كان الهواء مشبعاً بالرماد واللهيب… والسماء لم تعد زرقاء، بل لوحة حمراء ممزقة، وعلى الجزيرة الطافية التي تتفكك ببطء وسط الجحيم… كانت تنانين سيروس النارية تتطاير بجنون، تصطدم بالوحوش الصخرية التي أطلقها ماكيا. كل اصطدام كان يهز الفراغ نفسه، الحجارة تحترق، واللهب يتمزق.

ماكيا (بصوته المتضخم، وهو على هيئة الوحش الصخري): “أنت تحارب الأرض نفسها، يا سيروس! لن تفوز!”

سيروس (جالس على ظهر التنين الأكبر): “كل من ظن أن الأرض تحميه… نسي أن الحمم هي التي تُنبتها.”

“فشششششش!!”

أطلق سيروس رمحاً نارياً ضخماً، فاخترق جسد أحد الوحوش العملاقة وفجّره إلى غبارٍ محترق. استمر التصادم العنيف بين جيوش الصخر والنار.

“كككككككككككككككرااااااااااااااااااااك!!!”

حدث انفجار آخر كان أقوى من سابقه، مزق جانباً من الجزيرة الطافية، لكنه لم يسقطها… بل جعلها تبدأ بالتحرك. في البداية كانت تتحرك ببطء، وثم ازدادت سرعتها وبدأت تتحرك نحو الغرب.

في الأسفل، كان أليكساندر واقفاً تحت المطر الخفيف الناتج عن تكاثف البخار الساخن في السماء، وكان يحدق في الأعلى. أشعل سيجارته بهدوء ثم وضعها بين شفتيه وسحب منها نفساً طويلاً.

أليكساندر (بصوت خافت، وهو ينفث الدخان): "لقد بدأت تتحرك… باتجاه العاصمة؟”

رفع رأسه أكثر، ونظر إلى الجزيرة المشتعلة في السماء وهي تُحلّق متجهة نحو العاصمة التقنية.

أليكساندر (بابتسامة خفيفة ساخرة): "حسناً… على الأقل لن تكون ليلة مملة.”

[فوق الجزيرة الطافية]

ماكيا (بصوته العميق وهو ينظر إلى الأعلى): "النيازك، هل سمعت بها يا سيروس؟ تلك التي تحدّثت عنها الأساطير القديمة؟”

توقّف سيروس للحظة على ظهر تنينه، وعيناه تتوهجان وهو يحدّق بماكيا دون رد.

ماكيا: "يقال في القصص القديمة أن السحرة القدماء قبل قارة فالوريا، كانوا يستدعون نيزكاً واحداً لإنهاء حضارة. قطعة من السماء تكفي لمحو ألف عام من التاريخ!"

تشقّقت الصخور تحت قدميه، وتوهّجت عروقه الصخرية أكثر.

ماكيا (بضحكة خانقة): "أما أنا؟ لو لم يكن ذلك الجدار اللعين يحجب السماء الحقيقية عن قارتنا… لكنت قد استدعيت القمر نفسه!! وجعلته يسقط فوق رؤوسكم جميعاً!”

سيروس (يرد بهدوء مخيف، والنار تشتعل حول عينيه): "الذين يحتاجون نيزكاً ليقتلوا… هم مجرد ضعفاء يا ماكيا.”

ثم أشار بإصبعه إلى الوحوش خلفه.

سيروس: "أنا لا أطلب من السماء… أنا أصنع جحيماً على الأرض.”

اندفعت موجة نارية جديدة من تنين سيروس، شقت الهواء واتجهت كعاصفة حارقة نحو ماكيا وجيشه الحجري.

ماكيا (بهمس غليظ): "سأجعل الأرض نفسها… تنسى أنك مررت بها يا سيروس.”

سيروس (بابتسامة قاتلة): "جرب… وسأجعلها تتذكرك كرماد.”

بحركة مفاجئة، أمسك ماكيا بصخرةٍ ضخمة بحجم رأس إنسان، وصقلها بيده حتى أصبحت مدببة كرمح، ثم قذفها بقوةٍ مهولة نحو رأس سيروس!

