كان الوقت صباحاً رمادياً، لا شمس فيه ولا ظل. الغيوم المتفحمة تغطي السماء، والأرض من حولهم مدمّرة. الجزيرة الطافية التي كان يتقاتل سيروس وماكيا عليها قد اختفت، وكانا بعيدَين الآن عن العاصمة بعد عودتهما تدريجياً إلى ساحة القتال الرئيسية.
كانا يقفان على تلٍّ واسع من الصخور المحترقة، كان أليكساندر يقف ويراقب من بعيد وسيجارته لا تزال مشتعلة بين أصابعه.
أليكساندر (بصوت خافت لنفسه): "12 ساعة متواصلة من الحرب… كانت المعارك السابقة تستمر لأيام، لكن يبدو أن مولاي وماكيا قد ازدادا قوة هذه السنة، وهذا ما جعلهما يستهلكان الكثير من الطاقة."
[فوق التل]
كان ماكيا يقف بجسده الحجري النصف محطم، وكان يلهث كالوحش الجريح. جسده يتصدع، وأطرافه الثقيلة بالكاد تتحرك. أما سيروس فقد احترق جزء من معطفه الملكي، كان صدره يرتفع وينخفض بسرعة، وعيناه الرماديتان ما زالتا مشتعلتين، لكن بداخلها شحوب غير مألوف.
مدّ ماكيا ذراعه للأمام، والعروق المتوهجة على جلده الصخري بدأت تومض من جديد، وحاول أن يستدعي قواه الأرضية مرة أخرى.
ماكيا (بصوت متقطع): "فاكن الأرض… زمجرة…"
لكن قبل أن يكمل الجملة، انطفأ التوهج، وتلاشت الطاقة من جسده فجأة! سقط على ركبة واحدة وهو يلهث ويده ترتجف بشدة.
ماكيا (بصوتٍ أشبه بالهدير الخافت): "لا… ليس الآن…”
في الجهة المقابلة، كان سيروس يراقبه بصمت، لكنه لم يكن أفضل حالاً بدوره. رفع راحة يده وهو يحاول أن يستدعي شرارة واحدة من اللهب، لكن لم يخرج شيء سوى دخان رمادي تبخّر من أطراف أصابعه.
سيروس (بهمس): "لقد… أحرقتُ أكثر مما ينبغي.”
نظر كلاهما إلى بعض، وكانا قد أصبحا مجرد أجساد مُنهكة، وعيونهم لا زالت تشتعل بالرغبة في إنهاء الآخر. ساد صمت مهيب للحظات… قبل أن يتقدم ماكيا خطوة واحدة، ويقول بصوته المتعب:
ماكيا (بنبرة متهالكة): "إذاً لم تعد النار تصغي لك… ولا الأرض تصغي لي… فلننهِ الأمر بأيدينا فقط.”
سيروس (يبتسم ابتسامة شاحبة): "هكذا تكون النهايات دائماً! ولكن ألا تظن بأن الوقت مبكر على هذا؟"
ماكيا: "دعنا ننهي هذا بسرعة، سيروس."
مدّ سيروس يديه إلى الأمام، وأمسك بطرف معطفه الملكي المحترق، وبدأ يخلعه ببطء ثم رماه على الأرض. انكشف جسده المثالي بداية من صدره المتين إلى عضلاته المرصوفة بدقة، ورغم التعب، كان لا يزال يملك وقفة ملك… كتفاه إلى الوراء، وينظر إلى ماكيا بتحدٍ.
أما ماكيا فقد فعل نفس الشيء بدوره، وكشف عن جسده الضخم الذي كان يحمل ندبة حرق على كتفه الأيمن. تقدم الاثنان بخطوات ثقيلة، ثم بدأ القتال اليدوي!
“بـــوم!!”
ضربة مباشرة من سيروس متجهة إلى فك ماكيا، لكن ماكيا لم يتراجع، بل ردّ بضربة قوية إلى بطن سيروس، أطاحت به إلى الوراء.
