في قلب قصر تيراكولا القوطي، كان ستيف يقف في أحد الممرات الجانبية بجوار أحد النوافذ المطلة على حديقة القصر، مرتدياً زيه الأسود المعتاد، بينما كان يمسك بكتاب في يده، كانت ملامحه هادئة كعادته، لكن عيناه كانتا تراقبان كل شيء بتركيز حاد. نظر إلى الساعة المعلقة على الجدار بهدوء، مرّت دقيقتان، ثلاث، ثم أخيراً…

“تك…تك…تك"

كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، حينها دخلت عليه ورقة مطوية من النافذة، ويبدو أنه كان بانتظارها طوال هذا الوقت، أمسك ستيف بالورقة بسرعة ثم ألقى نظرة سريعة حوله قبل أن يفتحها.

“عملية التصفية بدأت، تأكد من أن تكون مستعداً، الموعد النهائي: غداً خلال الحفلة في الساعة السابعة مساءاً”

ستيف (بصوت خافت ودهشة): "غداً، في السابعة مساءاً؟!"

وضع الورقة في جيبه وأغلق عينيه للحظة، ثم زفر بهدوء. الأمور كانت تتحرك أسرع مما توقع، كان يعلم أن اليوم الذي سينتهي فيه تمثيله قد اقترب، لكنه لم يتخيل أن العد التنازلي سيبدأ بهذه السرعة.

قبل عامين، لم يكن ستيف مجرد مراهق مشرد يعيش في شوارع داركوفا، بل كان جاسوساً سرياً أُرسل من منظمة مجهولة، فمنذ اللحظة التي اقتربت منه تيراكولا وأعطته الفرصة ليكون أحد “رجالها”، كان يعلم أنها كانت لحظة البداية، هو لم يكن مجرد “أحد رجالها”، بل كان عيناً خفية، يترصد كل تحركاتها، كل نقاط ضعفها، كل شيء يمكن أن يُستخدم ضدها.

بدأ ستيف يمشي وهو عائد إلى غرفته لكي ينام، ولكنه لم يكن يعلم بعد… أن هناك من يراقبه. في الظلال البعيدة، كانت هناك عينان حمراوتان تلمعان في الظلام، تراقب كل تحركاته بصمت… كانت تيراكولا.

في صباح اليوم التالي، كانت أشعة الشمس الخافتة تتسلل عبر النافذة، لتلقي ضوءاً هادئاً داخل غرفة آكيو وكين. كان آكيو نائم على الأرض وهو يحتضن وسادته بشدة وكأنه سقط من السرير أثناء النوم، ولكنه لم يكلف نفسه عناء العودة إليه، حيث كان مظهره في غاية الفوضى، شعره الأزرق مبعثر، وفمه مفتوح قليلاً وهو يشخر بصوت خافت.

وعلى الجانب الآخر من الغرفة، بجانب النافذة، كان كين جالساً على الكرسي، يحمل دفتر ملاحظاته، يمسك قلم الحبر بيده اليسرى، ويكتب نقاطاً مهمة قبل تنفيذ مهمتهم القادمة في قصر تيراكولا، بينما كانت في فمه سيجارة لم يشعلها بعد.

خطة التعامل مع حفلة تيراكولا:

1. الدخول الرسمي: نحن مدعوون رسمياً، مما يعني أننا لن نضطر إلى القتال للوصول إلى الداخل، سنحافظ على مظهرنا الهادئ حتى تبدأ الفوضى.

2. رصد الأهداف: بمجرد دخولنا، سنحدد مواقع الأشخاص المهمين، تيراكولا لن تكون وحدها، فهي لديها حراساً أقوياء مثل أكيرا في القصر.

3. التسلل الذكي: رغم أننا أقوياء، فإن القتال المباشر في قصر مصاصة دماء قد يكون مكلفاً، لهذا يجب أن نستغل المساحات المظلمة والأنفاق المحتملة.

4. عدم الانجرار وراء الاستفزاز: تيراكولا قد تحاول التلاعب بنا، سواء بالكلام أو بالخداع، لذلك لا مجال للرد العاطفي أو التسرع.