“ككككككككككشششششش!!”

شقت الصخرة السماء كنيزكٍ مصغر، وبدأت تدور بسرعة قاتلة وهي متجهة مباشرة نحو وجه سيروس… لكن الأخير لم يرمش حتى.

سيروس (بهدوء، وهو يرفع إصبعه الأوسط فقط): "كم هذا سخيف.”

“طك!”

بلمسة واحدة من إصبعه… توقفت الصخرة تماماً في الهواء، كما لو أنها اصطدمت بحاجز غير مرئي، ثم تفتت ببطء.

سيروس (بعينين ناريتين): "عندما ترفع يدك على ملك… تأكد أنك لا تستخدم حجراً من الحديقة.”

ماكيا (يتقدم خطوة، والشرر يشتعل من جسده الصخري): "تباً لك…”

سيروس (بسخرية خافتة): "لقد بدأ العد التنازلي، ماكيا… نهايتك تقترب خطوة بخطوة، وأنا أستمتع بكل ثانية.”

[العاصمة التقنية – قلب إيرالوس]

صوت الإنذارات كان لا يزال يملأ السماء، الناس يركضون في كل اتجاه، كانوا يصرخون، بينما كان الأطفال يتشبثون بذويهم.

فجأة…

“دووووووووووووووووم!!”

زلزال عنيف آخر رجّ الأرض بعنف لم تعهده العاصمة من قبل. المباني اهتزّت، المصابيح انفجرت، وحتى السماء أظلمت فوقهم بشكلٍ غريب… ثم نظر الجميع إلى الأعلى.

الناس (بصوت واحد شبه): "ما هذا؟”

فوق ناطحات السحاب، وبين الغيوم التي تمزقت من الحرارة والضغط… ظهرت الجزيرة الطافية! كتلةٌ هائلة من الصخور المنصهرة والمشتعلة، تحمل على سطحها وحشاً صخرياً هائلًا، وفوقه جيش من الوحوش الحجرية، وفي المقابل، كان تنين ناري عملاق يطير في السماء، وعلى ظهره كان يجلس رجل أحمر الشعر.

سيدة تمسك بطفلها، ودموعها تملأ وجهها: "هل… هل هذا حلم؟”

كان الجميع قد توقف عن الحركة. السيارات توقفت، الطيور ابتعدت عن السماء, لم يعد أحد يتحدث. كل العيون كانت على ماكيا وسيروس.

ثم صرخ شاب من قلب المدينة، وهو يحدّق بذهول:

الشاب (بصوت مذعور): "إنه… سيروس!!! ملك النار!!!”

وآخر يرد عليه: "ومن يقاتله… ماكيا! الإمبراطور الحديدي!!!”

العاصمة كلها كانت تشاهد الآن ما لا يُصدّق. سيروس الذي كان واقفاً فوق ظهر تنينه العملاق، رفع يده للأعلى، وشعره الناري أصبح أكثر قتامة وهو يتطاير للأعلى كما لو كان يرفض الجاذبية.

سيروس (بصوت منخفض، مخيف): ["فاكن النار… المستوى المحظور… النيران السوداء.”]

وفجأة…

“فشششششششششششش!!!!”

اندفعت موجة نارية غريبة من جسد سيروس، وكان لونها أسود قاتم أعمق من الظلام ذاته. وعندما لامس أحد الوحوش الصخرية، لم يتحول إلى رماد… بل اختفى تماماً وكأن شيئاً لم يكن هناك. وبينما كان الناس في الأسفل يصرخون ويركضون، انفجر ماكيا بالضحك فجأة!

ماكيا (بصوت مختل وضحكته مريضة): "هاهاهاهاهاهاها!!! إذاً ستستخدم النيران السوداء، ها؟! دعني أريك كيف يستجيب الكون لنزواتي!”

