بداخل منزل فانكو، كانت الأجواء في قد هدأت قليلاً بعد الفوضى الصباحية. فانكو عاد إلى المطبخ يغسل الأطباق، وآكيو ذهب لتفقد غرفته القديمة، بينما بقيت آن وكوتو في الصالة، كانتا تجلسان مع موراساكي التي كانت تخرج من الخزانة بعض الكيمونو القديم.
موراساكي (بحماس): “آن-تشان، أنتِ نحيلة وطولك مناسب! جربي هذا الكيمونو… إنه من حرير نادر، كنت أرتديه في المهرجانات التقليدية.”
آن (تضحك وهي تمسك القماش): “أوه؟ هذا يبدو فخماً أكثر من ملابسي كلها مجتمعة!”
كوتو (بصوت هادئ): “النسيج أصلي، إنه تصميم زيتاري قديم.”
موراساكي (تلوّح بيدها): “تعالي، سأساعدك في ارتدائه، من العيب أن تلبسيه وحدك.”
دخلت آن إلى إحدى الغرف لتبديل ملابسها بمساعدة موراساكي، وبعد لحظات، فُتح الباب ببطء، وخرجت آن مرتدية الكيمونو البنفسجي المطرّز بنقوش اللوتس.
في الصالة، دخل كين وبدا كعادته غير مهتم بما يدور. أما ستيف، فما إن وقع نظره على آن حتى توقف للحظة دون أن يتحدث. عينيه الباردتين دائماً ارتخيتا ببطء، وشعر بأن قلبه أوقف عقله مؤقتاً. كوتو لاحظت الأمر، رفعت حاجبها قليلاً، ولكنها لم تنطق.
موراساكي (تبتسم): “أترى يا آكيو؟ قلتُ لك إن الكيمونو يجعل أي فتاة تبدو كالزهور.”
آكيو (ينظر ثم يغمغم): “أجل، أجل، لا تُفسديها بالغرور.”
ستيف (دون أن يرفع صوته، وكأنه يحدث نفسه): “جميلة… ببساطة.”
جلس ستيف على الكنب بصمت، ولكنه نظر نحو آن مرة أخرى قبل أن يُبعد نظره فجأة…
كوتو (تجلس بالقرب من ستيف، وتبتسم بخفة وهي تضع كفّها على خدها): "هممم… لم أرك تتمعّن في أحد بهذه الطريقة من قبل، ستيف… هل هناك شيء في الكيمونو أعجبك؟ أم أنها آن؟”
ستيف (ينظر مباشرة إلى الأمام، ثم يرد ببرود وهو يعدّل وضعية جلوسه): "أنا فقط… كنت أراقب التفاصيل النسيجية. الكيمونو مزخرف بدقة، ومن الواضح أنه مصنوع يدوياً.”
كوتو (تميل نحوه قليلاً): "أوه، حقاً؟ إذاً كنت تراقب الزخارف فقط؟ وليس… الشخص الذي يرتديه؟”
ستيف (وهو يعدل وضعية نظارته): "أنا رجل عاقل، ولدي أمور أكثر أهمية من التحديق بفتيات يرتدين الحرير البنفسجي.”
كوتو (تضحك بخفة): "أتعلم؟ لو لم أكن أعرفك، لصدّقتك.”
ستيف (يتمتم دون أن ينظر إليها): "بالتأكيد كنتِ ستفعلين…”
كوتو (بمرح): "لكنني أعرفك.”
في الزاوية، كان كين قد لمح الحديث دون أن يُظهر أي تفاعل، لكنه لم يمنع نفسه من التعليق.
كين (بنبرة هادئة): "المراقبة جزء من عمل الجواسيس… حتى لو أنكروا السبب.”
آن (تتقدم بخطوات خفيفة نحو كين، وهي تمسك أطراف الكيمونو بخفة): "كين-سان…؟”
رفع كين نظره إليها ببطء، كانت تقف أمامه بثبات، وشعرها البنفسجي ينساب على كتفيها.
آن (تميل قليلاً برأسها، تبتسم وهي تحمر خجلاً): "ما رأيك؟ أعلم أنني لست من النوع الذي يرتدي هذا كثيراً… لكن كوتو وموراساكي أصرّتا.”
كين (ينظر إليها بهدوء، صوته منخفض وواضح): "يليق بكِ."
