في سوق داركوفا الشعبي، حيث تتناثر الضحكات والهمسات، ما زال القتال بين آكيو وأكيرا حديث الجميع. لكن وسط الفوضى والضحك، بدأت الأعين تتحول إلى كين مجدداً، والذي كان يراقب كل شيء بهدوء.

إمرأة من العامة (وهي تصرخ): "هيه أنتم! هل نسيتم يوكاجي كين ببساطة وبدأتم تضحكون على هذه السخافة؟! لا تنسوا بأنه قد قتل زوجي!!"

ما إن قالت هذه الجملة حتى توجهت أنظار الناس إلى كين مجدداً، كان مستنداً على الحائط وهو ينظر إلى الأرض ويدخن سيجارته، بدأ الناس من حوله بدأوا يتجمعون ببطء، ينظرون إليه نظرات مشحونة بالكراهية. المرأة التي كانت تصرخ بحنق، تقدمت نحو كين وجهها مليء بالدموع والحقد.

المرأة: "كيف يمكنك أن تقف هكذا بكل برود؟ أنت حقاً وحش بلا مشاعر!”

كان كين ما زال ثابتاً في كلامه دون أن ينطق بكلمة، بينما بدأ بعض الناس يتقدمون من وراء المرأة، كان بعضهم يحملون أسلحة بسيطة مثل العصي والحجارة، والبعض الآخر يرفعون أيديهم في الهواء.

وجد كين نفسه في موقف صعب جداً، أغمض عينيه للحظة طويلة، بدأ يشعر بشعور غريب في صدره، شعور مثل الندم والألم، ولكنه أبقى على وجهه جامداً. أحد الرجال من الحشد كان يبدو أكبر سنًا وأكثر عنفًا في تعبيراته، تقدم أمام كين وبدأ يصرخ.

الرجل: "لقد قتلت أكثر من 500 جندي بريء! لهذا السبب عليك أن تدفع الثمن الآن! ليس لدينا مكان للأوغاد مثلك هنا!”

بدأ الحشد يهتف، وكأنهم قد اتفقوا فجأة على أن كين هو العدو المشترك. وكأن الكراهية التي كانت تراكمت لديهم لسنوات طويلة انفجرت الآن.

آكيو الذي كان يشاهد من بعيد، شعر بالانزعاج عندما رأى ذلك الضغط الهائل الذي أصاب كين. ولكنه لم يكن متأكدًا مما يجب أن يفعله، فكين قد أخطأ في النهاية. والآن ينتقل المشهد إلى كين مجدداً، والذي بدأ يتذكر بعضاً من مشاهد ماضيه.

في ليلة مظلمة، حيث كان القمر هو مصدر الضوء الوحيد، عندما كان كين في الثالثة عشر من عمره، وكان يسير ببطء عبر الطرقات المؤدية إلى إحدى مقرات جيش سيروس، خطواته ثابتة، ووجهه كالصخر، خالٍ من أي تعبير سوى الغضب العارم. في يده اليسرى، كان يحمل سيفه الناري الأحمر الذي كان يشتعل بكراهية صاحبه.

اقتحم كين الفناء الكبير للمقر، حيث كان الجنود يجلسون وهم يشوون لهم بعض اللحم، ومشغولين بحديثهم المعتاد، ضحكاتهم تتعالى، لم يكونوا يدركون أن الموت نفسه قد دخل عليهم.

“هاه؟ ما هذا؟” سأل أحدهم وهو يلاحظ وجود الصبي الصغير الذي يقف أمامهم.

“طفل…؟” تمتم جندي آخر وهو يحدق بعينين رماديتين تحملان جحيماً مشتعلاً.

“هل ضاع؟ أم أنه يبحث عن والديه؟” ضحك أحدهم ساخرًا.

لكن قبل أن يكملوا استغرابهم، حدث ما لم يكن في الحسبان. في أقل من ثانية، تحولت الضحكات إلى صرخات. لقد اختفى كين عن أنظارهم بعد أن قفز وهو يرفع سيفه، ولم يدركوا ما حدث إلا عندما انفجرت دماءهم كالشلالات في كل اتجاه، وأجسادهم تقطعت دون أن يدركوا حتى أنهم ماتوا!

“آآآآه!!” صرخ أحد الجنود وهو يسقط على الأرض، ممسكًا بيده الممزقة. لكنها لم تكن فقط مقطوعة… بل كانت يحترق من الداخل!

"اااااااااه! النار! إنها في داخلي!!”

"جسدي…! إن جسدي يشتعل!!”

تشنجت أجساد المتضريين وهم يتلوون من الألم، ليس فقط بسبب عمق الجروح، بل لأن سيف كين لم يكن مجرد سيف، بل كان جحيماً حقيقياً! عندما كان يقطعهم، لم يكن فقط يفصل أطرافهم عن أجسادهم… فقد كانت نيران السيف تأكلهم ببطء من الداخل!

