32 - الشرطي العاشق والنينجا المحتالة

مرت ساعتان منذ أن ألقت تيراكولا أكيرا داخل تلك الزنزانة الباردة، ولكن بالنسبة له لم تكن مجرد ساعتين، بل شعر بأنها سنوات طويلة من العذاب، الألم الذي سبّبته له لم يكن مجرد ألم جسدي، بل كان وكأنه شيء أعمق، شيء ينهش روحه من الداخل.

عيناه كانت خاليتان من أي بريق، وكأن روحه قد سُحبت منه تماماً، أخذ نفساً متقطعاً وهو يحاول استيعاب ما حدث، رفع رأسه ببطء ونظر إلى القيود المعدنية التي كبلت يديه، وبدأ يشعر بأنه قد أصبح مجرد قطعة تالفة لم يعد لها قيمة.

أكيرا (بصوت ضعيف، بالكاد يُسمع):

“هل

كانت

حياتي

مجرد

كذبة؟”

بدأت الأفكار تتلاعب بعقله، بدأ يسترجع ذكرياته منذ اللحظة التي دخل فيها قصرها لأول مرة، عندما كانت تيراكولا تبتسم له وتخبره بأنه شخص مميز، عندما أعطته المأوى والطعام والقوة… عندما أخبرته بأنه لم يعد وحيداً بعد الآن، لكن الآن… كل شيء قد تلاشى.

أكيرا (يضحك بسخرية مريرة، وكأنه فقد عقله للحظة):

“يا

إلهي

كم

كنت

غبياً

عاش أكيرا مع تيراكولا لعشر سنوات وهو يعتقد بأنها كانت تراه كأكثر من مجرد أداة، والآن أصبح مجرد قطعة خردة قررت التخلص منها لأنها لم تعد بحاجة إليها.

أكيرا (بهمسات مرتجفة، وهو يضغط على أسنانه بشدة):

“عشر

سنوات

عشر

سنوات

وأنا

أعيش

كذبة؟”

بدأ قلبه ينبض بعنف، ليس من الخوف، بل من الغضب. لكن هذا الغضب لم يكن موجّهاً لتيراكولا فقط، بل كان موجهاً لنفسه، لأنه كان أحمقاً كفاية ليقع في هذا الفخ.

خارج القصر، دخل آكيو وكين وآن إلى الفندق وهم متعبين بعد يوم طويل، كان كين يمشي ببطء بينما كان آكيو متحمساً كعادته، كان آكيو قد لفّ ضمادة صغيرة حول خده الأيسر، وأخرى على جبهته، نتيجة بعض الإصابات الطفيفة التي أصابته أثناء قتاله ضد أكيرا.

آكيو (بابتسامة وهو يمدد ذراعيه): “يااااه! وأخيراً سنرتاح قليلاً! لا أستطيع الانتظار حتى أقاتل تلك العجوزة تيراكولا!”

كين (بصوت متعب وهو يزيل سترته): “تيراكولا ليست عجوزة، صحيح بأن عمرها أكبر من 300 سنة، ولكنها ما زلت شابة لأنها مصاصة دماء.”

آن لم تقل شيئاً، كانت تسير خلفهما بصمت وكأنها تفكر بجدية في أمر معين، وبمجرد وصولهم إلى غرفهم، دخل كل واحد منهم إلى غرفته، دخلت آن إلى غرفتها ثم جلست على السرير وبدأت تفكر بعمق.

آن (في نفسها): “نحن ذاهبين إلى القتال في القصر غداً، ولكننا بحاجة إلى كل قوتنا… لا يمكننا الدخول إلى هناك بدون سلاح، خاصة كين وآكيو.”

تذكرت آن كيف تمّت مصادرة سيوف آكيو وكين عند وصولهم إلى داركوفا، فبسبب القوانين الصارمة عند الحدود، لم يُسمح لهم بحمل أسلحتهم وتم إرسالها إلى مقر الشرطة المركزي في الحدود، فقبضت يدها بإحكام وعيناها التمعتا بالإصرار.

آن (بهمس، وهي تنهض من مكانها): “يجب أن أستعيد تلك السيوف…”

تحركت بهدوء إلى النافذة، فتحتها قليلاً ونظرت إلى الشوارع المظلمة، لم تكن تريد إشراك كين وآكيو في هذه الخطة لأنها كانت تعرف أنهم قد يعارضونها، كانت تؤمن بأن عليها التحرك بنفسها لحماية الفريق، فسحبت وشاحها الأسود ووضعته حول عنقها، ثم تأكدت من أن أدواتها الصغيرة مخبأة جيداً في حزامها.

آن (بابتسامة خفيفة وهي تشد قبضتها): “حسناً… عملية تسلل واحدة فقط، ولن يعرف أحد بما فعلته.”

ثم قفزت بخفة ورشاقة من النافذة واختفت في ظلام الليل. أما في غرفة الصبيان، كان كين مستلقياً على سريره، بينما آكيو يجلس على الكرسي القريب من النافذة، الجو كان هادئاً بعد يوم طويل، حتى قرر كين كسر الصمت.

كين (بهدوء وهو يراقب السقف): “آكيو… هل تستطيع حقاً القتال بسيفين؟ أم أنك فقط تتفاخر كالعادة؟”

آكيو (بثقة وهو يعقد ذراعيه): “هاه؟ بالطبع أستطيع! لكن… آه، فقدت سيفي الثاني بطريقة غبية جداً.”

كين (يرفع حاجبه ببطء ويحدق به بنظرة فارغة): “بطريقة غبية جداً؟ أظن أنني أستطيع تخمين ذلك.”

آكيو (يتنهد ويهز رأسه بأسى): “أوه لا، لا يمكنك تخمين مدى غبائي هذه المرة… اسمع، قبل أن أتعرف عليك بأسبوع، كنت أتدرب في الغابة، وكان معي سيفين وقتها، وبينما كنت في وسط الجلسة التدريبية، أردت تجربة تقنية دوران معقدة رأيتها في كتاب عن الساموراي، لكن المشكلة أنني كنت واقفاً على… هاه… غصن شجرة.”