5. الاستعداد القتالي: رغم أن الحفلة تبدو سلمية، إلا أننا في أرض العدو، لهذا سنبقى جاهزين بأسلحتنا وفاكناتنا، ونتوقع أي هجوم مفاجئ.

6. الهدف النهائي: إذا استلزم الأمر، سيكون علينا قتل تيراكولا.

كين (يتمتم بصوت خافت): "وأيضاً، الخطة الاحتياطية…"

في تلك اللحظة، طرق أحدهم الباب.

آن (من خلف الباب، بصوت مرح): “أوي، أما زلتما نائمين؟ يجب علينا الذهاب للتسوق لشراء ملابس الحفلة!”

فتح كين الباب ببطء، ليجد آن واقفة هناك، مرتدية ملابس النينجا خفيفة، بينما كان شعرها البنفسجي القصير مرتّباً بشكل أنيق، وعيناها تلمعان من الحماس.

آن (وهي تنظر إلى الداخل وتغطي فمها ضاحكة): “واو، آكيو يبدو مثل الجثة وهو نائم!”

كين (ببرود وهو يشعل سيجارته): “من يدري… ربما سيبدو هكذا حقاً في نهاية اليوم.”

آن (تقترب من آكيو وهي تراقبه): “هاه… هل هو يهذي في نومه؟”

جلست بجانبه على الأرض، وهي تراقبه عن كثب، كان آكيو يتحدث أثناء نومه، وتعبيرات وجهه تدل على أنه في عالم آخر تماماً.

آكيو (بابتسامة حالمة وهو يتمتم): “آه… سوفليه… هذا أفضل يوم في حياتي… المزيد… أريد المزيد…!”

رفعت آن حاجبها، ثم نظرت إلى كين الذي كان يراقب المشهد بلا مبالاة وهو ينفث دخان سيجارته.

آن (بابتسامة ساخرة): “يا إلهي… هذا الفتى حتى وهو نائم لا يفكر إلا بالطعام.”

ثم، بدون سابق إنذار، لكمته بقوة على وجهه!

آن (وهي تصرخ بطريقة مضحكة): "استيقظ أيها الغبي!"

آكيو (بصرخة مدوية): “آاااااااه!!! لماذااااا؟! لم أكمل السوفليه خاصتي بعد!!"

قفز آكيو من مكانه وهو يفرك خده بصدمة، نظر حوله ليجد آن تبتسم له وهي مغمضة العينين، بينما كين ينظر إليه بلا مبالاة.

آن (وهي تضحك): “هيا، لدينا تسوق للقيام به! يجب أن نبدو أنيقين في حفلة الليلة، صحيح؟”

دخل الثلاثة إلى أحد متاجر الملابس الراقية، حيث امتلأت الرفوف بالملابس الفاخرة ذات الطابع القوطي، كانت الألوان الداكنة تهيمن على المكان، الأسود، الأحمر القرمزي، والبنفسجي الملك.

آكيو (وهو ينظر حوله بعيون متسعة): “واااو، هذا المكان رائع!”

كين (بهدوء وهو يمرر يده على قماش إحدى السترات السوداء): “تيراكولا تحب الفخامة… لذا فإن الحفلة ستكون مليئة بأشخاص يرتدون ملابس كهذه، سيكون من السهل علينا الاندماج.”

آكيو (يرفع حاجبه وهو يسحب معطفًا طويلًا أسود مزخرفًا باللون الذهبي): “إذن… علينا أن نرتدي مثل هؤلاء النبلاء، صحيح؟ مهلاً، ماذا عني؟ ألا يوجد زيّ للساموراي القوطي؟”

آن (تضحك وهي ترفع فستاناً أسوداً مزيناً بالورود الحمراء): “أوه، آكيو، هل ستذهب إلى الحفلة وأنت ترتدي الكيمونو التقليدي؟ عليك أن تجرب شيئاً جديداً!”

آكيو (يضع يده على ذقنه وهو يفكر بعمق): “أممم… معكِ حق، سأبحث عن شيء مناسب لي.”