ثم رفع يديه إلى السماء، وبدأ يتحدث بكلمات بلغة منسية، وعيناه تتوهجان بلونٍ أحمر غامق. وفجأة، السماء لم تعد فقط حمراء… بل انشقّت!!

ماكيا (بصوت ينفجر من الجنون): "انهـــر من السماء… واغرق هذا العالم بجحيمك، أيها النيزك!!”

“ززززززززززززززززففففففففففففففف!!!”

نقطةٌ ضوئية من الأعلى بدأت تكبر، ثم تكبر… ثم تحولت إلى نيزك بحجم مدينة صغيرة مشتعلة وخارقة للصوت! اتجهت بسرعة نحو الأرض، مباشرة نحو قارة فالوريا!

لكن…

“ككككككككككككككككرااااااااااااااااااااااااااااااش!!!”

اصطدم النيزك بـالجدار الشفاف المحيط بالقارة!! لكن المفاجأة أنه لم يتحطم… بل ارتد!

“دووووووووووووم!!!”

ارتد النيزك إلى الأعلى ككرة ضخمة، ثم عاد ليصطدم بالجدار مجدداً في دورة مرعبة! ومع كل اصطدام، كانت الأرض تهتز أكثر فأكثر!

في العاصمة… كانت الأبراج تنحني أكثر، البحيرات فاضت، الشوارع انفجرت من تحتها المياه! الزلازل ضربت كل شيء!

الناس (يصرخون): "نيييييييييييييييزك!!!”

الطفل: "أميييي!!! الجدار يتحطم؟!!!”

الأم (تبكي): "لا! إنه فقط… يصمد!”

وفي الأعلى… كان ماكيا يضحك بجنون، وعينيه تلمعان كمن فقد صوابه.

ماكيا (بصوت سايكوباثي): "لن أخترق الجدار… بل سأجعل القارة كلها ترتجف بداخله!! هاهاهاااا!!!”

وفي المقابل، كان سيروس يحدّق به ببرود…

سيروس (ضاق عينيه وهو ينظر للسماء، وقال بصوت خافت ساخر): "نيزك؟ … هاه، يبدو أن العجوز قد بدأ يفقد اتزانه فعلاً."

ماكيا كان يضحك كالمجنون… ضحكة خشنة، متقطعة، لا تشبه البشر.

ماكيا (يرفع ذراعيه نحو السماء، وعيناه تلمعان بجنون): "سأجعل السماء تهوي! سأسحق هذا العالم تحت قدمي!! هذه الأرض… هذه الجبال… البشر، النار، الحجر… كل شيء! سيكون لي وحدي!!!”

[إمبراطورية زيتارا – المستشفى العسكري – جناح الطوارئ]

كان الليل في أعماقه، والمرضى نيام، والممرضون يتحركون بخطى هادئة وسط الصمت الثقيل. داخل الغرفة المغلقة، كان آكيو مستلقياً على السرير، رأسه مائل قليلاً، يتنفس بعمق. إلى جانبه، كانت آن تتقلب بخفة في نومها، فيما كان أكيرا لا يزال فاقد الوعي، موصولاً بالأجهزة.

لكن فجأة…

“زززززززززززززززززززززززز… كراااااااااااااااااااااااك!!!!”

اهتزت الجدران بعنف!! الأسِرّة تحركت، والسقف أطلق صريراً عميقاً أشبه بأنين الوحوش القديمة!

سقطت إحدى الأدراج، وانسكبت أدوات طبية على الأرض، فيما انطفأت الأضواء للحظة ثم عادت.

الممرضة (بذعر وهي تدخل الغرفة): "زلزال؟! لا… ليس في زيتارا!!”

فتح أكيو عينيه ببطء، وشعر بالاهتزاز في عموده الفقري، جلس فجأة وهو يلهث، وعيناه تتسعان في الظلام.

