“آه، صباح الخير أيها المرضى المزعجون، هل استمتعتم بنومكم؟”
قالتها كوتو وهي تدخل الغرفة، كانت تحمل كوب القهوة الساخن في يدها.
آن (بصوت شبه مرتجف): “كوتو… تشان…”
كوتو (ترتشف قهوتها، ترفع حاجبها): “ماذا؟”
آن (وجهها أحمر بالكامل): “أرجوكِ… فكينا… أنا… أنا أحتاج الذهاب إلى دورة المياه!!”
كوتو (تتجمد للحظة، ثم تضحك بخبث): “أوووه؟ هل الطبيعة تناديكِ؟ يا للأسف، ولكنكِ مربوطة بهذا الوسيم هنا!"
ستيف (بصوت متوتر ووجهه يحمر خجلاً): “لا تمزحي في هذا الموضوع! نحن جادّان تماماً! الوضع… كارثي!!”
كوتو (تضحك، ثم تميل برأسها): “كارثي؟ لا لا، هذا تمرين على التحكم، مفيد جداً للأعصاب!”
آن (تتلوّى وهي تشد على الحبل): “كوتو تشاااااااان!!! سأفقد أعصابي!! أنا لا أريد أن—”
ستيف (يصرخ وهو يركل السرير برجله): “كوتو-سان!! هذه ليست مزحة!!! إذا لم تفكينا الآن… سنموت معاً!!!”
كوتو (تضع كوب القهوة على الطاولة ببطء، ثم تقترب منهما وهي تضع يدها على ذقنها وكأنها تفكر بعمق): “هممم… حسناً، لدي حل.”
آن وستيف (بصوت واحد): “حقاً؟!!”
كوتو (تبتسم بخبث وهي تخرج مقصاً من الحقيبة): “سأقص الحبل، ولكن إن حاولتما الهرب أو التصرف كالأطفال مرة أخرى… سأربطكما بالحائط مباشرة، مفهوم؟”
آن (تومئ برأسها بسرعة): “مفهوم مفهوم!! فقط أنقذينييييي!”
وبحركة سريعة…
“تشاااااااك!!”
قُطع الحبل! سقط الإثنان على الأرض وتدحرجا في اتجاهين متعاكسين، وكل منهما ركض بسرعة البرق نحو باب الغرفة!
كين (أطلق زفرة طويلة وهو يغمض عينيه): “كم هذا مثير للشفقة.”
كوتو (تحدّق بكين وهي ترفع الحبل المقطوع): “والآن لقد حان دورك يا سيد التمرد، هل تحتاج الذهاب إلى الحمام أيضاً؟”
كين (يفتح عينيه ببطء): “اخرسي وفكي قيودي.”
كوتو (تضحك بخفة، ثم تلوّح بالمقص أمامه): “أوه، لا داعي للقلق، سأفك قيودك حالاً… ولكن بشرط.”
كين (يضيق عينيه): “شرط؟”
كوتو (تقترب منه وتهمس في أذنه): “أن تعدني… أنك لن تدخن طوال اليوم.”
حدق فيها كين مطولاً، وكأن الزمن قد توقف!
كين (بصوت هادئ، لكنه بارد): “هذا طلب غبي.”
كوتو (تبتسم وتضع يدها على خصرها بثقة): “أوه؟ إذاً لا تستطيع؟”
كين (يرفع حاجبه): “لم أقل ذلك.”
كوتو (تقترب منه أكثر، ثم تهمس في أذنه بنبرة مليئة بالتحدي): “لو كنتَ رجلاً حقاً… فاقبل هذا التحدي.”
كانت كلماتها كالسهم… لا تحمل قوة فحسب، بل كبرياء، استفزاز، وتحدٍ لا يمكن تجاهله. ساد صمت لثوانٍ… ثم أخيراً، رمش كين ببطء وحدق بها بنظرة باردة.
كين (بصوت مملوء بالبرود والغرور): “حسناً… ليوم واحد فقط.”
كوتو (تبتسم منتصرة، ثم تقطع قيوده بالمقص): “رائع، كان هذا أسهل مما توقعت… أيها الرجل الحديدي!”
كين (يجلس ويفرك معصميه ببطء): “إن لم تكوني طبيبة، لكنتِ مدفونة في مكان ما الآن.”
ثم فجأة، سُمع من الخارج صوت ستيف وهو يصرخ!
ستيف: "أيتها الشقية! اخرجي فوراً، هذا الحمام لي!!!”
