ستيف (يصرخ): "مااااااااكيااااااااا!!!”

كانت صرخة ستيف مدوية وخار من أعماق قلبه، وقد اخترقت جميع أنحاء الجبل من قوتها. أما آن تراقب المشهد من بعيد، عيناها لا تصدّقان ما رأته للتو… جسد نيورو مُعلّق فوق الصخرة، خالٍ من الحياة، وصوت صرخة ستيف لا يزال يرنّ في أذنيها. سقطت آن على ركبتيها من هول الصدمة، لم تستطع أن تنطق، لم تستطع أن تتحرك… كانت تحدق فقط. تحدق وعقلها لم يستوعب بعد… أن نيورو قد مات.

فجأة، دوّى صوت آخر، أكثر وحشية، أكثر حرقة، خرج من أعماق صدر أكيرا الذي انفجر بالصراخ، ولم يعد يهمه شيء:

أكيرا (يصرخ وهو يتقدم خطوة نحو ماكيا): "لِماذا…؟! لِماذا قتلتَه؟!!”

ضرب قبضته على صدره بقوة، ثم أشار نحو جثة نيورو.

أكيرا (بغضب لا يوصف): "ذلك الفتى… لم يفعل لكَ شيئاً! لم يكن يُهددك! لم يفكر بإسقاطك! لم يصرخ في وجهك! لم يشهر سيفه حتى!!”

نظر أكيرا إلى الأرض بيأس.

أكيرا (بصوت متكسر): "إن كنا نحن خطراً عليك… إن كان يجب أن تقتلنا… فلماذا تبدأ به؟! بنيورو؟!

الوحيد الذي لم يكره أحداً… الذي كان يضحك حتى في أسوأ الأوقات… كان… كان يريد فقط أن يكون سعيداً!!”

ثم نظر إلى ماكيا بعينين تكادان تنفجران من شدة الاحمرار:

أكيرا (بصوت مرتجف، ممتلئ بالقهر): "لقد قتلته ببرود… وكأنه لا شيء… كأنه مجرد حجر في طريقك… وهو لم يكن إلا فتىً بريئاً… يبحث عن معنى لحياته!!”

ساد الصمت للحظة… لكن وقع الكلمات كان أثقل من الصراخ نفسه.

آن (وهي تحدق في جسد نيورو، مصدومة، تتنفس بسرعة): "هذا… هذا غير منطقي… نحن فقط كنا نمزح معه منذ دقائق!”

نهضت آن من على ركبتيها فجأة، ثم أخرجت خنجرها بسرعة من حزامها، أمسكته بقوة بينما كانت يدها ترتجف.

آن (بغضب، وهي تشير نحو ماكيا): "أنت!! تظن نفسك فوق كل شيء؟ تقتلنا واحداً تلو الآخر وكأننا دمى في لعبة؟!”

ثم تلتفت إلى الجميع.

آن: "أنا لست الأقوى، ولا أملك فاكن، ولكنني لن أبقى صامتة! لن أسمح له بأن يمسّ أصدقائي بعد الآن!”

اشتعل قلب كين بالغضب واليأس بعد رؤيته لمنظر نيورو وهو ميت، ونسي لوهلة بأن جسد آكيو عالق وسط الصخور.

كين (بغضب): "اللعنة! ذلك الوغد الحقير، مالذي يظن نفسه بفاعل؟!"

أراد كين النزول من فوق الصخور والتوجه إليهم، لكن فجأة… ضرب ماكيا الأرض براحة يده… وارتفع جدار صخري ضخم بين كين والبقية، سدّ الطريق تماماً. كانت الصخور كثيفة ومتداخلة، وحاجزها لن يتم قطعه بسهولة أو بسرعة.

كين (يضرب الجدار بسيفه): "تباً…! هذا الجدار… أكثر سماكة من السابق!”

كان كين يسمع أصوات أصدقائه خلف الجدار… صرخات، ضجيج… وألم، ولم يستطع حتى التدخل!

آن (بصوت غاضب مليء بالتحدي): "أيها الإمبراطور اللعين، إن كنت تظن أنك ستُرعبني… فأنت لا تعرف من أنا!”

