34 - قبل أن تبدأ الأقنعة بالسقوط

كانت الشمس قد بدأت بالغروب من سماء داركوفا، الشوارع كانت مزدحمة بأشخاص يرتدون أزياء أنيقة، متجهين نحو قصر تيراكولا الضخم في وسط المدينة، حيث ستُقام حفلة النبلاء التي خططت لها تيراكولا.

على أحد الأسطح العالية، وقف آكيو وكين وآن وهم يراقبون القصر من بعيد.

آكيو (وهو ينظر إلى الأسفل): “وااه… لم أتخيل أن داركوفا ستكون بهذا الجمال ليلاً، رغم أنها مليئة بمصاصي الدماء والمجانين.”

آن (بحماس وهي تمسك بفستانها الأرجواني): “بالضبط! الجو هنا مختلف تماماً عن أي ولاية أخرى في داركوفا، أليس كذلك يا كين سان؟”

لم يجب كين على الفور، بل ظل ينظر إلى القصر بتركيز، وكأنه كان يدرس كل زاوية فيه بعينيه الحادتين.

كين (بصوت منخفض): “الجمال لا يعني الأمان… هذا المكان قد يتحول إلى مقبرة لنا في أي لحظة.”

حدق آكيو في كين لثانية، ثم أطلق ضحكة قصيرة وهو يضع يده على خصره.

آكيو: “يا رجل، دائماً لديك هذه الردود السوداوية! على الأقل دعنا نستمتع بالحفلة قليلاً قبل أن نبدأ القتال، أليس كذلك؟”

آن (تعقد ذراعيها وتبتسم بمكر): “لا تقلق يا كين سان، لن نخرج من هذا القصر إلا بعد أن نحصل على السيف، نستطيع فعلها!"

نظر كين إليها بنظرة غير مقتنعة، ثم زفر بخفة وأشعل سيجارته بهدوء.

كين: “حسناً… فلنذهب.”

اقترب الثلاثة من بوابة القصر المهيبة، حيث كانت هناك أعمدة حجرية شاهقة مزينة بنقوش قديمة، تحيطها تماثيل لمخلوقات غريبة، نصفها يشبه البشر ونصفها الآخر أشبه بمصاصي الدماء والوحوش الغامضة.

آكيو (باندهاش وهو يحدق بالتماثيل): “وااه! ما هذه التماثيل الغريبة؟ تبدو وكأنها ستتحرك في أي لحظة!”

آن (بعينين متسعتين وهي تحدق بها أيضاً): “هذا المكان مخيف جداً… حتى الهواء هنا يبدو مختلفاً.”

كين (بصوت بارد وهو يسير نحو البوابة): “نحن في منزل مصاصة دماء، ماذا تتوقعون؟”

أمام البوابة، كان هناك حارسان طويلان البنية من مصاصي الدماء يقفان بثبات، يرتديان دروعاً سوداء فاخرة، على صدورهم شعار تيراكولا المحفور باللون القرمزي، كانا يحدقان بالضيوف بعيون باردة لا تعكس أي مشاعر، مد أحد الحراس يده أمام الثلاثة ليوقفهم.

الحارس (بصوت رسمي): “أوراق الدعوة.”

أخرجت آن بطاقة الدعوة الفاخرة ذات الأطراف الذهبية، ثم ابتسمت بمكر.

آن (بغرور مزيف وهي ترفع البطاقة أمام وجه الحارس): “ها هي أيها السيد، نحن ضيوف كبار الليلة، أليس كذلك؟”

لم يُظهر الحارس أي انفعال، فقط أخذ البطاقة وفحصها للحظة قبل أن ينظر إليهم.

الحارس: “يمكنكم الدخول، استمتعوا بالحفلة.”

آكيو (يضحك بخفة وهو يربت على كتف آن): “انظري إلى نفسكِ! تتصرفين وكأنكِ نبيلة حقيقية، هاها!”

آن (تغمض عينيها بفخر وتضع يديها على خصرها): “بالطبع، لدي موهبة في التمثيل الراقي!”

لكن كين لم يعلق، بل تقدم للأمام، عينيه الحادتان تراقبان كل زاوية داخل القصر بحذر، وما إن خطوا داخل القصر، حتى غمرهم ضوء الشموع القرمزية المنبعثة من الثريات الضخمة المعلقة في السقف العالي. كانت الجدران مزينة بلوحات فنية قديمة، تُصور معارك دموية ومشاهد غامضة لمصاصي دماء وهم يسيطرون على البشر.

آكيو (بدهشة وحماس): “يا إلهي… أنا لم أدخل قصر كهذا من قبل، يبدو رائعاً!”

في وسط القاعة، كان الضيوف يتحركون برُقي، يتبادلون الحديث، يشربون بعض المشروبات الغريبة من الكؤوس زجاجية فاخرة، بينما يعزف الأوركسترا الموسيقى الكلاسيكية بألحان بطيئة مشؤومة، لكن آكيو لم يكن مهتماً بهذه الأجواء القوطية الثقيلة… بل كان لديه شيء آخر يشد انتباهه أكثر، فما إن لمح طاولة الطعام المليئة بالمأكولات الفاخرة حتى لمعت عيناه مثل طفل رأى حلويات لأول مرة.

آكيو (بفرح وهو يركض نحو الطاولة): “أوووه!! انظروا إلى هذا الطعام!! هذه ليس مجرد حفلة، إنه حلم!!”