وقف بقية الجنود الذين لم يأتي دورهم بعد وهُم متجمدين، غير قادرين على تصديق ما يحدث، كيف…؟ كيف لطفل بهذه السن أن يقتل عشرات الجنود في أقل من ثوانٍ بكل هذه القوة؟!

لكن كين لم يمنحهم وقتًا للتفكير. ما إن رآهم حتى ركض كالعاصفة نحوهم. صرخات، لهب، أجساد تتطاير… كل شيء تحول إلى فوضى دموية، قطع كين الجنود واحدًا تلو الآخر، بلا تردد، بلا رحمة! وكل من قطعه لم يمت فورًا… بل ظل يصرخ وهو يحترق حياً، يشاهد جلده يذوب، يشعر بأحشائه تشتعل قبل أن يتوقف قلبه عن النبض.

“مستحيل…! هذا ليس بشرياً!!”

“إنه شيطان!!”

هرب البعض وهم يصرخون، لكن كين لم يتركهم يهربون. لوّح بسيفه، فأطلق موجة نارية اجتاحت المكان، وأحرقت كل من كان في طريقها. في وسط الجثث، وقع نظره على رجل يحاول الزحف بعيدًا، وجهه كان مألوفًا بشكل غريب…

توقف كين فجأة، نبضه تسارع، توسعت عيناه، وذاكرته انفتحت على مشهد لطالما أراد نسيانه، طلق ناري… صرخة مكتومة… رأس أخيه دان يتفجر أمام عينيه… العالم تجمد من حوله. أنفاسه ثقلت. يداه ارتعشتا… ذلك الرجل… إنه نفس الجندي الذي قتل أخيه دان!

ما إن رأى الجندي وجه كين حتى تذكره، وبدأ يلهث وهو يحاول التراجع بيدين مرتجفتين.

“انتظر… ل-لدي عائلة…! لم أكن أقصد قتل أحد…!”

تقدم كين ببطء، سيفه يقطر دمًا ساخنًا، وناره ما زالت تشتعل، نظر إليه كين بعينان متسعتان مليئتان بالغضب والألم.

“عائلة…؟” تمتم كين بصوت بارد.

“هل فكرت في عائلتي عندما أطلقت النار على رأس أخي أمام عيني؟ هل قتل الأطفال شيء بسيط بالنسبة لك؟!”

توسعت عينا الجندي، وبدأ يرتجف أكثر، لم يكن يستطيع التحرك أبداً من الخوف. اختفى كين فجأة عن ناظريه، وفي أقل من جزء من الثانية… شعر الجندي بألم لا يوصف! نظر للأسفل… ورأى أن يديه لم تعودا في مكانهما!

تجمد جسده من الصدمة، لكنه لم يستطع حتى الصراخ من هول المنظر! ثوانٍ فقط… قبل أن يدرك أن ساقيه أيضًا لم تعودا متصلة بجسده، ثم سقط. في آخر لحظة من وعيه، رأى الجندي كين وهو يقف فوقه، ينظر إليه بابتسامة باردة قاتلة.

كين: "ليس من العدل أن تموت بسرعة.”

ثم، ببطء، غرس كين سيفه في صدره، ببطء شديد، حتى شعر الجندي بأن اللهب يغزو كل خلية في جسده. فصرخ صرخته الأخيرة التي ملأت المكان، ثم عمّ الصمت. وقف كين وسط الجثث والفوضى والجحيم الذي صنعه. نظر إلى يديه المليئة بالدماء. وثم من دون أن يدرك، بدأ يضحك ضحكة مخيفة ومجنونة.

وأخيراً عاد كين إلى الواقع بعد أن رأى هذه الذكريات، كان الناس من حوله يلقون عليه الحجارة، رفع كين رأسه ببطء، ورأى نفسه يقف بمفرده أمام بحر من الغضب، ومع ذلك، لم يكن هناك أي توتر في ملامحه. عينيه الرماديتين الباردتين لم تظهرا أي أثر للخوف أو القلق، بل كانتا تراقبان المشهد كما لو أنه يشاهد لعبة شطرنج، وبدأ يفكر في نفسه.

(أمامك حشد غاضب… لا أحد هنا سيستمع لك… التبرير مجرد مضيعة للوقت… القوة العشوائية ستزيد الأمور سوءًا… إذاً؟)

تحليل سريع، استنتاج، قرار—كل ذلك حدث في عقله في أقل من ثانية. وبدلًا من التراجع، خطى خطوة إلى الأمام. وكان هذا كافياً لجعل الجميع يتشنجون للحظة، حتى المرأة التي كانت في المقدمة تراجعت قليلًا، لكنها سرعان ما تماسكت وضغطت على أسنانها وهي ترفع عصاها الخشبية.