كين (ينظر إليه وهو يحاول أن يكتم ضحكته): “أنتَ كنتَ تحاول تجربة تقنية دوران مزدوجة… وأنت واقف على شجرة؟”

آكيو (بحماس شديد): “بالضبط! كنت أريد أن أثبت بأنني ساموراي أسطوري يستطيع القتال على الأغصان مثل النينجا!”

كين (يمرر يده على وجهه بإحباط): “بالطبع كنت تعتقد ذلك…”

آكيو (يتابع وكأنه لم يلاحظ ردة فعل كين): “على أي حال، بدأت بالدوران في الهواء مثل المحاربين الأسطوريين، لكن فجأة… قدمي انزلقت… ثم حلّقتُ في السماء مثل نسر جريح.”

كين (بملامح جامدة): “لا تقل لي بأنك…”

آكيو (يرفع إصبعه ويبتسم بحزن): “بالضبط! سيفي طار من يدي في الهواء وسقط مباشرةً في عش ضخم للغربان فوق شجرة أخرى، وعندما حاولت تسلق الشجرة لاسترجاعه، هجمت عليّ الغربان وكأنني قتلت قائدهم في حياة سابقة!”

كين: “رائع، لقد تحول سيفك إلى ديكور في عش غربان!"

آكيو: “وفي النهاية، اضطررت للهرب من الغراب الغاضب الذي كان يلحقني ولم يسمح لي باستعادة السيف أبداً!”

كين (ببرود قاتل): “هذه القصة وحدها كافية لحرمانك من لقب الشوغن مدى الحياة.”

آكيو (يعترض بسرعة): “مهلاً! هذا مجرد حادث بسيط! لا يعني أنني لست مؤهلاً!”

كين (بهدوء وهو يعقد يديه): “أتعلم؟ لا أظن أن هناك شخصاً آخر في العالم فقد سيفه بسبب عش غربان، تهانينا، لقد صنعت حادثة تاريخية فريدة من نوعها.”

آكيو (وهو ينظر إلى كين بتركيز): “أوه، بالمناسبة… كين، هل يمكنك استخدام سيفين؟”

كين (يفتح عينه ببطء وينظر إليه بلا اهتمام): “لماذا تسأل؟”

آكيو (يشير بيده): “لأنني لاحظت أنك تمسك السيف بيدك اليسرى دائماً، وهذا يعني أن يدك اليمنى حرة، فلماذا لا تستخدم سيفاً ثانياً؟”

كين (يحدق بالسقف للحظة ثم يتحدث ببرود): “لأنني لا أحتاج إلى سيف ثانٍ.”

آكيو (بدهشة): “هاه؟ لكن القتال بسيفين يجعلك أقوى! تخيل أنك تحمل سيفين وتهاجم خصمك من زاويتين مختلفتين في نفس الوقت!”

كين (وهو يشعل سيجارة): “القتال سهل يا آكيو، كل شخص لديه أسلوبه، وأنت تحب الفوضى، لذا فالسيفان يناسبانك، أما أنا، فأفضل أن أقتل خصومي بضربة واحدة بدلاً من أن أعبث بالسيوف مثل راقص سيرك.”

آكيو (يعترض): “هيه! لا تقلل من قدرتي، استخدام سيفين ليس سهلاً!”

كين (بنبرة ثابتة): “لن يكون سهلاً على شخص فقد سيفه في عش غربان."

آكيو (بانزعاج): “اووووه، هذا يكفي! على أي حال، لو فقدت ذراعك اليسرى، هل ستتعلم القتال بيدك اليمنى؟”

كين (يفتح عينيه وينظر إليه مباشرة ببرود قاتل): “بالطبع، وسأظل أقاتل حتى لو فقدت كلتا يديّ.”

آكيو (يرمش قليلاً ثم يضحك): “ههه! يا لك من مخيف، لكنني سأظل الأفضل بالسيفين!”

كين (ينفث دخان سيجارته): “فقط تأكد من عدم إضاعة سيف آخر في عش للغربان…”

آكيو (يعبس ويعبث بشعره): “توقف عن السخرية مني! لقد كان حادثاً، حسناً؟!”

أطفأ كين سيجارته بطريقة عفوية تماماً على كمّ قميص آكيو!

آكيو (بصدمة وهو يقفز من كرسيه): “هآااااااه؟؟! مالذي تفعله أيها الغبي؟!”

نظر كين إليه ببرود شديد، وكأنه لا يرى أي مشكلة، ثم تثاءب بكسل وهو يغمض عينيه ويقلب على جانبه استعدادًا للنوم.

كين (بهدوء ممل): “اهدأ، لم أضغط عليها بقوة، بالكاد لمست قماشك، لن تشتعل.”

آكيو (يحدق في ملابسه بغضب وهو يحاول نفض الرماد عنها): “هذا ليس الموضوع! هل أبدو لك كمنفضة سجائر؟!”

كين: “من يعرف… مستواك العقلي قد يكون قريباً جداً من المناديل.”

آكيو (بعصبية وهو يشير إليه): “لقد سمعتك! و… ماذا عن ملابسي؟ أنت ستدفع ثمنها!”

كين (وهو يغمض عيناه): “لا تنسى بأنك بصقت على ملابسي الجديدة في الصباح."

آكيو (بغضب وخجل): “هذا ليس تبريراً!"

كين (يرد وهو لا يزال مغمض العينين): “كنت بحاجة إلى سطح قريب، وأنت كنت أقرب سطح متاح.”

آكيو (يرفع حاجبه وهو يشعر بالإهانة): “هااااه؟!”

