وقف كين وهو ممسك بسيفه الناري الملتهب، عينيه الرماديتين عكستا القليل من الغضب المخفي، أمامه كان يقف نيورو وهو مستعد لأي حركة قتالية سيصدرها كين.
نيورو (بابتسامة ساخرة وهو يميل رأسه قليلاً): “أوه، لا تخبرني أنك غاضب الآن؟”
كين (بصوت منخفض لكنه واثق): “لست غاضباً، ولكنني أشفق عليك.”
ارتفع حاجب نيورو قليلاً، ولكنه سرعان ما عاد إلى تعابيره اللامبالية.
نيورو : “أوه، حقاً؟ ولماذا ذلك؟ فقط لأنني واثق من أن تيراكولا تحبني؟”
كين (وهو يسحب سيجارة من جيبه ويشعلها بلمسة صغيرة من نيرانه): “أكثر شيء قد تكون متعلقاً به… قد يكون أكثر شيء يدمرك في النهاية.”
توقف نيورو للحظة وهو يراقب كين الذي كان يأخذ نفساً بطيئاً من سيجارته، ثم نفث الدخان في الهواء بطريقة متعمدة، لم يفهم بعد ما يحاول كين إيصاله، لكنه لم يعجبه الأسلوب الذي بدأ يتحدث به.
نيورو (بضجر): “وتريد أن تقول أنني سأدمر نفسي، أليس كذلك؟”
كين (وهو يدير السيجارة بين أصابعه): “هل تعرف ما هو أكثر شيء مضحك في التدخين؟”
تابع كين كلامه وهو يرفع السيجارة أمام عينيه وهو يراقب الدخان وهو يتلاشى في الهواء.
كين : “السيجارة تمنحك شعوراً بالراحة… تُبعد عنك التوتر… تجعلك تعتقد أنك بخير بعد كل ما عانيته.”
ثم وبحركة هادئة، ضغط كين على نهاية السيجارة بين أصابعه، لتنطفئ فجأة ويتساقط منها بعض الرماد الهش.
كين (بنبرة باردة): “لكنها في النهاية… تستهلكك بالكامل حتى لا يتبقى منك سوى الرماد.”
حدّق نيورو في كين بصمت، كان بإمكانه أن يشعر أن هناك معنى أعمق وراء كلماته، لكنه لم يرد الاعتراف بذلك بسهولة.
نيورو (بابتسامة ساخرة، وهو يميل رأسه قليلاً): “إذاً، هل تحاول أن تقول إنني كمن يتمسك بسيجارة وهو لا يدرك أنها تستهلكه ببطء؟”
كين (يحدق به بثبات، ثم يسحق بقايا السيجارة تحت قدمه): “نعم، أنا وأنت متشابهان قليلاً، نيورو."
نيورو (بهدوء، لكن بشيء من الجدية هذه المرة): “أنت تحاول التلاعب بي، كين.”
كين (بهدوء، بينما يضع قدمه فوق بقايا السيجارة): “التلاعب؟ لا، أنا فقط أريك الحقيقة، ولكنك ترفض رؤيتها.”
نيورو (يشيح بوجهه قليلاً، لكن عيناه تضيقان): “أوه، لا تبدأ بإلقاء دروس فلسفية عليّ، لا أحتاج إلى أحد يخبرني ما هو الواقع.”
كين (يبتسم بخفة، ثم يرفع سيفه الناري أمامه): “حسناً يا نيورو، لنرى إذا كنت تستطيع التمسك بأوهامك عندما تتلاشى أمام عينيك.”
وفجأة، اندفع كين بسرعة خاطفة! اختفى للحظة ليظهر بجانب نيورو الأيمن مباشرة، موجهاً ضربة سيف نارية بسرعة مذهلة.
نيورو (بعينين متوسعتين، يصد الهجوم بصعوبة بحاجزه الجليدي المشوه): “هاه؟!”
BOOM!!
اصطدم اللهب والجليد بقوة، ولكن كين لم يتوقف! بدأ يوجّه سلسلة من الهجمات المتتالية، وكل ضربة كانت تأتي مع كلمات مسمومة تتغلغل في عقل نيورو.
كين (بصوت بارد): “أنت تعلم في داخلك… أنك مجرد دمية.”
نيورو (يصرخ وهو يصد الهجوم): “أخرس!!”
لكن كين لم يكن ينوي الصمت، بل زاد من الضغط النفسي على نيورو، مستغلاً كل فرصة لزعزعة ثقته.
