كان كين لا يزال على ركبتيه، رأسه منحني، صدره يرتفع وينخفض بصعوبة، والدم ينزف بغزارة من رئته المثقوبة. كل شهيق كان بالنسبة له أشبه بسكين يُسحب ببطء داخل صدره.
كين (في داخله، بصوت متقطع): “قدمي… لا تتحرك… عيني… لا ترى بوضوح… جسدي… بدأ يخونني…”
لكن رغم كل ذلك… لم يسقط. تقدّم ماكيا بخطوات هادئة، عينيه تراقبان ذلك الفتى الذي كان يجب أن يكون ميتاً بالفعل. ثم فجأة، رفع يده اليمنى وأغلق كفه بقوة!
ماكيا (بصوت قاتل): [“فاكن الأرض – المخلب المدفون!”]
ارتجّت الأرض تحت كين في لحظة، وخرجت منها خمسة أعمدة صخرية من تحت الأرض، تشكّلت بشكل يشبه مخلب وحش ضخم، لتطبق عليه من الأسفل مثل قفص قاتل! حاول كين النهوض، لكن جسده لم يسعفه.
كين (بهمس مرعوب): “لا… أستطيع… التحرك…”
“بوووووووم!!!”
اصطدمت الصخور بجسده وأطبقت عليه، ودفعته للأرض بعنف شديد، حتى تشققت الأرض تحته من قوة الاصطدام. تطاير الغبار، وتناثرت الشظايا، ولم يظهر شيء سوى سحابة رمادية كثيفة. ارتفعت سحابة الغبار إلى السماء، حجبت الرؤية بالكامل، ولم يُرَ من كين شيء… فقط الركام والدخان وهدوء مرعب بعد العاصفة. وقفت آن في مكانها وهي خائفة… عيناها اتسعتا لأقصى حد، وجسدها بدأ يرتجف.
آن (بصوت مذعور): “كـ… كين…سان…”
تحركت آن فوراً نحو كومة الصخور، أرادت أن تركض، أن ترى، أن تصرخ بإسمه حتى يرد… لكنها لم تكمل خطوة واحدة، ولكن يد أكيرا القوية سحبتها من كتفها إلى الوراء. احتضنها أكيرا بقوة شديدة، ضاغطاً على كتفيها، وعيناه تهتزان بشدة، ووجهه مليء بالتوتر والقلق.
أكيرا (بصوت متحشرج، مرتجف): “لا تذهبي… لا تذهبي هناك…”
آن (تصيح): “لكن… لكنه هناك! يجب أن أراه! يجب أن أطمئن! ربما ما يزال…!!”
أكيرا (يرتجف وهو يعانقها بقوة أكبر): “وأنا لا أستطيع رؤيتك تموتين أمامي أيضاً!! لا يجب لفتاة جميلة مثلكِ أن تورط نفسها في قتالات خطيرة كهذه!”
تجمّدت آن بين ذراعيه، ودموعها تساقطت على كتفه دون أن تحاول كتمها هذه المرة.
آن (بهمس يائس): “كين-سان وحده هناك… وسط الموت… وأنا لا أستطيع حتى لمسه…”
أكيرا (بصوت خافت، وهو يغمض عينيه): “وأنا خائف… خائف جداً، آن…”
في الخلف… كان الدخان لا يزال يتصاعد. كان ماكيا واقفاً بهدوء وهو يحدق في الركام الذي دُفن تحته كين، دون أن يرفّ له جفن.
ماكيا (ببرود): “انتهى.”
ولكن فجأة…
“كح… كح…”
خرج صوت سعال خافت من بين الركام والدخان الكثيف، رفع ماكيا حاجبه وبدأ يراقب بعينين مشككتين. ثم… تَحَرّكَ شيء… تدحرجت صخرة صغيرة من الأعلى، ثم ارتفع عمود لهب خافت من تحت الأنقاض… ويدٌ مرتجفة مليئة بالدم، ثم رأس مائل، عينان شبه مغلقتين… جسد يتلوى من الألم… لكنه لم يسقط.
كان كين يتنفس بصعوبة أكبر من السابق، فمه مغطى بالدم، وركبته تنزف، ظهره محني، لكنه يجبر نفسه على الوقوف… أصوات عظامه تُسمع وهي تصرخ، لكنه وقف.
كين (بصوت خافت، مبحوح… لكن واضح): "أنا… يوكاجي كين…”
رفع رأسه أكثر، عيناه الرماديتان تلمعان وسط الدخان والدم.