آن (تتسع عيناها فجأة، ويضيء وجهها وكأن كين قد منحها وساماً ملكياً): "ييـ… يليق بي؟! كين-سان قال إن الكيمونو يليق بي؟!!”
وضعت يديها على وجهها وهي تحاول إخفاء احمرار خدّيها، ثم بدأت بالدوران في مكانها بخفة كطفلة صغيرة ترتدي فستاناً جديداً لأول مرة.
آن (تضحك وهي تمسك صدرها): "آه، يا قلبي… سأتقاعد من النينجا وسأعيش هنا بهذه الملابس فقط!”
في الزاوية، كان ستيف يراقب بصمت… يداه في جيبيه، وعيناه ثابتتان على آن. لم يكن في تعبيره أي غيرة واضحة، لكنه عبس قليلاً دون أن يشعر، أعاد نظره إلى الأرضية أمامه، ثم أغمض عينيه للحظة كمن يحاول طرد فكرة ما من عقله.
ستيف (يفكر): "لم أكن غبياً… كنت أعلم… آن تحب كين منذ البداية… وليس لي مكان في هذه القصة."
ثم فتح عينيه، واستدار ليخرج بهدوء من الغرفة دون أن يلاحظه أحد. في تلك اللحظة، خرج آكيو من غرفته وهو يرتدي كيمونو تقليدي.
آكيو (بصوت مرتفع): "أيها الشعب الكسول! بما أننا في زيتارا، أقترح أن نخرج في جولة! لنذهب إلى السوق، أو نتمشى في الحي القديم! ربما نجد عربة حلوى، أو فتاة جميلة لأكيرا!”
آن (ما زالت تدور): "نعم! نزهة وأنا أرتدي هذا الكيمونو؟ أنا موافقة تماماً!”
كوتو (تضع كتابها جانباً): "أحتاج لبعض الهواء…”
أكيرا (يرفع إصبعه): "فقط تأكدوا أن هناك طعاماً حيث نذهب.”
نيورو (من المطبخ وهو يسرق قطعة كعك): "أنا معكم أينما تذهبون.”
كين لم يعترض، اكتفى بالوقوف بهدوء ومتابعة تحركات الجميع.
[في الخارج – خلف المنزل]
كان ستيف يقف وحده، مستنداً على سور الحديقة، عينيه تراقبان الأشجار دون تركيز حقيقي، كأن عقله في مكان آخر. اقترب آكيو وهو يمضغ لقمة من الكعك، ثم وقف بجانبه ونظر إليه.
آكيو (بمرح): "نحن خارجون… وأنت قادم معنا.”
ستيف (ببرود وهو لا ينظر إليه): "لست في مزاج للتنزه.”
آكيو (يرفع حاجبه): "أوه… حسناً… تفهمت…”
ثم فجأة، أمسكه من يده وسحبه بقوة وهو يصرخ.
آكيو: "لهذا السبب سوف تخرج رغماً عنك!!”
ستيف (يحاول الإفلات): "آكيو! دعني أذهب!”
آكيو (بصوت طفولي): "لا، ستأتي رغماً عنك!”
ستيف (يتمتم): "سأخنقك بعد ذلك!”
آكيو (يضحك وهو يسحبه): "طالما أنك لن تنسحب تكتيكياً مجدداً… افعل ما تشاء.”
اضطر ستيف في النهاية للمشي معهم، وهكذا… خرجت المجموعة من منزل فانكو في طريقهم لاكتشاف شوارع زيتارا، غير مدركين أن الأحداث القادمة… لن تكون مجرد نزهة.
بينما كانت الشمس ترتفع أكثر في سماء زيتارا، مشت المجموعة عبر شارع حجري واسع تحيط به من الجانبين مبانٍ قديمة بأسقف منحنية، وأشجار كرز بأوراق متناثرة في الطريق. كانت الأجواء هادئة نسبياً، حتى مع حيوية السوق المجاور، والباعة ينادون على سلعهم بهتافات حماسية.
آكيو (وهو يسير في الأمام بيدين متشابكتين خلف رأسه): "أووووه، كم اشتقت لرائحة السوق هنا… التوابل، الشاي، الدانغو! آه، زيتارا لا تتغير أبداً!”
آن (تضحك وهي تدور بخفة): "وهذا الكيمونو يجعلني أشعر وكأنني إحدى أميرات القصص!”