“كرااااك!!”
سقط سيروس على ركبته، ثم قفز فجأة ووجّه لكمة إلى ضلع ماكيا الأيمن، تبعتها ضربة مرفق جعلت صوته يتغير للحظة.
ماكيا (يضحك بصوتٍ منخفض، وهو يبصق دماً): "لكماتك… ما زالت تحمل غرورك.”
سيروس (يمسح الدم عن فمه): "وغضبك… ما زال بلا عقل.”
ثم تقدما من جديد. قبضة في الوجه… ركبة في الصدر… ضربة كوع على الرقبة… كان القتال بطيئاً، لكن كل ضربة كانت تُقاس بالعقود. كل حركة تحمل أحقاد سنين… كان عالم كامل ينزف من خلال قبضتي رجلين.
العرق امتزج بالدم… العضلات تمزقت، الجلد تشقق، العظام ارتجّت، لكن لا أحد سقط، ولا أحد استسلم. حتى ضرب سيروس ماكيا في وجهه، ورد ماكيا بلكمة في الفك جعلت سيروس يتراجع نصف خطوة… ثم، سقط كلاهما على ركبتيهما في الوقت ذاته. لهاثٌ… صمت… ثم انفجار داخلي من الإرهاق.
ماكيا (بصوتٍ متهالك وهو يحدّق في الأرض المتفحمة أمامه): "قل لي يا سيروس… بكل هذه القوة، بكل هذا الجنون… إلى أين تريد أن تصل؟ أين تنتهي حدودك؟”
سيروس (يتنفس ببطء، وصوته يخرج بصعوبة): "حدودي؟ … لم أرسمها يوماً… أنا فقط أمشي وأحرق الطريق خلفي.”
صمت للحظة، ثم ابتسم بصعوبة وهو ينظر إلى جسد ماكيا المرهق.
سيروس (بابتسامة شاحبة): "لكن عليّ أن أعترف… حتى وأنت عجوز متآكل… جسدك لا يزال يضرب بقوة صخرة.”
ماكيا (بضحكة خشنة متهالكة): "تنهار دائماً بنفس الطريقة يا سيروس… كما لو أن الزمن لا يُعلّمك شيئاً. كم مرة سنعيد هذه النهاية المملة؟"
مرّت لحظات من الصمت الثقيل، والهواء من حولهم عاد ساكناً. ثم سقط رأس ماكيا ببطء إلى الخلف، وارتطم بالحجر المحترق خلفه. سيروس أيضاً سقط بنفس الطريقة، كلاهما فقد الوعي في اللحظة ذاتها!
[داخل عقل سيروس – حلم رمادي ضبابي بذاكرة قديمة]
فجأة، ظهرت صورة واضحة في عقل سيروس… كانت ساحة قتال قديمة على حدود جبلية نائية، السماء تمطر، والأرض موحلة. يقف سيروس هناك وهو أصغر سناً بعشر سنوات، ووجهه لم يكن يحمل أي ندوب، بينما وقف أمامه ماكيا بوجهٍ أكثر شباباً.
سيروس (وهو يلهث): "لا أعرف كم من الأيام مرت ونحن نتقاتل، ولكن نهايتك قد حانت الآن يا ماكيا… قف وانظر إليها جيداً.”
ماكيا (يتنفس بقوة، جسده ينزف): “أنا لا أنظر للنهايات… بل أكتبها.”
في لحظة واحدة، أنزل ماكيا قبضتيه للأرض… فارتفع صليب حجري ضخم من الأرض، مكوّن من شفرتين حجريتين حادتين تقاطعتا بسرعة مخيفة! كان هجوماً مفاجئاً، فسقط الصليب من الأعلى على وجه سيروس الذي لم يكن يتوقعه بهذه الزاوية، فشقّت إحدى الشفرات الحجرية جبين سيروس قطرياً من اليمين، والثانية شقت خده من الجهة المعاكسة.
