[الحدود الجنوبية الشرقية لولاية إيرالوس – الليل]

كان الضباب يتكاثف بين الجبال، والهواء مشبعٌ برائحة البارود. وعلى الحافة الصخرية التي تطل على سهلٍ واسع، كان سيروس يسير بخطواتٍ هادئة، ووراءه كانت الطلقات النارية تنهال عليه من بعيد بواسطة جيش ماكيا.

“تتتتتتتتتتتتتت!”

انطلقت الرصاصات من عشرات البنادق خلفه، وكانت تتسابق لتخترق جسده… لكنها كانت تفشل. كان سيروس يتمايل بخفة بكل ببساطة، ويتحرك كأن جسده يقرأ اتجاه الطلقات قبل أن تخرج… ينحرف قليلاً إلى اليمين، أو يُميل رأسه نصف سنتمتر… والرصاصة تمر بجانبه.

خلفه مباشرة… كان أليكساندر يقف بثبات ليحمي ظهره، ممسكاً بسيفٍ طويل لامع ليقطع الرصاص في الهواء كما لو كانت حشرات مزعجة.

أليكساندر (بابتسامة خفيفة وهو يقطع رصاصة أخرى): "هل من الضروري أن تمشي بهذه الهدوء يا مولاي؟”

سيروس (بنبرة باردة): "الرصاص لا يستحق أن أرفع قدمي لأجله.”

انفجرت إحدى الصخور بجانبه، وتناثرت الشظايا… لكن سيروس تابع السير دون أن يرمش.

سيروس (وهو يتحدث دون أن يلتفت): "ماكيا بدأ يطلق كلابه مجدداً دون أن يربطها."

مع كل خطوة يخطوها سيروس، كانت الأرض تحت قدميه تُصدر صدىً عميقاً… وكأنها تعرف من يعبرها. خلفه كانت الطلقات قد بدأت تخفت شيئاً فشيئاً، إذ لم يعد للجنود الجرأة على الاقتراب أكثر من شدة قوة سيروس.

أليكساندر (ينظر إلى الأمام، وجهه أصبح أكثر جدية): "مولاي… إنه هناك.”

رفع سيروس عينيه ببطء، وعلى بعد أمتار من أمامه، وقف ماكيا كالتمثال وكأنه ينتظر هذا اللقاء منذ مدة. جسده الضخم يكسوه معطف أسود طويل تتطاير أطرافه بفعل الرياح، يديه خلف ظهره، ووجهه لا يحمل أي تعبير… فقط نظرة قاتلة.

سيروس (بصوت خافت وساخر): "لم يتغير شيء… حتى طريقة وقوفك نفسها.”

ماكيا (يرد بنبرة ثقيلة كالصخر): "ولا نظرتك يا سيروس… نظرة رجلٍ ما زال يعتقد أنه يستطيع إصلاح هذا العالم.”

سيروس (يقترب أكثر، عينيه تلمعان في الظلام): "وأنت ما زلت تظن أنك وحدك من يملك الحق في تدميره.”

ماكيا (بنبرة تهديد): "آخر مرة التقينا فيها… لم أنسَ طعم دمك.”

سيروس (بنبرة حادة، وهو يخلع قفازه الجلدي): "ولا أنا نسيت صوت عظامك وهي تتكسر تحت قبضتي.”

[فلاش باك قصير – منذ عامين]

كان جسداهما يتصادمان وسط عاصفة نارية، يتقاتلان لأيام دون توقف. النيران تحرق كل شيء من حولهما، والأرض تحت أقدامهم تتفتت، الدماء سالت من كليهما، لكن في النهاية… كانا واقفَين وهما يتنفسان بشراسة، ولكن دون سقوط.

النتيجة؟ تعادل.