قفزت آن بخفة مذهلة واستدارت في الهواء، ألقت أول سكين نحو عين ماكيا. ماكيا أمال رأسه قليلاً فقط، والسكين مر بجانبه دون أن يلمسه.

ستيف (يصرخ): "آن! توقفي!!”

أكيرا (يصرخ): "ابتعدي عنه!! سوف تموتين!!”

لكن آن لم تكن تسمع. بدأت تتحرك بسرعة من نقطة إلى أخرى، تستخدم تقنيات النينجتسو، تتلاعب بالظلال والسرعة، تظهر وتختفي، تلقي السكاكين، تقفز من فوق الصخور، تضرب من زوايا حادة، كانت كأنها شبح من الغضب والحزن. وأخيراً، أخرجت آن من جيبها مخطوطة النينجا المحظورة، فتحتها بسرعة وبدأت تردد:

آن (بصوت منخفض، وهي تهمس الكلمات): "تقنية الظل المتجسد….”

وفي لحظة، اشتعلت المخطوطة بنور أرجواني مظلم، وانطلقت من جسد آن ومضتان قاتمتان، لتتجسد أمامها نسختان طبق الأصل منها! كانتا تتحركان بنفس السرعة، بنفس العزم، بنفس النظرة. أما ماكيا، فقد رفع حاجبه مذهولاً لأول مرة منذ بداية المعركة، وبدا عليه بعض الاهتمام الحقيقي.

ماكيا (بنبرة بطيئة وهو يراقب النسخ تتحرك): "تقنية نينجا محظورة… وقديمة… لم أرها منذ ثلاثين سنة على الأقل.”

بدأت النسخ تهاجم من ثلاث زوايا في آن واحد، كل واحدة تضرب بسكاكين دقيقة، تتحرك بخفة لا يمكن تتبعها بسهولة.

ماكيا (يبتسم ابتسامة خفيفة وهو يتفادى الضربات): "كنت أظنك مجرد فتاة دخلت مع هؤلاء الشبان عن طريق الصدفة… ولكنكِ لستِ كذلك.”

توقّف في مكانه، ترك إحدى النسخ تقترب منه أكثر، ثم أمسك بسكينها بأصبعيه فقط دون جهد.

ماكيا: "اعترف… لقد استخففت بكِ، ساروتوبي آن… من ولاية فاويلا.”

أمسك ماكيا بإحدى نسخ آن التي هجمت عليه والقى بها بعيداً، ثم نظر إلى آن الأصلية مباشرة.

ماكيا (بصوت منخفض، فيه تقدير خفي): "في المرة القادمة… سأهاجمك كخصم، لا كطفلة.”

بينما كانت آن تستعد لتوجيه هجمة جديدة، رفع ماكيا يده اليمنى فجأة، واحنى جسده للأمام قليلاً…

ماكيا: “الآن… دوركِ في السقوط.”

مدّ ماكيا ذراعه بقوة نحوها، فانطلقت من الأرض صخرة ضخمة بحواف مسنّنة بسرعة مرعبة، وكانت تستهدف جسد آن مباشرة!

لكن في اللحظة الحاسمة…

“دوووم!!”

جسد ما قد انقذف أمامها… وارتطم بالصخرة بكل قوته.

كان ستيف!

الصخرة ارتطمت بساقه اليمنى، فسمع الجميع صوت التهشم المروّع لعظامه وهي تنكسر بشراسة. شهق الهواء من رئته، وسقط أرضاً وهو يئنّ من الألم، عينيه ترتجفان، ووجهه شاحب بشدة.

ستيف (بأنفاس متقطعة): "آ… آن… ابقي… بعيدة…”

شهقت آن، ثم تجمدت في مكانها، وركعت بسرعة بجانبه، نظراتها مذعورة.

آن (بصوت مرتجف): "ستيف!!! لِمَ فعلت ذلك؟!”

لكن قبل أن تكمل، كان ظلٌ ضخم قد وقف خلفها… ماكيا. وجهه قد تغير، تلك البرودة الجليدية اختفت، وحلّ مكانها جنون قاتم… ظهرت ابتسامة شرسة على وجهه، وكأن الضحية التي أرادها أخيراً صارت بين يديه.