في تلك اللحظة، كان كين قد اختار بالفعل ملابسه، التقط معطفاً أسوداً طويلًا ذو أزرار فضية، مع قميص بنفسجي داكن وسروال أسود أنيق. مد يده ليأخذ قفازات جلدية سوداء أيضاً.

آن (تلتفت إليه وتحدق بالملابس التي اختارها بإعجاب): “هاه… كين سان، أعتقد بأن ستبدو مثيراً بهذه الملابس!”

أما آكيو، فظل يتجول بين الملابس، محاولًا العثور على شيء يناسبه، حتى التقط في النهاية قميصاً أبيضاً مزخرفًا بتطريز ذهبي، ومعطفاً أسود بأكمام واسعة وسروال داكن. أما آن، فقد اختارت فستاناً أرجوانيا، داكناً بلا أكمام، مع أشرطة دانتيل سوداء تزين الرقبة والمعصمين، كما أنه مزين بربطة سوداء يتوسطها حجر كريم بنفسجي يتناغم مع لون عينيها.

بعد أن اختاروا ملابسهم، توجه الثلاثة إلى غرف تبديل الملابس لتجربة أزيائهم الجديدة. خرج كين أولًا، وكان يرتدي معطفه الأسود الطويل، وقف أمام المرآة، شدّ قفازاته الجلدية، ثم مرر أصابعه عبر خصلات شعره الحمراء ببطء.

آكيو (يخرج من غرفة التبديل ويحدق بكين بدهشة): “يا رجل… يبدو بأن جميع فتيات الحفلة سيعجبون بك!”

آن (وهي تخرج من غرفتها وتحمر وجنتيها عندما ترى كين): “أوه… كين سان، تبدو وسيماً جداً! لن أدع أي فتاة تسرقك مني أبداً!

اقتربت آن من كين بإعجاب وأمسكت بمعصمه.

كين (يحدق بآن ببرود وهو يسحب يده بعيداً): “لا تلمسيني.”

آن (تهمس لنفسها بخجل): “إن كين سان يزداد وسامة كلما يتجاهلني، تباً!"

آكيو (يقف أمام المرآة ويحدق في مظهره الجديد): “هاااه! انظروا إليّ! ألا أبدو كأحد النبلاء الأسطوريين؟ بل ربما أبدو وكأنني الشوغن المستقبلي!”

آن (تنظر إليه باندهاش): “في الواقع إنه يبدو جيداً عليك، لم أكن أعرف بأن لديك ذوق في الملابس!"

بعد لحظة، تحولت الأنظار نحو آن بفستانها الأرجواني الداكن، رفعت يدها لتعدل القماش عند كتفها، ثم نظرت إليهما.

آن (بابتسامة خفيفة): “حسنًا… ما رأيكما؟”

آكيو (يرفع إبهامه بحماس): “واو! أنتِ تبدين رائعة يا آن! لم أركِ ترتدين شيئاً كهذا من قبل.”

التفتت آن إلى كين الذي كان ينظر إليها بهدوء.

آن (بخجل): "ك-كين سان، ما رأيك؟"

كين (ببرود): “يناسبك.”

آن (بعينين متسعتين ووجها يزداد احمراراً بسرعة جنونية): “هـهـ… مـ- مـاذا؟”

في تلك اللحظة، شعرت وكأن عقلها توقف عن العمل، كين لم يكتفِ فقط بالنظر إليها، بل قال أن الفستان يناسبها؟! لم تكن مستعدة لهذا الإطراء، حتى لو كان بصوته البارد المعتاد!

آكيو (يضحك وهو يربت على كتف كين): “يا رجل، لقد قتلتها تماماً!”

وبحركة درامية، سقطت آن على الأرض مغشياً عليها بطريقة مضحكة ومبالغ فيها.

آكيو (بصوت مرتفع وهو يشير إليها بصدمة): “واااه!! لقد انهارت!!!"

كين (بانزعاج بارد وهو يبعد يد آكيو عن كتفه): “توقف عن لمسي.”

آكيو (يرفع حاجبه باستغراب): “وااه، ما بك؟ إنه مجرد تربيتة خفيفة!”

كين (بصوت منخفض): “لا أحب أن يلمسني أحد."

