بعد أن أحرق سيروس 80% من جنود ماكيا الذين حاصروه، ساد الصمت القاتل في ساحة القصر. لم يكن هناك سوى رماد وجثث متفحمة، وتقدم سيروس بين الجثث المحترقة بخطوات ثابتة، كان يسير بلا مبالاة، وكأن هذا المشهد مجرد جزء من حياته اليومية.
وصل سيروس إلى بوابة القصر الكبيرة، حيث كان الحراس الملكيون يراقبونه من بعيد بذهول ممزوج بالخوف. كان بعضهم يحاول تجنب النظر إليه مباشرة، بينما البعض الآخر كان يراقب الجثث المحترقة خلفه. وعندما صعد سيروس إلى داخل القصر، التفت نحو أحد الحراس الذي كان واقفًا عند الباب.
سيروس (بهدوء قاتل): "نظفوا الفوضى."
كانت درجة صوت سيروس عندما القى هذه الجملة كافية لترعب الحارس مع أنه يعلم بأنه لن يؤذيه، فابتلع ريقه والتفت ليرى وجه سيروس بصعوبة.
الحارس (بتوتر): "أ-أمرك يا مولاي!"
واصل سيروس سيره داخل القصر الملكي، متوجهاً نحو غرفة العرش. وعندما دخل إليها، جلس على عرشه الفخم، ثم أمال رأسه للخلف وأغمض عينيه للحظة.
في هذه اللحظة يتغير المشهد تماماً إلى دوامة داكنة وغريبة، وبعدها تتلاشى الدوامة ليصبح المشهد واضحاً أمامنا، كان آكيو يقف على يابسة خالية تماماً من أي شيء، لم يكن يرى سوى السماء والنجوم، فبدأ يمشي وهو ينادي أصدقائه.
آكيو: كين، آن، أين أنتما؟!
كان التوتر يبدو واضحاً على وجه آكيو الذي كان يشعر بأنه يمشي في الفراغ، وفجأة يرى آكيو السماء تتحطم إلى قطع صغيرة، والأرض تحت قدميه تنهار. فبدأ بالسقوط وهو يصرخ، وأثناء سقوطه يرى كين وآن في الأعلى وقد ظهروا فجأة، كان الإثنان يقفان على اليابسة ولم يسقطا أبداً، ولكن الغريب هو أنهما لم يكونا ينظران إليه.
آكيو(يصرخ): كين! آن! أنقذوني!
ولكن كين وآن لم يستمعا إليه أبدا، فشعر آكيو بشعور بالصدمة، وقبل أن يسقط في الفراغ، يسمع صوتًا يقول له: "أنت لست كما تعتقد، آكيو!".
وفجأة، يتغير المشهد إلى غرفة الفندق التي كان ينام بها آكيو. استيقظ آكيو من نومه وهو يصرخ، جسده مبلل بالعرق، وبدأ يلهث بشدة. كانت الغرفة مظلمة، لكن ضوء القمر المتسلل عبر النافذة كان كافياً ليجعل الرؤية أفضل، كان كين يجلس على السرير المقابل لآكيو وهو يحدق في آكيو بصمت مع سيجارة في فمه.
كين (بصوت هادئ): "يبدو أنك رأيت كابوساً."
بقي آكيو صامتًا للحظة وهو يلتقط أنفاسه، لكنه سرعان ما استعاد وعيه.
آكيو (بصوت منخفض لكنه متوتر قليلاً): "لا شيء... فقط مجرد حلم مزعج."
لم يبدُ على كين أنه اقتنع تمامًا، لكنه لم يضغط على آكيو ليخبره بالمزيد. نظر إليه للحظة، ثم أدار رأسه إلى النافذة وأخذ رشفة من سيجارته، تصاعد دخانها وخرج من النافذة.
بعد ليلة مليئة بالتوتر والكوابيس الغريبة، تشرق شمس الصباح ليوم جديد ومغامرة جديدة. المشهد يبدأ في بوفيه الفندق المفتوح، حيث كان آكيو وكين وآن يتناولون طعام الإفطار، كان آكيو يأكل كعكة المقلاة، بينما كلاً من كين ويوكو كانا يأكلان البيض والسجق، بالإضافة إلى أن كين كان مهتماً بشرب قهوته أكثر من الأكل. وفجأة بينما كانوا جميعهم منغمسين في الأكل، تظهر أمامهم كوتو وهي ترتدي ملابس عادية وليست ملابس الطبيبات، حيث كانت ترتدي قميصاً أزرقاً بأكمام قصيرة وبنطال جينز أسود.
كوتو: "مرحباً!"
التفت الجميع إلى مصدر الصوت وشعر آكيو بالدهشة عندما رأى كوتو.
آكيو: "دكتورة كوتو! مالذي تفعلينه هنا؟!"
كوتو تبتسم وهي تضع يديها في جيوبها، ثم جلست على الكرسي الذي بجانب آن، نظرت إليهم بجدية وقالت:
كوتو: "لقد فكرت في الأمر جيدًا، وأعتقد أنه من الأفضل أن أكون طبيبتكم الخاصة من الآن فصاعدًا."