ولكن في الزاوية المقابلة من الشارع، كانت هناك مجموعة من سبعة فتيان يجلسون أمام محل شاي مهجور، يرتدون ملابس زيتارية عصرية معدّلة، بقمصان مفتوحة وأوشحة ملونة وسيوف خشبية على ظهورهم. كان يقودهم فتى ذو شعر أسود قصير وندبة على أنفه، كان يقف عند باب المحل وهو يضيع يديه في جيبه، وما إن رأى آكيو حتى صرخ:
???: "آآه… انظروا من عاد إلى زيتارا… إنه ساكاموتو المغرور.”
آكيو (يتوقف، ويغمض عينيه): "أوه لا… ليس هؤلاء الحمقى مجدداً.”
اقتربت العصابة بسرعة وهم يضحكون بثقة، حتى وقفوا أمام المجموعة قاطعين طريقهم.
زعيمهم (يحدق بآكيو): "لم أرك منذ مدة، أيها المهرج… ظننت أنك هربت من زيتارا للأبد.”
آكيو (يبتسم بخبث): "وكنت آمل أن تكونوا قد قضيتم وقتكم في إحدى المهرجانات الرخيصة.”
ولكن… لم تدم الابتسامات طويلاً. أحد الفتيان من العصابة كان قد بدأ ينظر باتجاه الفتيات، وتحديداً آن التي كانت واقفة خلف كين مباشرة، فهمس في أذن زعيمهم.
فرد العصابة (بهمس): "رأيت صورة هذه الفتاة في التلفاز، يقال أنها شاركت مع هذه المجموعة في اغتيال وإسقاط تيراكولا، إنها قوية، ولكنها جميلة جداً… هذا النوع… يستحق أن يُروَّض.”
زعيم العصابة (يبتسم ابتسامة منحرفة): "أووووه… إذاً عاد ساكاموتو ومعه بعض الفتيات؟ يا له من شجاع، لكنني لا أظن أن هؤلاء الفتيات في المكان المناسب… سأعطيك عرضاً، ساكاموتو… اترك الفتيات وسأسمح لك بالرحيل.”
كوتو (نبرة هادئة لكنها حادة): "هل هذا تهديد؟”
زعيم العصابة (يتجاهلها وينظر إلى آن): "وهذه؟ هذه تشبه الزهرة… جميلة، لكن يبدو أنها لن تصمد طويلاً إن قُطفت.”
كين (خطا للأمام بهدوء، وصوته منخفض): "أعد كلامك…”
زعيم العصابة (بسخرية): "ماذا؟ هل تحرسها؟ هل هي ملكك؟”
كين (صوته أكثر برودة): "ليست ملكي… لكنها ليست لك، ولن تكون.”
زعيم العصابة (يضحك): "بل ستكون… وسآخذها أمام عينيك إن لزم الأمر.”
وفي لحظة، اندفع اثنان من أفراد العصابة نحو آن وكوتو لمحاولة الإمساك بهما، لكن قبل أن يقترب أحدهم، انطلقت ركلة خاطفة من كين أصابت صدر أحدهم مباشرة، طار إثرها متراً للخلف، وسقط على الأرض يتأوه. في اللحظة ذاتها، كان ستيف قد وقف بوضعية الدفاع أمام الفتيات.
ستيف (بصوت بارد): "لم تكن هذه حركة حكيمة.”
أكيرا (يشق طريقه بينهم وهو يطقطق أصابعه): "أوه، هذا بالضبط ما أحتاجه لأحرق بعض الطاقة.”
ستيف (بهدوء): “خطوتكم التالية… ستكون الأخيرة لأحدكم.”
أكيرا في الجهة الأخرى، كان يبتسم بينما يتقدم وسط الفوضى.
أحد أفراد العصابة (ساخراً وهو يضحك): "ما هذا؟! هل أنتَ مهرّج أم ماذا؟ ما قصة تلك الآذان؟ هل خرجت من حفلة تنكرية؟!”
آخر (يمسك بطنه من الضحك): "انظروا له! يعتقد نفسه وحشاً… هه، ذئب الفتيات!”
أكيرا (بابتسامة واثقة): "يا للأسف… ستموتون وأنتم تجهلون الحقيقة.”