آن (تصرخ من الخارج): “لقد كنت أصرخ قبلك أيها المزعج!"
ستيف (بانزعاج وغضب): "هذا ليس عدلاً!!"
بعد دقائق من الجلبة المستمرة، خرج كل من آن وستيف من دورة المياه، ثم توجها إلى الغرفة مجدداً.
آن (بصوت مرتفع وهي تلوّح بيديها): “أنت أكثر شخص مزعج على وجه الأرض!! كيف تجرؤ على طرق الباب وأنا لا زلت بالداخل؟!”
ستيف (يعقد ذراعيه ببرود، وجهه خالٍ من الانفعال): “الوقت الذي استغرقتهِ في الحمام يخالف أي منطق بشري، كنت سأقدّم بلاغاً دولياً عن اختفائك!"
آن (بعينين تشتعلان، تضع يديها على خصرها): “أوه، آسفة أيها المفتش النشيط! ولكن بعض الناس يعتنون بنظافتهم أكثر من مجرد غسل أيديهم!”
كوتو (من الخلف، وهي تضع يدها على جبينها): “هاه… أنتما تصنعان مسلسلاً درامياً من كل موقف بسيط، ألا يكفي أنكما خرجتما سالمين؟”
في تلك اللحظة، عاد كين إلى الغرفة بهدوئه المعتاد، ثم توجه نحو الأسرّة الثلاثة التي كانت في الجانب الآخر من الغرفة، حيث كان كل من آكيو وأكيرا ونيورو ما زالوا فاقدين للوعي. اقترب من آكيو أولاً، حدّق فيه للحظة، كان تنفسه مستقر، والغريب بأن يده كانت لا تزال قابضة على سيف سانغوينيس وكأنه يحلم بأنه في وسط المعركة.
كين (بصوت منخفض، شبه ساخر): “حتى في نومك تتشبث بأحلامك."
ثم انتقل إلى أكيرا الذي كان مستلقياً بنصف وجهه على الوسادة، فمه مفتوح قليلاً، وكان يطلق شخيراً خفيفاً.
كين: “غبي.”
لكن عندما وصل إلى نيورو، توقف للحظة. وجه الفتى كان محمراً ويتصبب عرقاً، كان يلهث بشدة وجسده يرتجف.
كوتو (من خلف كين): “لقد ارتفعت حرارته فجأة، يبدو أن جسده لا يزال في صدمة… فهذه أول مرة يتعرض لإصابات كهذه، لكنه سيكون بخير إن استمرّت الأدوية في العمل.”
جلس كين على الكرسي الذي بجانب سرير نيورو، ثم مدّ يده وسحب المنشفة المبللة الموضوعة على الطاولة، ووضعها على جبين نيورو بعناية.
كوتو (تنظر إليه وهي تُحضّر الحقنة التالية): “شكراً.”
كين (بهدوء): “أحضري الماء.”
أومأت كوتو بدون تعليق، ثم أخذت الكوب من على الطاولة وملأته من الإبريق الصغير الموجود على العربة الطبية، ثم ناولته له. أمسك كين الكوب بثبات، ثم حرّك رأس نيورو قليلاً، وسكب بضع قطرات في فمه، فابتلعها نيورو بصعوبة، ثم أعاده كين إلى وضعه بهدوء.
كوتو (وهي تفرغ الدواء في الحقنة): “آكيو سيحتاج إلى جرعة صغيرة من المهدئات، جسده لا يزال متشنجاً بسبب ضغط المعركة. أما أكيرا، فأعتقد أنه بحاجة فقط للراحة وبعض المراهم.”
كين: “أعطِني المهدئ.”
توقفت كوتو لثوانٍ، ثم حدّقت في كين وهي تمسك بالحقنة في يدها، ورفعت حاجبها ببطء.
كوتو (بنبرة مستغربة، ولكن فيها لمحة مزاح): “هل أنت متأكد أنك كين؟ أم أن أحدهم تنكّر بوجهك؟”
كين (ينظر إليها بلا تعبير): “لا أحتاج أن أكون طبيباً لأمسك بحقنة.”
كوتو (تبتسم بخفة وهي تعطيه الحقنة): “أوه، لا، الموضوع ليس عن الحقنة… بل عنك، منذ متى صرت تهتم كفاية لتساعدني؟”
أخذ كين الحقنة دون أن يجيب، ثم تحرّك بهدوء نحو سرير آكيو. كوتو كانت تراقبه من خلفه بنظرة فضولية ومندهشة.