كين (بصوتٍ أقوى، يتحدى الألم): "الابن الأوسط ليوكاجي أكاكو…”
قطرة دم سالت من فمه، لكنه أكمل، ثم تحدث بصوت خارج من قعر أعماقه:
كين: "لقد وعدته… وعدته بالانتقام، وعدته بأن لا أترك العالم بين يدي سيروس، وبعدها لن أتركه بين يديك أيها القذر!!"
ثم صرخ صرخة مرعبة وكأنها خارجة من الجحيم:
كين (يصرخ): "لهذا السبب… لن أموت اليوم!!! ليس على يد حثالة مثلك!!”
كان الهواء حوله يهتز، وخرجت شرارة نار من قدميه رغم كل شيء. ثم ابتسم، نصف ابتسامة يائسة… لكنها مرعبة.
كين (بصوتٍ قاتم): "ولو سحقت قلبي الآن… سأبقى حياً!!”
صمت ماكيا من الصدمة. ولأول مرة، بدأت الريبة تسلّل إلى عينيه.
آن (تشهق وسط دموعها، بصوت مرتجف): "إنه… إنه يقف…!!”
أكيرا (بهمس مذهول): "هذا الفتى… هذا اللعين… ما الذي يحمله في قلبه ليستمر هكذا؟!”
كانت يد كين تضغط بقوة على صدره حيث ما زال الدم يتسرب من جرحه العميق، لكن ملامحه لم تكن خائفة… بل كانت مصممة، عيناه الرماديتان صارتا تتوهجان بإرادة لم يرها ماكيا في حياته قط. ظل ماكيا صامتاً للحظة وهو يحدق في ذلك الجسد شبه المنهار، ذلك الجسد الذي كان يجب أن يكون جثة الآن… ثم ضحك ضحكة قصيرة وهادئة.
ماكيا (بصوت منخفض، يشبه الإعجاب): "كنت أظنني رأيتُ كل شيء.”
تقدّم خطوة، ووضع يديه خلف ظهره، وصوته صار أكثر هدوءاً… لكنه ليس أقل خطورة:
ماكيا (بابتسامة قاتمة): "كل أولئك المحاربين الذين التقيتهم… كانوا يحملون قسوة، قوة، طموح… لكنهم لم يحملوا هذا. أنت لست الأقوى… ولست الأذكى… ولكن ما تملكه الآن… لم أره في أي مقاتل آخر. عزيمتك… أقرب إلى اللعنة.”
آن (تبكي وتضحك بنفس الوقت): "أحمق… عنيد… مجنون… لكنه… كين-سان… إنه حقاً لن يستسلم أبداً.”
كين (يئنّ، وهو يضغط على صدره، يتنفس ببطء): "مدحك… لا يُسعدني… ولا يُخيفني… لأنني لم أقاتل لتُعجب بي، ماكيا… بل لأحمي من تبقى لي في حياتي!"
توتّرت ملامح ماكيا قليلاً… ثم ابتسم ابتسامة خافتة.
ماكيا: "إذاً تعال… أثبت لي أن كلماتك ليست مجرد صرخات… قبل أن تنطفئ للأبد.”
اشتعلت عينَا كين بوميض خاطف، ثم رفع يده المرتجفة، وراح يجرّها في الهواء أمامه ببطء، وكأنه يرسم شيئًا لا يُرى… بدأت دوائر لهب صغيرة تتشكل في الفراغ.
كين (بهمس، يلهث): "هذه التقنية… ليست نابعة من الغضب فقط… بل من كل شيء تعلمته… من كل شعور داخلي حاولت كبته.”
ثم فجأة، ضرب الأرض بكفه اليسرى بقوة!
كين (بصوت جهوري، يتحدى الألم): ["فاكن النار… شظايا الوهم!!”]
خرجت من الأرض دوّامة نارية، تدفقت بشكل غير مألوف، لم تكن هجومية مباشرة… بل التفّت حول كين كأنها درع، ثم انفجرت من خلفه كظل خادع، تشكّلت إلى شظايا نارية تتحرك بعشوائية قاتلة، كل واحدة تومض وتدور بذكاء وكأنها تعرف هدفها.
اتسعت عينا ماكيا للحظة، كان سيصنع حاجزاً حجرياً لحمايته، لكن الشظايا النارية كانت أسرع من ردّ فعله.
“بووووووم!!”
اندفعت موجة حرارية عنيفة، كأن الهواء نفسه انشق إلى قطع… وتطاير الغبار من حول ماكيا بقوة.
“تشششش…”
قطرة دم حمراء داكنة سالت على خد ماكيا الأيسر. تجمد ماكيا في مكانه، رفع يده ببطء ووضع إصبعه على خذه… ثم نظر إلى الدم.
