54 - ماكيا، إمبراطور التكنولوجيا!

في قلب ولاية إيرالوس، كان هناك قصر بتصميم غريب، لم يكن يشبه قصر سيروس الفخم، ولا حتى يشبه قصر تيراكولا الفيكتوري، هذا القصر بدا وكأنه قطعة من المستقبل سقطت وسط زمنٍ قديم. كانت جدرانه الخارجية مصنوعة من معدن أسود لامع، يتغير لونه بتغير زاوية النظر، لم يكن هناك نوافذ تقليدية فيه، بل ألواح زجاجية ذكية تُفتح وتغلق تلقائياً بحسب حرارة الغرفة أو رغبة الإمبراطور.

تنبعث من أطراف الجدران أنوار نيون زرقاء وخضراء، تشقّ خطوطاً هندسية كأنها شبكات عصبية لقصر حي، أما بوابته فكانت مصنوعة من فولاذ متحوّل، لا تُفتح إلا بالبصمة الخاصة بماكيا نفسه. في الأعلى، كانت أبراج المراقبة تتحرّك ميكانيكياً، ومزودة بكاميرات متقدمة وطائرات مراقبة صغيرة تحوم باستمرار. نوافذها ليست للزينة، بل شاشات شفافة تعرض بيانات الوقت الحقيقي لتحركات الجيش، حالة الطقس، ومؤشرات الأمن.

بداخل القصر، لم يكن يوجد خدم تقليديون، بل روبوتات أنيقة ترتدي أردية سوداء، تتحرك بصمت وتقوم بكل المهام بدقة مذهلة. الأرضية من زجاج مقوّى مُضاء من الأسفل، وتحته شبكة من الأنابيب تمر بها الطاقة. في مركز القصر كانت توجد قاعة العرش، لكنه لم يكن عرشاً ملكياً مطرزاً بالذهب، بل كرسي معدني أسود مُعلّق في الهواء بواسطة نظام مغناطيسي، يدور ببطء في مركز دائرة محاطة بشاشات عملاقة تعرض بيانات استخباراتية وعسكرية.

هذا القصر لم يكن مجرد مقر للحكم… بل عقل آلي ضخم يربط بين كل أقسام ولاية إيرالوس، يراقب، يقرر، ويُنفّذ. قصر ماكيا كان تجسيداً واضحاً لشخصيته: حاكم عملي، صارم، لا يهتم بالجمال ولا الزخرفة… بل بالكفاءة والسيطرة.

بداخل غرفة العرش، كانت جدران القاعة الرئيسية مزينة بشاشات ضخمة تُعرض عليها صور، تقارير، وخرائط مُحدثة باستمرار. وعلى العرش المعلق، جلس الإمبراطور ماكيا… ظهره مشدود، ساقاه ممدودتان، ويداه تتشابكان فوق ركبتيه. وهو رجل خمسيني بشعر بنيّ شائك مائل للرمادي، وعينين عنبريتين، ملامحه كأنها نُحتت على صخر، بلا رحمة وبلا لين. أحد الجنرالات الذي كان رجل آلي الصنع قد انحنى أمامه، ثم تحدث بصوت منخفض:

الجنرال: “يا مولاي… وصلتنا أخبار عن إسقاط تيراكولا. لم يُعثر على جثتها بعد… ولكن من المؤكد أنها لم تعد موجودة.”

وبصوت ميكانيكي خافت، بدأت الشاشات المحيطة تتبدل تلقائياً، حيث ظهرت صور فوتوغرافية عالية الدقة لستة مراهقين على التوالي، وكل صورة محاطة بإطار بيانات تكنولوجي يعرض معلومات تفصيلية: الإسم، السن، القدرات، الانتماء، النشاطات، ووضع قوتهم.