كوتو (بصوت منخفض، تكلم نفسها): “يا للعجب… الرجل الجليدي يعطي ماءً ويعالج مرضى؟ هل هذا حلم؟”
كين (من دون أن يلتفت، وهو يضغط بإصبعه على ذراع آكيو ليجد الموضع المناسب): “توقفي عن التحدث وكأنني فعلت شيئاً كبيراً.”
كوتو (تضع يديها على خصرها): “بالنسبة لشخص مثلك، هذا أكبر مما تتخيل.”
غرز كين الحقنة في عضلة آكيو بسرعة ودقة، ثم سحبها بهدوء دون أن يترك أي أثر فوضوي.
كين (يرجع إلى الوراء وهو يعيد تغطية ذراع آكيو): “لو كنتِ طبيبة أفضل، لما اضطررتُ للمساعدة.”
كوتو (بانزعاج): “هاااه؟ هل تشك في قدراتي الطبية الآن أيها المراهق اللعين؟!”
كين: "لم أرَ في حياتي طبيبة تقوم بتقييد مرضاها لأكثر من 10 ساعات متواصلة."
كوتو (تعقد ذراعيها وتنظر إليه): “كان ذلك إجراءاً تأديبياً وليس علاجاً… وأنت أكثر واحد استحقه.”
كين لم يرد، رمقها بنظرة جانبية ثم عاد يجلس على الكرسي القريب من السرير، مرّت عدة دقائق، الغرفة أصبحت هادئة نسبياً… وكوتو كانت منشغلة بكتابة ملاحظات طبية على دفترها الجانبي، لكن كين كان مختلفاً… جلس في مكانه بلا حركة، عيناه الرماديتان تحدقان في اللاشيء، يده اليسرى تهتز قليلاً دون أن يلاحظ، شعر بأنه لم يكن على ما يرام. بدأ يشعر بنقص النيكوتين، كان يحاول أن يُقنع نفسه أن الأمر ليس مهماً… ولكن الحقيقة كانت أسوأ مما يتوقع.
كين (يتمتم داخل نفسه، دون أن يُحرّك شفتيه): “مجرد 10 ساعات… لم تمضِ سوى 10 ساعات… كم هذا سخيف.”
رفعت كوتو بصرها للحظة باتجاه كين، ولاحظت تلك الاهتزازة الخفيفة في يده اليسرى… وتلك النظرة التائهة في عينيه الرماديتين، حدقت فيه لعدة ثوانٍ دون أن تتكلم، ثم أغلقت دفترها بهدوء، اقتربت منه ببطء ووقفت أمامه مباشرة.
كوتو (تتأمل وجهه، ثم تبتسم بسخرية خفيفة): “أنت تبدو وكأنك على وشك التهام أحدهم.”
كين (يتصنع البرود وهو على وشك الانفجار): “ماذا تقصدين؟”
كوتو (تنحني نحوه وتقترب منه قليلا،): “أوه لا… يبدو أن المدخن الشره على وشك الانفجار من الأعراض الانسحابية!"
كين (بنبرة هادئة جداً لكنها متوترة): “لست كذلك، أنا بخير.”
كوتو (وهي تمد له شيئاً): “خذ.”
نظر كين نحو يدها، فوجد أنها تمسك بعيدان طبية، كانت نفسها التي تُستخدم لفحص الحلق، كانت طويلة بما يكفي لتبقى في فمه بدلاً من السيجارة!
كين (يرفع حاجبه بخفة): “حقاً؟”
تردد كين لثانية… ثم مدّ يده ببطء وأخذ العود منها، نظر إليه ثم وضعه في فمه بصمت، مرت ثوانٍ، ثم أخيراً… زفر زفرة طويلة، وعاد يريح ظهره على الكرسي.
كين (يغمض عينيه قليلاً): “حسناً، هذا أفضل من لا شيء.”
كوتو (بابتسامة صغيرة): “إذا احتجت واحدة ثانية، سأخصمها من راتبك.”
كين (ينظر لها من زاوية عينه): “أنا لا أعمل لديكِ.”
كوتو (تشير نحوه بالقلم): “غريب، ولكنك كنت تتصرف وكأنك مساعدي الطبي.”