رغم أن آن وكين كانا يحاولان التصرف بشكل طبيعي ومراقبة المكان بحذر، إلا أن آكيو لم يهتم بذلك مطلقاً، أمسك بصحن وبدأ يعبئه بكل ما وقعت عليه عيناه، من اللحوم الفاخرة إلى المعجنات الذهبية وحتى الحلويات!

آن (وهي تحاول منعه): “آكيو!! توقف عن التصرف كطفل! أنت تجعلنا نبدو وكأننا دخلنا الحفلة فقط من أجل الطعام!!”

لكن آكيو لم يكن يستمع لها، كان يأخذ قطعة كعك فاخرة، ويضع فوقها ملعقة ضخمة من الكريمة، ثم ينظر إلى كين وهو يمضغ بسعادة.

آكيو (بفم ممتلئ): “كين، لماذا لا تجرب هذه الكعكة؟ إنها لذيذة بشكل لا يُصدق!!”

كين (يحدق به ببرود، ثم ينفث دخان سيجارته بلا مبالاة): “لا.”

لكن قبل أن يكمل آكيو أكله، لاحظ أن بعض الضيوف بدأوا ينظرون إليه باشمئزاز، خاصة النبلاء المتغطرسين الذين لم يعتادوا على رؤية شخص يأكل بهذه الطريقة في حفلة راقية. أحد النبلاء البشريين كان رجل أنيق ذو شعر أبيض طويل وعينان خضراوتان، رفع حاجبه بازدراء وهو يراقب آكيو.

النبيـل (بصوت ساخر): “يا له من تصرف همجي… من أين جلبوا هذا القروي؟”

توقف آكيو عن المضغ للحظة، ثم بلع الطعام ونظر إلى الرجل بابتسامة بريئة.

آكيو (بمرح): “هاه؟ هل تتحدث عني؟ أنظر إلى ملابسي، أنا لست قروياً، لقد اشترينا هذه الملابس اليوم لكي نبدو مثلكم!"

وضعت آن يدها على جبينها من غباء آكيو.

النبيـل (يضحك مع مجموعة من النبلاء الآخرين): “هاه؟ هذا المكان هو حفلة للنبلاء الحقيقيين، وليس للصبيان الجائعين.”

كانت آن على وشك التدخل، لكن قبل أن تفعل… تحرك كين أولاً. رفع يده، وأطفأ سيجارته على حافة طاولة الطعام دون أن يظهر أي انفعال على وجهه، ثم استدار ببطء نحو النبيل بملامح باردة كالثلج.

كين (بهدوء قاتل): “إن كنت لا تحب مشاهدته وهو يأكل، يمكنك إغلاق عينيك… أو يمكنني فعل ذلك لك.”

ساد صمت ثقيل في القاعة للحظة، بينما تبادل النبلاء النظرات المتوترة، كان من الواضح أن كين لا يمزح.

النبيـل (بابتسامة عصبية وهو يتراجع قليلاً): “ه-هه، لا حاجة للتهديد، نحن فقط نمزح.”

لكن كين لم يبتسم، فقط نظر إليه لثانية أخرى، قبل أن يشيح وجهه ويتجه نحو الممر الآخر.

آن (وهي تهمس لآكيو): “يا لك من غبي… حتى في أخطر الأماكن، ما زلت تفكر في الطعام!”

آكيو (يضحك وهو يأخذ لقمة أخرى): “ما الخطأ في الاستمتاع؟ الحياة قصيرة، دعوني آكل!”

بعد لحظات من التوتر، عاد الضيوف تدريجياً إلى محادثاتهم، لكن بعضهم كانوا لا يزالون يرمقون كين بنظرات حذرة، بينما استمر آكيو في تناول طعامه وكأنه لم يدرك أنه كاد أن يشعل شجاراً في وسط الحفلة.

آن (وهي تتنهد بوضع يدها على جبينها): “لا أصدق أننا هنا في مهمة خطيرة، ومع ذلك هذا الغبي جعل نفسه محور الاهتمام بسبب الطعام!”

لكن آكيو لم يكن يستمع لها، بل أخذ قطعة صغيرة أخرى من الحلوى الداكنة المغموسة بالكراميل الأسود ووضعها في فمه، لكنه فجأة تجمد!

آكيو (يغمض عينيه للحظة، ثم يفتحها بسرعة وهو يصرخ بصوت عالٍ): “ما هذا؟! هذا… هذا لذيذ جداً!!”

بدأ بعض الضيوف ينظرون إليه مجدداً، لكن هذه المرة بسبب صوته المرتفع، مما جعل آن تدفعه بسرعة لتجلسه على الكرسي.

آن (بهمس غاضب): “اصمت! نحن نحاول الاندماج هنا، لا يجب أن نصبح نكتة الحفلة!”

النبيـل (يقترب مجدداً وهو يضع يديه خلف ظهره بتعجرف): “هاه… يبدو أن القرويين لا يعرفون كيف يتصرفون في الأماكن الراقية، بل ولا يعرفون حتى كيف يأكلون بصمت.”

رفع آكيو رأسه من طبقه، وكان لا يزال يمضغ قطعة الحلوى بسعادة، ثم ابتسم بعفوية وهو يمسح فمه بكم قميصه.

آكيو (بمرح): “هاه؟ هل عدت مجدداً؟”

النبيـل (ضحك بسخرية ثم قال بصوت متعالٍ وهو ينظر إلى آكيو باحتقار): “يبدو أن حفلة الليلة أصبحت مفتوحة حتى للأطفال المشردين، كيف سمحوا لك بالدخول يا هذا؟ هل فزت بتذكرة مجانية في يانصيب النبلاء؟”

ضحك بعض الحاضرين بصوت خافت، أما كين فقد كان يراقب بصمت، لم يظهر أي انفعال على وجهه، لكن نظراته الحادة كانت تراقب الرجل بتركيز… وكأنه ينتظر اللحظة التي يتجاوز فيها حدوده. لكن آكيو، وكعادته، لم يفهم الإهانة بالكامل، فقط أمال رأسه قليلاً ثم نظر إلى ملابسه، ثم عاد للنظر إلى النبيل ببراءة.