الشاشة الأولى:

[الملف رقم: 400-Z]

الاسم: ساكاموتو آكيو

العمر: 14

القدرات: فاكن البرق – ساموراي يستخدم سيف سانغوينيس (مراقب حالياً)

النشاطات: ساهم في الإطاحة بتيراكولا

الانتماء: ولد في زيتارا لعائلة غير معروفة

الوضع: خطير

ماكيا (يرفع حاجباً): “ساكاموتو… آكيو؟ فاكن البرق؟! مثير للاهتمام."

الشاشة الثانية:

[الملف رقم: 319-V]

الاسم: يوكاجي كين

العمر: 16

القدرات: فاكن النار – ساموراي يحمل دماء اليوكاجي

النشاطات: قتل 500 جندي من جنود سيروس بلا رحمة، وساهم بالإطاحة في تيراكولا

الانتماء: العائلة الملكية الكاجية "يوكاجي" (منفي منها نظراً لنفي والده أكاكو)

الوضع: شديد الخطورة

ما إن ظهرت بيانات كين على الشاشة الثانية، حتى ارتسمت على شفتي ماكيا ابتسامة ساخرة، لا تحمل إعجاباً… بل ازدراء خبيث.

ماكيا (بصوت منخفض وهو يحدّق في الشاشة): "هذا هو الفتى الذي أرعبك، يا سيروس؟ طفل في الثالثة عشرة من عمره؟ سحق خمسمئة من جنودك دون أن يرمش؟”

أدار رأسه قليلاً إلى الجانب، وكأنه يسترجع المشهد من ذاكرته عندما وصلت إليه تلك الأخبار منذ ثلاث سنوات.

ماكيا (يتمتم بسخرية): "أتذكر ذلك اليوم جيداً… كانوا يبكون في تقاريرهم. ’طفل يحرق السماء! طفل يضحك وسط الدماء!‘ … هاهاها… يوكاجي كين."

ما إن انتهى ماكيا من السخرية حتى ظهرت الشاشة الثالثة:

[الملف رقم: 401-S]

الاسم: ستيف (وهمي)

العمر: 17

الانتماء: منظمة ظلال فالوريا – قسم الجواسيس

القدرات: قتالي يدوي

الصفة: عميل مزدوج سابقاً لتيراكولا

الوضع: مشبوه – غير مستقر – يجب القضاء عليه عند الضرورة

ازدادت ملامح ماكيا جموداً عندما نظر إلى صورة ستيف، حيث نظر إليها بعينين خاليتين من العاطفة.

ماكيا (ببرود): "ستيف إذاً… ياله من إسم سخيف، ما رأيك أن نبحث في إسمك الحقيقي الآن؟"

مرت ثوانٍ من الصمت، قبل أن ينحني قليلاً للأمام، كمن يقرأ شيئاً مثيراً للاهتمام.

ماكيا (بصوت ساخر): "جاسوس في منظمة تافهة تُسمي نفسها ظلال فالوريا… هل هناك اسم أكثر دراماتيكية؟ هذه المنظمة تثير شفقتي، يظنون أن بضعة جواسيس متنكرين قادرون على إسقاط أنظمة بحجمنا. إنهم مثل الطفيليات, لا يتبعون نظام سيروس ولا نظامي… يختبئون خلف أقنعة، يسرقون المعلومات، ويلعبون دور الأبطال في الظلام.”

رفع إصبعه وأشار إلى صورة ستيف مجدداً.

ماكيا: "وهذا الفتى؟ كان يعمل لصالح تيراكولا… ثم خانها. والآن، يتسكع مع أطفال يركضون بين الأنقاض ويظنون أنفسهم ثواراً.”

ثم ضغط على زر بجانبه، مما جعل صورة ستيف تكبر على الشاشة.

ماكيا (بصوت حاد): "هذا النوع من الحشرات… لا يُراقَب, بل يُسحق فوراً إن اقترب أكثر مما ينبغي.”