تقاطعت الضربتان فوق خده الأيسر… تاركتين وراءهما ندبة سيروس الشهيرة: حرف X. تراجع سيروس خطوة إلى الوراء، ثم وضع يده ليتحسس الدم الذي كان يقطر من وجهه بملامح هادئة.
سيروس (بصوت خافت): "جميل… الآن… أصبح لدي تذكار يليق بك.”
ماكيا (بابتسامة ساخرة): "تذكار؟ لا تكن سخيفاً… إنها علامة على أنك قابلتني ونجوت.”
[عودة إلى الحاضر ]
فتح سيروس عينيه للحظة، ثم مدّ أصابعه ببطء ولمس مكان الندبة بصمت.
سيروس (بهمس داخلي): "لم أمت بعد… ما زلت أتنفس.”
ثم غابت رؤيته مجدداً… وعاد اللاوعي ليسرقه من جديد.
الهواء أصبح أكثر برودة على الرغم من الحرائق، والسماء بدأت تسترجع لونها تدريجياً، وبينما كان السكون يخيّم المكان، بدأ صوت خطوات يُسمَع، في كل ثانية كان يزداد صوت الخطوات أكثر فأكثر. وفجأة… ظهر جنود ماكيا من جهة الغرب وهم يرتدون دروعاً معدنية سوداء، ومن جهة الشرق… تقدم جنود سيروس وهم يرتدون عباءات نارية حمراء بخطوط ذهبية، تتوهج أطرافها بلمعة خافتة.
اقترب الجيشان من بعضهما دون أن يرفع أحد سلاحه، ودون حتى كلمة واحدة، وكأنهم جميعاً يعلمون ما يجب فعله. كان هذا بسبب قانونهم المعروف… قانون الأرض والنار:
"إذا انتهت معركة الملك والإمبراطور دون منتصر… فليُسحب كِلاهُما من أرض المعركة دون قتال بين الجيشين."
كل الجنود كانوا يعرفون هذا، لأن هذه لم تكن المرة الأولى. تقدّم من بين الجنود قادة الصف الأول…من جهة سيروس، ظهر أليكساندر كنائب سيروس الرسمي، …ومن جهة ماكيا، تقدم رجل طويل القامة، كان يرتدي درعاً حجرياً داكناً فوقه عباءة سوداء تغطي جسده بالكامل. وجهه كان مخفياً تماماً تحت خوذة معدنية ذات تصميم بسيط، وخطواته كانت بطيئة وواثقة.
لم يكن أحد من الجنود يعرف من يكون، ولا حتى من أين أتى… فقد ظهر فجأة بين صفوفهم خلال الأشهر الأخيرة، وتم تصنيفه من ضمن أقوى الجنود في جيشهم. حتى اسمه الحقيقي لم يُذكر، فقد كان يلقب بـ:
“القائد المقنّع.”
وقف القائد المقنع أمام جسد ماكيا الملقى على الأرض، وانحنى بهدوء دون أن ينبس بكلمة. ثم أشار بإصبعه نحو الحراس ليرفعوا الإمبراطور المصاب. أما أليكساندر، فقد كان يسير بهدوءٍ نحو جسد سيروس الملقى على الأرض.
أليكساندر (وهو يركع بجانبه): "انتهت الجولة… يا مولاي.”
ثم أدار رأسه ببطء، ونظر نحو القائد المقنّع في الطرف الآخر… ولم يتبادل معه أي كلمة. فقط نظرة صامتة… طويلة… غريبة. القائد المقنّع وقف بثبات لثوانٍ، وخرج صوته خرج أخيراً، كان صوتاً عميقاً ومشوّهاً خلف الخوذة، يحمل نبرة ساخرة لا تخلو من الاحتقار:
القائد المقنّع (بهدوء): "سيروس… لا يختار رجاله بناءً على الكفاءة فقط… بل على الشكل أيضاً. لا عجب أن يكون نائبه بهذا الوجه النبيل.”