[لحاضر]

ماكيا (بنبرة جافة): "أخبرني يا ملك النار… ما الذي أخرجك من عرشك الليلة؟ أتبحث عن حرب… أم عن معنى لما تبقّى من عائلتك المكسورة؟”

سيروس (ينظر إليه بنظرة متجمّدة لا تحمل شعوراً): "أنا لا أبحث، أنا أراقب.”

ماكيا (يضحك بخفة ساخرة): "تراقب؟ إذاً راقبتني وأنا أقتل نيورو؟ وكدتُ أن أُسقط وريثكم الآخر؟”

سيروس (ينظر إليه بهدوء): "رأيت ذلك ولم يعجبني.”

ماكيا (وهو يرفع حاجبه): "لم يعجبك؟”

سيروس (يتقدم خطوة واحدة للأمام): "أنا من يرسم الخط… ولا أحد يلمس دماً يحمل اسمي، إلا إذا أمرتُ بذلك.”

ماكيا (يحك ذقنه بسخرية): "ألم يكن كين من أعلنك عدوه؟ ومن توعّد بقتلك؟ ألم يكن نيورو مجرد فرع نبت من شجرة لم تزرعها أصلاً؟”

سيروس (ينظر نحوه ببرود): "أعرف كل ذلك. لم أرَ نيورو يوماً في حياتي، وكين لا يكنّ لي سوى الحقد.”

صمت للحظة، ثم أضاف بنبرة أكثر عمقاً:

سيروس: "لكنهم يحملون دمائي واسمي.”

ماكيا (يتراجع خطوة، ملامحه تتقلب): "فقط اسمك؟ لا مشاعر؟ لا روابط؟”

سيروس (بصوت خافت): "العائلة لا تعني الحب… بل السيطرة. وإن كانت هناك فوضى بداخلها، فأنا فقط من يقرر متى يُسمَح للفوضى أن تحدث.”

اقترب خطوة أخرى، وصوته الآن أكثر حدة، لكن دون أن يعلو:

سيروس (بصوت هادئ لكن مليء بالهيبة): "يوكاجي كين. قد يكون تافهاً… مكسوراً… وربما يكرهني إلى حد الموت، لكن إن سقط، فلن يكون بيدك… بل بيدي أنا إن قررتُ ذلك."

ماكيا (يضيق عينيه، ثم يضحك بسخرية قاتمة): "أوه… أهكذا ترى الأمور؟ يوكاجي كين هو مجرد حشرة تنتظر أن تطأها بقدمك؟ ذلك الصبي كان بالكاد يتنفس عندما تركته. هل هذه هي القوة التي تراها جديرة بأن تحميها؟ أم أنك فقط تكره أن يسبقك أحد في إنهاء ما يجب أن ينتهي؟”

سيروس (يرفع حاجبه ببرود، ثم ينظر إليه من الأعلى للأسفل): "إذا كان هناك ما اقترب من نهايته… فهو جلدك يا ماكيا. تلك التجاعيد بدأت تتكاثر وكأن وجهك يعلن عن نهاية إمبراطوريتك قبل أن تبدأ.”

ثم خطا نحوه خطوة أخرى، وصوته صار أكثر حدة.

سيروس: “كنتَ خصماً صعباً قبل عامين… لكن الآن؟ جسدك متهالك أكثر، وقلبك مليء بالمرض. أنا لا أقاتل الأطلال يا ماكيا… لكن لا بأس، سأجعل موتك جميلاً بما يكفي ليحترمه التاريخ. ولتعلم… إذا أردت أن تلمس أحداً من نسلي مجدداً… فعليك أولاً أن تنجو مني.”

ماكيا (يقطب حاجبيه، صوته يغلي بسخرية قاتلة): "تتحدث عن التجاعيد وكأنك ما زلت في العشرين، بينما أنت… دخلت الأربعين يا سيروس."

سيروس (ينظر إليه بهدوء مرعب، يمسح على شعره الأحمر بأطراف أصابعه): "الفرق بيني وبينك يا ماكيا… أنني حين كبرت، أصبحت أكثر خطورة. وأنت؟ كلما ازداد عمرك… صار صوتك أقرب للثرثرة من الهيبة.

