشدة.

كين: إيميلي استيقظي! إيميلي! لقد كنتِ متحمسة كثيراً لتدخلي إلى المدرسة في هذا العام! هل سترحلين بهذه السهولة؟! إيميلي...

كان كين يبكي في حضن والدته وأخته لمدة طويلة، ولكن بعدها استوعب بأن تنفسه أصبح صعباً، فأخذ قلادة أمه ودمية أخته وبعد الصور التي كانت ملقاة على الأرض ووضعها في حقيبته، وثم وقف ونظر إليهما نظرة أخيرة وقال: مع السلامة أمي... مع السلامة إيميلي....

وبعدها وضع يده على وجهه ليمسح دموعه، وخرج من المنزل، وعندما خرج رأى يوكو أمامه ويبدو أنها شهدت على أحداث مماثلة في منزلها، فعانق الإثنان بعضهما البعض مجدداً.

كين(بنفسية مدمرة): يوكو، دعينا نخرج من هنا...

وعندما بدأوا بالمشي، لمح كين أخيه دان من بعيد، فركض بسرعة نحوه وكان هو فعلاً، وارتمى في حضنه وعاد للبكاء.

كين: وأخيراً وجدتك يا دان! لا أصدق بأنك ما زلت حياً يا أخي! لقد ماتوا جميعهم في المنزل... أمي واختي واخوتي الذي لم يولدوا... لا أستطيع تصديق ذلك

صُدم دان من الخبر الذي سمعه فبدأ تتساقط الدموع من عينيه، واحتضن أخيه الذي كان يبكي بشدة وبدون توقف.

دان (وهو يحاول أن يهدئ): كين.. إن والدي مفقود، لقد خرجنا أنا وهو للبحث عنك، ربما يكون حياً.

ومجدداً استمر كين ويوكو ودان بالمشي، فخرج أمامهم جندي آخر، ولكن هذا الجندي كان مختلفاً فقد بدأ بالحديث.

الجندي: شعر أحمر وعينان رماديتان، هذا مثير للاهتمام! يبدو أنكم أبناء أكاكو!

دان(بشجاعة): وكيف عرفت ذلك؟!

الجندي: ههههههههه، يبدو أنكم لا تعرفون شيئاً، علي قتلكم الآن، وهذه أوامر ملكية!

أمسك الجندي كين بيده اليمنى بينما أمسك دان بيده اليسرى.

الجندي: إذاً، من منكما يريد أن يموت أولاً؟

بدأ كين يرتجف من الخوف وعلامات الصدمة واضحة على وجهه، لم يستطع التفوه بأي كلمة، فقد كان المسدس مصوباً نحو رأسه.

الجندي: يبدو أنني سأبدا بهذا الصغير، سيمتعني قليلاً!

دان (بغضب وجدية): دع أخي وشأنه! إنه ما زال طفلاً! خذ رأسي أنا!

كانت يوكو وقتها جالسة على الأرض على ركبتها، ويبدو أنها غير مستوعبة لما يحصل، فقد كانت نتظر إلى الأرض بوجه شاحب ومصدوم، نظر الجندي إلى وجه دان وهو يضحك.

الجندي: هههههههه، أنت حقاً من اليوكاجي، لقد ورثت شجاعتهم، ولكن هل ورثت قوتهم أيضاً؟

دان: لا أعرف عن ماذا تتحدث، ولكن أترك أخي فوراً!

الجندي: حسناً سأترك هذا الضعيف، فنحن نريد أن نقتل الأطفال الذين سيصبحون أقوياء مثلك!

أزال الجندي المسدس عن وجه كين وأفلته، وقف كين متجمداً في مكانه ولم يقل أي كلمة من شدة الخوف، وبدأ ينظر أمامه، صوب الجندي المسدس نحو رأس دان، فنظر دان إلى كين وقال: يجب أن تعيش يا كين!

أطلق الجندي النار على رأس دان فسقط على الأرض ودماءه تطايرت في كل الأرجاء، هذه المرة فقد كين وعيه ولم يستطع التحمل، وأخيرا، استوعبت يوكو لمشهد الذي أمامها، فهرعت نحو كين وأخذت تناديه وتحاول إيقاظه، ولكنه لم يستجب، فاضطرت بأن تقوم بحمله على ظهرها، ولحسن حظها بأن وزنه لكن ثقيلاً، فبدأت تمشي ببطئ وصعوبة وهي تحمله، ووجهها مدمر تماماً. كانت النيران ما زالت تشتعل من حولهم، لم تعرف يوكو إلى أين ستذهب وما هو المستقبل المجهول الذي أمامهما، ولكنها واصلت السير، وبعد مدة استيقظ كين وبدأ يصرخ بشدة وهو ينادي بإسم أخيه دان، فعانقته يوكو مجددا لتهدئه، فهدأ، وفجأة بدأ يصدر صوت ضعيف ولكنه كان قريب منهم، فالتفت كين إلى يساره، والصدمة بأنه وجد أبيه ملقي على الأرض والدماء تملئ جسده ووجهه شاحب، ولكنه كان ما زال حياً، فاقترب كين من والده.