تحت ضوء القمر الخافت، كانت آن تتحرك بخفة بين الظلال، متسللة نحو مقر الشرطة الحدودي، وكانت ترتدي ملابس سوداء تماماً.

آن (تهمس لنفسها وهي تنظر إلى المقر من بعيد): “حسناً، مجرد مبنى عادي… لكن الحراسة مشددة جدًا. كالعادة، لا شيء مستحيل بالنسبة لي.”

اختبأت آن خلف جدار حجري وهي تراقب تحركات الحراس، كان هناك اثنان يقفان أمام المدخل الرئيسي، وأربعة آخرون يقومون بدوريات في محيط المبنى. انتظرت للحظة حتى مرّ أحد الحراس بجانبها، ثم تحركت بسرعة خاطفة، أمسكت به من الخلف وضربته بصخرة على رأسه، فأغمي عليه بحركة سريعة دون أن يصدر أي صوت، ثم سحبت جسده بعيداً وأخذت بطاقة هويته، وارتدت قبعته لتمويه نفسها قليلاً.

آن (بابتسامة جانبية وهي تضع البطاقة في جيبها): “شكراً لك، سأعيدها لاحقاً… أو ربما لا.”

تقدمت بحذر نحو المبنى، متسللة بين الأعمدة والجدران، متجنبة الأضواء الأمنية بدقة، فوجدت نافذة مفتوحة في الطابق الثاني وقفزت إليها بكل خفة ورشاقة دون أن ينتبه إليها أحد، وبدأت تمشي بخفة بين الممرات المظلمة، كانت قد ارتدت ملابس ذلك الشرطي كذلك، وهذا سيُحدث تغيير في خطتها.

شخص ما (بصوت متردد): “هاه؟ لحظة، من أنتِ؟!”

تجمدت آن في مكانها للحظة، ثم استدارت ببطء لترى صاحب الصوت، كان الشرطي الذي أمامها مراهقاً يبدو في الخامسة عشر من عمره ، بشعر بني وعيون عسلية، وكان يمضغ قطعة من العلكة بملل وهو يحمل كومة من الأوراق بين يديه.

الشرطي (يرفع حاجبه بريبة): “لحظة واحدة… منذ متى ونحن لدينا فتيات من الشرطة بهذا المقر؟!”

في تلك اللحظة، ابتسمت آن ابتسامة لطيفة وهي تنظر إلى الشرطي.

آن (بصوت ناعم): “أوه… ألم يخبرك القائد؟ أنا هي المجندة الجديدة، وضعوني في دورية الليل اليوم، وأنا أشعر بالضياع قليلاً هنا… المكان كبير جداً!”

الشرطي (يحدق بها بذهول بينما احمرت وجنتاه): “م-ماذا؟ سيصبح لدينا فتاة في مقرنا وأخيراً، هذا مستحيل!”

آن (بابتسامة مغرية وهي تقترب منه قليلاً وتضع يدها على خصرها): “حقاً؟ هل تعتقد أن الفتيات لا يستطعن العمل هنا؟ كم هذا ظالم…”

احمر وجه الشرطي أكثر، وبدأ يتلعثم وهو يحاول النظر بعيداً.

الشرطي (يحك رأسه بإحراج): “آه… لا لا! لم أقصد ذلك! فقط… أنتِ تبدين مختلفة عن البقية…”

آن (بغمزة خفيفة): “آه… إذن أنت ترى أنني مميزة؟ كم هذا لطيف منك!”

بدأ الشرطي يفقد السيطرة تماماً، وبدأ العرق يتصبب على جبينه وهو يحاول التصرف بشكل طبيعي.

الشرطي (يحاول التظاهر بالجدية): “ح-حسناً، هل تحتاجين أي مساعدة؟”

آن (تضع يدها على كتفه بلطف وهي تنظر إليه بعينين واسعتين): “حسناً… في الحقيقة، كنت أبحث عن مستودع المصادرات، لأن القائد أمرني بالتحقق منه هذه الليلة، ولكن المكان معقد قليلاً، فهل يمكنك إرشادي إليه؟”

تجمد الشرطي للحظة وأصبح وجهه أحمراً بالكامل! ثم نظر حوله بحذر، وبعدها نظر إليها مجدداً وهو يحاول التصرف وكأنه ذكي.

الشرطي (بتررد): “ح-حسناً… إن المستودع في الأسفل، تعالي معي، سأرشدك إليه!”

ابتسمت آن بانتصار بينما كان الشرطي يمشي أمامها، وهي تتابعه بخطوات هادئة وواثقة، كان هذا أسهل مما توقعت، والآن… أصبحت قريبة جداً من هدفها. قاد الشرطي المراهق آن إلى الدرج المؤدي إلى الأسفل، وكان واضحاً عليه التوتر من وجود فتاة بجانبه، خاصةً فتاة جذابة وجميلة مثل آن.

الشرطي (بابتسامة متوترة): “حسناً، هذا هو المستودع، لكنه مغلق بالقفل… فقط الحراس الرئيسيون لديهم التصريح لفتحه.”

آن (وهي تنظر إليه بنظرة جذابة): “أوه… وما رأيك أن تفتح لي الباب؟ من الواضح أنك شخص مهم هنا، أليس كذلك؟”

الشرطي (يضع يده على صدره بفخر): “هاه! بالطبع! أنا هنا منذ سنة كاملة، يمكنني فعل أي شيء تقريباً!”

آن (بغمزة خفيفة): “إذاً، افتحه لي وسأكون ممتنة جداً لك…”

بدأ الشرطي يتعرق بغزارة بينما كان وجهه يحمر من الخجل أكثر، نظر حوله بحذر، ثم اقترب من الباب وقام بإدخال رمز الدخول بسرعة، وأصدر القفل صوت “كليك!” ثم فتح الباب ببطء، ليظهر أمامهما مستودع مليء بالصناديق والأسلحة المصادرة من مختلف المناطق.