ماكيا (يضحك، ثم ينحني على ستيف): "هاه… هاهاهاها!! يا له من تصرّف بطولي، كورويشي كازوما.”

ثم أمسك ماكيا بستيف من ياقة سترته الممزقة، ورفعه بيد واحدة كما لو كان دمية.

ماكيا (بصوت مريض، ونظرة متوحشة): "لطالما كرهت الجواسيس… أشخاص بلا جذور، بلا ولاء، بلا قلب… ولكن أنت مختلف… أنت ابن خائن، وتحب أن تتظاهر بأنك تملك شرفاً.”

اقترب منه أكثر، حتى أصبح كل واحد قريب من وجه الآخر.

ماكيا: "سأستمتع كثيراً… بتمزيقك قطعة قطعة، ببطء شديد… فقط لتتعلم ما يعنيه أن تكون مجرد أداة مكسورة.”

ضحك ماكيا بشدة، ضحكة مريضة وعميقة، كأنها صدى من الجحيم نفسه. أما ستيف فكان جسده يتلوى من الألم، ولكن عيناه رغم كل شيء… بقيتا تتحديان ذلك الوحش أمامه.

ماكيا (بصوت متهكم، وهو يرفع ستيف بيد واحدة): "أتعلم؟… الكثيرون ينهارون بعد أول كسر… دعنا نرى كم كسراً تحتاج لتنهار.”

مد يده الأخرى ببطء نحو ساق ستيف اليسرى… قبض عليها بإحكام، ثم بدأ يشدّها للخارج تدريجياً.

ستيف (بصوت مبحوح): "مالذي… تفعله؟!”

“طراااخ!”

انكسر عظم رجله الثانية. صرخ ستيف صرخة حادة مزّقت الهواء، كانت صرخة ألم خالصة، ليست مثل أي صوت أصدره من قبل.

آن (تصيح وهي تبكي): "توقــــف!!! توقف!! أرجوك!!!”

أكيرا (بعينين دامعتين وهو يزأر): "دعه وشأنه أيها الوحش!!!”

لكن ماكيا لم يستجب… بل نظر إلى يده اليمنى… تلك اليد التي طالما استخدمها ستيف للقتال، للكتابة، للإمساك بحياة من اختار حمايتهم… ثم أمسك بها.

ماكيا (بصوت منخفض، قاتل): "وداعاً… يد الجاسوس.”

ثم بدأ يشدّها ببطء… ببطء شديد، حتى سُمِع صوت التمزق الرهيب للأعصاب والأنسجة…

ستيف (يصرخ بأعلى صوته): "آآآآآآااااااااااههههههه!!!”

“كرااااااك!”

انفصلت يد ستيف اليمنى تماماً عن جسده، انتُزعت من المفصل فبدأ الدم يتناثر في الهواء، وتدفّق بغزارة من كتفه المفتوح. صرخة ستيف كانت قد بلغت ذروتها، ثم تحوّلت إلى أنين مؤلم مكتوم، بعد أن توقفت حباله الصوتية عن التحمل. وجهه كان شاحباً، عيناه شبه مغمضتين، وجسده يرتجف ارتجافاً لا إرادياً من شدة الألم والصدمة.

ماكيا (ببرود قاتل): "هذه اليد… أقل من أن تُستخدم في التلاعب بخيوط العالم.”

ثم رمى اليد المبتورة على الأرض بقسوة، وكأنها قطعة قماش لا قيمة لها، فارتطمت بالصخر وأحدثت صوتاً خافتاً ومقززاً.

آن (تصرخ وهي تبكي): "ستييييييييييف!!!”

أكيرا (يفقد السيطرة): "سأقتلك… سأمزقك بيديّ!!!”