كين (بنبرة باكية وحادة): أبي، هل ستموت وتتركني أنت أيضاً؟! هذا يكفي!

أكاكو: كين.. اقترب قليلاً.

جلس كين على الأرض بالقرب من حضن والده، وتكاد الدموع بأن تسيل من عينيه مجدداً.

أكاكو: اسمع يا كين، لم يتبق لي الكثير حتى أغادر هذا العالم.. ولكن قبل ذلك علي أن اخبرك بوصيتي، أعتد بأن الجميع قد ماتوا وأنت ابني الوحيد الآن...

كين: مالذي تقوله يا أبي؟! كيف تريدني أن أعيش بدون أم ولا أب ولا اخوة؟ أرجوك تحمل من أجلي! أنا أحبك يا أبي!

ارتمى كين في حضن والده وبدأ بالبكاء مجدداً وطاقته مستهلكة بالكامل، فأمسك أكاكو بيد ابنه وقال: لا أعرف كيف سأصارحك بهذا.. أنت تعرف الملك سيروس وأنه هو الذي تسبب في هذه الحرب، ولكن ما لا تعلمه بأن سيروس هذا هو أخي الحقيقي! وهو عمك، لقد كنتُ أميراً منذ زمن طويل، ولكنني هربت من بلادي بسبب شخصية أخي الشريرة، كان يعذبنا دائماً وفعل الكثير من الأمور الشنيعة.

كين: ما...مالذي تقوله يا أبي؟! سيروس... هو عمي؟!

أكاكو (وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة): اسمع.. أنت تمتلك قوة كبيرة ولكنك لا تعلم بذلك، ولكن هذه القوة ستظهر لك قريباً، وبهذه القوة يمكنك أن تهزم سيروس، انتقم لنا يا كين! لا تدع دمائنا تذهب هباءاً! ولا تدع موتنا يؤثر على نفسيتك.. عش حياتك واستمتع، أنت لها!

ما إن أنهى أكاكو جملته حتى أغمض عيناه وتوقف عن الحراك.

كين: ءءء أبي... أبي!! ارجوك لا تمت وتتركني وحيداً! أنت أكثر شخص أحبه في حياتي يا أبي! هل ستجعلني يتيماً؟!

استمر كين بالبكاء لمدة طويلة في حضن والده كما فعل مع والدته، فهو لا يستطيع استيعاب عدد الأشخاص الذين فقدهم في يوم واحد، وكأنه فقد حياته بأكملها ولكنه ما زال يتنفس. وبعد مدة وقف كين أخيراً ليغادر المكان بعد أن ودع والده للمرة الأخيرة، فمشى مع يوكو قليلاً، وثم اكتشفنا بأنهما محاصران بدائرة من النار وليس لها مخرج، فأدركا بأنهما على حافة الموت. نظر كين إلى النيران ببرود بعد أن تحطم بالكامل،بينما كانت يوكو مرعوبة.

كين: يبدو بأنه قد جاء دورنا الآن، من الأفضل لنا أن نموت مع عائلتنا...

تمسكت يوكو بيد كين وأغمضت عيناها، بينما وقف كين ساكناً بلا حراك وهو ينظر إلى النيران ببرود، ولكن فجأة بدأ يتذكر وصية والده عندما أخبره بأن سبب كل هذا الدمار هو عمه سيروس، في هذه الأثناء اقتربت منهما النيران كثيراً لم يتبق سوى بضع ثوانٍ حتى تحرقهم، وفجأة صرخ كين بغضب بأعلى صوته: أنا آتٍ لك يا سيروس!!

وما إن نطق بتلك الجملة حتى وضع يديه في وسط النيران فاختفت جميعها، فصعقا من الصدمة.

يوكو(بدهشة): يا كين، هل قمت بإطفاء النيران؟!

كين: ماذا؟ هذا مستحيل!

يوكو: رأيت موقفاً مشابهاً من قبل، حاول أن تقوم بإخراج كرة نارية من يدك.

كين: مالذي تقولينه؟ من المستحيل بأن أحصل على أي فاكن، فعائلتنا مجرد عائلة عادية!

يوكو: هل نسيت يا كين؟ إن سيروس هو عمك، وهو يمتلك فاكن النار!

نظر كين إلى يده اليسرى، وأخذ يركز عليها، وسرعان ما خرجت منها كرة نارية، ولم يشعر بحرارتها أبداً.

كين: أنتِ محقة! إنني لا أصدق عيناي... هل كان أبي يمتلك هذا الفاكن ولم يخبرنا؟!

يوكو: نعم بالتأكيد، لقد ورثت هذا الفاكن من والدك!

تلاشت الكرة النارية من يد كين بمجرد أن فكر بذلك، ويبدو أن هذا الاكتشاف المذهل قد خفف عليه ما حصل له قبل قليل.

يتبع...

2025/02/11 · 17 مشاهدة · 1521 كلمة
Sara Otaku
نادي الروايات - 2025