ثم تقدم بخطوة بطيئة، عينيه تلمعان بنبرة ملك لا يهتز.

سيروس (بفخر واستهزاء): "الأربعون عندي بداية السيطرة، وعندك؟ بداية التآكل. ولست بحاجة إلى مرآة لأعرف أنني ما زلت الأجمل بيننا.”

لم تمضِ سوى ثوانٍ على كلمات سيروس الأخيرة… حتى تغيّر وجه ماكيا بالكامل. اختفت سخرية المتكبر، وظهرت مكانها نظرة وحشٍ قذر قرر أن يمزّق فريسته.

ماكيا (بصوت ينفجر بالغضب): "هذا يكفي! سيروووووووووووووووووسسس!!!”

“بوووووووووووم!!!”

ضرب ماكيا الأرض بكعب قدمه اليمنى! وفي لحظة، تشققت التربة تحت أقدامه، وانطلقت منها أذرع صخرية عملاقة امتدت كالثعابين نحو سيروس بسرعة مذهلة! الأرض نفسها بدأت تهتز، والهواء امتلأ بالغبار والحصى المتطاير.

ماكيا (يصرخ): ["فاكن الأرض – خناق الجحيم!”]

لم يتحرك سيروس خطوة واحدة. عيناه بقيتا ثابتتين، وابتسامة متعجرفة خفيفة ظلت على شفتيه، ثم…

“فششششششششششش!”

أشعل النار من تحته، وارتفعت على شكل دوامة نارية أحاطت بجسده في اللحظة التي كادت فيها الصخور أن تلمسه، فاحترقت الصخور واحدة تلو الأخرى قبل أن تقترب حتى.

سيروس (بهدوء مميت): ["فاكن النار – اللهب العكسي.”]

رفع يده اليمنى إلى الأعلى، ثم ضربها للأمام!

“ككككككككككككككككررررررااااااااااااك!!!”

اندفعت سحابة نارية ضخمة من راحة يده، شكلها يشبه جناحي تنين، واصطدمت مباشرة بأذرع الصخور القادمة نحوه، فحوّلتها إلى رماد متفجّر وسط العتمة! أليكساندر الذي كان يقف بعيداً، أمسك سيفه وأبعد شظايا الصخور المشتعلة.

أليكساندر (يتمتم بابتسامة باردة): "هذا سيكون قتالاً مثيراً.”

ماكيا (من داخل سحابة الدخان، صوته يخرج كأن الجبل نفسه يتكلم): "هل تظن أن فاكِنك الناري سيصمد أمام أعماق الأرض؟! هذه الجبال تطيعني يا سيروس!”

سيروس (ينظر إلى ألسنة النار التي تشتعل من عينيه): "والنار لا تعترف بشيء فوقها.”

ثم انطلقا نحو بعضهما. رفع ماكيا يده، فتشكل رمح صخري طوله خمسة أمتار، ورماه بقوة نحو صدر سيروس. فتح سيروس راحة يده وأطلق شعلة مركّزة على شكل رمح ناري يتقاطع معه في الهواء، وينفجر المشهد بصدام ناري صخري يهز الحدود كلها.

اهتزت السهول، تطايرت الصخور، والنيران اشتعلت في الظلام. كان ماكيا يتقدّم بخطى ثقيلة، يضرب الأرض بكل خطوة، فيرتفع منها عمود صخري آخر، كل واحد كان أكبر من الذي قبله.

ماكيا (بصوت غاضب): "كُفَّ عن الاختباء خلف النيران، واجهني كرجـل يا سيروس!!”

لكن قبل أن يكمل جملته، كان سيروس قد ظهر فجأة من خلف لهيبٍ ملتف.

سيروس (يبتسم بسخرية وهو يقفز للأمام): "الرجال الحقيقيون لا يحتاجون لإثبات شيء… خاصة أمام شبحٍ متقاعد.”