آكيو (بصدق): “ولكن… نحن اشترينا هذه الملابس اليوم من متجر راقٍ، هل تبدو لك كملابس مشردين؟”

زاد ضحك النبلاء الآخرين، وبدأ النبيل يشرب من كأسه المليء بالسائل الأزرق بلا مبالاة، ثم نظر إلى آكيو بنظرة ساخرة.

النبيـل (يبتسم بازدراء): “يا فتى، لا يهم ما ترتديه، فالمشرد يبقى مشرداً، والنبلاء يبقون نبلاء.”

آكيو لم يكن غاضباً، بل استمر في النظر إلى الرجل بعينين مليئتين بالحيرة، وكأنه يحاول تحليل ما يقوله بجدية، ثم فجأة، ابتسم ابتسامة كبيرة وضرب الطاولة بحماس، مما جعل بعض الكؤوس تهتز من الاهتزاز.

آكيو (بفرح مفاجئ): “آااه! لقد فهمت! أنت من هؤلاء الأشخاص الذين يؤمنون بأن الدم الأزرق يجعل الشخص نبيلاً، صحيح؟!”

النبيـل (يرفع حاجبه وهو ينظر إليه باستياء): “هاه؟”

آكيو (يواصل بنفس النبرة العفوية وهو يلوح بيده): “سمعت عن هذا من قبل! هناك أناس يعتقدون أن النبلاء لديهم دماء خاصة تجعلهم مختلفين! هذا مضحك جداً، هل جربت أن تجرح نفسك لترى لون دمك؟ ربما هو أزرق حقاً!"

ساد صمت غريب للحظة، قبل أن تنفجر آن في ضحكة صغيرة رغم محاولتها التماسك, أما الحاضرين فقد بدت عليهم الدهشة، بينما بدأ النبيل يفقد أعصابه قليلاً

النبيـل (بتكشيرة وهو يضيق عينيه): “أنت… تجرؤ على السخرية مني؟!”

آكيو (يرمش بعفوية): “سخرية؟ لا لا! كنت فقط أسأل بصدق! أعني… تخيل لو كان دمك أزرق حقاً، هذا سيكون مثيراً، أليس كذلك؟”

بدأ النبلاء ينفجرون من الضحك على الموقف، بينما كان بعضهم يهمسون فيما بينهم، أما النبيل ذو الشعر الأبيض كان يبدو محرجاً أكثر من كونه غاضباً الآن، لأنه لم يكن يعرف كيف يرد على آكيو الذي بدا وكأنه يتحدث بنيّة صادقة بالكامل. أما كين، فقد رفع حاجبه قليلاً، ثم أشاح وجهه بعيداً ووضع يده على فمه، وكأنه يحاول منع نفسه من الضحك.

كين (في نفسه): “هذا الأحمق… يدمرهم بدون أن يدرك ذلك حتى.”

النبيـل (بغضب مكبوت): “هذا المكان ليس للأطفال الساذجين، نحن لسنا في حفلة قذرة من حفلات القرى خاصتكم!"

فكر آكيو قليلاً، ثم ابتسم مجدداً وهو يميل رأسه بفضول.

آكيو (بصوت حماسي): “إذاً… هل هناك ألعاب في حفلاتكم؟ أم أنكم فقط تقفون هنا وتحدقون ببعضكم البعض؟”

لم تستطع آن التماسك أكثر، فقد انفجرت ضاحكة هذه المرة، واضطرت إلى تغطية فمها حتى لا تصدر صوتاً عالياً، أما النبيل فقد كاد سينفجر من الغضب، لكن قبل أن يتمكن من قول شيء آخر، دوّى صوت ناعم لكنه قوي في جميع أنحاء القاعة:

“مرحباً بكم، أيها الضيوف الكرام… أنا سعيدة برؤيتكم جميعاً في قصري الليلة.”

في لحظة، تحولت جميع الأنظار إلى أعلى الدرج الملكي، حيث ظهرت تيراكولا التي بدأت تنزل من أعلى الدرج بخطوات واثقة، وهي ترتدي فستان أسود طويل، كل من كان في القاعة توقف عن الحديث على الفور، حتى الموسيقى خفتت قليلاً، وكأن الجميع كان ينتظر ما ستقوله مضيفة الحفل.

آن (بهمس وهي تشعر بالتوتر): “لماذا أشعر وكأننا ارتكبنا جريمة؟”

لكن آكيو لم يكن يشعر بنفس الشعور، بل كان لا يزال يمضغ قطعة من الكعك وكأنه لم يلاحظ التغيير في الجو.

آكيو (بصوت منخفض وهو يأخذ لقمة أخرى): “هذه الكعكة لذيذة حقاً… ولكن من المستحيل بأن تكون أفضل من السوفليه!"

أما كين، فقد كان يراقب تيراكولا بصمت، وعيناه تدرسان كل خطوة من خطواتها, وقفت تيراكولا في منتصف القاعة، ثم نظرت حولها للحظات، قبل أن تتحدث بنبرة هادئة لكنها تحمل أمراً واضحاً.