آن (تبتسم بسعادة): “واو… لم أكن أتوقع أن يكون المكان بهذا الحجم!”

الشرطي (بغرور): “نعم، إنه ضخم، نحتفظ فيه بكل شيء نحصل عليه من المجرمين! لكن القائد لا يسمح لأحد بأخذ أي شيء من هنا بدون إذنه.”

ابتسمت آن ابتسامة هادئ، ثم نظرت حولها بإعجاب، كانت تعرف أن الوقت محدود، ويجب أن تستغل هذا الشرطي المراهق قدر الإمكان قبل أن تراوده الشكوك.

آن (تلتفت إليه وهي تميل رأسها قليلاً): “إذاً… هل يمكنك أن تريني أين يتم وضع الأسلحة المصادرة؟ أمرني القائد بأن أتحقق منها بشكل خاص.”

الشرطي (يحك رأسه بتردد): “أممم… لا أعتقد أنه يُسمح لي بمشاركة هذه المعلومات معكِ…”

رفعت آن حاجبها واقتربت منه أكثر.

آن (بصوت دافئ): “أوه، هكذا إذن؟ هذا محبط حقاً… كنت أعتقد أنك الرجل الذي يمكنني الاعتماد عليه هنا.”

ارتبك الشرطي أكثر وابتلع ريقه بصعوبة، ثم نظر إليها وهو يشعر بأنه في مأزق.

الشرطي (بحماس، وهو يحاول إثارة إعجابها): “هاه؟! طبعاً يمكنكِ الاعتماد عليّ! حسناً حسناً، سأريك مكانها، لكن لا تخبري أحداً، حسناً؟”

آن (تغمز له): “أنت الأفضل!”

قادها الشرطي نحو زاوية المستودع، حيث كان هناك رف خاص يحتوي على الأسلحة المصادرة من الساموراي وغيرهم، بحثت آن بعينيها بسرعة حتى وجدت سيف كين وسيف آكيو.

آن (في نفسها، بابتسامة منتصرة): “ها أنتما!”

مدت يدها ببطء نحو السيفين، لكنها توقفت للحظة عندما لاحظت أن الشرطي لا يزال يراقبها، فعلمت أنها بحاجة إلى خدعة إضافية حتى تتمكن من أخذ السيوف دون أن يشك في نواياها.

آن (تلتفت إليه فجأة، وتضع يدها على شفتيها بخجل مصطنع): “أوه… لحظة واحدة…”

الشرطي (بقلق): “ماذا؟ ماذا حدث؟”

آن (بابتسامة خجولة): “كنت فقط أفكر… أنك الشخص الوحيد الذي ساعدني هنا، إنه أمر لطيف حقاً… لا أحد عاملني بلطف كما فعلت.”

وبدأ الشرطي يتلعثم وشعر بأنه سيفقد وعيه من شدة الخجل.

الشرطي (بإحراج شديد وهو يضع يده خلف رأسه): “أوه… هذا لا شيء… أنا فقط أقوم بواجبي.”

آن (تقرب وجهها قليلاً منه، وتهمس): “حقاً؟ إنني أرى بأنك شخص مميز!"

تصلب الشرطي في مكانه تماماً وكاد قلبه يتوقف من الحرج والارتباك، لم يكن عقله يستوعب ما كان يحدث أمامه.

الشرطي (بخجل، وهو ينظر إلى الأرض): “أ-أوه… شكراً لكِ! لم يقل لي أحد هذا من قبل…”

استغلت آن هذه اللحظة الحاسمة، وبحركة سريعة وخفيفة، التقطت السيفين بخفة دون أن يلاحظ، وأخفتهما خلف ظهرها بينما كان لا يزال واقفاً في حالة صدمة.

آن (بابتسامة واسعة): “أوه، انظر إلى الوقت! أعتقد أنه يجب أن أعود إلى الدورية الآن! شكراً لك على كل شيء، أيها الشرطي اللطيف!”

الشرطي (لا يزال متجمداً في مكانه، غير قادر على الاستيعاب): “أوه… نعم… طبعاً… في أي وقت…”

وقبل أن يدرك ما حدث، كانت آن قد تحركت بسرعة نحو باب المستودع، وخرجت بهدوء وكأن شيئاً لم يكن. وعندما ابتعدت بما فيه الكفاية، انفجرت ضاحكة بهدوء.

آن (تهمس لنفسها وهي تحمل السيفين بسعادة): “يا له من أحمق! لم يكن هذا سهلاً فقط… بل كان مسلياً جداً، الرجال أغبياء حقاً!"

بدأت بالجري بسرعة عبر الممرات الفارغة وهي متجهة إلى النافذة التي دخلت منها في الطابق الثاني، وعندما وصلت إليها، قفزت بخفة وهبطت على الأرض برشاقة. وقفت للحظة وهي تتنفس بعمق بينما كانت تحمل السيوف على ظهرها، ثم نظرت إلى المبنى بابتسامة جانبية.

آن (تبتسم بثقة): “مهمة ناجحة، أما الآن… فقد حان وقت العودة إلى كين سان!”

وفي الداخل، كان الشرطي المراهق لا يزال واقفاً في مكانه وهو يحدق في الفراغ بوجهٍ محمر.

الشرطي (بدهشة وهو يضع يده على صدره): “هل… هل وقعت في الحب لتوّي؟”

في تلك اللحظة، مر شرطي آخر في العشرينات من عمره بجانب الشرطي المراهق، وكان يحمل كوباً من القهوة بينما يسير في الممر، وعندما مر بجانب المستودع لاحظ أن بابه مفتوح قليلاً، فتوقف فجأة ورفع حاجبه باستغراب.