لكن ماكيا لم يتحرك، فقط نظر إليهم نظرة ازدراء… وكأن كل هذا ليس سوى مقدمة صغيرة للعذاب الحقيقي. وفي تلك اللحظة… دوّى صوت تحطم صخر قوي خلف الحاجز… كان كين قد بدأ يكسر الحاجز الصخري بكل غضبه. أما ماكيا، فبعد أن رمى يد ستيف على الأرض، تأمل جسده المتشنج للحظة، ثم رفع ستيف بذراع واحدة وكأنّه دمية بلا وزن.

ماكيا (بصوت بارد): "لقد انتهيت منك… أيها الجاسوس المكسور.”

ثم رمى جسد ستيف بكل قوّته نحو الصخور البعيدة، فارتطم بالأرض بشدة، ثم تدحرج بصمت… وترك وراءه خطاً طويلاً من الدم على الصخر. صرخة أكيرا انفجرت من صدره، كانت كصرخة ذئب جريح رأى أحد أفراد قطيعه يُذبح أمامه. عيناه توهّجتا بالأحمر الدامي، وأسنانه انكشفت، وأظافره امتدّت وتحولت إلى مخالب قاتلة.

أكيرا (يصرخ بأعلى صوته): "سأجعلك تندم على كل نفس أخذته!!!”

واندفع أكيرا بسرعة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، الأرض تشققت خلف خطواته، والهواء ارتجف من قوة اندفاعه، كان ينوي أن يقتل… أو يموت وهو يحاول.

لكن فجأة…

“تشششششش!”

ظهر كين أمامه، وهو يُشهر سيفه الناري بيدٍ ثابتة، ألسنة اللهب تلتفّ حول نصله، وعيناه رماديتان تلمعان بهدوء مخيف.

كين (بصوت منخفض لكن حاسم): "توقف… أكيرا.”

تجمّد أكيرا للحظة.

أكيرا (بغضب مجنون): "توقف؟! لقد مزق ستيف أمامنا! نيورو مات! وأنت تقول… توقف؟!!”

كين (لم يلتفت له، عيناه مركّزتان على ماكيا فقط): "نعم، لأن هذا… أصبح شأني الآن.”

ثم تقدّم كين خطوة للأمام، لهبه بدأ يتّقد أكثر فأكثر، والموجة الحرارية حول جسده صارت ترتجف مع كل نفسٍ يخرجه.

كين (يتقدم خطوة أخرى، صوته يحمل غضبا، هادئاً): "أتعلم يا ماكيا… لطالما كنتَ في عيني أحد أوجه هذا العالم القذر… مجرد طاغية آخر يتغذّى على دماء الأبرياء، تماماً مثل سيروس، أو ربما أسوء."

صوت نيران كين بدأ يزداد ارتفاعاً وكأنه يستجيب لغضبه.

كين (يتابع وهو يحدّق فيه بثبات): "لكنني اليوم لا أراك حتى كعدو يستحق الاحترام… بل كحثالة وقعت في العالم الخطأ.”

ماكيا ظل صامتاً للحظة، عيناه تراقبان اللهب حول كين، دون أن تظهر عليه أي انفعال، لكن كين أكمل بصوتٍ أشد قتامة:

كين: “كل من رأيته في حياتي، كان يعيش لأجل شيء… وطن، حب، حلم… أما أنت؟ أنت تعيش فقط لتعذّب، لتحطم، لتثبت أن قلبك أبرد من أي حجر.”

رفع كين سيفه ببطء أمامه، ونظر إلى نصل اللهب المتوهّج.

كين (بصوت خافت يشبه القسم): "لكنك نسيت شيئاً… من يسلب الأرواح بلا سبب، لا يهرب من العقوبة… حتى لو تأخّرت، حتى لو بدوت لا تُقهر… يوماً ما… ستحترق.”

ازدادت تعابير وجه كين جدية.

كين: "ربما لن أسحقك اليوم… وربما لن أقتلك بيدي… ولكنك ستحصل على عقوبتك. لأنك ببساطة… لا تستحق غيرها.”

ثم وجه سيفه مباشرة نحو ماكيا، وعيناه لا تزالان ثابتتين، كانت تلك اللحظة هي بداية الشرارة الحقيقية…

يتبع…

2025/04/07 · 11 مشاهدة · 1569 كلمة
Sara Otaku
نادي الروايات - 2025