[ضواحي زيتارا – جبل “سايرو” – قرب القمّة شبه المسطحة]

كانت الغيوم تنسحب ببطء، وكأن السماء بدأت تُفسح المجال لما ينتظرهم في الأعلى.

آكيو: “أكاد أرى القمة… إنها مسطحة تقريباً.”

نيورو (ينظر نحو الأعلى): “منظر غريب… قمة جبل بلا ثلج، وبلا أشجار؟”

أكيرا (بصوت منخفض): “هذا ليس طبيعياً، إنها صخرية بالكامل!"

آن (وهي تضيّق عينيها نحو القمّة): “صخرية… ومكشوفة تماماً، وكأن أحدهم قد نحتها عن قصد.”

آكيو (يضحك بخفة): “ربما جبل سايرو كان عبارة عن طاولة عملاقة نسيها أحد الجبابرة.”

نيورو (بنبرة جدّية): “أو ربما كانت موقع طقوس… أو ساحة قتال قديمة.”

أكيرا (يشبك ذراعيه): “أياً يكن… من الأفضل أن نكون مستعدين لما سنجده هناك.”

آن (تضع يدها على خنجرها): “حسناً… مهما كان ينتظرنا، فليعلم أنني لست في مزاج يسمح بالمفاجآت السخيفة.”

ستيف (بهدوء وهو يراقب القمة): “المكان هادئ جداً… أكثر مما ينبغي.”

كين (يرفع عينه نحو الأعلى): “هدوء ما قبل العاصفة… تابعوا بحذر، ولا تشتتوا انتباهكم.”

بدأت المجموعة تتقدم نحو القمّة ببطء، وكل منهم يراقب الأرض والصخور وكأنها قد تخونه في أي لحظة.

نيورو (وهو ينظر حوله بتوتر): “أقسم أنني سمعت خطوات قبل قليل… خلف تلك الصخرة.”

آكيو (يتوقف للحظة): “حتى أنا شعرت بشيء… وكأن شخصاً ما يراقبنا من الأعلى.”

آن (تسحب خنجرها): “لا توهموني… إن كان هناك من يتتبعنا، سأجعله يندم.”

كين (يرفع يده لإيقافهم): “اصمتوا… انتظروا…”

ساد الصمت، الجميع حبس أنفاسه، وأصغى بكل حواسه. كانت الرياح تمر بين الصخور، وبعض الحصى يتدحرج ببطء من منحدر بعيد… لا أحد يظهر.

ستيف (بصوت منخفض): “لا شيء.”

أكيرا (يرخي قبضته): “ربما… كنا متوترين أكثر من اللازم.”

آكيو (يضحك بخفة وهو يحك رأسه): “أوه، إذا تبين أنني كنت أتوهم، فأنا أطالب بتعويض نفسي ومعنوي.”

وصلت المجموعة أخيراً إلى القمّة شبه المسطحة، كانت الرياح هناك أهدأ مما توقّعوا، والضباب بدأ يتراجع، كاشفاً عن مساحة واسعة من الصخور الداكنة والمشققة.

أكيرا (وهو يتنهد بارتياح): “هاه… وأخيراً وصلنا، ظهري سينفجر من التسلق.”

رما أكيرا حقيبته الثقيلة على الأرض، ثم تمدّد بذراعيه إلى السماء، وبدأ يتمطى بلا اكتراث.

نيورو (يركع على الأرض ويمسح بيده سطح الصخر): “الصخور هنا… مشبعة بحرارة الشمس، لكنها ليست عادية، تشبه صخور البراكين القديمة.”

ستيف (يتفحّص المكان بعينيه الرماديتين): “لا توجد آثار لأي طيور أو حيوانات… لا عظام، لا براز، لا أعشاش، وكأن الحياة ترفض الاقتراب من هنا.”

آن (وهي تمشي بحذر): “حتى صوت الريح هنا مختلف…”

وفجأة، ساد الصمت لثوانٍ، قبل أن يسمع الجميع صوت خطوة واحدة، كانت خطوة ثقيلة… جافّة… قاسية.

"طَخ."

تجمّد أكيرا وهو لا يزال يمد ذراعيه.

آكيو (ينتفض): “ما هذا؟ هل سمعتم؟!”

أمسك كين وآكيو بأغماد سيوفهم فور أن دوى الصوت. بدأ الجميع يلتفون ببطء، أنظارهم تبحث عن أي حركة، ولكن الأرض كانت مسطحة ولا شيء يتحرك… ومع ذلك، الصوت تكرّر.