الشرطي الأكبر سناً (وهو يضيق عينيه): “هاه؟ منذ متى نترك باب المستودع مفتوحاً؟”

نظر حوله بسرعة، ثم التفت إلى الشرطي المراهق الذي كان لا يزال واقفاً في مكانه، وجهه محمر وكأنه يعيش في عالم آخر تماماً، بينما كان يمسك بقلبه كأنه تلقى سهم حب قاتل.

الشرطي الأكبر سناً (بتحذير): “اوي أنت! لماذا باب المستودع مفتوح؟ من كان هنا؟”

انتفض المراهق من مكانه وكأنه استيقظ من حلم رومانسي، ثم نظر إلى زميله بنظرة فارغة للحظة، قبل أن يبدأ العرق يتصبب على جبينه.

الشرطي المراهق (بتلعثم): “أ-أوه… أنا… ك-كنت فقط…”

نظر إليه الشرطي الأكبر بعيون ضيقة، ثم تقدم إلى باب المستودع ودفعه بيده، دخل إلى الداخل ونظر إلى الأرفف، لكن سرعان ما اتسعت عيناه عندما لاحظ أن بعض الأسلحة قد اختفت.

الشرطي الأكبر (بغضب وهو يحدق بالمراهق): “يا هذا… لا تخبرني أنك سمحت لأحد بالدخول إلى هنا!!”

بلع المراهق ريقه بصعوبة وبدأ يبتسم ابتسامة متوترة.

الشرطي المراهق (يضحك بتوتر): “أوه… أتعلم… كان هناك فتاة… جميلة جداً… ولطيفة جداً… وأعتقد أنها معجبة بي أيضاً…”

حدق فيه الشرطي الأكبر بذهول واضح، ثم رفع يده ولكمه على وجهه بقوة.

الشرطي الأكبر (بغضب): “أيها الأحمق!!! لقد تعرضنا للسرقة للتو، وأنت تقف هنا وتتكلم عن الحب؟!!”

الشرطي المراهق (يضع يده على وجهه رأس متألماً): “آه! لا داعي للضرب! لقد قالت بأنها جديدة على هذا المقر، وأرادت مني أن أدلّها على المكان، لا أعتقد أنها كانت تحاول السرقة، لقد كانت ودودة جداً، والأهم من ذلك، قالت بأنني شخص مميز!”

رمقه الشرطي الأكبر بنظرة قاتلة ثم أمسك بياقة قميصه وسحبه نحوه.

الشرطي الأكبر (بصوت منخفض مخيف): “هل يمكنك أن تستخدم عقلك لثانية واحدة يا زير النساء؟ فتاة مجهولة دخلت المستودع، خدعتك، سرقت سيوف ساموراي خطيرين، واختفت… وأنت لا تزال تبتسم؟!!!”

الشرطي المراهق (تجمد وجهه أخيراً عندما استوعب الموقف، ثم همس برعب): “أوه لا… أعتقد أنني تورطت في كارثة حقيقية…”

الشرطي الأكبر (يصرخ بغضب): “بالطبع تورطت أيها الأبله!!!”

ركض الشرطي الأكبر بسرعة خارج المستودع، وبدأ يضغط على جهاز الاتصال اللاسلكي.

الشرطي الأكبر (بجدية عبر اللاسلكي): “هنا الوحدة 7! لدينا عملية اختراق وسرقة في المستودع الرئيسي! المشتبه بها فتاة شابة متخفية في زي شرطي! أكرر، المشتبه بها فتاة شابة متنكرة! ابحثوا عنها فوراً!”

في هذه الأثناء، كانت آن قد ابتعدت تماماً عن المقر الأمني، ووقفت فوق سطح أحد المباني القريبة وهي تمسك بالسيفين بسعادة.

آن (تتنهد براحة وهي تنظر إلى الأسلحة): “يا له من شرطي غبي… جعل الأمر أسهل مما توقعت!”

ثم ألقت نظرة سريعة إلى الوراء، ورأت أضواء الإنذار بدأت تشتعل في المقر، ما يعني أن الشرطة قد اكتشفت عملية السرقة.

آن (بابتسامة جانبية وهي تقفز بين المباني بسرعة): “أوه، يبدو أنهم أدركوا الأمر الآن، لكن فات الأوان أيها السادة!”

بدأت آن بالجري بسرعة فوق الأسطح، متجهة إلى الفندق حيث ينام كين وآكيو، بينما كان الشرطة في حالة فوضى وهم يبحثون عن “الشرطية المزيفة” التي خدعت أحد أفرادهم بكل سهولة. في داخل المقر، كان هناك شخص على وشك أن يفقد عقله تماماً… ذلك الشخص هو القائد لاتينو ، وهو رجل في آخر الثلاثينات من عمره، بشعر بني داكن وعينان خضراوتان، ولديه شارب ولحية خفيفة، كما أن بنيته الجسدية ضخمة، وقف القائد في منتصف الممر وعينيه تشتعلان غضباً، بينما كان الشرطي الأكبر يقف بجانبه وهو يشرح الموقف.

الشرطي الأكبر (متوتراً): “القائد لاتينو… لقد تم اختراق المستودع، والمشتبه بها فتاة متنكرة بزي شرطي، واستطاعت سرقة السيوف المصادَرة.”

القائد لاتينو (بصوت مدوٍ): “مــــــاذااااااااااا؟!!!!”

ارتجّ المبنى بأكمله، حتى أن بعض النوافذ اهتزت، بينما تجمد جميع أفراد الشرطة في أماكنهم. أما فيلو ، المراهق الغبي الذي كان السبب في الكارثة، كان يقف بجانب الحائط يحاول التظاهر بالغباء، ولكنه للأسف لم ينجح، استدار لاتينو ببطء شديد، وعيناه تلمعان كوحش غاضب، بينما ركّز نظره بالكامل على فيلو الذي بدأ العرق يتصبب على جبينه، كان يعلم تماماً بأن فيلو هو أكبر زير نساء في المقر.