وفي لمح البصر، اختفى من مكانه وظهر أمام أحد المتنمرين، ثم وجه له لكمة هائلة في البطن، وغرس مخالبه في جسده أيضاً! ثم رماه على الأرض كخردة منتهية.
أكيرا (بابتسامة أكبر): "والذئب الحقيقي لا يحتاج إلى العواء… فقط أنياب ومخالب كافية.”
في الجهة المقابلة، كان الوضع يتصاعد بسرعة. أربعة من المهاجمين قرروا الهجوم على آن، بعدما لاحظوا أنها تركت بعض المسافة عن البقية وهي تراقب القتال.
أحدهم: "أمسكوها! هذه الجائزة الكبرى!”
آن (تحاول صدّهم): "اقتربوا أكثر… وسأقطع سيقانكم!”
بدأت تركل وتضرب برشاقة نينجا محترفة، لكن الهجوم الرباعي كان محكماً، تسلل اثنان منها خلفها، أمسكوا ذراعيها بقوة بينما الآخران قيدا قدميها بحبال نحيفة.
آن (تصرخ):"تباً…!”
أحد أفراد العصابة (يضحك): "جميلة وقوية… ستجعلين الأمسية مثيرة!”
ولكن فرحتهم لم تدم طويلاً، حيث ظهر ستيف خلفهم في لحظة، ولم يكن يحمل سلاحاً… بل غضباً نادراً.
ستيف (بصوت حاد وقاطع): "ابتعدوا عنها.”
أحدهم (بسخرية): "وإلا؟ ستخبر الشرطة؟”
اندفع ستيف بسرعة مذهلة متجاهلاً كلامه، ثم ركل الأرض بقدمه اليمنى، فانطلق نحو أقرب مهاجم، وبينما كان هذا الأخير يضحك بثقة، تلقى ضربة سريعة بباطن القدم إلى صدره، تبعتها لكمة خاطفة إلى جانب وجهه، جعلته يدور في الهواء قبل أن يسقط على الأرض بلا وعي.
حاول الثاني مهاجمته من الخلف، لكن ستيف دار بجسده برشاقة، ثم أدخل مرفقه في صدر المهاجم، وختمها بركلة دوارة في الرأس. ارتطم خصمه بجدار حجري وانزلق منه فاقداً التوازن. في هذه الأثناء، تخلّصت آن من الحبل مستفيدة من انشغال المهاجمين، ثم وقفت بجانب ستيف وهي تلهث.
آن (بنبرة ساخرة): "منذ متى وأنت مهتم بالإنقاذ؟”
ستيف (بدون أن يلتفت): "منذ كنتِ تعتقدين أنني مجرد رجل يكتب تقارير.”
وفي الجهة المقابلة، كان أحد أفراد العصابة يتسلل حاملاً خنجراً صغيراً، ووجهه يدل على نية واضحة للغدر، ولكن ما إن اقترب من كين، حتى شعر بتيار بارد يصطدم به من الخلف. كان نيورو قد ظهر فجأة خلفه، وهو يمسك خنجراً أطول من خنجره، وملامحه تخلط بين العبث والجدية.
نيورو (وهو يلوّح بالخنجر): "يا صديقي… لا تلعب بالسكاكين بجانبي.”
اقترب نيورو منه أكثر بخطوات بطيئة، وهو يعبث بالخنجر بيده اليمنى كمن يلعب بلعبة مألوفة. عينا الفتى اتسعتا برعب حين شعر بالهواء يبرد فجأة… بدأ البخار يتصاعد من فمه رغم أن الشمس لا تزال ساطعة.
رفع نيورو يده اليسرى بهدوء، وفجأة، تجمّدت قطرات الرطوبة في الهواء حول الفتى، ثم بدأت بلورات جليدية تتشكل على أطراف جسده، فتجمدت أطرافه بسرعة حتى علق في مكانه تماماً، كان عاجز عن الحركة، شفتاه ترتجفان ولكن لا صوت يخرج.
نيورو (يقترب حتى بات على بعد خطوة، ويهمس): "لا تقلق… لن يؤلمك كثيراً.”
وبحركة سلسة لا تحمل رحمة، غرز نيورو خنجره الطويل في معدة الفتى المتجمد. لم يكن هناك صراخ، فقط نظرة أخيرة جامدة، قبل أن يفقد وعيه تماماً. تراجع نيورو خطوة وترك الجثة المتجمدة تنهار على الأرض كتمثال هش يتحطم ببطء عند السقوط.