طَخ… طَخ… طَخ.

نيورو (يحني رأسه قليلاً): “إنه يقترب… لكن ليس من أمامنا.”

أكيرا (ينظر فوقه): “انتظروا… ماذا لو لم يكن على الأرض؟”

رفع الجميع أنظارهم نحو السماء، لكنهم لم يروا سوى الغيوم المتفرقة والفضاء الرمادي. ولكن فجأة، اهتزّت الأرض تحت أقدامهم… اهتزاز خفيف، لكنّه بدا وكأنه ينبض من الأعماق.

ستيف (يرتجف صوته قليلاً): “أنتم تشعرون بهذا، أليس كذلك؟ الأرض… تتحرك.”

وفجأة، سُمِع صوت تمزّق صخري هائل، وكأن الجبل نفسه انفلق! ارتفعت الصخور أمامهم بقوة عنيفة، ثم تفتّتت في لحظة، لتنشق الأرض كاشفة عن جسد بشري هائل الحجم يخرج ببطء… قطعة بعد قطعة، وكأن الصخور نفسها تنفكّ عنه طوعاً.

من بين الغبار والدخان، ارتفع رجل طويل القامة، يفوق المترين، يبدو في منتصف العقد الخامس من العمر، يرتدي عباءة داكنة، جلده بدا كالفولاذ، وعيناه تحملان لوناً عنبرياً متوهجاً… إنه ماكيا. وقف بثبات فوق الصخور التي انشطرت تحته بلا أي تعبير!

آكيو (يتراجع خطوة وهو يهمس): “من هذا؟ أهو روح الجبل؟”

نيورو (ينظر إليه بعينين متجمدتين): “لا… مستحيل… لا يمكن أن يكون هو…”

ستيف (بصوت مرتجف): “إنه… ماكيا…”

آن (عيناها تتسعان): “ذاك هو؟!… الإمبراطور؟!”

أكيرا (يمط شفتيه دون أن يرمش): “لم أكن أتوقع أن أراه بهذا القرب…”

لكن كين لم يتحرك، لم يتراجع خطوة، رغم أن حدقتيه اتسعتا تدريجياً، وكأنه يرى شيئاً لم تتخيله عينه من قبل. كان يحدق في ذلك الرجل الذي تفوق قامته الجميع، والهيبة التي أحاطت به جعلت الهواء من حوله ثقيلاً وكأنه لا يُستنشَق.

ماكيا (ينظر إليهم ببرود مميت): “ستة أطفال… صعدوا إلى الجبل ليبحثوا عن السلام؟”

رفع ماكيا يده، فاهتزت الأرض مجدداً، وارتفعت من تحتهم سلسلة صخرية شكلت دائرة حولهم لتحاصرهم.

ماكيا (يتابع): “أم أنكم قد جئتم لتحفروا قبوركم بأنفسكم؟”

كان آكيو لا يزال يحدّق في الرجل الذي خرج من الأرض وكأنه منبع الرعب ذاته، عيناه الذهبيتان توسّعتا ببطء، ثم شهق فجأة وكأنّ صدمة كهربائية ضربت روحه.

آكيو (بدهشة متصاعدة): “مـــا… ماكيا؟! هذا هو ماكيا؟!”

تجمّد آكيو في مكانه، قبل أن يقطب حاجبيه فجأة، ويشّد قبضته على سيفه.

آكيو (يرفع صوته بعناد): “هذا هو الرجل… الذي كنت أحلم بإسقاطه منذ أن كنت صغيراً؟!”

تقدّم خطوة للأمام، ثم وقف بثبات أمام العملاق المخيف، رغم فرق الطول المهول.

آكيو (ينظر إلى الأعلى متحدياً): “أنا ساكاموتو آكيو، وسأصبح الشوغن الذي يُسقطك من عرشك!”

كين (يصرخ فجأة وهو يمد ذراعه): “آكيو! لا تقترب! هذا ليس الوقت ولا المكان! يجب أن نهرب فوراً!”

لكن آكيو لم يتحرك من مكانه، بل ضيّق عينيه أكثر.

آكيو (بعناد طفولي): “لقد وعدت نفسي… وسأقاتله، حتى لو كان بطول شجرة!”

ظلّ ماكيا صامتاً للحظة، قبل أن ترتسم على وجهه ابتسامة ساخرة، ثم بدأ يضحك بهدوء، ضحكة قصيرة، لكنها مملوءة بالاستهزاء.