تيراكولا (بابتسامة خفيفة، لكن بنبرة تحمل تهديداً مخفياً): “يبدو أن ضيوفي الأعزاء قد واجهوا بعض الإزعاج منذ دخولهم… وهذا أمر لا أريده في حفلة الليلة.”

نظر النبلاء حولهم، بعضهم بدأ يخفض رأسه وكأنه يشعر بالخجل، بينما البعض الآخر حاول التظاهر بعدم الاهتمام، خاصة ذلك النبيل الذي كان يتشاجر مع آكيو قبل لحظات.

تيراكولا (تتحدث بصوت أكثر وضوحاً الآن): “بما أنني المضيفة هنا، فلا أريد أي شخص يزعج ضيوفي الثلاثة الصغار… أتمنى أن يكون هذا واضحاً للجميع.”

ساد صمت ثقيل للحظة، قبل أن ينحني بعض النبلاء برؤوسهم باحترام، مؤكدين أنهم قد فهموا الرسالة، لكن النبيل الذي كان يسخر من آكيو، بدا غير سعيد، عضّ شفتيه قليلًا ثم أجبر نفسه على إنزال رأسه ثم تراجع للخلف.

النبيـل (بصوت منخفض وهو يهمس لنفسه): “كيف يعقل أن يحصل أولئك الأطفال على معاملة خاصة؟”

بعد أن فرضت تيراكولا سلطتها على الحضور، حافظت على ابتسامتها الساحرة، ثم رفعت يدها ببطء وهي تشير إلى الفرقة الموسيقية في زاوية القاعة.

تيراكولا (بصوت ناعم لكنه يحمل نبرة آمره): “والآن… دعونا نستمتع قليلاً، أليس هذا السبب الذي جئنا من أجله؟”

بمجرد أن أنهت كلماتها، بدأت الموسيقى تعلو من جديد، ولكن هذه المرة كان اللحن أكثر إيقاعاً، أنغام الكمان امتزجت مع البيانو لتخلق جواً راقياً، لكنه يحمل طابعاً غامضاً في الوقت ذاته. تقدّم بعض الأزواج إلى وسط القاعة، حيث بدأ الرقص الرسمي، حركة متناغمة بين الرجال والسيدات، تدور الفساتين الحريرية مع كل خطوة.

آن (بحماس وهي تراقب المشهد): “وااه! كم هذا أنيق! إنهم جميعاً يتحركون بانسجام تام!”

لكن في الجهة الأخرى… كان آكيو غير مكترث تماماً، فقد استغل اللحظة التي خفّ فيها التوتر ليعود إلى طاولة الطعام ويأخذ قطعة أخرى من الحلوى الفاخرة.

آكيو (بفم ممتلئ وهو يمضغ): “أوه، هل بدأ الرقص؟ يبدون كالبجع وهم يتحركون بهذا الشكل!”

آن (تنظر إليه بإحباط): “لماذا تتحدث وكأنك تراقب حفلة من بعيد؟! نحن جزء من الحفل أيضاً، يجب أن نشارك!”

ثم التفتت إلى كين، الذي كان لا يزال واقفاً في الزاوية، مكتفياً بمراقبة الجميع بعينيه الحادتين وهو يدخن سيجارته.

آن (بابتسامة ماكرة وهي تقترب منه): “كين سان، ألن ترقص معي؟”

رفع كين حاجبه قليلاً، ثم نظر إليها وكأنها قالت شيئاً غريباً للغاية.

كين (ببرود): “لا.”

آن (تضع يديها على خصرها): “لماذا؟!”

كين: “لأنني لا أرقص.”

لكن آن لم تكن من النوع الذي يستسلم بسهولة، أمسكت بذراعه محاولة سحبه، لكنه لم يتحرك من مكانه حتى ولو لخطوة واحدة.

آن (بتذمر وهي تسحب): “أوه، هيا! لن تموت إن رقصت مرة واحدة!”

كين (بصوت هادئ لكنه حازم، وهو يبعد يدها عنه): “قلت لا.”

شعرت آن بالإحباط، لكنها لم تكن مستعدة للتخلي عن الفكرة بعد، ثم فجأة… التفتت إلى آكيو الذي كان لا يزال مشغولاً بالطعام.

آن (بصوت حماسي): “حسناً، إن لم يكن كين سان يريد الرقص… فماذا عنك، آكيو؟!”

توقف آكيو عن المضغ للحظة، ثم نظر إليها وعلى وجهه بقايا الكريمة، وابتسم.

آكيو (بمرح): “أوه؟ الرقص؟ لم أجرب هذا من قبل!”

ثم مسح فمه بكم قميصه، ووقف بحماس، ممسكاً بيد آن بشكل مفاجئ، وبدون أي تردد… قفز إلى وسط القاعة بين الراقصين!

آن (بعيون متسعة): “آكيو!! انتظر! ليس هكذا!!”

لكن الأوان كان قد فات، فقد بدأ آكيو يدور معها بطريقة عشوائية، غير مدرك نهائياً لقواعد الرقص الرسمية، كان يقفز بخطوات غير متناسقة، يحرك ذراعيه بطريقة غريبة، وكأنه طفل صغير يحاول تقليد البالغين. بدأ بعض الضيوف يراقبونه بدهشة… ثم بدأ البعض يضحك بصوت منخفض، بينما كان النبلاء الأكثر تحفظاً ينظرون إليه بصدمة وكأنه أسوأ ما قد يحدث في حفلة راقية كهذه.

النبيـل ذو الشعر الأبيض (يهمس لأحد رفاقه وهو يضع يده على وجهه بإحباط): “هذا الفتى… هل هو جاد؟! إنه يدمر كل معنى للرقص الراقي!!”