القائد لاتينو (بصوت هادئ لكنه يحمل وعيداً مخيفاً): “فيلو… هل أنت من فعل هذا؟”

ابتلع فيلو ريقه، وحاول التظاهر بأنه لم يسمع شيئاً.

فيلو (يضحك بتوتر ويرفع يديه باستسلام): “آه، مَن؟ أ-أنا؟ مستحيل! بالتأكيد هناك خطأ في الموضوع!”

لكن لاتينو لم يقتنع بكلامه أبداً، واندفع نحوه بسرعة جنونية، ثم أمسكه من ياقة قميصه ورفعه في الهواء كأنه دمية صغيرة.

القائد لاتينو (يصرخ بغضب): “أنت أيها الغبي!!! كيف سمحتَ لفتاة بخداعك؟ هل لديك أي فكرة عن حجم الكارثة التي سببتها لنا؟!!”

فيلو (يضحك بخوف وهو يتأرجح في الهواء): “هاها… مهلاً، ليس خطأي بالكامل! لقد كانت جميلة جدًا، وأرادت مساعدتي، وقد قالت بأنني مميز!!!”

لم يتركه لاتينو ينهي جملته، بل بدأ يضربه بطريقة مضحكة جداً ، حيث كان يرفعه ويرميه على الأرض، ثم يرفعه مجدداً ويهزه بعنف كأنه سجادة مليئة بالغبار، وبعدها أخذ يضرب رأسه بالحائط عدة مرات بسرعة .

الشرطي الأكبر (يراقب المشهد بصدمة): “سيدي القائد… أعتقد أنك ستقتله!"

لكن لاتينو لم يكن في حالة تسمح له بالتوقف، بل كان مستمتعاً تماماً بما يفعله.

القائد لاتينو (وهو يضرب فيلو): “هل فقدت عقلك؟ هل كنتَ تفكر بقلبك بدلاً من عقلك؟ هل وظّفناك هنا من أجل أن تقع في الحب بدلاً من القيام بعملك؟!!!”

فيلو (وهو يتخبط بين يديه): “آآآه! توقف! توقف! كدتُ أحصل على موعد معها! كدتُ أعيش قصة حب رائعة—آآآخ رأسي!!!”

القائد لاتينو (بغضب شديد وهو يرفعه مجدداً): “هذا ليس موعداً أيها الأحمق! نحن هنا في مركز الشرطة! كان يجب عليهم وضع قانون يمنع المراهقين أمثالك من الانضمام إلينا!”

ثم أمسكه من رأسه وبدأ يدور به في الهواء قبل أن يرميه نحو مجموعة من الكراسي ، فتطاير فيلو وسقط بينها بطريقة مضحكة، بينما كانت النجوم تدور فوق رأسه.

فيلو (بصوت ضعيف وهو ينظر إلى الأعلى بعيون شبه مغلقة): “لقد كانت… أجمل فتاة رأيتها في حياتي…”

نهض لاتينو وهو يمسح العرق عن جبينه، ثم تنفس بعمق محاولاً تهدئة نفسه، لكن واضح أنه كان ما زال غاضباً جداً.

القائد لاتينو (يتحدث إلى جميع أفراد الشرطة): “استمعوا إليّ جيداً!!! نحن الآن أمام فضيحة أمنية كبيرة، لا يمكننا السماح لهذه الفتاة بالهروب! ابدأوا البحث فوراً!!!”

انطلق جميع أفراد الشرطة بسرعة، بينما بقي فيلو مرمياً على الأرض، ينظر إلى السقف وهو يفكر في الفتاة التي سحرت قلبه تماماً.

فيلو (وهو يبتسم بغباء): “لكنها قالت إنني مميز… هذا يعني أنها كانت مهتمة بي، صحيح؟”

مرّ الشرطي الأكبر بجانبه، وحدّق فيه للحظة، ثم تنهد وهز رأسه بأسف.

الشرطي الأكبر (وهو يبتعد): “يا إلهي… هذا الأحمق لا فائدة منه حقاً.”

القائد لاتينو (بصوت بارد ومخيف): “إذاً… فيلو، أيها الغبي… أخبرني، كيف كانت ملامح تلك الفتاة؟ ماهو لون شعرها؟ هل لديك أي شيء مفيد لنا؟”

رفع فيلو رأسه قليلاً، ثم ابتسم ابتسامة غبية، ومسح أنفه النازف وهو يحاول التظاهر بالشجاعة.

فيلو (بابتسامة مزيفة): “هاه، ماذا؟ آه، لا لا، لا أذكر شيئاً حقاً، كل ما أذكره أنها كانت… مجرد فتاة عادية… مثل أي فتاة أخرى! نعم، لم تكن مميزة أبداً، في الواقع، وجهها لم يكن واضحاً، ربما كانت شبحاً؟ آه، لا فائدة من البحث عنها يا سيدي! هاهاها…”

حدّق لاتينو به بنظرة فارغة، ثم أغمض عينيه وأخذ نفساً عميقاً.

القائد لاتينو (بهدوء مخيف): “فيلو… هل تحاول حمايتها؟”

ابتسم فيلو مجدداً، لكن هذه المرة بدأ العرق يتصبب على جبينه.

فيلو (بضحكة متوترة): “ماذا؟ حمايتها؟ بالطبع لا! لماذا أفعل ذلك؟ فقط أقول إنه… آه… ربما كنتُ مشغولاً بجمالها فلم أركز على التفاصيل؟”

نظر لاتينو إلى فيليو بنظرة مرعبة، ثم بدأ يقوم بتفعيل فاكن الماء خاصته.

القائد لاتينو (بابتسامة خطيرة): “فيلو… أظن أنك بحاجة إلى حمام بارد ينشط ذاكرتك. ”

وفجأة، انفجرت المياه من تحت الأرضية بقوة، وكأن نبعاً جليدياً خرج من العدم، ارتفعت المياه في الهواء، ثم تحولت إلى سوط مائي ضخم التف حول فيلو الذي صرخ بفزع.