كين لم يرد، فقط أبقى العود بين شفتيه. مرت ثوانٍ أخرى من الصمت… ثم فجأة، ومن دون أن ينتبه، مدّ كين يده اليسرى ورفع إصبعه السبابة، اشتعلت شعلة صغيرة في طرف سبابته تلقائياً، كانت تلك عادة لا إرادية لديه عندما يريد إشعال سيجارة.
كوتو (ترفع حاجبها): “هاي، مهلاً، ماذا تف…”
ولكن قبل أن تنهي جملتها، كان كين قد وضع الشعلة على طرف العود الخشبي الموضوع في فمه!
“فشششششش!!!”
انبعثت رائحة الخشب المحترق فوراً، وخرج دخان خفيف بلون رمادي مزعج، وبدأ الطرف يشتعل ببطء ويصدر طعماً خانقاً! توقف كين للحظة بينما تجمدت ملامحه، ثم…
“كخخ!! كغخ!!”
أخرج العود من فمه بسرعة وهو يسعل بعنف، بقي وجهه جامداً ولكن عيناه توسعتا بعصبية واضحة.
كوتو (تغطي أنفها بيدها وتضحك): “ما بك؟! من الواضح بأنها ليست سيجارة حقيقية!! أنت حرفياً أشعلت خشباً واستنشقته!!”
كين (بصوت بارد ومليء بالغضب المكبوت): “تباً…”
ثم حدث ما لم يكن بالحسبان.
“بوووووووووووم!!”
بضربة واحدة من كفه، دفع الطاولة الجانبية بكل ما فيها من معدات طبية نحو الحائط، فتطايرت الحقن والضمادات والدفتر الطبي في كل الاتجاهات!
كوتو (تصدم للحظة): “مـ…مهلاً!!”
“كراااااااش!!!”
ركل كين الكرسي ليسقط على الأرض، ثم أمسك بالستارة وسحبها بقوة حتى تمزقت وسقط قضيبها الحديدي بصوت مدوٍّ!
آن (من بعيد، وهي تفتح الباب): “ما الذي يحدث هن—”
“كـرااااااااش!!!”
تحطم المصباح الذي كان على الطاولة بركلة أخرى من كين! ثم اندفع نحو الباب بخطوات ثقيلة وغاضبة!
ستيف (يظهر خلف آن، يحدق بالمشهد): “يا إلهي… هل نحن في ساحة معركة؟!”
كوتو (تصرخ بغضب وهي تلاحق كين): “كين!! توقف!! لا تفقد أعصابك بسبب سيجارة!!!”
لكن كين لم يكن يسمع، خرج من الغرفة وصفع الباب خلفه بقوة جعلت الجدار يهتز! ثم بدأت سلسلة جديدة من الكوارث!
“بووووم!!!”
كسر كين أول مزهرية عند مدخل الغرفة!
“تشااااااك!!!”
أشعل النار في إحدى الغرف من دون قصد وهو يصرخ: “تباً لهذا المكاااااان!”
“كراااااااش!!!”
رمى أحد الكراسي نحو الحائط فاخترقه وانكسر!
“بوووووم!!!”
ركل الباب المؤدي إلى المطبخ فطار بعيداً!
“كـرااااااااش!!”
كسر كين مزهرية أخرى، ولكن هذه المرة… انحرف الزجاج الحادّ بقوة واخترق راحة يده اليسرى!
“تشششش…”
توقف للحظة ونظر إلى يده، الدم بدأ يتساقط منها ببطء، ولكن كين لم يُظهر أي تأثر! شدَّ على أسنانه بغضب ثم أغلق قبضته المصابة وكأن شيئاً لم يكن.
ستيف (من بعيد، صوته خافت): “يبدو أنه قد فقد السيطرة تماماً.”
كوتو (بنبرة صارمة تحاول إخفاء قلقها): “علينا أن نوقفه قبل أن يُشعل القصر كله!"
ولكن قبل أن تخطو أي خطوة نحوه…
“بووووووم!!”
ركل كين باب القصر الرئيسي بقدمه ولكنه لم يفتح! كان مقفلاً تماماً! ارتدّ الباب قليلاً، واهتز الجدار من قوة الضربة، وكأن البوابة نفسها ارتعبت من عنف غضبه.
كوتو (اقتربت بسرعة منه، مدّت يدها نحو كتفه): “كين! اسمعني! أنت تنزف! و—”
لكن قبل أن تلمسه، استدار فجأة!
رفع يده اليمنى، والنار بدأت تتصاعد من راحته، عينيه الرماديتان كانتا مشتعلتان بنار مكتومة، وكأن غضبه سينفجر على شكل بركان! رفع كفه نحوها… وكأنه على وشك أن يلكمها مباشرة!