المرأة: "الآن حان وقت الحساب! لا تظن أنك ستنجو من كل هذا!”

كين لم يتحدث، لم يظهر أي ردة فعل على الإطلاق، فقط رفع يده اليسرى، والتقط العصا الخشبية بيد واحدة قبل أن تصل إلى وجهه.

كين: "إذا كنتِ تظنين أنني سأسمح لكم بضربي مثل كلب شارع… فأنتِ حمقاء.”

ضغط على العصا قليلًا، وبلمح البصر، تشققت تحت أصابعه وانكسرت إلى نصفين. شهقت المرأة وتراجعت خطوتين للخلف، أما الحشد، فقد بدأوا يترددون، لم يكونوا يتوقعون ردة فعل هادئة، كانوا ينتظرون انفجارًا، معركة، مجزرة، لكن ما فعله كين كان أمرا صادماً.

وقبل أن يزداد الوضع سوءًا، تدخلت آن بسرعة، وضربت الأرض بقدمها بقوة.

آن: "هذا يكفي! هل فقدتم عقولكم؟ أنتم مجموعة من البالغين تهاجمون مراهقاً لم يكن سوى مجرد ضحية لأفعال سيروس!”

المرأة: "هاه؟! هل تدافعين عن قاتل؟ هل تعرفين كم عدد العائلات التي دمرها؟!”

آن: "وأنتِ؟ هل تعرفين كم عدد الأشخاص الذين قتلهم زوجك في الحروب؟! هل كنتِ هناك عندما أخذ حياة الأبرياء؟!”

المرأة (بتوتر): هذا… ليس نفس الشيء…"

آن (بغضب): "بل هو نفس الشيء!”

قبل أن يتفوه أحد بأي كلمة أخرى، تدخل آكيو.

آكيو (بغضب): أنتم جميعًا تهاجمونه وكأنه وحش، لكن لم يفكر أحد في السبب الذي جعله يصبح هكذا! لا أحد سأل كيف كانت حياته قبل أن يكون قاتلًا! لا أحد سأل كيف فقد كل من يحب!”

كين، الذي كان يراقب كل هذا بصمت، أطلق زفرة خفيفة.

كين: "أنا لم أطلب مساعدتكما.”

آن (بجدية): حسنًا، إذاً؟ هل كنتَ ستترك نفسك تُقتل هنا؟ هل كنتَ ستتصرف وكأنك وحدك في العالم؟”

كين لم يجب، لكنه أدار وجهه بعيداً… كان يعلم أنها محقة، ولكنه لم يكن يريد الاعتراف بذلك. أما الحشد فقد بدأ يتفرق تدريجياً بعد أن أدركوا أن القتال لن يؤدي إلى شيء. بعد ذلك نظرت آن إلى كين وشعرت بالحزن تجاهه، فتقدمت بثبات نحوه، وأمسكت بيده فجأة وجذبتها نحوها بكل قوة.

آن (بصوت هادئ، لكن قاطع، مع احمرار في وجنتيها): "كين سان، لا تهتم، دعنا نذهب الآن.”

كانت الصدمة واضحة في عينيه، لكنه لم يستطع القيام بردة فعل بسبب أن آن بدأت تمشي بسرعة وهي تمسك يده بقوة.

أكيرا، الذي كان لا يزال واقفًا على بعد خطوة، نظر إلى الاثنين وهما يبتعدان. وجهه كان غريبًا، مزيجًا من الدهشة و التفكير العميق. للحظة شعر بأنه هو وكين يتشاركان طفولة سيئة، ولكن كل منهما كان مختلفاً عن الآخر.

أكيرا (بهمسات): "هو أيضاً… مثلي.”

بدأ كين وآن بالابتعاد عن السوق، وكانت آن ما زالت ممسكة بيد كين، تحاول أن تشعره بالطمأنينة، وقلبها كان مملوءًا بالحزن. لم تكن تعرف الكثير عن ماضيه، لكن كان بإمكانها أن ترى أنه عاش ما لا يجب أن يعيشه طفل صغير.

كين (بصوت هادئ، وهو يلتفت إليها بشكل غير مبالي): "إلى متى ستبقين ممسكة بيدي؟”

كانت كلماته مفاجئة، ولكن على الرغم من ذلك ابتسمت آن، فهي لم تكن تتوقع رداً آخر من كين، ثم أحمرت وجنتاها أكثر وتحولت عيناها إلى قلوب.

آن (في نفسها بنبرة متحمسة): "أنا لا أصدق هذا! لقد أمسكت بيد كين سان مجدداً! كم هي ناعمة! أتمنى لو أمسكها أكثر!"