في هذه اللحظة، قرر زعيم العصابة التدخل بنفسه، غير مصدق أن رجاله يُهزمون بسهولة.
زعيم العصابة (يصرخ): "سحقاً لكم! سأقضي على هذا المهرج ساكاموتو بنفسي!”
تقدّم بخطوات واثقة نحو آكيو، الذي كان حتى تلك اللحظة يراقب المعركة دون أن يتحرك.
آكيو (يتنهد وهو يخطو للأمام): "ظننتني عدت لأتنزّه… لكن يبدو أن زيتارا ما زالت كما هي.”
زعيم العصابة (يضحك): "ما زلت تختبئ خلف لسانك الطويل؟ أرني شيئاً حقيقياً هذه المرة!”
آكيو (بابتسامة خطيرة): "حسناً.”
وفي لحظة، أخرج آكيو سيف سانغوينيس المعلق على خصره من غمده، وما إن أمسكه آكيو بكلتا يديه، حتى توهج باللون الأحمر كعادته، ولكن هذه المرة اشتعلت خطوط برق صفراء باهتة على سطح النصل، تسري عليه كأوردة حية.
زعيم العصابة (يقهقه ساخراً): "سيفك يلمع… هل تخطط لإبهاري بالزينة؟”
آكيو (ينظر إليه بابتسامة جانبية): "لا… بل سأُريك برق السماء عندما يختلط بطعم الدم.”
وفجأة، ركّز آكيو طاقته في قبضة يده، فانطلقت صاعقة خاطفة من ذراعه إلى سيفه، وتحول لون النصل إلى فضي مشبع بالوميض، والبرق بدأ يدور حوله بشكل لولبي.
أحد المراهقين من العصابة (يرتجف): "هذا… هذا ليس سيفاً عاديا…”
آكيو (بصوت منخفض): "سانغوينيس لا يشرب من أي أحد… فقط من الحمقى الذين يصرّون على الموت.”
وفي لحظة، اندفع آكيو للأمام بسرعة مذهلة، اقترب من زعيم العصابة في غمضة عين، رفع السيف بقوة، ووجه ضربة. زعيم العصابة بالكاد رفع سيفه لصدها، ولكن ما إن تلامس السيفان، حتى انفجرت صدمة كهربائية عنيفة دفعته للخلف عدة أمتار، وسقط على الأرض يتلوى وهو يصرخ.
آكيو (يمشي نحوه، وسيفه ما يزال يتوهّج): "لا تقلق… هذه لم تكن الضربة القاتلة… سانغوينيس لم يشبع بعد.”
وفي تلك اللحظة، بدأ السيف يصدر صوتاً خافتاً… وكأن صريراً يخرج من أعماقه. ظهر لون أحمر باهت يتسلل داخل النصل، يمتص الدم المتناثر على الأرض.
زعيم العصابة (يحاول النهوض برعب): "ماذا… ماذا يكون هذا…؟”
آكيو (يرفع سيفه مجدداً): "سيفي… وصديقي.”
وفي اللحظة التي رفع فيها آكيو سيفه مجدداً، تأهّب الجميع لمشهد النهاية… لكن ما حدث لم يكن كما توقعه أحد. فجأة… توقّف سيف سانغوينيس عن التوهج، انطفأت شرارات البرق، وبهت اللون الأحمر في النصل. ارتعشت يد آكيو قليلاً، وكأن شيئاً ما داخل السيف بدأ يقاومه.
آكيو (بهمس، وملامحه تتغير): “ما الذي…؟”
ظهر وميض أحمر في عين آكيو اليمنى، تلاها ذبذبات صوتية غريبة خرجت من السيف… وكأن السيف يهمس، لا بل يأمر. تشنّج جسد آكيو للحظة، ثم انخفضت يداه ببطء، والنصل ما زال يهتز بين أصابعه.
آن (تنادي): “آكيو؟ ما الأمر؟”
لكن آكيو لم يجب… بل أحنى رأسه، ثم رفعه ببطء، وملامحه قد تغيرت بالكامل. ابتسامة باردة وغريبة ارتسمت على وجهه، وعيونه بدت فارغة للحظة.