لكن آكيو لم يكن يهتم، بل كان يستمتع كثيراً!

آكيو (بضحكة وهو يدور مع آن): “واااه! هذا ممتع! أليس كذلك؟!”

أما آن، فقد كانت تحاول استعادة السيطرة على خطواتها، لكنها لم تستطع مواكبة عشوائيته! وبدأ وجهها يحمر من الخجل لأن جميع الأنظار كانت عليهم بسبب غباء آكيو.

آن (وهي تصرخ بخجل): “آكيو، توقف أرجوك! لا أريد متابعة الرقص!”

أما كين، فقد وقف في الخلف، يراقب هذا المشهد بوجه خالٍ من أي تعبير، لكنه كان يعلم أن هذه الحفلة لن تبقى سلمية طويلاً… وأن هناك شيئاً أكبر قادم. في زاوية معزولة من القاعة،، وقف نيورو وستيف وهما يراقبان الوضع من بعيد.

نيورو (بصوت خافت وهو يعقد ذراعيه): “إذاً… هؤلاء هم الضيوف الثلاثة الذين أحدثوا كل هذه الضجة؟ لم أعتقد بأنهم سيكونون هزيلين هكذا، وخاصةً يوكاجي كين."

لم يرد ستيف فوراً، فقط نظر إلى الضيوف بنظرة تحليلية وهو يمسك بكأسه الزجاجي الذي كان يحتوي على السائل الأزرق.

ستيف (بهدوء): “لا تحكم عليهم بناءاً على مظهرهم فقط.”

نيورو (يضحك بخفة وهو ينظر إلى آكيو): “لكن هيا… انظر إلى هذا الفتى الأزرق الشعر، إنه مجرد مهرج يأكل أكثر مما يتحرك، لا يبدو خطيراً إطلاقاً.”

ستيف: "الطعام والرقص ليسوا مقياساً للروعة يا نيورو."

نيورو (بابتسامة ساخرة وهو ينظر إلى ستيف): “أنت ممل كعادتك يا ستيف، نحن في حفلة، انظر إليهم، الجميع يستمتعون وأنت واقف هنا كتمثال حجري.”

لم يرد ستيف، فقط ألقى نظرة جانبية على نيورو بنظرة غير مبالية، لكنه كان يعلم أن هذا الأخير لن يتوقف عن الحديث بسهولة.

نيورو (يكمل بنبرة مزاح): “على الأقل، اذهب وتحدث مع إحدى الفتيات، ألا تظن أن الوقت قد حان لكسر تلك الهالة الجليدية من حولك؟”

ستيف (بهدوء وهو ينظر بعيداً): “لست مهتماً.”

نيورو (بضحكة خفيفة): “بالطبع، لم أكن أتوقع غير ذلك، أنت مجرد رجل غامض وكئيب لا يعرف كيف يستمتع بالحياة.”

لكن، فجأة، تغيرت ملامح نيورو وهو يحدق في كين، الذي كان لا يزال واقفاً في مكانه، يراقب الجميع بنظرات هادئة وهو يدخن سيجارته.

نيورو (بصوت منخفض لكن مليء بالحماس): “إنه يشبهك، ولكن بصراحة، إن يوكاجي كين مختلف."

ستيف (يلقي عليه نظرة سريعة): “ماذا تقصد؟”

نيورو (يبتسم ابتسامة خطيرة وهو يعقد ذراعيه): “أشعر بأنه يخفي شيئاً، أو يخطط لشيء ما، في الواقع أنا متحمس لقتاله بعد أن تبدأ الفوضى.”

بعد لحظة من الصمت، ابتسم نيورو بخفة، ثم فجأة مد يده وأمسك بكأسه قبل أن يضعه جانباً بحركة واثقة.

نيورو (بمرح وهو يمطّ ذراعيه): “حسناً، هذا الجو بدأ يصبح مملاً، أعتقد أنه حان وقت التسلية!”

ثم استدار بخفة، واندفع إلى وسط القاعة وهو يتجه نحو إحدى الفتيات النبيلات، كانت مصاصة دماء ذات شعر أشقر طويل وعيون زرقاء فاتحة، تقف بجانب صديقاتها وتتحدث بهدوء.

نيورو (بابتسامة ساحرة وهو ينحني قليلاً): “عذراً يا آنستي، لكنني لا أستطيع تجاهل وجودك هنا دون أن أطلب منك رقصة.”

رفعت الفتاة حاجبها بدهشة، ثم نظرت إلى صديقاتها اللواتي بدأن يتهامسن فيما بينهن.

الفتاة (بابتسامة خفيفة): “أوه؟ ولماذا أقبل بالرقص مع طفل مثلك؟”

نيورو (يمرر يده في شعره بثقة): “لأنني أفضل راقص في هذه القاعة، ولا أحد يستطيع مقاومة أسلوبي.”

ضحكت الفتاة بخفة، ثم مدت يدها إليه أخيراً.

الفتاة: “حسناً، أرني ما لديك، أيها المغرور.”

أمسك نيورو بيدها بخفة، وسحبها برشاقة إلى وسط القاعة حيث بدأ الرقص الجماعي، تحرك بخطوات سلسة، مستمتعاً تماماً بالأضواء التي كانت تتركز عليه، أما ستيف فقد اكتفى بمتابعته من بعيد.

ستيف (بصوت منخفض): “إن ذلك الفتى سطحي حقاً، يجب عليه أن ينضج قليلاً.”