ماكيا (بصوت منخفض، مذهول): "لقد… خدشني؟”
ثم رفع حاجبه وعادت عيناه لوضعها الطبيعي، ولكن كان يبدو عليها بعض الذهول.
ماكيا: "لم يفعلها أحد من قبل… لا أحد تمكن من لمسي حتى… سوى ذلك اللعين سيروس.”
حدّق ماكيا في كين الذي كان يتهاوى على ركبتيه من الإرهاق، ووجهه باهت.
ماكيا (بصوت خافت، غير مصدّق): "وأنت… أضعف منه بمئات المرات… ومع ذلك… فعلتها.”
كين (وهو ينهار): "قلت لك… حتى ولو… سحقت قلبي… سأبقى…”
انهار كين على الأرض فاقداً الوعي. صدره كان يرتفع ببطء شديد… وعيناه مغمضتان.
ماكيا (ما زال متجمداً): "ذلك الشعور… إنه نفسه الذي شعرت به في ميدان سيروس… لكن من طفل؟ هذا… لا يمكن أن يكون صدفة.”
أكيرا (بذهول، وهو ينظر إلى خد ماكيا): "لقد… جعله ينزف…”
آن (تشهق): "كـ… كين-سان فعلها؟!”
ظل ماكيا يحدق في كين لثوانٍ، ثم أدار رأسه ببطء نحو أكيرا وآن. وبدأ يسير بخطوات كانت تُحدث صدىً مرعباً وسط الصمت، حتى اقترب من أكيرا وآن اللذين كانا يحميان ستيف الفاقد لوعيه وراءهم.
أكيرا (متوتر، ينهض ويقف أمام آن): "لا تقترب أكثر… أيها اللعين!”
توقف ماكيا للحظة، حدّق في أكيرا بنظرة طويلة… ثم ابتسم ابتسامة ساخرة.
ماكيا (بصوت هادئ، يحمل سُخرية ثقيلة): "أكيرا… 900,000 راي، أليس كذلك؟ أعلى مكافأة بينكم جميعاً.”
اقترب خطوة أخرى، ثم ضيّق عينيه قليلاً.
ماكيا: "لكن المضحك في الأمر… أنك لست الأقوى حتى. لا الآن… ولا قبل 14 سنة.”
أكيرا (يتجهز للقتال): "ماذا تقصد…؟”
ماكيا (ببرود): "كنت مجرد شقيٍ هرب من سجني… مكافأتك حينها لم تكن تتجاوز 500,000 راي، ثم ارتفعت فقط لأنك… أغرقت داركوفا بالفوضى.”
توقف للحظة، ونظر إليه باحتقار.
ماكيا: "كنتَ مجرد كلب هارب… لا بطل… لا محارب… فقط كارثة أخرى عابرة في سجلاتي.”
شد أكيرا قبضته، وكان مستعداً للانفجار.
آن (بصوت مرتجف، تقف بجانبه): "اكيرا… لا تدعه يستفزك…!”
ماكيا (بابتسامة باردة): "هاه… هل ستريني لماذا تستحق مكافأتك الآن؟ أم ستهرب كما فعلت في الماضي؟”
أكيرا (بغضب شديد): "أخرس!!"
رفع ماكيا يده اليمنى ببطء، ثم قام بتوجيهها نحو للأرض.
ماكيا (بصوت حاد وقاتل): ["فاكن الأرض: الانفجار الباطني!”]
في لحظة، ارتجت الأرض تحت أقدامهم، وانفجر عمود صخري هائل من باطن الجبل تحت أكيرا وآن تماماً!
“دوووووووم!!!”
اندفع الانفجار الصخري إلى الأعلى، ورافقته شظايا صخرية وغبار كثيف… سُمع صراخ أكيرا وهو يحاول سحب آن بعيداً، لكن قوة الانفجار أطاحت بهما إلى الخلف، وسقطا بعنف على الصخور.
آن (تصرخ وهي تتدحرج): "آآآاااه!!!”
أكيرا (وهو يرتطم بصخرة): "آررغغ!!”
ارتطم جسديهما بقوة، وتكوّنت سحابة غبارية ضخمة غطّت الموقع بالكامل… ثم عمّ الصمت.
ماكيا (يخفض يده، وينظر إلى الدخان): "عندما تنتهي هذه المهزلة… سأدفنكم جميعاً.”
ثم استدار ببطء، وعاد لينظر إلى كين الراقد.
ماكيا (بصوت عميق، وهو يراقب كين): "لكن أنت…”
توقف لثانية، حدّق في أثر الدم على خده.