ثم ظهرت الشاشة الرابعة:

[الملف رقم: 402-A]

الاسم: ساروتوبي آن

العمر: 15

القدرات: نينجا محترفة - تستخدم تقنيات النينجتيسو المحظورة

الانتماء: ولاية فاويلا

الوضع: متوسطة التهديد

ماكيا (بنبرة سخرية خفيفة): “كم هذا سخيف، فتاة؟!"

الشاشة الخامسة:

[الملف رقم: 286-K]

الاسم: أكيرا

العمر: 20

القدرات: مستذئب – قوة جسدية خارقة

الانتماء: سابقاً إلى تيراكولا – حالياً متحرر

النشاطات: مجرم هارب من سجن داركوفا وهو في السادسة فقط، وقتل العديد من جنود ماكيا

الوضع: خطر كبير

ماكيا: "يجب مراقبته, ليس لأنه ذكي… بل لأنه لا يعرف الخوف. وهذا النوع من المخلوقات، إما أن تُروّضه… أو تنهيه.

الشاشة السادسة:

[الملف رقم: 403-N]

الاسم: فالكهارت نيورو

العمر: 14

القدرات: مزيج بين النار والجليد (التحكم بالطقس) – سلالة نادرة من دماء اليوكاجي

الانتماء: ابن أميرة كاجي "أميسا" المنفية

الوضع: مستقر – محدود التهديد

ماكيا: "دماء اليوكاجي… مرة أخرى، يبدو أن لعنة تلك العائلة ما زالت تتكاثر كالعفن، ولكن… الطقس… هذه ليست مجرد قدرة استعراضية. لو وصل لنقطة السيطرة الكاملة، قد يصبح قادراً على تغيير طبيعة أرض كاملة."

ثم أعاد نظره إلى التصنيف المكتوب: “الوضع: مستقر – محدود التهديد”، فقهقه بسخرية.

ماكيا: "محدود التهديد؟ هذا الخطأ في التصنيف هو الذي يُسقط الإمبراطوريات. الأطفال الذين نُقلّل من شأنهم… هم أول من يضع الخنجر في الظهر.”

اطفأ ماكيا الشاشة ببرود.

ماكيا: "سأبدأ به أولاً."

[امبراطورية زيتارا – أمام منزل فانكو]

كانت أشعة الشمس تتسلل بين غيوم زيتارا الرمادية، الحقائب الخفيفة وعلب الطعام وعبوات الماء كانت جاهزة على عربة الهيكساريث، فيما وقف الجميع في الحديقة الصغيرة يستعدون للمغادرة. كانت كوتو تقف بجانب الباب، ترتدي معطفها الطويل وتحمل حقيبة صغيرة على كتفها.

كوتو (بنبرة هادئة كعادتها): “اسمعوا يا رفاق، لقد قضيت وقتاً أطول مما ينبغي… إن لم أعد إلى فاويلا اليوم، فسأفقد وظيفتي.”

آكيو: "أوه… أتعنين بأنك ستتركيننا الآن؟”

وفجأة، بدأت قلادة كوتو المعلّقة في عنقها بالاهتزاز وأظهرت وميضاً أرجوانياً خافتاً، فانتبه الجميع على ذلك.

آكيو (ينظر إليها): "هذا… استدعاء، أليس كذلك؟”

كوتو (تفتح قلادتها وتقرأ الرسالة السحرية): "من يوكو… أختي، طلب استدعاء مباشر، يبدو أن الوضع هناك غير مستقر.”

مدّت يدها بهدوء، ففتحت بوابة صغيرة من الضوء الأرجواني أمامها، اقتربت منها قليلاً ثم التفتت لهم.

كوتو (تنظر لهم): "اعتنوا بأنفسكم… لا تموتوا في الطريق.”

آن (بحزن خفيف): "كوتو-تشان… سأفتقدكِ.”

كوتو (بابتسامة ناعمة): "وأنا أيضاً… إلى اللقاء.”