ولكن قبل أن يكمل تفكيره… شعر بشخص يقف قريباً منه، كان ذلك الشخص هو كين، لم يكن قد اقترب منه مباشرة، لكنه وقف عند طاولة الطعام بجواره، مد يده ليأخذ كوباً من الشاي الأحمر، ثم التفت ونظر إلى ستيف.

كين (يقترب ويقف بجانب ستيف): “لا تبدو وكأنك تستمتع بالحفلة.”

ستيف (بدون أن ينظر إليه): “ولا أنت.”

لم يرد كين مباشرة، فقط أخذ رشفة من كأسه، ثم وضعه على الطاولة ببطء.

كين (بهدوء): “أكره الأماكن المزدحمة.”

ستيف: “إذاً، لماذا أتيت؟”

كين (ببرود): “لدي أسبابي.”

ألقى ستيف نظرة قصيرة عليه، لكنه لم يقل شيئاً، ثم نظر إلى القاعة حيث استمر الضيوف بالرقص، قبل أن يعود إلى مراقبة الوضع كعادته. بعد لحظة، أمسك كين بكأسه مجدداً، أخذ رشفة ثم نظر إلى ستيف قبل أن يتحدث بنبرة هادئة.

كين (بهدوء): “هل تعرف شخصاً يدعى أكيرا؟”

لم يُظهر ستيف أي ردة فعل فورية، لكنه ظل صامتاً للحظة، وكأنه كان يزن كلماته بعناية قبل أن يجيب، ثم تحدث بصوت منخفض.

ستيف: “أكيرا؟ نعم، أعرفه.”

كين (يراقب ملامحه): “لماذا لم يحضر إلى الحفلة؟"

ستيف (بصوت محايد): “كان من المفترض أن يكون هنا، لكنه اختفى منذ الأمس.”

لم يتحرك كين، لكنه شعر بشيء غريب في الطريقة التي قال بها ستيف ذلك.

كين (يضيق عينيه قليلًا): “اختفى؟”

ستيف: “نعم.”

مدّ كين يده إلى جيب معطفه الأسود، وأخرج علبة سجائره وفتحها بنقرة هادئة، ثم سحب سيجارة ووضعها بين شفتيه وأشعلها بإصبعه، استنشق كين الدخان ببطء، قبل أن يزفره بهدوء، بينما بقيت نظراته مثبتة على ستيف.

كين (بصوت هادئ، لكنه يحمل نبرة خفية من الشك): “هذا غريب… لقد قام بدعوتنا إلى الحفلة بنفسه.”

لم يرد ستيف مباشرة، فقط أخذ رشفة صغيرة أخرى من كأسه، قبل أن يتحدث بنبرة أكثر حذراً.

ستيف: “صحيح… لكنه لم يكن هنا عندما بدأت الحفلة، لا أحد يعلم أين ذهب.”

وسط الأضواء المتراقصة، أنهى نيورو رقصته أخيراً وهو يبتسم، بينما كان يترك يد الفتاة التي رافقته في الرقصة، كانت الموسيقى لا تزال تتردد في القاعة، لكنه لم يكن مهتماً بها بعد الآن، بل كان هناك شيء آخر لفت انتباهه… أثناء سيره عبر القاعة، لمح ستيف واقفاً بجوار الطاولة، لكن ما لم يكن يتوقعه هو الشخص الذي يقف بجانبه.

نيورو (بصوت منخفض وهو يبتسم بحماس): “هاااه… ما هذا؟”

اقترب نيورو من ستيف بخطوات واثقة، لكنه لم يكن ينظر إليه، بل كانت عيناه مثبتة على كين.

نيورو (بابتسامة متحمسة وهو ينظر لكين مباشرة): “إذاً، أخيراً سألتقي بيوكاجي كين الشهير وجهاً لوجه.”

رفع كين نظره ببطء، ونفث الدخان من فمه بهدوء، قبل أن ينظر مباشرة إلى نيورو، لم يُظهر أي تعبير، فقط تأمل الشخص الذي يقف أمامه.

نيورو (يضع يديه خلف رأسه بمرح): “أوه، مرحباً بك يا يوكاجي كين، لقد كنت أنتظر هذه اللحظة منذ مدة طويلة! لم أكن أعتقد أنك ستبدو بهذا الهدوء عن قرب، توقعت منك شيئاً أكثر… خطورة.”

كين (يأخذ رشفة أخرى من سيجارته، ثم يتحدث بصوت هادئ لكن حاد): “هل كنت تتوقعني مني أصرخ وأحرق المكان؟”

ضحك نيورو مجدداً، ثم وضع يديه في جيوبه واقترب أكثر، حتى أصبح على بعد خطوة واحدة فقط من كين.

نيورو (بهمس لكنه مليء بالإثارة): “أنا هنا فقط لأرى شيئاً واحداً…”

رفع يده ببطء، ثم أشار بإصبعه نحو صدر كين مباشرة.

نيورو (بعينين تلمعان بالحماس): “هل أنت حقًا ذلك الفتى الذي تحدى يوكاجي سيروس؟”

ساد صمت للحظة، كين لم يتحرك، لم يُظهر أي انفعال، فقط ظل يحدق في نيورو بلا تعبير، بينما الدخان لا يزال يتصاعد من سيجارته.

كين (بصوت منخفض): “هذا ما يقوله الجميع.”

ابتسم نيورو ابتسامة أكثر اتساعاً، وكأنه وجد شيئاً مثيراً للاهتمام أخيراً، وبعد لحظة من التحديق الحاد بين كين ونيورو، انحنى الأخير قليلاً للأمام، ثم مدّ يده نحو طاولة المشروبات الفاخرة وأمسك بكأس زجاجي طويل يحتوي على سائل أزرق متلألئ.