آكيو (يعقد ذراعيه وهو يبتسم بمكر): “هااه، لم أرك بهذه الحساسية من قبل، هل أنت دائماً هكذا؟”

كين (ينظر إليه ببرود): “دائماً.”

آكيو (يهز رأسه بأسف مفتعل): “يا رجل، كيف ستعيش هكذا؟ الحياة تحتاج إلى بعض اللمسات الودّية!”

كين (بنبرة هادئة لكنها قاطعة): “هذا يكفي.”

آكيو (يرفع يديه باستسلام وهو يضحك): “حسناً حسناً، فهمت!”

في هذه الأثناء، كانت آن قد استعادت توازنها بعد لحظتها الدرامية، لكنها ما زالت تشعر ببعض الحرارة في وجهها. أخذت نفساً عميقاً ثم رفعت رأسها وكأن شيئاً لم يحدث.

كين (يتوجه إلى صندوق الدفع بلا اهتمام): “لننتهي من هذا الآن.”

خرج الثلاثة من المتجر بملابسهم الجديدة، ولم يكن لديهم أي فكرة عن المفاجآت والفوضى التي تنتظرهم في الحفلة.

داخل غرفة واسعة مضاءة بأضواء الشموع القرمزية، كان ستيف يجلس على كرسي أمام مكتب ضخم، يعبث بقلمه بين أصابعه، بينما يراقب الوثائق المتناثرة أمامه، دخل أحد الحراس من مصاصي الدماء إلى الغرفة ثم وقف بانضباط، وتحدث بصوت خافت لكنه واضح.

الحارس: “ستيف-سان، السيدة تيراكولا طلبت حضورك فوراً.”

لم يرفع ستيف عينيه عن الأوراق، لكنه توقّف عن تدوين ملاحظاته للحظة، قبل أن يضع القلم جانباً ويعتدل في جلسته.

ستيف (بصوت هادئ): “فوراً؟”

الحارس (يخفض رأسه): “نعم، قالت إنه أمر مهم.”

وقف ستيف بهدوء، عدّل ياقة سترته، ثم خرج من الغرفة بخطوات ثابتة، وتوجه إلى غرفة العرش التي كانت تجلس بها تيراكولا دائماً، ثم طرق الباب مرتين وفتحه.

تيراكولا (بابتسامة خافتة وهي تجلس على عرشها الفاخر): “أخيراً أتيت، ستيف.”

وقف ستيف أمامها بلا تعبير، لكن عينيه كانتا تراقبانها بحدة، منتظراً ما ستقوله.

تيراكولا (بصوت ناعم لكنه يحمل قوة خفية): “كيف تجري الاستعدادات للحفلة؟ هل كل شيء يسير وفق الخطة؟”

ستيف (بهدوء وهو يضع يده في جيبه): “كل شيء يسير كما هو مخطط له، لكن… سمعت بأن هناك ضيوفاً مميزين سيحضرون.”

تيراكولا (تبتسم بخبث وهي تضع ساقاً فوق الأخرى): “آه، تقصد أولئك الثلاثة؟ نعم، سيكونون من أبرز الضيوف الليلة.”

أمسكت بكأس زجاجي مليء بالدم ثم حرّكته ببطء، وارتشفت منه رشفة صغيرة.

تيراكولا (تكمل بنبرة غامضة): “أنا متحمسة لرؤيتهم… خاصة يوكاجي كين.”

ستيف (يضيق عينيه قليلًا): “هل تخططين لشيء ما؟”

تيراكولا (تضحك بخفة): “بالطبع، أنا لا أدعو أحداً إلى قصري دون سبب، أليس كذلك؟”

ستيف (يراقبها بنظرة ثاقبة): “حسناً… لدي سؤال يا تيراكولا ساما، هل رأيتِ أكيرا؟ إنه مختفٍ منذ الأمس.”

تيراكولا (تبتسم ابتسامة صغيرة وهي تميل رأسها قليلاً): “أوه، أكيرا؟ إنه يستعد للحفلة بطريقته الخاصة.”