فيلو (بذعر): “انتظر انتظر! القائد لاتينو، دعنا نتحدث أولًا، آآآه!!!”

لكن لاتينو لم يكن مهتماً بالكلام، بل بدأ يستخدم فاكنه المائي باحترافية مرعبة ، حيث بدأ السوط المائي يجلد فيلو بسرعة جنونية، وكأنه غسالة ملابس سريعة الدوران .

“بـــــــاوووووووم!”

تطاير فيلو في الهواء وارتطم بالجدار بقوة ، ثم انزلق على الأرض، لم يستطع حتى التقاط أنفاسه لأن لاتينو لم يتوقف.

القائد لاتينو (بغضب وهو يلوح بيده): “سأجلدك حتى تصبح ذاكرتك أكثر وضوحاً أيها الغبي!!!”

“ســـووش!” “بـــام!” “بـــاو!”

بدأ السوط المائي يضرب فيلو يميناً ويساراً، ثم رفعه في الهواء وبدأ يدور به مثل المروحة !

فيلو (يصرخ بجنون وهو يدور في الهواء): “آآآآآه!!! سأعترف!! سأعترف!! فقط توقف عن جعل رأسي يدوررررررر!!!”

لكن لاتينو لم يكن قد انتهى بعد، بل أمسك الماء وكأنه كان حبلاً، ثم رفع فيلو في السماء وألقى به في الهواء، وجعله يسقط رأساً على عقب في بركة ماء جليدية .

فيلو (يغرق في الماء وهو يرفس بلا فائدة): “ببببببببببرد! سيدي، أرجوك! هذا غير إنساني…"

رفع لاتينو يده في الهواء، وبدأ الماء يدور حولها مثل دوامة صغيرة.

القائد لاتينو (بهدوء شيطاني): “هل استعدت ذاكرتك الآن؟ أم أنك بحاجة إلى عاصفة ثلجية داخل معدتك؟ ”

فيلو (بصوت متقطع ومرتجف من شدة البرد): “ح-ح-حسناً!! سأتحدث! سأتحدث! كانت… فتاة… ذات ش-شعر بنفسجي ق-قصير… وكانت ع-عينها بنفسجية أيضاً! وكانت… ج-ج-جميلة جداً… ولكنها خبيثة!!! كانت ت-ت-تلاعب بي!!!”

أخيرًا، أطلق لاتينو سراحه، سقط فيلو على الأرض وبدأ يرتجف.

فيلو (يبكي مثل الطفل): “أنا أكره فاكن الماء…”

وقف لاتينو ووضع يديه على خصره، ثم نظر إلى بقية أفراد الشرطة.

القائد لاتينو (بصوت صارم): “الآن لدينا مواصفات واضحة! ابدأوا بالبحث عن فتاة ذات شعر بنفسجي قصير وعيون بنفسجية، لن ندعها تفلت بفعلتها هذه!!”

فيلو (بهمس وهو لا يزال يرتجف من البرد): “ولكن… أليست هذه أوصاف… نينجا؟ لا أعتقد بأنكم ستتمكنون من إيجادها…"

استدار لاتينو نحوه ببطء، ثم رفع يده، وبدأ الماء يدور حولها مجدداً.

القائد لاتينو (بصوت بارد): “هل تريد جولة أخرى؟”

فيلو (يصرخ بسرعة): “ل-لااااااا!!”

ضحك بقية أفراد الشرطة وهم ينظرون إلى هذا المشهد المثير للشفقة، بينما فيلو جلس في الزاوية ملفوفاً ببطانية، ووجهه مغطى بالكدمات والماء يقطر من شعره، بينما كان ما زال يرتجف من البرد. بجانبه كان يجلس شرطيان على الطاولة وهما يتناولان القهوة الساخنة،كان أحد الشرطيين رجل في منتصف العشرينات بشعر أشقر قصير، حدق في فيلو بانزعاج واضح، ثم التفت إلى زميله الأكبر سناً وبدأ يحدثه.

الشرطي الأصغر (بتذمر): “لماذا لا يطرد القائد لاتينو هذا الأحمق؟ أقسم بأنه تسبب بمشاكل أكثر مما حلها! أعني… لقد سلم المستودع بالكامل للعدوة بكل سذاجة!”

أخذ الشرطي الأكبر، وهو رجل في الثلاثينات بشعر أخضر خفيف، رشفة من قهوته ببطء، ثم وضع الكوب على الطاولة.

الشرطي الأكبر (بهدوء): “الأمر ليس بهذه السهولة… لو كان الأمر بيد لاتينو، لرماه في البحر منذ زمن طويل.”

الشرطي الأصغر (وهو يرفع حاجبه بفضول): “إذاً لماذا ما زال فيلو هنا؟ لا تقل لي أنه يملك موهبة سرية أو أنه ابن شخصية مهمة؟”

الشرطي الأكبر (يضحك بسخرية): “موهبة؟ ها! هذا الفتى بالكاد يستطيع ارتداء حذائه بشكل صحيح دون أن يقع على وجهه. لا، الأمر أسوأ من ذلك… القائد لاتينو مجبر على إبقائه هنا.”

الشرطي الأصغر (استعت عيناه في صدمة): “ماذا؟ لاتينو مجبر؟! من يستطيع إرغام شخص قوي مثله؟”

الشرطي الأكبر: “هل سمعت بقصة عائلة فيلو؟”

الشرطي الأصغر: “لا، لكنه لا يبدو كشخص من عائلة مرموقة.”

ضحك الشرطي الأكبر مجدداً، ثم أشار إلى فيلو الذي كان ما زال يرتجف في الزاوية.

الشرطي الأكبر: “وهنا تكمن المأساة، هذا الغبي هو ابن أخت القائد لاتينو.”