آن (باندهاش): "انتظري لحظة، هل تقصدين أنكِ... ستنضمين إلينا؟!"
كوتو (تهز رأسها بابتسامة خفيفة): "ليس تمامًا، لن أكون معكم دائمًا، لكنني سأكون حاضرة كلما احتجتم إلي."
كين (ببرود وهو يضع فنجانه على الطاولة): "وكيف ستفعلين ذلك؟"
عند هذه اللحظة، أخرجت كوتو صندوقًا صغيرًا ووضعته على الطاولة، ثم فتحته، وكان بداخله عدة قلادات معدنية متوهجة بلون أرجواني.
آكيو (متفاجئًا): "ما هذه؟"
كوتو تنظر إليهم بهدوء ثم تلتقط إحدى القلادات، ممسكة بها بين أصابعها.
كوتو: "هذه ليست مجرد زينة، إنها تقنية نادرة جدًا وعدد قليل من الأشخاص في العالم يعرفون كيف تعمل... وأنا واحدة منهم. إنها تسمى بقلادات العبور الطارئ، إذا حمل أحدكم واحدة فسيتمكن من استدعائي إلى موقعه مباشرة إذا تعرض لإصابة خطيرة أو كان في حالة طبية حرجة."
الجميع يحدقون في القلادات بدهشة، فهم لم يسمعوا بشيء كهذا من قبل.
آن (بصوت مذهول): "تقنية استدعاء؟! مثل السحر؟!"
كوتو (تبتسم بسخرية): "ليس سحرًا، ولا أحد يعرف أصلها الحقيقي، حتى أنا لا أعرف، فقد وجدتها مدفونة في البحر بظروف غريبة، والآن أمتلك مجموعة منها، سأقدم لكلٍ منكم واحدة."
آكيو: "هذا مثير للاهتمام!"
كوتو: "يمكنكم استدعائي مرة واحدة فقط في خلال 24 ساعة، لهذا فاستخدموها فقط عند الضرورة."
آن: "هذا يعني أنه بغض النظر عن المكان الذي سنذهب إليه... سنكون قادرين على استدعائك؟"
كوتو (تهز رأسها بثقة): "نعم! سأريكم مثالاً الآن، سأقوم باستعداء أختي الصغرى، فهي تمتلك قلادة."
كشفت كوتو عن القلادة من الخلف حيث كان يوجد وراءها زراً صغيراً، وعندما ضغطت عليه ظهر وميض أرجواني خافت أمامهم، واستغرقت العملية أقل من ثلاث ثوانٍ... وفجأة... ظهرت أخت كوتو أمامهم، والصدمة الكبرى بأن أختها هي نفسها يوكو التي كانت صديقة طفولة كين، والتي التقت بآكيو في جزيرة اوراكانو!
كوتو: "لقد كان هذا سريعاً يا أختي! يبدو أنكِ لستِ مشغولة أبداً!"
يوكو (وهي تنظر حولها): "أوه... هذا صحيح!"
لكن عندما التفتت نحو الطاولة... وقعت أعينها مباشرة على كين وآكيو، تجمد كل من كين وآكيو في أماكنهما تمامًا من الصدمة. اتسعت عينا آكيو بذهول، بينما توقف كين عن شرب قهوته للحظة، ثم نظر إلى يوكو ببطء.
آكيو (بصدمة شديدة): "ي... يوكو؟!"
كين (بهدوء لكنه مذهول داخليًا): "أنتِ... أخت كوتو؟!"
كانت آن تقف بعيدًا تراقب المشهد، ولم تفهم سبب الصدمة، فهي لم تلتقِ بيوكو من قبل!
آن (وهي تهمس لنفسها): "حسنًا... يبدو أن هناك دراما عائلية لم أكن أعرف عنها."
يوكو (تضع يدها على خاصرتها): "لم أكن أعتقد أنكما ستفاجآن بهذه الطريقة! نعم، كوتو هي أختي الكبرى وقد أخبرتني بوجودكم هنا، والآن يبدو أننا سنرى بعضنا كثيرًا!"
كوتو (باندهاش): "مهلاً لحظة، هل تعرفين هؤلاء الأشخاص يا يوكو؟!"
يوكو (تبتسم بخجل، متفاجئة من سؤال كوتو): "بالطبع! كين... كين كان جارنا منذ ثمانِ سنوات!"
كوتو تجمدت في مكانها للحظة، رمشت مرتين وكأن عقلها توقف عن العمل، ثم وضعت يدها على جبهتها بإحباط.
كوتو: "انتظري لحظة، أنتِ تقولين إن هذا المدخن المتبلد كان هو نفسه كين ابن الجيران... لماذا لم أدرك ذلك؟!"
كين ينظر إلى كوتو بوجه فارغ، ثم يشرب قهوته بهدوء دون أن يقول شيئًا، وكأن هذا لا يهمه أبداً.
يوكو (تميل رأسها بخجل): "ءءء نعم، لقد كنا نلعب معًا كثيرًا عندما كنا صغارًا."