“فشششششش!!”

أطلق سيروس كرة نارية صغيرة لكنها مركّزة بشكل خطير، فأصابت الحافة الصخرية تحت قدم ماكيا وانفجرت بعنف، مما اضطره إلى القفز للخلف.

سيروس (وهو يمشي بين الحطام، بابتسامة متكاسلة): "ما هذه الحركة البطيئة؟ أهذه هي خطوات الإمبراطور الحديدي؟ أيمكن أن يكون العجوز قد بدأ بالصدأ؟”

ماكيا (يصرخ، والغضب يكاد يشتعل من عينيه): "سأجعلك تبتلع نيرانك يا سيروس!!”

“زففففففففففف!!!”

مدّ ماكيا يديه إلى الأرض، فانفتحت شقوق ضخمة، خرجت منها مسامير حجرية متفجرة، تتوجه نحو جسد سيروس من كل الجهات! لكن سيروس أدار جسده للخلف وكأنه يرقص بين الشظايا، وترك خلفه سلسلة من الدوامات النارية تحترق بشراسة.

سيروس (يضحك وهو يتفادى الهجوم): "أهذا كل ما لديك؟ مضت سنتان يا ماكيا… توقعت شيئاً أعظم من رجل لا يستطيع الركض دون أن يسمع ركبته تصرخ!”

“كككككككككككككككرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااك!!!”

انفجرت الأرض من تحت أقدامهم! التلال بدأت تنهار، وسلسلة الجبال المجاورة اهتزت بعنف، تساقطت الصخور من أعاليها كالشلالات. ثبَّت سيروس قدميه وسط الهزة، والنيران تلتف حوله لتدفع عنه الحطام، لكن حتى ابتسامته بدأت تتلاشى وهو يشعر بما يوشك على الحدوث.

سيروس (بهمس ساخر ولكن جاد): "آه… وأخيراً أيها العجوز… أظهرت شيئاً يستحق النظر به.”

كان ماكيا واقفاً في مركز الدمار، عينيه متوهجتان، والأرض من حوله بدأت تتكوّر وتلتف كأنها تنصاع لإرادته، والانفجارات الصخرية تنتشر على شكل دوائر عميقة ومتتالية.

ماكيا (بصوتٍ هادر): ["فاكن الأرض – انهيار القشرة الأرضية!”]

فجأة…

“دووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووم!!!!”

اهتزت الأرض تحتهم كما لو أن قارة فالوريا بأكملها قد انشقت، وانفجرت آلاف الشقوق العملاقة في التربة، وامتدت كشبكة جحيمية ضخمة عبر كل المنطقة، تبتلع الأشجار، التلال، وحتى أجزاء من الجبال المجاورة.

السماء أصبحت سوداء، والغبار غطّى النجوم. قفز سيروس إلى الأعلى متفادياً واحدة من الشقوق المتسارعة، ثم التف في الهواء كاللهب، واستدار ليقف على حافة حجرية ضيقة لا تزال صامدة.

سيروس (بابتسامة صغيرة، يمرر أصابعه في شعره): "احذر يا ماكيا… لأن ما سأفعله الآن… سيجعلك تندم أنك تركتني أعيش بعد قتالنا الأخير.”

[العاصمة التقنية - إيرالوس]

كانت الليلة أشد برداً من المعتاد، والشوارع مضاءة بأضواءٍ بيضاء، فيما يتنقل الناس بين الأزقة المصفوفة بأبراج معدنية شاهقة، وأصوات القطارات المعلقة تعبر من فوقهم.

لكن فجأة…

“ككككككككككككككككككككككرااااااااااااااااااااااااك!!!”

اهتزت الأرض بعنف. توقفت العجلات، وانحرفت عربات القطارات عن مساراتها، وسُمع صوت تحطّم زجاج النوافذ في كل مكان! بدأ الناس بالصراخ! النساء يحملن أطفالهن ويجرين نحو الزوايا، الأطفال يبكون وسط فوضى الدخان.