كين (يبتسم بابتسامة باردة، بينما يوجه ضربة قوية أشعلت ألسنة اللهب حول نيورو): “تيراكولا؟ مجرد عا*رة، ستستخدمك حتى تفقد قيمتك، ثم تلقي بك بعيداً.
نيورو (يبدأ بفقدان أعصابه وهجماته تصبح أكثر فوضوية): “أنت لا تعرف شيئاً! إنها تهتم بي، لقد أنقذت حياتي وجعلتني أقوى!"
كين (بصوت هادئ لكنه حاد): “لقد بدأتُ أشعر بالملل من حماقتك، لهذا فسوف ينتهي كل شيء، والآن!"
في تلك اللحظة، رأى كين الفرصة التي انتظرها، كان نيورو مندفعاً ومشحوناً بالغضب، كما أنه فقد الكثير من تركيزه، وعندما أراد نيورو توجيه ضربته الثانية بطاقته، تقدم كين إلى الأمام بسرعة جنونية! وقبل أن يتمكن نيورو من استيعاب ما يحدث، كان كين قد دخل نطاقه، حيث كان قد قطع كل الجليد الذي كان يحمي نيورو وبكل بساطة، ثم وبحركة خاطفة، أمسك كين بمعصم نيورو بيده اليمنى، وجذبه نحوه بقوة مفاجئة!
نيورو (بعينين متوسعتين، يفقد توازنه): “هاه؟!!"
وبدون أي تردد، رفع كين سيفه الناري في يده اليسرى… وطعنه مباشرة في جانب بطنه الأيسر!!
SCHLNK!!
اخترق السيف الناري جسد نيورو مسبباً له بعض الحروق والألم في نفس الوقت، فالحرارة انتشرت بسرعة، شعر نيورو وكأن النار تحرقه من الداخل! عيناه توسعتا، جسده تصلب للحظة، قبل أن يصرخ بألم مكتوم وهو يحاول دفع كين بعيداً!
نيورو (يصرخ بصوت مبحوح، يتعرق من شدة الحرارة): “ا-اللعنة عليك، يا يوكاجي كين… أنت كاذب!!"
لكن كين لم يتراجع، فقد استمر بضغط السيف أكثر داخل جسد نيورو.
كين (يضحك بخفة ويتحدث بنبرة ثابتة وباردة): “أوه، حقاً؟ إذاً لماذا لم تتدخل تيراكولا لإنقاذك حتى الآن؟ لماذا تركتك تواجهني لوحدك؟ إنها تعلم تماماً بأنني أقوى منك بمئات المرات لأنني يوكاجي حقيقي، ولكنها لم تهتم أبداً!"
ظهر الارتباك في عينّي نيورو رغم الألم، وكان عقله يرفض تصديق ما سمعه، ولكنه كان يعلم في أعماقه بأن كين كان محقاً.
نيورو (يتنفس بصعوبة، ويداه ترتجفان وهو يضعهما على الجرح): “هذا… هذا ليس… صحيحاً…”
في تلك اللحظة، وبينما كانت الدماء تتساقط من جرحه، رفع رأسه بتعب ونظر إلى حيث كانت تقف تيراكولا. كانت تقف هناك بهدوء وهي تراقب المشهد، لم تبدُ غاضبة، لم تتحرك لإنقاذه، لم تصرخ بإسمه… بل فقط… ابتسمت.
كانت ابتسامة صغيرة، ساخرة، بلا مشاعر، وكأنها كانت تتوقع هذه النتيجة منذ البداية، ولم يكن نيورو يعني لها شيئاً على الإطلاق، ثم استدارت ببطء، وكأنها فقدت اهتمامها بالكامل. تجمد نيورو في مكانه للحظة، وشعر بصدمة باردة تسري في جسده، كانت أشد من أي جليد لمسه يوماً، على الرغم من أن الجرح كان يحرقه في نفس الوقت!
تعابير وجه كين لم تتغير على الإطلاق، كان ينظر إليه ببرود قاتل، وشعر بأن نيورو بدأ يستوعب أخيراً، ولكن ذلك لم يكن كافياً بالنسبة له، فقد أراد أن يطبع هذه اللحظة في ذهنه للأبد. تحرك أخيراً، سحب سيفه الناري ببطء من جسد نيورو، مما جعل الألم يتضاعف، بدأ نيورو يصرخ ويحاول التماسك وهو يضغط على أسنانه، ثم ترنح خطوة للخلف، كاد أن يسقط… ولكن كين لم يسمح له بالسقوط بعد. أمسك كين بياقة معطف نيورو بيده اليمنى، وجذبه نحوه مجدداً، فالتقت عينيهما عن قرب.