ماكيا (ينظر إلى آكيو بازدراء): “أوه… انظروا من يتحداني… طفل سخيف يزعم أنه سيصبح شوغن.”

ثم التفت ببطء نحو كين وبدأ يتفحص ملامحه.

ماكيا (بسخرية واضحة): “وأنت… لا بد أنك اليوكاجي المنتقم الصغير… كين.”

اقترب منه خطوة، حتى أصبح ظله يغطي كين بالكامل، ثم أمال رأسه قليلاً وهو يتأمله باستهزاء.

ماكيا: “غريب… ظننت أن عائلة اليوكاجي كلها مهووسة بالطول، والدك كان طويلاً، سيروس أطول منه… وأنت؟ يبدو أنك لا تأكل جيداً، يوكاجي كين.”

ستيف (يهمس لكين): "كين… هذا الرجل، ماكيا… قوته تعادل قوة سيروس، وربما أكثر… قتاله الآن؟ مستحيل. نحن مجرد مراهقين بالنسبة له، وهو… آلة قتل حية.”

كين: "أعلم ذلك!"

دوّى صوت آكيو وهو يصرخ بتحدٍ، وقد أخرج سيفيه معاً، قبض على سيف سانغوينيس بيده اليمنى، والسيف العادي بيده اليسرى، بينما بدأت شرارات البرق تتراقص حول جسده الصغير.

آكيو (بعزم): "أنا لا أهتم بقوة هذا الوحش! إن كنت سأموت، فسأموت وأنا واقف!”

ثم انطلق بسرعة خاطفة، خطواته كانت تُحدث طقطقة كهربائية على الصخور، وكل ضربة منه كانت مشحونة بالبرق. ماكيا لم يتحرك في البداية، كان يتصدى للهجمات بيد واحدة أو يراوغ بخفة لا تتناسب مع حجمه، كانت نظرته مزيجاً من التسلية والازدراء.

ثم فجأة… انطلقت شرارة برقية قوية من سيف آكيو وهو يقفز عالياً ويوجّه ضربة قوية بسيف سانغوينيس نحو صدر ماكيا مباشرة! ستيف، كين، نيورو، آن، أكيرا… جميعهم شهقوا في لحظة واحدة.

كين (بهمس مذهول): “لقد ضربه…!”

السيف اخترق الهواء، واصطدم مباشرة بجسد ماكيا، لكن…

“طننننغ!”

صدر صوت معدني مرعب، وكأن السيف اصطدم بجدار من الفولاذ المعالج! اهتزت يد آكيو بالكامل، وارتدت الضربة عليه، فارتج جسده وسقط مترين للخلف تقريباً على الأرض!

آكيو (ينظر إلى سيفه بصدمة): "مستحيل… حتى سانغوينيس… لم يخترقه؟!”

ماكيا لم يتحرك في البداية… بل ظلّ ينظر إلى آكيو الساقط أمامه، ثم انطلقت منه ضحكة منخفضة… وبدأت ترتفع تدريجياً حتى تحوّلت إلى ضحكة مريضة مشوّهة، خرجت تلك الضحكة من أعماق صدره.

ماكيا (وهو يمسك بطنه ويضحك بجنون): "هاهاهاهااااااه!! أوه يا إلهي…! أتعلّم، لقد كنت بحاجة لهذه الضحكة!”

ثم تقدم نحوه ببطء، وكل خطوة منه تُصدر ارتجاجاً في الصخور.

ماكيا (ينظر إلى آكيو الممدد): "حتى سانغوينيس؟ هذا السيف الذي قيل إنه يشرب الدماء؟ لم يستطع حتى خدش جلدي؟”

انحنى قليلاً وهو يضع يده على ركبته، ثم حدق في عيني آكيو مباشرة، والجنون يتراقص في بريق عينيه العنبريتين.

ماكيا (بصوت مشبع بالسخرية): "آكيو… صغيري الشجاع، إن كنتَ تظنّ أن بإمكانك هزيمتي، فدعني أخبرك شيئاً سيكسر قلبك…”

ثم وقف مستقيماً مجدداً، ونظر إلى المراهقين الستة أمامه.

ماكيا (بصوت جهوري): "حتى ولو تضاعف عددك إلى ألف آكيو… ولو حمل كل واحد منكم سيفاً من أساطير السماء… فأنتم… لن تهزموا ماكيا!"