آن (تشهق بصوت عالٍ): “كوتو تشااان!! ابتعدي!!”
ستيف (يهمس): “هذا ليس كين الذي نعرفه…”
لكن في اللحظة التالية… توقف كين.
يده بقيت مرفوعة… النار لا تزال مشتعلة، ولكن عينيه ارتجفتا قليلاً، ثم خفض ذراعه ببطء وتنفّس بحدة، وكأنه يحاول أن يمنع نفسه من فعل شيء سيء… جداً. تجاهل الجميع ثم استدار فجأة، وبدأ يمشي بخطوات ثقيلة وغاضبة نحو أقرب غرفة نوم في الممر!
كوتو (تناديه بقلق): “كين!!”
لكنه لم يلتفت، فتح باب أقرب غرفة إليه بعنف، ثم صفـقـه بقوة جعلت صوت الاصطدام يُسمع في الطابق كله، وأغلق القفل من الداخل!
ساد الصمت.
آن (بصوت منخفض، وهي تحدّق في الباب بقلق): “كين سان…"
اقتربت منه، ووضعت يدها بلطف على خشب الباب، ثم همست بخفّة: “كين سان… هل أنت بخير؟”
ثم جاءها الرد…
كين (من داخل الغرفة، صوته هادئ لكنه مليء بالحدة والانفجار الداخلي): "دعوني… وشأني.”
انكمشت يد آن على الباب ببطء… ثم تراجعت خطوة للخلف وعيناها مليئتان بالقلق.
كوتو (تمتم لنفسها بدهشة): “اللعنة، لم أكن أعلم أن الإقلاع عن التدخين ليوم واحد فقط قد يشعل حرباً!"
في تلك اللحظة، وبداخل غرفة المرضى… بدأ جسد آكيو يتحرك قليلاً وهو نائم، وجهه الصغير بدأ يتعرّق، وحاجباه انعقدا بقلق، ثم بدأت أنفاسه تتسارع، وكأن شيئاً ما يجري في داخله…
بداخل الحلم…
كان آكيو يقف في غابة سوداء بالكامل، لا ضوء، لا قمر، لا نجوم، فقط ظلال كثيفة وأشجار ملتوية.
آكيو (ينظر حوله بقلق): “أين… أنا؟”
كل خطوة يخطوها كانت تُصدر صوتاً غريباً… أشبه بطقطقة عظام مكسورة تحت قدميه، والضباب الكثيف يحيط به من كل اتجاه.
ثم فجأة… سمع صوتاً همس في أذنه من العدم:
؟؟؟ (بصوت عميق ومشوه): “وأخيراً… استيقظت.”
تجمد آكيو في مكانه، التفت بسرعة إلى الخلف، ولكن لم يكن هناك أحد.
آكيو (يرتجف): “مَن هناك؟!”
الصوت نفسه عاد، ولكن من جهة أخرى، وكأن مصدره في كل مكان:
؟؟؟: “أنا… أعيش في داخلك.”
آكيو (بصوت مرتجف وهو يبحث حوله): “من… أنت؟!”
؟؟؟ (ببطء): "أنا قلبك.”
وفي لحظة، خرج من بين الأشجار شخصٌ غريب… جسده بالكامل مغطى بثياب سوداء ممزقة، لكن وجهه كان… وجه آكيو نفسه! نفس الشعر… نفس العينين… لكن بشرته كانت شاحبة جداً، وعيناه بدون أي بريق!
آكيو (يصرخ): “من أنت؟ لماذا تشبهني؟!!”
الشخص الغامض (يبتسم ابتسامة ميتة): “أنا الجزء الذي تخشاه… الجزء الذي تحاول أن لا تستخدمه.”
اقترب الشخص الغامض من آكيو بخطوات بطيئة وثقيلة، الأرض تحت قدميه كانت تغرق بالدم في كل خطوة!
آكيو (يتراجع وهو يلهث): “ابتعد عني!!!”
لكن الشخص لم يتوقف، بل ابتسم أكثر، ثم رفع يده اليمنى، وغرسها فجأة في صدر آكيو!!
“كراااااااااااه!!!”
صرخة مدوية اهتزت لها أرجاء الغابة… آكيو شعر بألم لم يشعر به من قبل! لم يكن ألماً جسدياً فقط… بل كان شعوراً وكأن كيانه يتمزق من الداخل!