دخلت كوتو إلى البوابة واختفت بداخلها، ثم تلاشت البوابة خلفها. وبعد لحظات، خرجت موراساكي من المنزل وهي ترتدي الكيمونو وتحمل حقيبة جلدية.

موراساكي: "المدرسة بدأت منذ نصف ساعة، وسأكون محظوظة إن لم أُطرد بسبب غيابي عن الامتحان!"

آكيو (وهو ينظر إليها بحماس): "اعتني بنفسكِ يا أختي، نحن سنذهب في مغامرة أخرى!"

موراساكي (تبتسم له بسرعة): "وأنت كذلك، اعتني بنفسك أيها الأحمق!”

لوّحت لهم جميعاً، ثم أسرعت في خطواتها باتجاه المدرسة. وهكذا، بقي في الساحة كين، آكيو، ستيف، آن، أكيرا، ونيورو، واقفين أمام عربة الهيكساريث السوداء المسروقة.

آكيو (يمد ذراعيه بحماس): "والآن، ما رأيكم أن نذهب إلى ضواحي زيتارا حيث الجبال هناك؟ إنها مكان مناسب وهادئ للتدريب.”

نيورو (بينما يحكّ رأسه): "جبال؟ أتمنى أن تكون باردة بما فيه الكفاية… الجو في المدينة يخنقني.”

كين (بنبرة هادئة وهو يصعد إلى العربة): "طالما سنكون بعيدين عن المدن لبعض الوقت، فليكن…”

ركب الجميع على متن عربة الهيكساريث، فتولى آكيو القيادة كعادته، وأمسك بالمقود بينما بدأت العربة تنطلق ببطء في الطريق الحجري الملتف نحو المرتفعات. المنظر خارج المدينة كان مختلفاً… الأشجار أخذت تزداد كثافة، والطريق أصبح أكثر انعزالاً. ومع الوقت بدأت تظهر التلال الخضراء والصخور الضخمة.

نيورو (ينظر من النافذة): "ألاحظتم رائحة المطر والبرد؟ الجو هنا يعجبني، مثالي لتجربة تقنية جديدة… أو لتتجمد حتى الموت.”

أكيرا (وهو يضحك): "لا تقلق، إذا تجمّدت فعلاً، سأجعل منك تمثال جليدي فني… وسأكتب تحتك: هكذا مات نيورو، بابتسامة باردة."

كان كين يجلس بهدوء قرب النافذة، يراقب الضباب يتسلل بين الأشجار، بينما كانت قطرات المطر تصطدم بزجاج العربة وتنساب ببطء. في قلبه، لم يكن كين يستمتع بالمنظر مثل الآخرين… بل كان غارقاً في أفكاره. فجأة، ومضت في ذهنه صورة من الماضي، صورة واضحة وكأنها أمامه الآن…

كانت صورة القائد لاتينو وهو يستخدم تقنية التنين المائي عليهم في قصر تيراكولا، أغمض كين عينيه قليلاً، شعر بحرارة ناره الخاصة تتحرك في صدره، كما لو أنها تستجيب للتفكير. ثم فتح عينيه ببطء ونظر إلى كفه اليسرى، ثم أخرج منها لهباً صغيراً وبدأ يحدق به.

كين (يهمس): "تنين ناري… هل سأتمكن من صنعك يوماً؟”

جلس ستيف بجانب كين بصمت، ولكن هذه المرة لمح اللهب الصغير يتراقص في كف كين، وانعكاسه على عينيه الرماديتين جعله يدرك أن كين لم يكن يلهو فقط، بل يفكر بجدية.

ستيف (بنبرة منخفضة): "هل هو تدريب؟ أم تأمل فلسفي جديد عن معنى الاحتراق؟”

أطفأ كين اللهب بهدوء، ثم مال قليلاً برأسه نحو ستيف دون أن ينظر له مباشرة.