ثم ضرب الأرض بقدمه بقوة هائلة، فاهتزت القمة بأكملها، وانطلقت موجة صخرية خلفه تصعد إلى السماء وكأن الجبل يستجيب لأوامره.

ماكيا (ينظر للجميع): "أنا لا أقاتل بتفاهة مثلكم… أنا أُعيد تشكيل الجبال حين أغضب، وأدفن المدن حين أقرر.”

ثم أشار بإصبعه نحو آكيو.

ماكيا (بهدوء بارد): "والآن… انهض، أيها الشوغن الطموح، أرِني المزيد من أوهامك.”

نيورو (وهو يتراجع بعينين متسعتين): "هذا جنون… هذا ليس قتالاً، هذا إعدام!"

آن (تشير نحو الحافة): "الهروب الآن أفضل من الموت المجاني، الجبل منحدر وسنجد مخرجاً!”

ستيف (بصوت حاسم): "إلى الأسفل بسرعة، قبل أن…"

وفجأة…

“بووووم!”

انفجرت الأرض من تحتهم بصوتٍ مرعب، وارتفعت أعمدة صخرية حادة من قلب الجبل بسرعة مجنونة نحو السماء، كانت الأرض نفسها تحاول اختراق أجسادهم! تمكن الثلاثة من تفاديها بصعوبة، لكن أحد الأعمدة مزق طرف كيمونو آن، بينما سقط ستيف متدحرجاً قبل أن ينهض سريعاً.

نيورو (وهو يضغط على صدره): "لن يتركنا نهرب… إنه يحاصرنا!”

ماكيا (صوته يدوّي): "أتظنون أنني سأسمح لكم بالفرار؟ أنتم الآن في ساحة حكم ماكيا… لا أحد يغادر إلا جثة.”

ثم مدّ ذراعيه إلى الأمام بسرعة، وفي لمح البصر، ارتفع جدار صخري ضخم من جميع الاتجاهات حول قمة الجبل، مُشكّلاً حلقة حجرية شاهقة تُحيط بهم من الجوانب دون أن تحجب السماء، ليقطع عنهم كل طرق الهروب، ويحوّل القمة إلى ساحة مغلقة للموت.

آكيو (يتنفس بصعوبة): “أنا… لن… أستسلم…”

نهض مجدداً، رغم رجفة جسده، قبضته كانت ما تزال مشدودة على سيف سانغوينيس، الذي بدأ يزداد توهجاً بلون أحمر داكن. وكلما استخدم آكيو تقنياته، كلما امتص السيف المزيد من دمه، خطوط حمراء كانت تتسلل من يده إلى نصل السيف لتملؤه بالقوة.

ستيف (يهمس من بعيد): “ذلك السيف… يلتهمه من الداخل…”

لكن آكيو لم يتوقف، بل عاد للهجوم، قفز بسرعة البرق والومضات الكهربائية تنفجر كلما لوّح بسيفه، كان يحاول بكل قوته أن يصيب ماكيا، أن يخترق جلده، أن يثبت أنه ليس مجرد طفل يتحدى المستحيل… لكن كل ضربة كانت تُرَّد له بقوة. بينما ظل ماكيا واقفاً في مكانه، كان يتصدى ببساطة وكأنه يشاهد عرضاً من طفل عنيد.

ماكيا (ببرود وهو يراقبه): “كلما زاد عنادك، زادت خسارتك… لو كنتَ عاقلًا، لتركت السيف قبل أن يمتص آخر ما تبقى منك.”

وفجأة، عندما اندفع آكيو من جديد نحو صدر ماكيا، مدّ ماكيا يده وضرب الأرض بجانبه ضربة خفيفة. وفي لحظة، ارتفعت صخور ضخمة من الأرض، والتفّت حول آكيو مثل قفص من الجحيم، ثم سقطت فوقه دفعة واحدة!

“دووووم!”

صوت الانفجار الصخري كان مرعباً، الغبار غطى المكان، وتبعثر الركام في كل الاتجاهات.

آن (تصيح): “آكيووو!!!”

كين (بعينين متسعتين): “لا…!”

ستيف (يحاول التقدم): “ذلك اللعين! لقد سحقه!”

لكن ماكيا لم يمنحهم لحظة للتفكير، بل استغل الفوضى وتقدم بثبات نحوهم، كل خطوة من خطواته كانت تُحدث اهتزازاً خفيفاً في الأرض.

