في شوارع عاصمة جزيرة أوركانو الصاخبة، كانت الأضواء تلمع فوق رؤوس الناس، والموسيقى الصاخبة تملأ المكان، بينما كان التجار يبيعون بضائعهم في الأسواق الجانبية. وسط هذا الضجيج، كان آكيو ويوكو يتجولان معًا، ولكن كانت تعابير يوكو متوترة وقلقة، وكأنها تبحث عن شيء مهم، أو بالأحرى... عن شخص ما.
يوكو (بصوت مضطرب وهي تنظر حولها): "في الواقع إنني لست من جزيرة أوراكانو، لقد جئت هنا للبحث عن شخص ما، ولا أعرف إن كنت سأجده أم لا."
آكيو (بفضول): "ومن هو هذا الشخص؟"
يوكو: "إسمه هو كين وهو في السادسة عشر من عمره، إنه في مثل سني، لقد كنا أصدقاء طفولة."
آكيو: "سأساعدك في البحث عنه!"
ولكن فجأة، وبينما كانا يسيران في أحد الشوارع الجانبية، لفت انتباههما مشهد غريب، حيث تجمّع عدة رجال جانحين في زقاق مظلم، يحيطون بشخص واحد كان واقفًا بهدوء متكئًا على جدار قديم. لم كان له شعر أحمر لامع، ويرتدي قبعة بيضاء تغطي جزءًا من وجهه، لكنه لم يكن ينظر إليهم... بل كان يحدق في الأرض، يشعل سيجارته وكأن لا شيء يهمه.
كان ذلك الشخص هو كين.
عيون يوكو اتسعت في لحظة، توقف قلبها عن النبض للحظة قصيرة، بينما كان آكيو يراقب المشهد بحذر.
أحد رجال العصابة (بابتسامة ساخرة): "ههههه، أنظروا إلى هذا الفتى، يبدو أنه وحيد وحزين! ما رأيكم بأن نتسلى معه قليلاً؟"
رجل آخر (بضحكة متعجرفة): "يبدو مناسبًا! هيه، أنت، انظر إلينا يا ولد! نحن نتحدث إليك!"
لكن كين لم يتحرك ولم يرفع عينيه حتى.
أحد أفراد العصابة (متضايقًا من تجاهله): "يبدو أنك أصم أيها الفتى، ألا تملك لسانًا لترد علينا؟!"
استفز هذا التجاهل العصابة، مما دفع أحدهم إلى التقدم نحوه بسرعة، محاولًا الإمساك به من قميصه!
لكن قبل أن يلمس يده كين...
في لحظة، اشتعلت ألسنة اللهب حوله، وانبعثت من جسده! الحرارة الخانقة غمرت المكان في ثانية واحدة، مما جعل أفراد العصابة يقفزون إلى الخلف برعب!
أحد الرجال (وهو يصرخ متراجعًا): "ماذا... ما هذا بحق الجحيم؟!"
عيونهم اتسعت وهم يحدقون بكين الذي لم يتحرك، لكن الآن، كان محاطًا بنيران متراقصة حول قدميه، تتوهج بلون أحمر قاتم
ظل يحدق في الأرض للحظة، ثم نفث الدخان ببطء، وأخيرًا، رفع رأسه ببطء شديد، ليكشف عن عينين رماديتين باردتان وحادتان كأنها سيوف مسلولة. لم يكن في عينيه أي أثر للخوف أو الاهتمام، فقط لا مبالاة مميتة ممزوجة بجو من الرهبة، مما جعل بعض أفراد العصابة يتراجعون قليلاً دون أن يدركوا ذلك.
أحد رجال العصابة (بابتسامة متوترة لكنه يحاول استعادة ثقته بنفسه): "يبدو أنك شجاع بما يكفي للوقوف هنا وحدك، يا هذا. هل تظن أنك تستطيع مواجهة عصابة أوراكانو؟!"
نفث كين سيجارته مرة أخرى، ثم ألقى نظرة سريعة عليهم، وكأنهم مجرد حشرات تافهة لا تستحق اهتمامه.
كين (بصوت هادئ لكنه مشبع بالتهديد الخفي): "لم أكن أبحث عن المشاكل... لكن يبدو أن المشاكل تبحث عني."
لكن العصابة حاولت الحفاظ على غرورهم، فتقدم أحدهم بسرعة وحاول خطف سيف كين المعلّق بجانبه. ولكن قبل أن يلمس السيف، تحرك كين في جزء من الثانية! اختفى من مكانه تمامًا دون أن يُرى كيف تحرك، وظهر فجأة خلف الرجل الذي حاول لمسه! كل ما شعر به الرجل كان موجة من الهواء الساخن تضرب جسده، ثم صرخة ألم فجائية! لقد أدرك متأخرًا أن يده التي حاولت الإمساك بالسيف قد احترقت جزئيًا!
كين (بصوت هادئ، لكنه كفيل بجعل الدم يتجمد في العروق): "أعتقد أن هذه نهاية حديثنا اليوم... من الأفضل أن تتراجعوا."
أحد أفراد العصابة لم يستطع حتى تحريك قدميه، لكن عندما تحرك كين خطوة واحدة للأمام فقط، انفجرت النيران على الأرض بجانبه وكأنها تحذير! لم يكن عليهم التفكير مرتين. بلمح البصر، استداروا وركضوا خارج الزقاق بأقصى سرعة ممكنة، كأنهم يفرون من الموت نفسه!
بينما كانت العصابة تهرب، لم تتحرك يوكو، كانت لا تزال تحدق بكين، وعيناها متسعة بذهول لا يمكن وصفه، وكأنها لا تصدق ما تراه أمامها.
آكيو (باندهاش وهو ينظر إلى يوكو): "ما الخطب؟ هل تعرفين هذا الرجل؟!"