كين: "هل تذكر ذلك القائد في داركوفا؟ وكيف أطلق تنيناً من الماء؟”

ستيف (يهز رأسه): "كيف أنساه؟ كاد يُغرقنا بداخل ذلك القصر اللعين…”

كين (ينظر مجدداً إلى راحة يده): "منذ ذلك اليوم وأنا أفكر… أنا أملك النار، لكني لا أستخدمها بالشكل الذي يجب. أقاتل، أحرق، أفجّر… لكن ماذا لو أعطيتها شكلاً؟ ماذا لو أعطيتها روحاً؟ ماذا لو خلقت من نيراني تنيناً؟”

ستيف (بتفكير): "تقنية على شكل كائن حي… أمر معقد، التحكم الكامل يتطلب وعي شبه كامل من المستخدم، ستحتاج إلى ضبطه كما يفعل المجانين والعباقرة.”

كين (بهدوء): "أعلم… لهذا سأتدرب عندما نصل إلى الجبال.”

ساد صمت قصير بينهما، سوى من صوت عجلات الهيكساريث وهي تشق الطريق الحجري، وصوت المطر الذي كان يتساقط بخفة. كان آكيو يراقب الطريق بحماس وهو يقود العربة، بينما كان المطر يتزايد تدريجياً، والغيوم الداكنة تتجمع في الأفق. سمع حديث كين وستيف عن التنانين، فالتفت إليهم وهو يلوّح بيده بإثارة.

آكيو (بحماس): "تنين ناري؟! يالها من فكرة مجنونة… لكن اسمعوا فكرتي أنا!”

التفت إليه الجميع بنظرات فضولية، بينما رفع آكيو يده اليمنى للأعلى وهو يشير بسبابته.

آكيو: "أريد أن أُطلق البرق… لا من يدي، بل من السماء نفسها! أرفع يدي، وأُرسل نبضة، ثم ينزل البرق من فوق مباشرة، كما لو أنني أستدعيه من الغيوم!"

أكيرا (يرفع حاجباً): "وهل تنوي خوض معركة مع العواصف الآن؟”

آكيو (بابتسامة عريضة): "لست ألعب… أنا جزء من هذا الشيء… أنا والبرق شيء واحد! حتى العواصف لا تستطيع قتلي، لأني وُلدت منها.”

نيورو (مستلقٍ على المقعد): "هذا منطقي بطريقة مرعبة…"

أكيرا (ببرود ساخر): "رائع، نحتاج لمظلة ضد آكيو بدلاً من المطر.”

أكيرا الذي كان يتظاهر دائماً باللامبالاة، بقي صامتاً للحظات بعد مزاحه مع آكيو، قبل أن يتنهد بعمق.

أكيرا (بصوت منخفض، لكنه واضح): "أتعلمون… هذه أول مرة… أشعر أنني أملك شيئاً يشبه الرفاق.”

توقفت أصوات المزاح، ونظر الجميع نحوه دون أن يقطعوا كلامه.

أكيرا (ينظر إلى السقف، بنبرة فيها صدق نادر): "قضيت حياتي أتظاهر أنني لا أحتاج أحداً… ظننت بأنني أستطيع النجاة وحدي… كنت أضحك، أقاتل، وأهرب من كل شيء. لكن في قصر تيراكولا، حين سقطت الجدران واشتدّ الظلام… أدركت شيئاً.”

أطرق رأسه قليلاً، ثم رفع عينيه إلى الأمام، وصوته أصبح أكثر وضوحاً.

أكيرا: "كنت سأموت هناك… لو لم تكونوا معي، ليس لأنني ضعيف، بل لأنني كنت وحيداً. للمرة الأولى… شعرت أن هناك من سيقاتل لأجلي، ولهذا… أعتقد أنكم لستم مجرد رفاق معركة.”

صمت مجدداً، ثم أدار وجهه نحو النافذة.