ماكيا (بصوت واثق): “واحد انتهى… والبقية؟ حان وقت تحطيم أوهامكم.”

ثم أطلق نظرة نحو آن، ستيف، نيورو، أكيرا، وكين… ونظرته لم تكن تحمل شفقة، بل قراراً نهائياً: إما أن يركعوا… أو يُمحَوا. توقف أخيراً أمام نيورو وستيف، وبدأ يحدّق في نيورو بنظرة عميقة وقارئة.

ماكيا (ينظر إلى نيورو بازدراء): "أنت… أنت الذي يظن نفسه نادراً لأنه يملك خليط نار وجليد؟”

تقدم خطوة للأمام، حتى أصبح بنيورو وجهاً لوجه، نزل بعينيه قليلاً كونه أطول من نيورو بكثير.

ماكيا (بنبرة قاتلة): "أضعفكم جسدياً… واقلكم تحملاً، العاصفة القادمة ستسحقك قبل أن تفكّر حتى في استخدام طاقتك.”

ثم انحرف بنظره ببطء إلى الجهة الأخرى… نحو ستيف.

ماكيا (وهو يقطب حاجبيه باشمئزاز): "لكنك أنت… أنت هو الأسوأ.”

اقترب ماكيا من ستيف حتى أصبح على بُعد خطوتين فقط، ثم نظر إليه من أعلى كما لو كان ينظر إلى حشرة تجرؤ على السير فوق عباءته.

ماكيا (بصوت منخفض ومليء بالكراهية): "أنا لا أطيق الجواسيس… لا أحبهم… لا أثق بهم… ولا أتركهم أحياء."

ثم ابتسم تلك الابتسامة المريضة التي تجعل الهواء يبرد من حوله.

ماكيا (ينطق الاسم ببطء): "كورويشي… كازوما.”

شهق ستيف لأول مرة منذ زمن… اهتزت عيناه واتسعت حدقتاه، وكأن أحداً قد كشف سره الدفين علناً دون تحذير!

ستيف (بهمسة شبه صامتة): “كيف…؟!”

أما كين، أكيرا، وآن فكانوا يراقبون بصدمة دون أن يرمشوا.

كين (يهمس): “كورويشي…؟”

أكيرا (يعض شفتيه): “لقد عرف اسمه الحقيقي…؟”

ماكيا (يتراجع خطوة ويصكّ يده): "ظلال فالوريا كانوا يعتقدون أنهم يملكون أدوات لا تُقهر… ولكن أدواتهم مثلهم، تُكسر بسهولة.”

كان كين يراقب الموقف بين ستيف وماكيا بعينين متسعتين، لكن وسط هذا التوتر، سمع شيئاً لم يلاحظه أحد… الصخور التي كانت تسقط فوق آكيو لا تزال تهتز، وبعضها يتشقق من الداخل.

كين (يهمس بقلق): “آكيو…"

دون تردد، اندفع كين كالسهم نحو كومة الركام التي سقطت على رفيقه. أخرج سيفه الناري بسرعة، وبدأ يقطع الصخور واحدة تلو الأخرى، تناثرت شظايا الغبار والرماد من حوله، وكل ضربة كان يصاحبها أمل صغير في أن يجد آكيو على قيد الحياة تحتها.

كين (وهو يلهث): “آكيو… عليك أن… تتماسك….”

في تلك الأثناء… كان نيورو قد سقط أرضاً منذ قليل عند تفادي الهجمة الصخرية، وعيناه كانتا لا تزالان تراقبان ماكيا الذي اقترب منه ببطء… تراجع نيورو قليلاً وهو يرتجف، نظراته كانت تمزج بين الصدمة والرعب الحقيقي، لم يعد يستطيع أن ينطق حتى من شدة الفزع.

ماكيا (ينظر إليه من فوق): “أنت أول من سيُدفن هنا… الطفل الذي يظن نفسه سيّد الطقس.”

رفع ماكيا إصبعه السبابة بهدوء… ثم أشار نحو صدر نيورو.

“بوووم!”

خرجت صخرة حادة من تحت الأرض مباشرة، ثم اخترقت صدر نيورو من الأسفل، وخرجت من ظهره بسرعة مرعبة!

“كككك!”

خرجت من فم نيورو شهقة مكتومة، وعيناه اتسعتا بوحشية، جسده ارتفع للحظة فوق الصخرة، ثم تجمد في مكانه،

أكيرا (بصرخة مدوية خرجت من أعماق قلبه): "نيــــــورووو!!!”