تجمد الشرطي الأصغر للحظة، ثم كاد يختنق من شدة الصدمة وهو يبلع قهوته بسرعة.

الشرطي الأصغر (مذهول): “ماذا؟! لا يمكن!!! هذا مستحيل!!”

أومأ الشرطي الأكبر برأسه ببطء وهو يبتسم بسخرية.

الشرطي الأكبر: “صدق أو لا تصدق، لكن هذا صحيح. فيلو هو ابن أخت القائد لاتينو، وعائلته أجبرته على توظيفه هنا لأنه فشل في كل وظيفة أخرى جربها، في البداية فشل في دراسته وترك المدرسة، فكان عليه أن يجد له عملاً. حاول أن يكون حداداً؟ فشل. حاول أن يكون طباخاً؟ حرق المطعم بالكامل. جرب أن يصبح بائعاً؟ انتهى به الأمر وهو يشتري بضاعته الخاصة ويأكلها. في النهاية، لم يكن هناك خيار سوى وضعه هنا… لأن الشرطة المكان الوحيد الذي لن يتمكن من إفلاسه!”

غطى الشرطي الأصغر وجهه بيديه، غير مصدق لما يسمعه.

الشرطي الأصغر (بإحباط): “إذاً… القائد لاتينو عالق معه إلى الأبد؟!”

أومأ الشرطي الأكبر برأسه مجدداً وهو يأخذ رشفة أخرى من قهوته.

الشرطي الأكبر (بابتسامة ساخرة): “إلى أن يقرر فيلو الاستقالة بنفسه… وهذا مستحيل لأن الأحمق يعتقد أنه سيصبح شرطي بطل وعظيم يوماً ما.”

نظر الشرطي الأصغر إلى فيلو الذي كان يحاول تدفئة يديه بالنفخ عليهما، ثم نظر إلى الشرطي الأكبر وهز رأسه بيأس.

الشرطي الأصغر (بيأس): “نحن هالكون…”

كانت آن تقفز فوق أسطح المباني بسرعة ورشاقة وهي تحمل السيفين، وبعد لحظات وصلت إلى الفندق، وانتبهت بأن نافذة غرفة آكيو وكين كانت مفتوحة، ورأت آكيو مستلقياً بجانب النافذة، نائماً بسلام بعد يوم طويل من المتاعب، وفي تلك اللحظة، قفزت آن من النافذة المفتوحة بخفة مذهلة، واستقرت مباشرةً على بطن آكيو !

آكيو (بصرخة عالية، وهو يستيقظ بفزع): “آاااااااه!!!”

فتح عينيه فجأة ليجد أن هناك شيئاً يقف فوقه ويضغط على معدته بشدة، واحتاج لثانية حتى يستوعب أن هذا “الشيء” ليس سوى آن .

آكيو (بصوت مخنوق وهو يلهث): “أنتِ… ماذا… تفعلين فوقي؟!”

في هذه اللحظة، التفت كين الذي استيقظ من نومه من الضجيج، ورفع حاجبه ببرود وهو يحدق بالمشهد دون أن يبدي أي تعبير.

كين (ببرود): “هذا مزعج… ألا يمكنكما أن تكونا هادئين قليلاً؟”

آكيو (وهو يحدق بكين بغضب): “كين!! أنظر إلى هذه الفتاة المزعجة! لقد دخلت من النافذة وجعلت من معدتي مدرج هبوط! ألا ترى أن هذا سبب كافٍ للصراخ؟!”

كين (وهو يغمض عينيه مجدداً ويستلقي على جانبه): “لا، ليس كافياً، إن كنت تستطيع الصراخ، فهذا يعني أنك لا تزال تتنفس، إذاً لا داعي للقلق.”

آكيو (بعصبية وهو يحاول دفع آن عنه): “هذا ليس منطقياً أبداً! انزلي عني فوراً!”

قفزت آن أخيراً من فوقه برشاقة وهبطت على قدميها بكل خفة.

آن (بابتسامة واسعة وهي ترفع حقيبة صغيرة): “حسناً، لقد عدت ومعي بعض الهدايا!”

آكيو (بحماس ودهشة): “هدايا؟! ماذا تقصدين؟ هل أحضرتِ لي بعض السوفليه؟!”

آن (تضع يديها على خصرها بفخر): “أحضرت لكما سيفيكما من مركز الشرطة الحدودية! أليس هذا رائعاً؟”

عند سماع ذلك، اتسعت عينا آكيو فجأة، وقفز من سريره فوراً بحماس، متناسياً تماماً الألم الذي تعرض له قبل لحظات.

آكيو (بصوت متحمس): “ماذا؟! هل حقاً ستعيدين لي سيفي؟!”

آن (تخرج السيف من وراء ظهرها حيث كان معلقاً بحزامها): “ها هو، تماماً كما كان.”

أمسك آكيو بالسيف وكأنه كنز عثر عليه بعد ضياعه لسنوات، وبدأ يتفحصه بعيون لامعة.

آكيو (بفرحة وهو يعانق سيفه): “ياااه! كم افتقدتك، أيها العزيز!!”

ثم التفتت آن إلى كين وأخرجت سيفه من حزامها وسلمته له.

آن (بابتسامة خفيفة): “وأيضاً، ها هو سيفك يا كين سان.”

أخذ كين سيفه بيد واحدة بهدوء، وتفحصه بعينيه الرماديتين.

كين (بهدوء وهو يعيده إلى غمده): “أحسنتِ عملاً.”

آن (بفخر وهي تضع يديها على خصرها): “بالطبع، أنا أفضل نينجا على الإطلاق! هل ترى ذلك يا كين سان؟"

آكيو (وهو يتثائب): "والآن، يجب علينا النوم جيداً، فالغد سيكون يوماً طويلاً وشاقاً!"

يتبع…

2025/02/26 · 17 مشاهدة · 4632 كلمة
Sara Otaku
نادي الروايات - 2025