أكيرا: "ربما أبدو أحمقاً وأنا أقول هذا… لكن على الأقل، لن أندم على قولي له.”

كين (بهدوء وهو ينظر إلى الطريق): "لسنا هنا لنحكم على الكلمات… المهم أن تكون صادقة.”

آكيو (يمطّ شفتيه ويغمز): "أوه، أكيرا يعترف بأنه يحبنا! لحظة تاريخية… يجب أن أُسجل هذا في دفتر يومياتي.”

ستيف (وهو يبتسم بسخرية): "من الأفضل أن نعتاد على كونك عاطفياً من الآن فصاعداً.”

نيورو (بكسل وهو يمدّ يده): "احذروا… فالذئب سيتحول إلى كلب أليف!"

ضحك الجميع، حتى أكيرا نفسه أطلق ضحكة خفيفة، لكنه لم يردّ، فقط بقي يبتسم وهو ينظر إلى الطريق، وداخل قلبه كان يشعر بشيء جديد… شيء دافئ يشبه الأمان. كانت تلك اللحظة البسيطة هي أول اعتراف حقيقي من أكيرا بأنه لم يعد لوحده.

ومع استمرار رحلتهم بين الطرق المتعرجة والجبال الملبدة بالضباب، بدأ المطر يشتد شيئاً فشيئاً. فتحول إلى سيول تهطل بغزارة، حتى صار صوت ارتطام الماء على سطح الهيكساريث يصمّ الآذان، الرؤية أمامهم بدأت تنعدم، والضباب المخلوط بالمطر زاد الوضع سوءاً.

آكيو (وهو يضيق عينيه ويحاول التقدم ببطء): "سحقاً… لا أرى شيئاً! الطريق يختفي حرفياً تحت الماء!”

ستيف (ينظر من الزجاج الجانبي): "إذا استمر الوضع هكذا، سننزلق عن الجرف قبل أن نصل.”

كين (بنبرة هادئة): "توقف قليلاً… هذا الطقس ليس طبيعياً.”

رفع نيورو رأسه من مكانه، وقد بدا هادئاً رغم الفوضى.

نيورو (يتمدد ببطء وكأنه يستيقظ من قيلولة): "دعوني أتعامل مع هذا… لا أحب أن يبلّل المطر كعب حذائي.”

نهض واقفاً بداخل العربة، ثم فتح نافذة العربة، ومد يده اليمنى بهدوء إلى الخارج وأغلق عينيه. تنفّس بعمق، وفي لحظة، شعر الجميع بتغيّر في ضغط الهواء حولهم. بدأ نيورو بخفض حرارة جسده تدريجياً، ثم دمج عنصرَي الجليد والحرارة في تفاعل خفي، ليخلق موجة هوائية لطيفة انطلقت من حول العربة.

وفي مشهد مذهل، توقّف المطر كلياً على محيط نصف قطره بضعة أمتار حول العربة، القطرات التي كانت على وشك السقوط فوق رؤوسهم تجمّدت في الجو للحظة، ثم ذابت بهدوء دون أن تلمسهم. استمر المطر خارج هذا المجال، لكن داخل المنطقة التي صنعها نيورو، أصبحت الأجواء جافة ومستقرة، وكأنهم في فقاعة من الهدوء.

آكيو (ينظر حوله بدهشة): "واو… هذا مذهل!!”

نيورو (يجلس مجدداً وهو يشبك يديه خلف رأسه): "فقط أخبروني متى ينتهي التدريب، وسأغلق المظلة.”

أكيرا (بصوت ساخر): "من الآن فصاعداً… سنناديك بـ(نيورو، سيد الطقس).”

وهكذا، واصلت العربة طريقها بين الجبال وهي محمية بهالة نيورو الهادئة، في انسجام غريب بين النار والجليد.

يتبع…

2025/04/04 · 16 مشاهدة · 2205 كلمة
Sara Otaku
نادي الروايات - 2025