المذيع الداخلي للمدينة (بصوتٍ متوتر): "تحذير طارئ… زلزال من المستوى الأحمر يضرب العاصمة! نرجو من الجميع إخلاء المباني والتوجه إلى الملاجئ فوراً!”

كانت المباني تهتز من جذورها على الرغم من أنها شبه مضادة للزلازل، وسقط أحد الأبراج الزجاجية الصغيرة على الناس!

رجل عجوز (يصرخ): "هذه ليست زلازال طبيعية! هذه… قوة بشرية!!"

طفل صغير يلتصق بأخيه: "أخي… أنا خائف…”

وفي عمق أحد مراكز القيادة في العاصمة، كان ضباط الأمن المركزي ينظرون إلى شاشات الهولوغرام، حيث ظهر رسم بياني يُظهر الزلزال وكأن مركزه ليس طبيعياً، بل ناتج من نقطة واحدة.

الضابط الأول (بفزع):"مصدر الزلازال ليس من تحت الأرض، بل من أطراف الولاية… من جهة الجبل الشرقي!”

الضابطة الثانية (تبتلع ريقها): "إنه… الإمبراطور ماكيا.”

الضابط الثالث (يهمس): "يبدو أنه يتقاتل مع سيروس مجدداً!!”

[العودة إلى ساحة المعركة]

“ككككككككككككككككككراااااااااااااااااااااااااااااك!!!”

الانفجار الذي أطلقه ماكيا شقّ الأرض إلى نصفين… الجبال خلفهم تهدمت، الصخور تطايرت كالرماد، والسفوح تحوّلت إلى حطام يشتعل.

والآن…

قطعة الأرض التي كانا يقفان عليها بدأت ترتفع. ارتجت الطبقة الصخرية تحت أقدامهما، ثم تصاعدت بشكل عمودي في الهواء، كما لو أن الجاذبية نفسها انقلبت على العالم. وأصبح ماكيا وسيروس يقفان على جزيرة معلّقة من فرط الضغط.

سيروس (بصوت منخفض): "ماكيا، ألم أخبرك بأنني لم أعد أقاتل بنفس القواعد القديمة؟”

ماكيا (يضرب قدمه على الأرض بحدة): "أطلق ما شئت، فالأرض ستبتلع كل نارك!”

سيروس (بهدوء قاتل، يفتح ذراعيه): "إذاً… تذوق الجحيم.”

“فاكــــن النـــار – انبثاق الهلاك الأحمر!!!”

“ووووووووووووووششششششش!!!”

السماء نفسها احمرّت فجأة، وخرجت أعمدة نارية عمودية، ثم أفقية، ثم لولبية، كلها خرجت من جسد سيروس! وبدأت تدور حول الجزيرة الصخرية بسرعة مرعبة. وفجأة… بدأت الأرض نفسها بالاشتعال، والجزيرة التي يقفان عليها بدأت تتبخر من الأسفل.

ماكيا (بتعبير مصدوم لأول مرة): "ما هذه… القوة؟!”

سيروس (بصوت ثقيل، يتردد صداه في السماء): "كل ذرة نار هنا تلتهم الأكسجين وتحوّله إلى مادة حارقة. هذا ليس مجرّد هجوم ناري… بل سجنٌ من الجحيم.”

“كككككككككككرااااااااااااااااااااااك!!!!”

انفجرت عشرات الحلقات النارية دفعة واحدة حول ماكيا، كما لو أن العالم ينهار تحته، وكل لهب يضغط عليه من جهة مختلفة يكاد يمزق جسده من الداخل، لأن الضغط الحراري صار لا يُحتمل.

ماكيا (يصرخ): "سيرووووووووووس!!!”

سيروس (ببرود): "هذه فقط البداية.”

“بووووووووووووووووم!!!”