ماكيا (يهمس): "ربما أنت أكثر من مجرد طفل… وربما… أنت لعنتي القادمة.”
بدأ ماكيا يتقدم بخطى ثابتة نحو كين الذي لا يزال ممدداً على الأرض… لكنه بدأ يستعيد وعيه ببطء، لم يكن يستطيع الحركة، ولا حتى الكلام. عيناه تفتحتا بصعوبة، وكانتا ترتجفان، تراقبان ظلاً قاتماً يقترب منه.
كين (بداخله، بصوت خافت يائس): "جسدي… لا يستجيب… لا أستطيع حتى الصراخ…”
وقف ماكيا فوقه، حدّق في عينيه للحظة بصمت… ثم رفع قدمه اليمنى ببطء، ونظر نحو صدر كين.
ماكيا (بصوت بارد، خالٍ من المشاعر): "أنتَ لست جاهزاً بعد… لكنني لن أكرّر خطأ تجاهلك. سأنهي المسألة الآن… وأدفنك مع ذلك القلب الغبي الذي تجرأت أن تتحدّاني به.”
رفع ماكيا قدمه ببطء… ثم داس بكل ثقله على صدر كين، تحديداً فوق موضع القلب!
“كراااااك!!!”
صوت العظام وهي تتشقق! صرخة صامتة في عيني كين! الألم لم يكن جسدياً فقط… بل نفسياً، شعر بأن الموت يتسلل اليه ببطء… وأن قلبه على وشك أن يُسحق حرفياً تحت قدم رجل بلا رحمة.
ماكيا (يضغط أكثر): "وداعاً، يوكاجي كين.”
ثم رفع قدمه استعداداً للدوس النهائي… لتكون نهاية كل شيء. أغمض كين عينيه بهدوء… لا باستسلام، بل بقناعة مؤلمة أن جسده لن يصمد أكثر.
كين (بداخله، بصوت خافت يتلاشى): "أبي… لا يمكنني الموت الآن…”
ولكن فجأة!!!
“كررررررررررررررررررررررررررااااااااااااااااااااااااااااااااااااااك!!!”
صاعقة برقية هائلة نزلت من السماء مباشرة إلى قلب الجبل!
الوميض الذهبي غطّى السماء للحظات، يليه صوت رعدٍ انفجر بغضب، وتردد صداه في جميع أنحاء المنطقة، فتشققت الصخور واهتزت الأرض بأكملها!
“زوووووووووووووم!!!”
طارت الحجارة في كل اتجاه بسبب انفجار هوائي كارثي حدث بعد الصاعقة، الهواء امتلئ بالكهرباء، والسماء أصبحت صفراء مزرقة…
ماكيا (بعينين متفاجئتين وهو يلتفت بسرعة): "ما هذا؟!!”
من بين الدخان، ومن بين فجوة صغيرة بين الصخور التي سُجن فيها منذ بداية القتال… خرج شخص واحد فقط. آكيو.
لكنه… لم يكن آكيو الذي يعرفه الجميع. عيناه كانتا ذهبيتين بالكامل، تلمعان بشراسة غريبة. شعره الأزرق كان يتطاير كأن الرياح تخضع لغضبه. وعلامة البرق على جبهته… كانت تشعّ وتتوهج بضوء رهيب.
الجو كله اختلّ حوله. لم تكن رياحاً عادية… بل كانت دوامات صاخبة من البرق، والغبار نفسه تحوّل إلى رماد كهربائي. حتى الطبيعة صمتت، وكأن الجبل كله انحنى للحظة ظهوره.
أكيرا (يصرخ من وسط الأنقاض، مذهولًا): "آكيو؟!!”
آن (بهمس متقطع، بالكاد تلتقط أنفاسها): "ما… الذي حدث له…؟!”
ماكيا (يتراجع خطوتين وهو يحدّق بالبرق المتجمّع حوله): "هذا… ليس طبيعياً… أنت، ألم تمت بعد كل هذا؟!”
آكيو لم يجب مباشرة. كان جسده مغطى بجروح وسخام… لكنه كان واقفاً وصامدا. العاصفة كلها كانت خلفه… وكأنها تحرسه. بيده اليمنى كان يحمل سيف سانغيوينيس الذي كان متوهجا بالأحمر القاتم، بينما حمل سيفه الآخر بيده اليسرى.
ثم… نطق أخيراً بصوت منخفض… مبحوح… لكنه أقوى من الرعد ذاته:
آكيو: "ابتعد… عن صديقي… أيها الحثالة القذر.”
يتبع…