نيورو (بابتسامة جانبية وهو يمد الكأس لكين): “جرب هذا، إنه مشروبي المفضل.”

نظر كين إلى الكأس للحظة، ثم إلى نيورو، لكنه لم يأخذ المشروب على الفور، فقط استمر في مراقبته بعينين رماديتين باردتين.

كين (بهدوء): “وما هذا بالضبط؟”

نيورو (يضحك بخفة): “ليس سماً، لا تقلق، إنه مشروب خاص يُصنع فقط هنا في داركوفا.”

أمسك كين بالكأس ببطء، ثم نظر إلى المشروب الأزرق الذي كان يلمع.

كين: “وما مكوناته؟”

نيورو (يتكئ على الطاولة ويبدأ بشرح المشروب وكأنه خبير):

• زهرة ريسا الزرقاء: تُستخدم في بعض المشروبات العشبية، وتُعرف بقدرتها على تهدئة الأعصاب وزيادة التركيز.

• شراب القيقب الأسود: يعطيه تلك الحلاوة الخفيفة دون أن يكون مفرطاً في السكر.

• النعناع البري: يمنحه تلك النكهة المنعشة والباردة عند شربه.

• عصير البرتقال: يعطي لمسة بسيطة لإضافة نكهة حمضية متوازنة.

• ماء فوّار طبيعي من ينابيع داركوفا: وهو الذي يمنحه هذا اللمعان الأزرق المميز.

رفع كين الكأس ببطء، ثم أخذه إلى شفتيه، لكنه لم يشرب منه مباشرة، بل استنشق الرائحة أولاً، ثم أخذ منه رشفة صغيرة.

كين (يخفض الكأس قليلاً، ثم ينظر إلى نيورو): “غريب… لكنه ليس سيئاً.”

نيورو (يضحك وهو يضرب الطاولة بخفة): “معك حق، إنه واحد من الأشياء القليلة التي تجعلني أحب داركوفا!”

أعاد كين نظره إلى الكأس، لكنه لم يكن يفكر فقط في المشروب… بل كان يفكر في نيورو نفسه.

كين (يفكر بصمت): “هذا الفتى ليس عادياً، أشعر بأن هناك طاقة غريبة تجذبني نحوه."

في منتصف القاعة، كانت آن لم تكن تتوقع أن تجد نفسها ترقص مع آكيو، لكنها لم تستطع التراجع بعدما جرّها إلى ساحة الرقص بحماس طفولي.

آكيو (بابتسامة واسعة وهو يمسك بيدها ويأخذ خطوة للأمام): “هيا آن، دعينا نستمتع قليلاً! هذه أول مرة أرقص فيها في مكان فاخر كهذا!”

آن (تتنهد وهي تحاول مواكبة خطواته الفوضوية): “آه… يا إلهي، كان يجب أن أتوقع أنك لا تجيد الرقص!”

على الرغم من أن آن كانت تحاول التصرف بأسلوب أكثر أناقة، إلا أن آكيو كان عكس ذلك تماماً، كان يتحرك بسرعة، يتنقل بطريقة غير منسقة، يقفز بخفة وكأنه يخوض معركة وليس رقصة!

آن (بحرج وهي تحاول إيقافه): “آكيو!! توقف عن القفز وكأنك طفل متحمس!!”

آكيو (يضحك وهو يدور بها): “ماذا؟! أليس من المفترض أن نستمتع؟!”

آن (وهي تضغط على أسنانها، ثم تهمس له): “إذا لم تهدأ، فسوف أركلك أمام الجميع!”

آكيو (يبتسم بمرح): “أوه، هذا سيكون ممتعاً!”

كان بعض النبلاء ينظرون إلى وضع آكيو وآن باستغراب، وعلى الجانب الآخر من القاعة، كانت تيراكولا تراقب المشهد بصمت، بينما تمسك بكأسها الزجاجي الفاخر الذي يحتوي على دماء البشر، كانت عيناها الحمراوان تلمعان بوهج خطير وهي تتابع حركة آكيو بعناية، وكأنها كانت تفحصه بطريقتها الخاصة.

تيراكولا (بابتسامة خافتة، وهي تضع إصبعها على شفتيها): “هممم… هذا الفتى ممتع حقاً على عكس ما تخيله، أتساءل… كيف سيكون طعم دمه؟”

نهضت تيراكولا من مقعدها على الشرفة بخطوات هادئة، ثوبها الأسود الطويل ينساب خلفها بينما تتقدم نحو ساحة الرقص، وكل من رآها يقترب كان ينحني لها باحترام. أما آكيو، فكان لا يزال يدور حول نفسه في الرقص العشوائي وهو غير منتبه لما يحدث حوله، إلى أن لاحظ أن الأجواء أصبحت أكثر هدوءاً فجأة، وكأن الجميع قد بدأوا يراقبون شيئاً ما.

آكيو (بفضول وهو يتوقف عن الحركة وينظر حوله): “هممم؟ لماذا توقف الجميع عن الرقص؟”

ثم عندما التفت إلى الأمام، رأى امرأة غامضة بشعر أحمر قصير وعينين حمراوين متوهجتين، تتقدم نحوه بكل هدوء وثقة.

آكيو (يرفع حاجبه وهو يهمس لآن): “من هذه؟”

استدارت آن إليه بصدمة، وكأنها لم تصدق ما قاله.

آن (تضرب جبينها بيدها وهي تتمتم بانزعاج): “يا إلهي، أنت جاد؟ إنها الدوقة تيراكولا-ساما، ألم ترَها تدخل القاعة منذ مدة؟!”