كين (يضع فنجانه أخيرًا على الطاولة وينظر إليها): "هذا صحيح، لقد التقيتها مجدداً قبل اسبوع في جزيرة أوراكانو."
آن التي كانت تتابع بصمت توقفت فجأة عن المضغ، وحدقت بهما ببطء.
آن (تعقد ذراعيها بحذر): "انتظروا لحظة... كين سان، هل تقول إنك وهذه الفتاة كنتما أصدقاء طفولة؟!"
كين(ببرود): "وإذاً؟"
آن تحدق بهما، ثم تعود لتناول الطعام وهي تعض الملعقة بقوة، وكأنها تحاول تمالك نفسها.
اقتربت يوكو أكثر من كين، واحمرت وجنتاها قليلا.
يوكو (تنظر إلى كين بابتسامة خجولة): "كين... هل تتذكر عندما كنا نتنافس في الجري دائمًا؟ كنت دائمًا تسبقني بخطوة واحدة فقط، وكنت أقول لك أنني سأفوز في المرة القادمة، لكنك كنت ترد بثقة وتقول..."
كين (يكمل الجملة بنفسه بنبرة باردة): "لن يحدث ذلك أبداً."
يوكو تبتسم بارتباك، ثم تحاول التهرب من التحديق المباشر به وهي تضحك بخفوت، أما آن فقد توقفت عن الأكل تمامًا، وأصبحت تراقب الوضع وكأنها تحلل كل حركة.
آن (تضع الملعقة على الطاولة بقوة وعلامات الغضب بدأت تظهر على وجهها): "كين سان! لم أكن أعلم أن لديكِ معجبة منذ الطفولة!"
يوكو تجمدت للحظة، لم تتوقع هذه التسمية، فارتفع احمرار وجنتيها ونظرت إلى الأرض بتوتر.
يوكو: "أ-أنا... لستُ معجبة أو أي شيء من هذا القبيل!"
كين ينظر إليها، ثم ينقل نظره إلى آن بنظرة باردة.
آن (وهي تنظر إلى يوكو بشك): "حقاً؟! على أي حال فإن كين سان لي أنا فقط!"
تجمدت يوكو في مكانها تمامًا، وعقلها توقف عن العمل للحظات واتسعت عيناها ببطء، وأخذت تحدق في آن وكأنها سمعت للتو شيئًا غير منطقي تمامًا.
يوكو (بصوت منخفض وصدمة واضحة على وجهها): "لـ... لكِ أنتِ فقط؟"
أما كين، فقد أطلق تنهيدة صغيرة وهو يمرر يده على جبهته، قبل أن ينظر إلى آن بنظرة جانبية مليئة بالبرود.
كين: "آن، توقفي عن قول أشياء غبية."
لكن آن لم تهتم بكلامه، بل استدارت نحو يوكو وهي تضع يدها على خصرها، ومن الواضح عليها الغيرة.
آن (بثقة مبالغ فيها): "بالطبع! أنا الوحيدة التي تستطيع تحمل مزاج كين سان الغريب! لا أحد غيري سيستطيع التعامل معه!"
يوكو (بصوت متردد وخجول): "هل... هل أنتما... معًا؟"
أشعل كين سيجارته ثم نظر إلى يوكو بنظرة جامدة.
كين: "لا."
يوكو شعرت بقليل من الارتياح، لكن لم يكن هناك وقت كافٍ للتحدث فقد قاطعتها آن بضحكة خفيفة.
آن (بخجل وتوتر): "حسناً... ليس بعد، لكننا معًا طوال الوقت!"
عقل يوكو تجمد مرة أخرى.
يوكو (تفكر في نفسها وهي تشعر بتوتر غريب): "لماذا أشعر وكأنني دخيلة هنا؟!
وفي هذه اللحظة، تدخل آكيو وهو يشعر بالغرابة من هذا الموقف.
آكيو: "يا فتيات، توقفوا!"
يوكو ما زالت متجمدة، تحاول استيعاب ما قالته آن، بينما كين ينفث دخان سيجارته ببطء، وكأنه غير مهتم تمامًا بالموقف المتوتر بينهما.
آن(متجاهلة كلام آكيو): "إذاً، يوكو تشان، كيف كنتِ تنادين كين سان عندما كنتم أطفالًا؟ كين-كن؟ كين-سان؟ أم... ربما كين سينباي؟"
يوكو (بإحراج شديد وهي تنظر للأسفل): "ل-لا! لم أناده بأي من ذلك! كنت أناديه باسمه فقط!"
آن (بوجه كوميدي مصدوم): "إذاً كنتِ قريبة منه كفاية لتناديه باسمه الأول فقط؟"
كين(بجدية وصوت حاد): "هذا يكفي يا آن!"
شعر كين بالانزعاج من الموقف الذي حصل، فبدأ يغادر المجموعة وهو يدخن سيجارته، وكانت علامات الانزعاج واضحة على وجهه، بدأ يمشي حتى غادر البوفيه وخرج إلى حديقة الفندق.
يتبع...