كين (بصوت خافت ولكن قاطع): “لا أحد كان ينوي إنقاذك منذ البداية، لا أحد مهتم بأمرك أصلاً، أنت مجرد دمية في يد تيراكولا، والآن لقد أصبحت دمية في يدي أنا!"
نيورو (يحاول التنفس بصعوبة، يرتجف وهو ينظر إلى كين): “أنا… لست… دمية…!”
ابتسم كين بخفة، ثم ترك ياقة نيورو فجأة، ورمى سيفه على الأرض بخطوة مفاجئة، بينما كان نيورو يقف أمامه بصعوبة وهو يضع يده على جرحه، وفي لحظة، رفع كين يده اليسرى بقبضة مشدودة، ثم…
BOOM!!
انطلقت لكمته بسرعة خاطفة، ارتطمت مباشرة بوجه نيورو، جعلت رأسه يندفع للخلف بعنف، شعور الصدمة انتشر بسرعة في جمجمته.
نيورو (يصرخ بألم مكتوم، يتراجع ولكنه يحاول الوقوف بثبات): “غغخ…!!”
لكن كين لم يتوقف، بل اندفع للأمام مجدداً، هذه المرة، لكمته لم تكن تستهدف وجهه…
BOOM!!
لكمة كين اخترقت صدر نيورو بقوة! كانت اللكمة أشبه بمطرقة نارية ضربت جسده مباشرة، وجعلت الهواء يُسحب من رئتيه دفعة واحدة!
نيورو (عيناه تتسعان، جسده يتشنج للحظة، قبل أن يسقط على ركبتيه وهو يلهث بعنف): “ااااااه…!!”
شعر نيورو بأن رئته ستنفجر من قوة الضربة، ولكنه لم يسقط بعد… كما أن كين لم ينتهي حتى الآن، فقد رفع قدمه، ثم…
BOOM!!
ركله مجدداً في نفس المكان، مما جعله يسقط على الأرض بالكامل! ظهره ارتطم بالأرض الصلبة بقوة، كان جسده يرتعش ولكنه لم يستطع حتى الصراخ هذه المرة، لم يكن هناك هواء كافٍ في رئتيه ليصدر أي صوت!
حاول نيورو رفع يده المرتجفة، ولكن… قبل أن يتمكن حتى من التفكير…
BOOM!! BOOM!! BOOM!!
الضربات توالت عليه بدون توقف!
كين لم يترك له فرصة ليتنفس، قبضته هبطت على وجهه، على صدره، على معدته، على وجهه، كل هذا بلا رحمة وبلا تردد! بدأ رأس نيورو يدور، ورؤيته أصبحت مشوشة، العالم من حوله بدأ يتلاشى… لكن أكثر شيء كسره لم يكن الألم الجسدي، بل كان إحساسه بالعجز.
نيورو (استعت عيناه ببطء، ثم سقطت أول دمعة من عينه اليمنى، ثم قال بصوت خافت ومبحوح): “ت…توقف..أرجوك…"
لكن كين لم يكن مهتماً بكلماته، ولم يتوقف… كان ينظر إلى وجهه المتورم، الدماء التي بدأت تتجمع على شفتيه، العرق الذي غطى جبينه… ودموعه التي تساقطت بصمت.
لكن بالنسبة لكين… الدموع لا تعني شيئاً.
رفع قبضته مجدداً، وهذه المرة كانت يده تشتعل بلهب خفيف… كان على وشك أن يسدد الضربة الأخيرة.
كين (بصوت بارد وعينين مليئتين بالقسوة): “هذا العالم لا يرحب بالساذجين الذين يعيشون في وهم السعادة… فإما أن تتعلم كيف تنزف لتبقى، أو سيستهلكك الواقع ويمحو أثرك تماماً.”
لم يعد نيورو يشعر بجسده، كان صدره يعلو ويهبط بصعوبة، حاول رفع يده كمحاولة يائسة للدفاع عن نفسه، لكنها لم تستجب… لم يكن هناك قوة كافية متبقية فيه.
BOOM!!
قبضة كين المشتعلة هبطت مباشرة على صدره، قوة الضربة لم تكن جسدية فقط، بل وكأنها حطمت ما تبقى من إرادته. خرجت صرخة مكتومة من حلق نيورو، جسده ارتفع قليلاً عن الأرض بفعل قوة الضربة، ثم سقط مجدداً، كانت أطرافه متراخية بالكامل.