آكيو (يهز رأسه ببراءة): “لا، لقد كنت منشغلاً في الطعام!”

رمقته آن بنظرة إحباط، بينما كانت تيراكولا قد وصلت الآن أمامه مباشرة.

تيراكولا (بابتسامة خفيفة ونبرة مخملية): “وأخيراً التقينا وجهاً لوجه، آكيو.”

ما إن نطقت اسمه حتى اتسعت عينا آكيو بصدمة حقيقية، وللحظة، تجمد في مكانه وكأن عقله كان يحاول معالجة الموقف.

آكيو (بعيون متوسعة، يشير إليها بإصبعه): “مـ-ماذا؟! أنتِ… أنتِ تيراكولا؟!”

أصبحت آن أكثر إحباطاً، ونظرت إلى آكيو بانزعاج.

آن (بصوت منخفض لكنه غاضب): “أيها الغبي، نادِها بتيراكولا-ساما!”

لكن آكيو لم يسمعها، لأنه كان لا يزال مصدوماً بالكامل. لقد تخيل تيراكولا طوال الوقت كعجوز شمطاء مخيفة وقبيحة، لكنه لم يكن يتوقع بأنها تكون جميلة هكذا، لاحظت تيراكولا صدمته، مما جعل ابتسامتها تتسع قليلاً، ثم اقتربت منه أكثر حتى أصبح وجهها قريباً جداً منه، مما جعله يتراجع خطوة للخلف دون وعي.

تيراكولا (بصوت ناعم لكنه يحمل سخرية خفية): “ماذا هناك يا صغيري؟ تبدو وكأنك رأيت شبحاً.”

آكيو (يرمش عدة مرات، ثم يهز رأسه بقوة محاولاً استعادة تركيزه): “هـ-هه، بالطبع لا! فقط لم أكن أتوقع أنكِ… حسناً، تبدين مختلفة عن ما تخيلتكِ.”

تيراكولا (ضحكت بخفة، ثم قالت بهدوء): “يا لك من ظريف، وهل كنت تتوقع أن أكون وحشاً مخيفاً بأسنان طويلة وعيون فارغة؟”

آكيو (يضع يده على ذقنه وهو يفكر بجدية): “في الحقيقة… نعم، شيئاً كهذا.”

ارتفع حاجب آن بذهول، ثم ضربته بكوعها في جانبه.

آن (بغضب وهمس محرج): “هل أنت غبي؟ لا تتحدث معها بهذه الطريقة!”

آكيو (يرفع رأسه وينظر إلى تيراكولا بجدية، يضع يديه على خصره بثقة): “بالمناسبة، لدي سؤال لكِ!”

تيراكولا (بابتسامة مثيرة للاهتمام): “أوه؟ وما هو؟”

آكيو (يعقد ذراعيه): “أين أكيرا؟ لم أره منذ وصولي، وهو صديقي الجديد! كان هو من قام بدعوتنا لهذه الحفلة، فلماذا لم يظهر بعد؟”

بمجرد أن ذكر آكيو اسم أكيرا، لاحظ كيف تغيرت نظرة تيراكولا بشكل طفيف، كانت ابتسامتها لا تزال على وجهها، لكنها لم تكن تحمل نفس الدفء الزائف الذي كان فيها قبل لحظة، بل تحولت إلى ابتسامة غامضة… باردة نوعاً ما.

تيراكولا (تميل رأسها قليلاً): “أكيرا… آه، لقد أصبح مشهوراً فجأة، أليس كذلك، في الواقع قال بإنه سيتأخر قليلاً لأنه منشغل ببعض الأمور."

آكيو (يرفع حاجبه بريبة وهو يضع يديه على خصره): “منشغل؟ هاه، لم أكن أعرف أن أكيرا لديه أعمال مهمة أكثر من حضور حفلة هو من دعانا إليها!”

آن (بهمس لآكيو): “لا أعرف، لكن لدي شعور سيئ حيال هذا الأمر.”

آكيو (يغمز لها بثقة): “لا تكوني متشائمة يا آن! أكيرا قد يكون الآن يتسكع في مكان ما، أو ربما وجد فتاة جميلة تشغله عنا!”

لكن آن لم تبتسم هذه المرة، بل حدقت بتيراكولا قليلاً، قبل أن تشيح بوجهها وهي تشعر أن هناك خطباً ما. ينتقل المشهد إلى غرفة مظلمة، حيث كان أكيرا جالساً بداخل قفص حديدي معلق في الهواء، وبالكاد كان يتسع لحجمه، السلاسل المتصلة به تتأرجح ببطء، مُصدرة صوتاً معدنياً خافتاً. تحت القفص مباشرة، كانت هناك بوابة ضخمة في الأرضية، مصنوعة من الحديد الصلب، محفورة عليها نقوش قديمة، كان من الواضح أنها لم تكن مجرد بوابة عادية، بل كان هناك شيء خطير في الأسفل… شيء ينتظر أن يُفتح له الطريق.

أكيرا (يغمض عينيه لثانية، ثم يفتحها وهو يراقب البوابة أسفل القفص): “أنا الوحيد هنا… هذا يعني أنني سأكون الوليمة الأولى، أليس كذلك؟”

كان أكيرا يعلم بأن هذا اليوم سيكون آخر يوم في حياته، وبدأ ينتظر بفارغ الصبر ليعرف ما ستفعله تيراكولا به.

يتبع…

2025/02/28 · 11 مشاهدة · 4437 كلمة
Sara Otaku
نادي الروايات - 2025