آكيو (بهمس مضطرب): "ما هذا…؟ أشعر بأن الأرض تصرخ…”

[ولاية فاويلا – مستشفى منظمة ظلال فالوريا – الطابق السري الثالث]

كان الهدوء سائداً كعادته بداخل الجناح السري للمصابين رفيعي المستوى. أضواء خافتة باللون الأزرق كانت تنتشر بين الجدران المعدنية، وأجهزة المراقبة الحيوية تملأ المكان بأصوات “بيب… بيب…” المنتظمة. كان ستيف مستلقياً هناك بصمت، عيناه نصف مفتوحتين، يتنفس ببطء، وهو يحدّق في السقف دون أن يرمش.

لكن فجأة…

“دووووووووووووووووم!!!”

اهتزت الجدران المعدنية بقوة! سقطت إحدى الرفوف، واهتزت شاشة العرض التي كانت تعرض خريطة طاقية للقارة. أجهزة الإنذار بدأت تومض باللون الأحمر، وظهر التحذير على الشاشة:

[زلزال فائق المستوى – المصدر غير طبيعي]

أغلق ستيف عينيه للحظة، ثم فتحهما ببطء دون أن يغيّر تعبير وجهه.

ستيف (بصوت خافت، وملامحه متجمدة): "حتى الزلازل صارت تذكرني… أن العالم لا يريدني فيه.

[ولاية ستورملاند (أرض العواصف)]

كان الليل قد غطّى السماء بسحب داكنة، والصواعق المعتادة تصرخ فوق رؤوس الجميع. لكن ما حدث هذه الليلة… لم يكن عادياً.

“ززززززززز… ككككككككككراااااااااااااااااااااااااك!!!”

انفجر البرق في السماء… وتبعه زلزال لم تشهده ستورملاند من قبل. ارتجت الأرض، وتشققت السهول الطينية، بينما انفجرت الشلالات من أعالي الجبال المحيطة وكأنها غضب الطبيعة المتراكم.

بدأت مياه البحر تتقدم نحو اليابسة بسرعة لم يسبق لها مثيل… مدٌّ هائل اجتاح الساحل، جارفاً معه القوارب، والمنازل الخشبية، وكل من حاول الهرب.

انهارت الأبراج الرصدية القديمة التي كانت تواجه الرياح منذ قرون، وابتلع الطوفان أحد المعابد القديمة في ثوانٍ. أمّا السماء فصارت تعكس لوناً غريباً بين الأزرق والبنفسجي.

[العودة إلى ولاية إيرالوس – قلب العاصمة]

كان المشهد أشبه بنهاية العالم. النيران التي أطلقها سيروس لم تعد تلتهم الوحوش فقط… بل بدأت تتمدد، وتزحف بين الأزقة، تصعد جدران الأبنية، وتحول كل ما تلمسه إلى لا شيء. لا رماد… لا دخان… فقط اختفاء.

“فششششش… كرااااااااااك!!!”

كان النيزك لا يزال يضرب الجدار الخارجي للقارة بقوة خارقة. وفي كل مرة يصطدم بها، كان يرتد إلى السماء كأنه يرفض الاستسلام، ثم يعود مجدداً، يصطدم… ويرتد… يصطدم… ويرتد…

وفي كل مرة، كان يصدر صوتاً كفيلاً بأن يزلزل قلوب البشر قبل أن يزلزل الأرض:

“دوووووووووووووم!!”

الناس في العاصمة بدأوا يفقدون صوابهم.

امرأة تصرخ من نافذتها: "الجدار سينهار!! سـينـهـار!!!”

في تلك اللحظة… توقف سيروس عن الحركة. نظر إلى الأعلى وتحديداً إلى النيزك… ثم إلى الأرض المشتعلة، ثم إلى ماكيا.

سيروس (بصوتٍ خافت لكن مشحون): "إذا أردتَ أن تجعل السماء تنهار… فسأريك كيف تجعلها تفرّ.”

فتح راحتيه ببطء. فبدأت النيران حوله تترك التنانين، وتجمعت في نقطة واحدة أمامه، النقطة كانت صغيرة أولاً… ثم كبرت… وكبرت… حتى أصبحت كرة نارية متوهجة بحجم قلعة!!