لكن يوكو لم تستجب له. شفتاها بدأت ترتجفان، وعيونها امتلأت بالدموع التي لم تستطع منعها من السقوط. كانت تنظر إلى كين وكأنها ترى شبحًا من الماضي... أو حلمًا ظلت تتمنى حدوثه.
يوكو (بصوت مختنق وهي تهمس لنفسها): "هذا... هذا مستحيل... كين؟!"
وفجأة، ركضت نحوه دون تردد! كين، الذي كان يراقب العصابة وهي تهرب، شعر فجأة بشخص يندفع نحوه بسرعة ويعانقه بقوة. احتضنته يوكو بقوة هي ودموعها.
يوكو (وهي تضغط على ملابسه بيديها المرتعشتين): "كين... لقد اشتقت إليك... لا أصدق أنني وجدتك أخيرًا!"
تجمد كين في مكانه وتوقف عقله عن العمل لوهلة. شعر كين بثقل الذكريات القديمة ينهال عليه دفعة واحدة. كان هناك شيء مألوف في هذا العناق، في هذا الصوت المرتجف، لكنه لم يستطع استيعابه بالكامل. نظر إلى الفتاة التي تبكي في حضنه، لم يكن وجهها واضحًا بسبب قربها منه، لكن مشاعرها وصلت إليه بوضوح.
كين (بصوت بارد، لكن هناك ارتباك طفيف فيه): "من... تكونين؟"
توقف بكاء يوكو للحظة. تجمدت تمامًا، ثم رفعت رأسها ببطء لتنظر إليه، وعيناها ممتلئة بالدموع.
يوكو (بصوت مذهول ومكسور): "كين... أنا يوكو... ألا تتذكرني؟! لقد أتيت إلى أوركانو للبحث عنك!"
استعت عينا كين قليلاً عندما سمع ذلك.
كين (وهو يتمتم بصوت منخفض، وكأنه يعيد الكلمة لنفسه حتى يستوعبها): "...يوكو؟ هل أنتِ... يوكو؟"
يوكو ابتسمت رغم دموعها، ثم هزت رأسها بحماس، وكأنها تنتظر منه أن يتذكرها حقًا. كين ظل ينظر إليها بصمت. ثم، وبحركة هادئة، أسقط السيجارة من بين شفتيه وسحقها بحذائه، وكأنه يحاول استيعاب المفاجأة بالكامل.
في هذه اللحظة، يتدخل آكيو مبتسماً: "وأنا ساكاموتو آكيو، الشوغن المستقبلي لهذه القارة!"
ابتسم كين ابتسامة ساخرة: "شوغن، ها؟ أنت تبدو مجرد طفل حالم."
يشعر آكيو بالإحباط ويرد بغضب: "أنا لست صغيراً! أستطيع إثبات قوتي!"
يرفع يده ويُطلق فاكِن البرق من بين أصابعه، ليتحول الهواء حولهم إلى وميض خفيف. ينظر كين إلى البرق باندهاش، ثم يعود إلى بروده.
كين: "فاكِن البرق...؟ يبدو أنك تمتلك شيئاً مثيراً للاهتمام."
يمشي كين مبتعداً قليلاً، ثم يدير رأسه وينظر إليهم: "إذاً، هل لديكم هدف حقيقي أم أنكم مجرد أطفال يلعبون بالأحلام؟"
يتبادل آكيو ويوكو نظرة عازمة، ثم يتبعانه حتى يصلوا إلى منزله. يجلس الثلاثة داخل المنزل، حيث تبدأ يوكو وآكيو بسرد قصصهما.
آكيو بحماس: "اسمع يا كين، أنوي أن أقوم بمغامرة خطيرة وصعبة، ولن أستطيع إتمامها لوحدي، أنا متأكد بأن ستساعدني كثيراً! نريد أن نقوم بالاستيلاء على العرش وجعل العالم مكاناً أفضل! سأحتاج إلى قوتك."
كين يتكئ على الجدار، عيناه مليئة بالبرود وهو يشعل سيجارة جديدة: "الانتقام هو الشيء الوحيد الذي يهمني الآن. لا أملك وقتاً لأحلام غيري."
آكيو مصمم: "سأساعدك في تحقيق انتقامك، مهما كان. فقط اعطِنا الفرصة."
كين: "ولماذا علي أن أثق بطفل شقي مثلك؟!"
آكيو:"لست طفلاً! أنا في الرابعة عشر، كما أنني قوي! أملك فاكن البرق وأنت تملك فاكن النار! ويبدو أن جميعنا لدينا أهداف لنحققها، لذا فعلينا التعاون معاً!"
كين، وقد بدأ يشعر بالإرهاق من إلحاح آكيو، ينفث الدخان وينظر إليه بملل: "حسناً، سأوافق... لكن لا تتوقعوا مني أن أغير أهدافي."
في تلك اللحظة، يُفتح باب المنزل، ويدخل أصدقاء كين، آدم وكايتو، وهما ينظران باستغراب نحو الضيوف الجدد.
آدم: "كين، من هؤلاء؟ وما الذي يجري؟"
كين ينظر إليهم ببرود: "يجب علي أن أغادر المنزل، أنا ذاهب إلى الانتقام."
آدم: "ماذا؟! ولكنك لم تكمل تدريباتك بعد، هل حقاً تنوي الذهاب على الفور؟!"
كين: "نعم، على الفور."
كايتو يحدق فيه بدهشة: "ماذا؟ هل أنت جاد؟"
كين: "أجل. هذا هو هدفي، وعليّ اتمامه كما وعدت."
تبادل الجميع النظرات، وكل منهم يحمل في قلبه مشاعر مختلطة من الفراق والأمل والخوف من المستقبل.
يتبع...