ستيف (يضيق عينيه قليلاً، نبرته تزداد حدة): “غريب؟ لم يكن أكيرا من النوع الذي يختفي هكذا فجأة، على أي حال، أنا ذاهب الآن."

تيراكولا (وهي تشرب الدماء التي بكأسها): “بالمناسبة، أعلم بأن الطفل ليونيل لديك، تخلص منه أو اعده إلى عائلته، لم أعد مهتمة به، فهو لا شيء بالنسبة للفوضى التي سنُحدثها اليوم."

ستيف: "حاضر، تيراكولا-ساما."

عاد ستيف إلى غرفته بخطوات هادئة، أخرج مفتاحه وفتح الباب، ليجد ليونيل وهو يستيقظ.

ليونيل (بصوت ناعس وهو يفرك عينيه): “أين… أين أنا؟”

أغلق ستيف الباب خلفه، وتوجه نحو الطاولة حيث كان هناك إبريق ماء وكوب، صب الماء بهدوء ثم اقترب من ليونيل.

ستيف (بصوت هادئ): “أنت في غرفتي، استرح، لا تزال متعباً.”

ليونيل (يجلس ببطء وهو يرمش بعدم استيعاب): “غرفتك…؟ من أنت؟"

ولاحظ ليونيل الضمادات الملفوفة حول رقبته، ثم تذكر… المعركة، أكيرا، الدماء، الصراخ…!

ليونيل (يرفع رأسه بسرعة وعيناه ممتلئتان بالقلق): “أكيرا!! أين أكيرا؟ هل هو بخير؟!”

نظر إليه ستيف بصمت للحظات، ثم جلس على الكرسي القريب منه ووضع كوب الماء على الطاولة.

ستيف (بهدوء وهو ينظر إليه): “أنت قلق بشأنه؟”

ليونيل (بصوت مرتجف): “بالطبع! لقد تعرض للأذى بسببي! لم يكن عليه حمايتي، لكنّه فعل…”

قبض ليونيل يديه بإحكام، شعر بالذنب الشديد، لم يستطع نسيان ملامح الألم على وجه أكيرا عندما كان يعاني، لم يكن ذلك المشهد ليخرج من رأسه.

ليونيل (بصوت خافت وهو ينظر إلى ستيف برجاء): “أرجوك… أخبرني أنه بخير.”

ستيف: “لا أعلم… لقد كنت أبحث عنه، ولكن حسب خبرتي فأكيرا لن يموت بسهولة.”

ليونيل (الدموع تتساقط من عيناه): “كل هذا… بسببي.”

داخل زنزانة أكيرا الباردة والمظلمة، كان أكيرا جالساً بيأس كما كان في الليلة السابقة، أنفاسه ثقيلة، وجهه كان شاحبا، وعيناه نصف مغلقتين، لا يزال جسده يشعر بآثار التعذيب الذي تعرض له في الليلة السابقة. سمع صوت خطوات كعب عالٍ يقترب من الزنزانة.

تيراكولا (بابتسامة ناعمة وهي تقف أمام القضبان): “أوه، أكيرا… تبدو بائسا، جداً، كما توقعت تماماً.”

رفع أكيرا رأسه بصعوبة، عيناه الحمراوتان بالكاد تحملان أي حياة، لكنهما ما زالتا تحملان شيئاً… بقايا عناد، بقايا كرامة لم تستطع تيراكولا سحقها بالكامل بعد.

أكيرا (بصوت خافت، مبحوح): “ماذا… تريدين الآن؟”

ضحكت تيراكولا بخفة، ثم مدت يدها وأمسكت بالقضبان المعدنية، مائلة برأسها قليلًا، نظرتها مليئة باللعب والسخرية.

تيراكولا: “أريد فقط أن أطمئن عليك، عزيزي أكيرا. بعد كل شيء… سيكون لديك دور مهم جداً الليلة.”

أكيرا (بضعف، لكنه يحاول السخرية): “هه… هل ستجعلينني خادماً في حفلتك؟ آسف، لكني لا أجيد حمل المشروبات.”

تيراكولا (تبتسم، ثم تهمس بنبرة خبيثة): “لا، لا، لا… لقد اخترتك لدور أفضل بكثير، ستصبح نجم الحفلة، أنت وأصدقاؤك الثلاثة الجدد.”