الشخص الغامض (يهمس بجوار أذنه): "هذا هو أول اتصال بيننا… لن يكون الأخير، يا آكيو.”
ثم بدأت الغابة تنهار فجأة، الأشجار تشتعل، الضباب يتحول إلى دم، وصوت نبضات القلب يزداد، يزداد، يزداد!!
“دوم… دوم… دوم… دوم!!!”
آكيو (يصرخ بأعلى صوته): “تــــــــــوقف!!!”
وفجأة…
استيقظ آكيو بشهقة قوية!! فتح عينيه وهو يلهث، جسده مبلل بالعرق، ويداه ترتجفان، نظر حوله بتوتر، ولكن لم يكن هناك إلا المرضى النائمين والضوء الخافت في الغرفة.
آكيو (يتمتم بصوت مرتجف): “ما كان… ذلك؟”
ثم وضع يده على صدره… حيث كان يشعر بنفس الموضع الذي غُرست فيه اليد في الحلم… ينبض بقوة، وكأن شيئاً ما بدأ يتحرك هناك حقاً.
آكيو (يتمتم بهدوء): “مجرد كابوس تافه.”
أدار رأسه ببطء، ليجد نيورو نائماً بجانبه وهو يتصبب عرقًا بوجه شاحب. تأمل ملامحه للحظة، ثم نقل نظره إلى الجهة الأخرى… حيث كان أكيرا مستغرقاً في نوم ثقيل، شخيره خافت لكنه منتظم، وكانت هناك فقاعة صغيرة تخرج من أنفه، تنتفخ وتنفجر بهدوء مع كل نفس.
آكيو (يرمش بدهشة): “ما هذه الفقاعة؟”
اقترب آكيو منه أكثر، وبدأ يراقب الفقاعة التي بدأت تتضخم مجدداً… ولكنه لم يستطع أن يقاوم رغبته في تفجيرها!
آكيو (بصوت منخفض): “إن انفجرت الآن، سيكون الأمر مضحكاً…”
ومد إصبعه.
“بوف!”
انفجرت الفقاعة في لحظة، ففتح أكيرا عينيه فوراً وهو يعتدل بفزع!
أكيرا: “ماذا؟! من يهاجم؟!”
آكيو (يضحك بخفة): “لا أحد… فقط أنفك.”
أكيرا (يحك رأسه بتعب): “هل أيقظتني من نومي… لتعبث بأنفي؟”
آكيو (يبتسم ببساطة): “لم أتمالك نفسي، شكلها كان غريباً!”
أكيرا: “رائع… الآن لن أستطيع النوم بسلام مجدداً بفضلك.”
كانت كوتو تقف مستندة إلى الحائط بجانب الغرفة التي حبس فيها كين نفسه، اقترب منها ستيف وهو يمضغ قطعة خبز يابسة وجدها في المطبخ، أما آن، فكانت تمشي بجواره وهي تحمل قطعة من كعك الشوكولاته، نظرت كوتو إليهما بجدية، ثم بدأت تتحدث.
كوتو (بصوت منخفض): “ذهبت إلى قاعة الحفلات هذا الصباح.”
آن: “إذاً، هل كنتِ تنظفين الفوضى؟”
كوتو (تهز رأسها ببطء): “لم أكن هناك لهذا السبب… كنت أريد أن أتفقد جسد تيراكولا، لأتأكد من أنها لم تستيقظ.”
ستيف (يتوقف عن المضغ): “حسناً… وماذا وجدتِ؟”
كوتو (ترفع بصرها، وصوتها يصبح أكثر حدة): “لم أجد شيئاً.”
آن (تتجمد ملامحها): “هاه؟”
كوتو: “الجسد… اختفى تماماً. لا أثر لها، لا دماء، لا ملابس، لا شيء.”
ستيف (توسعت عيناه ثم قال بدهشة واضحة): “أهذا يعني أنها… نجت؟”
كوتو (تعقد حاجبيها): “ربما… أو ربما ماتت فقام أحد بأخذ جثتها، الغريب بأن المكان كان نظيفاً جداً… وكأن أحدهم تعمّد إزالة كل أثر.”
آن (تقترب بخوف من باب كين المغلق): “هل أخبرتي كين-سان بذلك؟”
كوتو (تنظر نحو الباب المغلق): “لا، لا أعتقد أنه في حالة تسمح له بسماع أي شيء الآن.”
يتبع…