سيروس (بصوت جهوري): ["فاكن النار – قلب الشمس.”]

ثم أطلقها!

“فششششششششششششششششش!!!”

انطلقت الكرة النارية نحو السماء بسرعة جنونية، اخترقت الغيوم، وصعدت وكأنها تريد تمزيق الفضاء ذاته. وعندما اقتربت من النيزك الذي كان على وشك الاصطدام مجدداً بالجدار…

“دوووووووووووووووووووووووووووووووووووم!!!!!”

اصطدمت الكرة النارية بحدود الجدار ودفعت النيزك بعيداً!! ارتد النيزك للخلف نحو السماء، ثم تقلّص في البُعد واختفى!!

ماكيا (بدهشة حقيقية لأول مرة):"لقد… أبعده؟”

لكن المفاجأة لم تنتهِ بعد… فبعد أن ارتدت الكرة النارية من النيزك، لم تختفِ… بل غيرت مسارها. هبطت الكرة واتجهت مباشرة نحو قلب العاصمة التنقية!!

“ككككككككككككككككككككككككككككككككككككراااااااااااااااااااااااااااااااك!!!”

اصطدمت الكرة وسط المدينة، وحدث انفجار ضوئي لم يشهده أحد من قبل. الزجاج تحطم، الأبراج انشطرت، واختفت منطقة كاملة من العاصمة!!

[في الشوارع المحيطة بالكارثة]

امرأة تصرخ وهي تمسك بطفلتها الميتة: "انهضي يا لينا… انهضي أرجوك… لقد كنا نلعب قبل قليل… لينااااااا!!”

رجلٌ في منتصف عمره، راكع على ركام منزل: "زوجتي كانت هنا… كانت هنا!!! أين ذهبت؟!! اعيدوا لي بيتي!!”

طفل صغير يركض ووجهه مغطّى بالغبار والدم: "أميييييييي!!! أمييييييييييييييييي!!!”

كان الناس يخرجون من تحت الركام مصابين ومحترقين، بعضهم لا يعرف كيف نجا، والبعض الآخر يتمنّى لو لم ينجُ. رجال يحملون جثثاً متفحمة، وأطفال بلا أهل. امرأة تمشي حافية القدمين وذراعاها تنزفان، لا تنظر حولها… فقط تسير في الصدمة.

عجوز منهارة على ركبتيها: "سحقاً لهذا العالم… أين العدالة؟!! أين العدالة؟!!”

رجل أمن يصرخ في المذياع المهترئ، ووجهه يغرق بالدموع: "الجميع إلى الملجأ… لا وقت للبحث الآن… النجاة أولاً!! النجاة فقط!!”

لكن الناس لم يكونوا يهربون… بل كانوا يبكون. صوت النيازك كان قد اختفى، وصوت النار فوق الجزيرة أصبح خافتاً… لكن الصدمة كانت لا تزال تنفجر في قلوب الناس.

[الجزيرة الطافية ]

كان سيروس يحدق في الأسفل، ورأى أثر الفجوة التي خلّفتها كرته النارية المرتدة. أما ماكيا فقد هدأ هو الآخر، كان يلهث بشدة، وجسده الصخري بدأ يتشقق من فرط استخدام القوة، وحتى تلك الضحكة المجنونة اختفت من على وجهه.

سيروس (بصوتٍ خافت، لكنّه حادٌ كالسيف): "أنظر جيداً، ماكيا…”

أشار بإصبعه إلى الأسفل.

سيروس: "هذا… شعبك.”

نظر ماكيا ببطء وعيناه تتحركان فوق الفوضى، ولم يستطع أن ينطق حتى من هول المنظر.

سيروس (بصوت أعمق): "تحدثت عن القمر، عن الأرض، عن السيطرة… لكنك الآن ترى النتيجة. سحقْتَ من أقسمتَ أن تحكمهم، أهذا ما تسميه انتصاراً؟”

بقي ماكيا صامتاً، فاقترب منه سيروس أكثر.