موراساكي (بتوتر): “آكيو…؟”
أكيرا (يرفع حاجبه): “لا يعجبني هذا المشهد…”
ثم، دون سابق إنذار، استدار آكيو فجأة ووجّه سيفه نحو كين! اتّسعت عينا كين للحظة، لكن جسده تحرّك قبل أن يُفكر.
كين (بصوت صارم): “آكيو! توقف!”
في لحظة واحدة، مدّ يده خلف ظهره وسحب سيفه من غمده، وشرارة نار خفيفة اشتعلت على حافة النصل. اندفع آكيو نحوه كعاصفة، وسيف سانغوينيس يلمع في يده ببريق غريب، وكأن السيف هو من يهاجم وليس صاحبه. اصطدم سيف آكيو بسيف كين بقوة، ودوّى صوت المعدن المختلط بالطاقة، حيث اشتبكت الشرارات الصفراء مع لهيب أحمر ناريّ. تغيرت ملامح كين للحظة من الضغط، لكنه ثبت قدميه بقوة وأوقف الهجمة.
كين (يدفع السيف للأعلى بقوة): “لن أدعك تؤذيني… ولا تؤذي نفسك! هذا ليس أنت! هل ستدع قطعة حديد تُملي عليك من تكون؟!”
آكيو (بصوت مشوّه): “أنا… أقوى هكذا… لا أحد يسخر مني بعد الآن… لا أحد!”
كين (عينيه تضيقان): “سحقاً… إنه لا يسمعني.”
ثم بدأ السيف بالارتعاش مجدداً، وتدفّق برق خافت من نصل سانغوينيس إلى يد كين مباشرة، مما جعله يقطّب حاجبيه من الألم.
كين (بغضب): “سأجعلك تكره هذا السيف إن اضطررت!”
وبحركة مفاجئة، حرّر كين يده من معصم آكيو، ثم أطلق انفجاراً نارياً مركزاً نحو يد آكيو اليمنى، حيث كان يمسك بها السيف. لم يكن الهجوم بهدف الإيذاء… بل كان دقيقاً ومدروساً. الصاعقة اختلطت باللهيب… والسيف اهتز بقوة، ثم انزلق من يد آكيو وسقط على الأرض، دون أن يُطفأ بالكامل.
تراجع آكيو ببطء، وبدأ يتنفس بثقل، وكأن شيئاً ما انسحب من داخله. ثم سقط على ركبتيه، يضع يده على رأسه.
آكيو (يهمس بصوت متقطع): “كنت… سأقتلك… لم أستطع التوقف… ما هذا السيف…؟”
كين (بصوت هادئ): “الشيء الذي لا يمكنك التحكّم به… لا تستحق أن تحمله.”
نظر كين إلى السيف الملقى على الأرض، والذي بدأت أطرافه تعود لطبيعته، وكأن العطش الذي أصابه لم يُروَ بالكامل.
آن (من بعيد): “كين-سان… هل هو بخير؟”
كين (ببرود دون أن يلتفت): “ليس بعد.”
التفت كين إلى آكيو، ثم صاح.
كين: “احمل السيف، وضعه في غمده… ولا تسمح له بالخروج مجدداً إلا إذا كنت أنت من يقرّر… لا هو.”
نهض آكيو ببطء من على الأرض، أنفاسه لا تزال متقطعة، وعيناه مرتجفتان من أثر السيطرة التي كان السيف يمارسها عليه. نظر إلى سيف سانغوينيس الراقد على الأرض، لكنه لم يقترب منه، مدّ يده الأخرى نحو خصره وسحب سيفه العادي، السيف الذي تعلّم عليه، الذي قاتل به بقلبه، لا بتعطشٍ ملعون. رفع نظره إلى الأمام، حيث كان زعيم العصابة يتراجع بخطوات بطيئة، والصدمة لا تزال مرسومة على وجهه، كان بعض الفتيان الآخرون من حوله قد بدأوا بالتراجع…
زعيم العصابة (بصوت متردد): “ما… ما كان ذلك؟ ما خطبكم جميعاً…؟ أنتم مجرد مجموعة رحّالة، لا يُفترض أن تكونوا بهذه القوة…”
آكيو (يتقدم إليه بخطوات هادئة): “نحن لسنا أقوياء لأننا نحب القتال… بل لأننا مررنا بالكثير من الأشياء التي جعلتنا لا نتهاون.”