نيورو (في نفسه): لا… لا يمكن أن تكون هذه نهايتي… لا يمكن أن أكون بهذه… الهشاشة…”
لكن عقله لم يستطع إنكار الحقيقة بعد الآن. عيناه اللتان كانتا مليئتين بالكبرياء والتحدي في بداية القتال، أصبحتا فارغتين، ولم يعد يوجد سوى الظلام في داخله. كان نيورو قد خسر… وقف كين فوقه وهو ينظر إليه بعينان باردتان لا تحملان أي ندم أو تردد، رفع كين قدمه ببطء، ثم داس على يد نيورو التي كانت بالكاد ترتجف.
CRACK!!
شهق نيورو بصوت ضعيف، لكنه لم يكن قادراً حتى على الصراخ بشكل كامل، لم يكن لديه القوة لذلك. كل ما فعله هو أن حدّق بكين بعينين ضائعتين مليئتين بالدموع.
كين (بصوت هادئ لكنه حاد كالسيف): “هل بدأت تفهم الآن؟ لم يكن لديك فرصة أبداً. لا شيء مما اعتقدته كان حقيقياً… لا قوتك، لا كبرياؤك، لا ولاء تيراكولا لك… كل شيء كان وهماً صنعته بنفسك لتتجنب الحقيقة.”
شعر نيورو وكأن شيئاً بداخله قد تحطم بطريقة لا يمكن إصلاحها. لم يكن الألم الجسدي ما سحقه، بل ما سحقه أكثر هي تلك الكلمات القاسية التي غرسها كين بداخله كشظايا زجاجية حادة.
نيورو (في نفسه): "دمية… لم أكن أكثر من مجرد دمية.”
عيناه بدأت تفقد التركيز، وبدأ وعيه بدأ بالتلاشي ببطء. وقف كين فوق نيورو، يراقبه وقبضته كانت لا تزال مشدودة، لكنه لم يتحرك، لم يعد هناك حاجة للمزيد.
كين: “لقد انتهى الأمر.”
تراجع كين خطوة إلى الخلف بهدوء وسحب قدمه عن يد نيورو التي بالكاد كانت تتحرك، ثم رفع كين سيفه الناري على الأرض بيده اليسرى، لوّح به قليلاً في الهواء لتتلاشى النيران عنه، قبل أن يعيده إلى غمده ببطء.
كين (بصوت ثابت، وهو ينظر إلى نيورو للمرة الأخيرة): “هذا هو العالم، نيورو…"
ثم استدار مبتعداً بخطوات هادئة بعد انتصاره، لم ينظر للخلف حتى لمرة واحدة، ولكن قبل أن يبتعد تماماً، توقف للحظة دون أن يستدير ووجه له جملة أخيرة.
كين: “إذا كنت لا تزال تملك ذرة من الكرامة… فتعلم من هذا ولا تجعل نفسك أضحوكة مرة أخرى… فالكهارت نيورو."
ثم تابع طريقه، تاركاً نيورو خلفه وهو غارق في دماءه وفي هزيمته. فقد نيورو الكثير من الدماء التي شكلت بركة حمراء تحته، أما وجهه فكان متورماً، وعيناه المغلقتان كانتا لا تزالان تحملان أثر الدموع التي لم تتوقف عن الانهمار حتى بعد فقدانه للوعي. كان هذا أول قتال يفقد نيورو فيه السيطرة تماماً ويخسر ، لم يكن هناك صوت سوى أنفاسه المتقطعة… ثم فجأة، تحرك جسده قليلاً.
“كـ…غخ…”
شهق نيورو وهو يسعل بشدة، ليخرج مع سعاله دفعة جديدة من الدماء التي انسابت من شفتيه إلى الأرض، عيناه نصف مفتوحتين، لكنهما لم تركزا على أي شيء، كل شيء كان ضبابياً ومشوشاً.
نيورو (بصوت ضعيف): "يـ…يوكاجي كين… أنت حقاً وحش بلا مشاعر…"
حاول نيورو رفع يده المرتجفة قليلاً، ولكن جسده لم يستجب وسقطت يده على الأرض، لحظة أخرى… وفقد وعيه مجدداً. كان جسده يرتجف من الحقيقة التي غرزها كين في أعماقه بلا رحمة.
حتى وهو غارق في نصف وعيه، لم يعد يرى سوى شيء واحد… ابتسامة تيراكولا الساخرة وهي تنظر إليه دون أن تفعل شيئاً… كان ذلك كافياً لجعل روحه تتحطم أكثر مما فعلت قبضة كين بجسده.
يتبع…