سيروس (يتابع ببرودٍ فيه نفحة من الاشمئزاز): "أنتَ لم تكن تحاربني، ماكيا… أنت كنتَ تحرق أبناءك.”

بدأت أيادي ماكيا بالارتجاف، ثم تمتم بصوتٍ خافت… كأنما يتحدث مع نفسه:

ماكيا (بهمس): "لم أقصد هذا… لم أكن…”

سيروس (يقطعه، بحدة): "بل قصدت. كل من يطلق نيزكاً فوق مدينة يسكنها الأبرياء، لم يكن أعمى… كان أحمق.”

ثم نظر سيروس إلى ماكيا مباشرة، هذه المرة لم تكن نظرة احتقار أو كبرياء… بل نظرة مليئة بالشفقة القاتلة.

سيروس (بهمس ساخن): "تمنيتُ أن يكون خصمي رجلاً… لا حثالة يتحرك.”

ماكيا (بصوت عميق حاد): "تتحدث وكأنك ملاك يا سيروس… هل نسيت من أنت؟ أنتمن بدأ حرب روبي! أنت من أرسل اللهب ليأكل منطقة كاملة!"

رفع يده وأشار نحو السماء التي كانت لا تزال تشتعل بتنانين سيروس:

ماكيا: "وهذه الكرة التي أطلقتها قبل دقائق… ألم ترتد وتهوي على قلب العاصمة؟ ألم تكن أنت من حوّل مدنيين إلى رماد تحت قدميك، فقط لتثبت أنك أنت من يقرّر النهاية؟”

صمتٌ ثقيل…

ماكيا (بعينين محمرتين): "لسنا سوى وجهين لعملة واحدة، يا ملك النار… الفرق الوحيد بيني وبينك… أنني لا أتظاهر بالنقاء.”

ساد صمت ثقيل وكأن الزمن نفسه توقّف، وقف سيروس دون أن يتحرك، وهو لا يزال يحدق في المدينة التي كانت تتلاشى.

ماكيا (يهمس بسخرية مريرة): "أين هي عظمتك الآن؟ أين هي سيطرتك؟”

تقدّم سيروس ببطء، ثم أغمض عينيه للحظة، وحين فتحهما… لم يكن في وجهه غضب، ولا ندم… بل شيء أخطر.

سيروس (بصوت خافت، لكنه ثقيل): "لا أحد يحكم دون أن يتّسخ…”

رفع عينيه نحو ماكيا، ونبرته صارت أقسى وأكثر حدة، لكنها باردة كالجليد:

سيروس: "نعم… أحرقت روبي. نعم… أسقطتُ الكرة. نعم، كنت السبب في دماء لا تُعد…”

صمت، ثم أكمل:

سيروس (يركّز عينيه في ماكيا): "لكنني لم أكذب على نفسي.”

تقدّم خطوة، والنار تتصاعد من تحت قدميه.

سيروس: "أنا لا أتنكّر لما أنا عليه، يا ماكيا… ولا أبكي بعد كل دمار. نحن لسنا وجهين لعملة واحدة…”

أدار رأسه ونظر إلى المدينة من جديد، ثم أضاف:

سيروس (بهمس شبه قاتل): "أنا هي العملة كاملة.”

نظر ماكيا نحو سيروس، وعيناه تغليان لكن ليس بالغضب… بل بالإدراك المرير.

ماكيا (بصوت خافت): "ربما لا نختلف كثيراً، سيروس… أنا من سحق شعبه بقدمه… وأنت من سمح لنيرانه أن تهبط عليهم من فوق.”

سيروس (بنبرة باردة): "الفرق الحقيقي بيننا يا ماكيا… أنني لم أكن أضحك وأنا أفعلها.”

سكت للحظة، ثم أدار ظهره لماكيا، ونظر إلى السماء التي بدأت تهدأ بعد ذهاب النيزك.

سيروس (بصوت أقرب للهمس): "انتهى العرض.”

يتبع…

2025/04/12 · 10 مشاهدة · 2208 كلمة
Sara Otaku
نادي الروايات - 2025