اتسعت عينا أكيرا قليلاً عند سماع ذلك، لم يكن بحاجة إلى السؤال، كان يعرف تماماً من تقصد.

أكيرا (يحاول النهوض لكنه يشعر بألم شديد): “لا تلمسيهم…!”

تيراكولا (تضع يدها على شفتيها بخبث): “أوه؟ أليس هذا لطيفاً؟ أكيرا الذي كان لا يهتم بأحد سوى نفسه، أصبح فجأة قلقاً بشأن الآخرين؟”

قبض أكيرا على قبضتيه، لكن القيود منعت أي حركة، كان الغضب يتصاعد داخله، لكنه لم يكن قادراً على فعل شيء.

أكيرا (يضغط على أسنانه محاولاً التحرك): “قلت لكِ… لا تلمسيهم…”

تيراكولا (تتظاهر بالتفكير وهي تمرر أصابعها على القضبان): “لكن، ماذا لو لم أكن مهتمة بموافقتك؟ أنت تعلم جيداً أنني أفعل ما يحلو لي، أليس كذلك؟”

قبل أن يتمكن أكيرا من قول أي شيء، رفعت تيراكولا يدها ببطء، ثم فجأة، أحاط وهج أحمر داكن بيدها، وبدأت طاقة غريبة تتصاعد من أصابعها.

أكيرا (يشعر بقشعريرة في جسده): “ماذا… تفعلين؟”

تيراكولا (بصوت ناعم لكنه يحمل خبثاً قاتلاً): “أوه، أريد فقط أجرب شيئاً جديداً عليك… تقنية مختلفة قليلاً.”

قبل أن يدرك أكيرا ما يحدث، شعر بحرارة مرعبة تنتشر في صدره، ثم صُدم بشعور لم يسبق له أن اختبره من قبل، شعر بضغط هائل ينفجر بداخل رئتيه.

أكيرا (يصرخ بألم وهو يسعل بشدة): “آرغ…!!”

اندفع الدم من فمه فجأة، وتناثرت بقع منه على الأرضية، بينما كانت أنفاسه تتحول إلى شهقات قصيرة مؤلمة.

تيراكولا (تميل رأسها باستمتاع وهي تراقبه يعاني): “أوه… انظر إلى هذا… يبدو أنك حقاً تنزف من الداخل، كم هذا مذهل!”

أكيرا حاول التقاط أنفاسه، لكنه شعر بأن كل مرة يحاول فيها التنفس، كان الألم يزداد.

أكيرا (بين أنفاسه المقطعة، وهو يسعل المزيد من الدماء): “…تبا… لكِ…!”

تيراكولا (بضحكة هادئة): “هذا لطف منك، لكنني مشغولة الليلة بالتخطيط للحفلة الرائعة، وأنت ستكون جزءًا منها، سواء كنت مستعداً أو لا.”

خفضت يدها، وتلاشت الطاقة الحمراء التي أحاطت بها، لكن التأثير لم يختفِ تماماً من جسد أكيرا، فقد بقي جسده ينتفض، وكأن داخله قد تحول إلى جحيم لا يهدأ.

تيراكولا (تبتسم بخبث وهي تستدير لتغادر): “لا تقلق، لن أقتلك… ليس بعد… لكن لا تتأخر عن الحفلة، فالجميع ينتظرون رؤيتك… أنت وأصدقاؤك الجدد.”

وبتلك الكلمات، غادرت تيراكولا الممر، وتركت أكيرا يلهث وهو يحدق بالأرض، جسده متشنج من الألم، لكن الغضب في عينيه كان أقوى من أي وقت مضى. لم يكن يستطيع التحرك، لم يكن يستطيع المقاومة… لكن عقله كان يعمل، قلبه كان ينبض بجنون، وكل شيء داخله كان يصرخ بشيء واحد فقط:

“يجب أن أخرج من هنا… قبل فوات الأوان.”

يتبع…

2025/02/27 · 20 مشاهدة · 2388 كلمة
Sara Otaku
نادي الروايات - 2025