انفجرت الدوامة النارية على وجه ماكيا مباشرة وأطاحت به إلى الوراء، وتدحرج جسده فوق الحواف المشتعلة للمنصة الصخرية الطافية، وعندما نهض… كان وجهه مغطّى بالدخان، نصفه محترق، والجلد بدأ يتقشر، وتشكلت ندبة سوداء عميقة تحت عينه اليسرى.

ماكيا (يلمس خده المتفحم، ثم يهمس): "لقد… لوّثت وجهي.”

نظر ماكيا إلى سيروس بعينان مليئتان بالغليان الصامت، ثم ارتجّ الهواء من حوله فجأة!

ماكيا (بصوت يشبه الزئير): "أنت من بدأ هذا، يا سيد النار! والآن سترى ما لا نهاية له!!!”

“فاكن الأرض – هيئة الملك الحجري الأعظم!!!”

“ززززززززففففففففففففففففف!!!”

جسد ماكيا بدأ يتضخم، وتشققاتٌ حمراء غريبة بدأت تضيء عبر جلده. عظامه تكسرت ثم أُعيد تشكيلها أمام عين سيروس، وتحول جلده إلى طبقات من الصخر المتدرج.

“كرااااااااااااااااااااااااك!!!”

انشقت الأرض خلف ماكيا، وخرجت منها آلاف الوحوش الصخرية التي كانت تتكوّن من الحجارة الحيّة، ملامحها حادّة، وأجسادها متكونة بطبقاتٍ من الصخور المدرعة. كانت عيونها تتوهّج بلون رمادي شاحب كالسخام، وفمها متشكل وكأنها تصرخ بلا صوت.

لكن سيروس لم يتحرك… حتى بدأ شعره الأحمر يتطاير للأعلى بفعل الضغط الناري… ومدّ ذراعيه.

سيروس (بهمس يشبه العاصفة): "فاكن النار – هيئة التنين الأسمى!!!”

“غغغغغغغغغغغغغغغغغغغغغغغغغغغغغغغروووووووووووووووووووووووووووووووووو!!!!”

انفجرت النيران من حوله بشكل لولبي، ثم تكوّن من داخلها تنين ناري عملاق، عيونه متوهجة، أنيابه ملتهبة، وصوته يمزق طبقات الهواء. جلس سيروس فوقه، ونظر إلى جيش ماكيا السفلي.

سيروس (بصوت ساخر): "إذا كنت ستُرسل إليّ حيواناتك… فاسمح لي أن أرسل إليك أسلافي.”

“كششششششششششششششششششششش!!!”

انطلقت آلاف التنانين النارية من خلف سيروس، كانت تندفع من السماء خلفه وهي مستعدة لمحو كل حجرٍ أمامها.

صخور ضد نيران! وحوش ضد تنانين! ملك ضد إمبراطور!

“ززززززززز… كككككككككككككراااااااااااااااااااااااااك!!!”

من خلف سيروس، انفجرت السماء وخرجت آلاف التنانين الأخرى، لكنها لم تكن مصنوعة من نار عادية… بل كانت تنانين متجمدة تحترق داخلياً، ألسنتها تتكوّن من سحبٍ من الدخان الأزرق، وكل واحدة منها حملت طاقة تكفي لمسح مدينة. ثم صرخ ماكيا بصوت لم يُسمع له مثيل:

ماكيا (بصوتٍ يمزق الهواء): "سأُعيد تشكيل هذه القارة بيدي!!”

سيروس (بصوت هادئ لكنه مخيف): "إذا كانت هذه هي قمتك يا ماكيا… فاستعد لتسقط من أعلى جبل بنيته بيديك."

اصطدم الجيشان… السماء احترقت، الأرض تفجّرت، والصمت انكسر بصوت يشبه انهيار الزمن نفسه.

يتبع…

2025/04/11 · 14 مشاهدة · 2149 كلمة
Sara Otaku
نادي الروايات - 2025