انطلق أكيرا بجنون وقفز بجانب ستيف الذي كان قد وصل قبله بثوانٍ.

أكيرا (يركع ويضع يده خلف رأس نيورو): "تمسّك! نحن هنا! لا تغلق عينيك، أيها الأحمق!”

ستيف (بصوت مرتجف): "لا تتحرك، نيورو… فقط تنفس، أرجوك!”

جسد نيورو كان مرفوعاً قليلاً على الصخرة التي اخترقت قلبه من الأسفل، عينيه ترتجفان، وفمه مفتوح وكأنه يحاول التقاط نفسٍ أخير.

نيورو (بصوت واهن، بالكاد يُسمع): "أنا… لم أكن… أريد… أن… أموت… غبياً… هكذا…”

أغمض نيورو عينيه قليلاً ثم فتحهما مجدداً بصعوبة.

نيورو: "لكن… على الأقل… لم… أمت… وحيداً…”

ستيف (يُمسك بيده بإحكام): "نيورو… تماسك… أرجوك…!”

أكيرا (ينظر إليه بعينين ممتلئتين بالغضب والحزن): "لـ…لقد… سحق… قلبه!!"

بدأ جسد نيورو بالارتخاء تدريجياً… وتشكلت ابتسامة باهتة على شفتيه، قبل أن يتوقف صدره عن الارتفاع. بقي أكيرا جالساً على ركبتيه وهو يحدق في ملامح نيورو التي بدأت تفقد حرارتها… عينيه الزرقاوتين اللتين طالما سخرتا من كل شيء، أصبحتا شاحبتين الآن. لم يقل أكيرا شيئاً… فقط خفض رأسه، قبضته كانت مشدودة على الأرض، وأسنانه تطحن بعضها بصمت.

في الخلف، كان كين يواصل قطع الأحجار بجنون، كان يلهث ويتصبب عرقاً، كل ضربة من سيفه كانت تنبع من صدق داخلي، من رفض للفقد، من خوف دفين من أن يخسر المزيد. لكنه توقف فجأة، التفت إلى الأسفل ورأى ذلك المنظر، يده ارتجفت، وسيفه ظل ثابتاً في مكانه.

كين (بنبرة منخفضة): "نيورو؟”

دقق كين أكثر، فرأى أكيرا راكعاً، وجسد نيورو ممدد فوق الصخرة التي كانت تخترق جسده، وستيف جالساً بجانبه وهو لا يتحرك. استعت عينا كين من هول المنظر، ولكن وجهه لم يُظهر صدمة، بل جمّد الألم نفسه خلف صلابة متعمدة…

كين (بهمس داخلي): "لقد… تأخرت… مرة أخرى.”

ماكيا (ببرود مميت): "انتهى اثنان… بقي أربعة.”

أغلق ستيف عيني نيورو بأصابعه بهدوء… وبقي ينظر إلى وجه صديقه الميت للحظات، لكن فجأة، شعر بشيء دافئ ينساب على خده… مد يده ببطء إلى وجهه، فتفاجأ… كانت تلك دموع! كانت تنهمر بصمت، بلا صوت، بلا رجفة… هذه أول مرة يبكي فيها منذ سنوات، أول مرة يشعر بأن جدار الصمت الذي بناه حول قلبه بدأ يتشقق.

أما ماكيا، فظل واقفاً على بعد خطوات، ينظر إلى ستيف نظرة لا تحمل سخرية هذه المرة… بل شيءٌ آخر… شفقة. لكن ستيف لم يتحمل تلك النظرة… وقف فجأة، وقبضتيه ترتجفان، وجهه تلوّن بالغضب،

ثم صرخ بأعلى صوته، صرخة مدموجة بكل الذكريات، بكل الأنين، بكل شيء كتمه طوال حياته:

ستيف (يصرخ): "مااااااااكيااااااااا!!!”

دوّى صوته فوق القمة، واخترق صدى الجبل ذاته، حتى الصخور ارتجفت للحظة. أكيرا لم يعد قادراً على التحمل، نهض فجأة من جانب جثة نيورو، ثم نظر نحو ماكيا بعينين دامعتين، قلبه كان يغلي، وأنفاسه كانت سريعة…

يتبع…

2025/04/07 · 9 مشاهدة · 2516 كلمة
Sara Otaku
نادي الروايات - 2025