ثم بدأت آن تحدق في يد كين التي كانت تمسكها، وكأنها تحاول التأكد من أنه لا يحاول إبعادها عنها، وشعرت بأنها تستمتع بكل لحظة تمسك فيها يده.

آن (بصوت عاطفي ومرتفع): "لا أستطيع أن أصدق هذا! هل أنا أحلم؟”

كين نظر إليها، ولكنه لم يكن يهتم بما تقوله، كان مستمرًا في سيره كما لو أن لا شيء غريب يحدث. أما آن فقد شعرت بمزيج من الخجل والفرح في قلبها، كلما نظرت إلى يد كين، كانت تتخيل أمورًا كوميدية في ذهنها. ثم توقفت بعد أن شعرت بأن كين بدأ ينزعج، وسحبت يدها عنه بخجل.

آن (بصوت خافت، وتحاول أن تخفي خجلها): "أعتقد أنه حان الوقت لأترك يدك… لكني فقط… لا أستطيع، إنها مريحة للغاية!”

كين (بسخرية باردة): "جيد، إنني حر الآن."

وأخيرا، بدأ آكيو وأكيرا يتبعان كين وآن من بعيد، وظهرا فجأة في المشهد.

آكيو (وهو مستمتع باللحظة): "أرأيت ذلك يا أكيرا؟ لقد أمسكت آن بيد كين وكأنها في فلم رومانسي!"

أكيرا (يبتسم بمكر بينما تحمر وجنتاه): "يبدو أن آن بحاجة إلى شخص يفهمها أكثر من كين!"

اقترب آكيو وأكيرا منهم أكثر وبدأوا يسيرون أربعتهم في نفس الطريق.

كين (بسخرية، وهو لا يزال يمشي بهدوء): "إلى متى ستبقين تلاحقيني؟ هل أنا خاتم زواج أم ماذا؟”

آن (بإحراج شديد، لكنها تبتسم في نفسها): "أنت فقط لا تفهم! هذا ليس مثلما تعتقد.”

أكيرا (بابتسامة ساخرة، وهو يقترب أكثر من آن): "أعتقد أنني الرجل المثالي لهذه المهمة. كين لا يعرف كيف يتعامل مع الفتيات، ولكن أنا أعرف كيف أكون رومانسياً… وخاصة عندما يتعلق الأمر بكِ، آن تشان."

وفجأة، مد أكيرا يده بسرعة وأمسك بيد آن بكل سلاسة، نظراته مليئة بالإعجاب بينما كان يبتسم ابتسامة مغرية.

أكيرا (بحماسة):

“أعتقد أن يدك تستحق أن تكون في يدي أكثر من يده، أليس كذلك؟”

وبدون أي مقدمات، أصبح وجه آن كوميدياً غاضباً ولكمت أكيرا على وجهه بقوة فسقط على الأرض.

آن (وهي تصرخ): "أفلتني أيها المنحرف! مالذي تظن نفسك بفاعل؟!"

أكيرا (وهو يلمس خده المخدوش، ويضحك بصوت منخفض بينما يبتسم): "أوه، لم أكن متوقعًا هذا الرد! يبدو أنكِ حقاً قوية، وأنا أحب هذا النوع من القوة في المرأة.”

آكيو (يضحك بشدة، وعيناه تدمعان من الضحك): "أكيرا أيها الأحمق! هل تعتقد فعلاً بأن آن ستترك كين من أجلك؟!"

أكيرا (بغرور): "أعلم أنه من الصعب مقاومة وسامتي… لكن إذا قررتِ يوماً أن تغيري رأيكِ، فأنا هنا! أنا لست مجرد وسيم، بل أيضاً شجاع بما يكفي لتحمل تلك الضربة!"

استدارت آن بعنف وبدأت بالابتعاد عن أكيرا والاقتراب من كين مجدداً.

آن (بوجه محمر وعنيد): "اخرس أيها المستذئب المنحرف المغرور! أنا لكين سان وكين سان لي، انتهى النقاش!!"

أكيرا (وهو يضحك): "لقد كنت أمزح فقط يا مهووسة كين! يبدو أنكِ عصبية بعض الشيء!"

آن (بوجه غاضب مضحك): "أنا عصبية؟! كيف تجرؤ على قول ذلك بعد أن مسكت يدي وتغزلت بي هكذا؟! كما أنني لم أعرفك سوى اليوم أيها المنحرف!"

أكيرا (يغمض عينيه ويضع يداه خلف رأسه بغرور): "حسناً آن تشان، شكراً لكِ، لكِ ما تريدين!"

يتبع…

2025/02/16 · 13 مشاهدة · 1953 كلمة
Sara Otaku
نادي الروايات - 2025