أكيرا (من خلفه): “وبعضنا فقط يحب القتال، هاها.”
آكيو (يرفع سيفه، يشير به للزعيم): “هذه المعركة انتهت، عد أنت ومن تبقى من عصابتك… قبل أن أجعل هذه الشوارع شاهدة على إذلالكم.”
زعيم العصابة تراجع خطوة، نظر إلى رفاقه الملقى بهم في كل مكان.
زعيم العصابة: “سنتذكركم… لكننا لن نكرر هذا الخطأ مجدداً.”
ثم بدأ بالانسحاب ويتبعه الناجون من عصابته، كانوا يجرّون أنفسهم بصعوبة، ويختفون في الأزقة تحت ضوء الشمس الباهت. في الخلف، كانت آن لا تزال تراقب آكيو بصمت، بينما اقترب كين وأعاد سيفه إلى غمده دون أن يقول شيئاً، وعاد ستيف إلى وضع الوقوف بجانب الفتيات، ونظر نحو آكيو بتمعّن.
ستيف (يفكر بصمت): “هذا الفتى… كاد يتحول إلى شيء آخر، علينا أن نراقب هذا السيف من الآن فصاعداً.”
موراساكي (بابتسامة مشوشة): “أول نزهة لنا بعد عودة أخي قد انتهت بقتال وأزمة نفسية!"
آن (تحاول أن تبتسم رغم توترها): “على الأقل لم يُكسر أي من عظامي… هذه المرة.”
كان آكيو لا يزال واقفاً مكانه، يحدق بالسيف العادي في يده، ثم التفت ببطء إلى سيف سانغوينيس الملقى على الأرض. تقدم نحوه وانحنى، ثم أمسكه بحذر شديد وأعاده إلى غمده دون أن ينظر إليه.
آكيو (بصوت خافت وهو يهمس لنفسه): “لن أسمح لك بالسيطرة مجدداً… لن تكون أقوى مني.”
كين (يقترب منه بهدوء): “أنت من اختار حمله… وهذا يعني أن معركتك الحقيقية لم تبدأ بعد.”
آكيو (ينظر إليه بعين متعبة لكن حادة): “أعرف… ولهذا، سأكون مستعداً في المرة القادمة.”
ثم التفت إلى البقية، الذين بدأوا يتجمعون وسط الشارع.
آكيو (بصوت عالٍ): “حسناً، هذا يكفي. الجولة الأولى في زيتارا كانت فوضوية… ولكن أعدكم أن الجولة الثانية ستكون أفضل.”
آن (وهي تقترب من ستيف بابتسامة جانبية): “بصراحة… لم أكن أعلم أن شخصاً مملاً مثلك قد يكون مفيداً يوماً ما.”
ستيف (ينظر إليها ببرود، يرفع حاجباً): “لم أكن أعلم أن الزهور البنفسجية تجيد إلقاء الإهانات بهذه الأناقة.”
آن (تضحك بخفة): “ليست إهانة… إنها مجاملة بأسلوبي الخاص.”
توقفت أمامه، نظرت إليه للحظة طويلة، ثم مالت بسرعة نحو خده… وطبعَت عليه قبلة خفيفة وسريعة، ثم ابتعدت بخفة قبل أن يتمكن من قول أي شيء.
آن (تغمز له): “شكراً لإنقاذي، أيها الجاسوس ذو الأربع عيون.”
استدارت آن وانضمت إلى المجموعة، بينما بقي ستيف متجمداً في مكانه. وجنتاه بدأتا بالاحمرار تدريجياً، وعضلات وجهه شدّت نفسها تلقائياً… لكن رغم ذلك، تكتّف بسرعة وأدار وجهه للجانب، يغمض عينيه وكأنه يقول: “لا شيء حدث.”
ستيف (بصوت منخفض وهو يضغط على نفسه ليتماسك): “مجرد تصرّف عشوائي… لا قيمة له… لا شيء جديد.”
في الزاوية، كان كين يراقب المشهد من بعيد، وسرعان ما ارتفع أحد حاجبيه ببطء، ثم تلاشت ملامحه الجادة لأول مرة ذلك اليوم. ثم غطّى نصف وجهه بيده وكاد أن ينفجر من الضحك، لكنه اكتفى بابتسامة مكتومة.
كين (وهو يتمتم): “ستيف… لقد انتهيت.”
يتبع…