سكت لحظة، ثم أضاف بسخرية أهدأ:
القائد المقنّع: "ربما يظن أن الوسامة تُرهب أكثر من السلطة.”
أليكساندر (بهدوء بارد): "ومن يختبئ خلف خوذة… لا يملك الحق في الحديث عن الوجوه.”
ساد صمت ثقيل بينهما، لم يُكسر إلا بصرير الأحجار تحت أقدام الجنود وهم يحملون قائديهم بعيداً عن ساحة المعركة.
[إمبراطورية زيتارا – المستشفى العسكري]
كان ضوء الشمس قد بدأ يتسلل من خلف الستائر البيضاء في تلك الغرفة الصامتة، استيقظ آكيو ببطء، رمش قليلاً ثم التفت إلى يساره، فرأى السرير المجاور له… كانت آن ممددة هناك، لكنها لم تكن نائمة. كانت تنظر إلى السقف وعيناها متسعتان بلا تركيز. لم تكن تبكي… ولم تكن تتكلم، لكن وجهها كان مليئاً بالحزن العميق.
آكيو (بهمس، صوته ما زال مبحوحاً): "آن…”
لم ترد إليه آن، فقط ألقت بصرها عليه لوهلة ثم أبعدت نظرها مجدداً.
آكيو (يحاول أن يرفع جسده قليلاً): "هل… هل أنتِ بخير؟”
آن (بصوت منخفض جداً): "لا أحد بخير…”
في الجهة الأخرى من الغرفة، كان أكيرا مستلقياً على السرير الثالث، كان يبدو نائماً ظاهرياً… لكن عينيه كانتا مفتوحتين بصمت، تراقبان الجدار الباهت أمامه.
“نيورو…”
قالها في داخله فقط ولم ينطقها بصوت، لكن اسم نيورو كان يصرخ في صدره. صورته لم تغادر خياله… ضحكته، قوته، ذلك الساذج الغريب الذي ظنّ أنه لا يُقهر.
أكيرا (يفكر بصمت موجع): "لم استطع حتى توديعه… ولم أخبره كم كنت أراه كأخ أخي الحقيقي…"
شدّ قبضته تحت الغطاء، وعضّ شفته بقوة كي لا ينهار، لقد اعتاد التظاهر بالقوة طوال حياته… لكنه الآن، لم يكن يملك شيئاً سوى هذا الصمت الباهت. وفجأة، نهضت آن ببطء من السرير.
آكيو (بصوت قلق): "آن! توقفي، لا يمكنكِ النهوض بعد!"
لكن آن لم تجب، بل بدأت تسير نحو النافذة وهي تضع يدها على الجدار لتتوازن. كان جسدها المنهك يرتجف، لكن العاصفة بداخلها أقوى من أن تُكبح. وفجأة… توقفت مكانها وبدأ جسدها يرتجف بشدة، وبدون أي مقدمات انفجرت بالبكاء! بكت بصوتٍ خانق ومتقطع، وشعرت بأن روحها تحترق من الداخل.
آن (وهي تغطي وجهها بكلتا يديها): "لم أستطع… فعل شيء… كنت هناك… نيورو مات… بكل سهولة! كين-سان… وستيف… لقد تأذوا أمامي… كلهم!!!”
آكيو (بهمس مصدوم): "آن…”
لكنها آن لم تسمعه، لقد كانت غارقة في فوضى الذكريات.
آن (تصرخ وهي تضرب الحائط بضعف): "كنت أقف بينهم… ولم أستطع إنقاذ أحد! كنت مجرد عبأ! لا فائدة مني… لا فائدة!!”
انهارت آن على الأرض وصوت بكائها اخترق صمت الغرفة… آكيو لم يستطع التراجع، فقد نهض من سريره رغم آلامه، وتقدم نحوها بخطوات بطيئة.
آكيو (بصوت خافت، متماسك بصعوبة): "آن… لا تقولي هذا… أنتِ من منعتِ الأسوأ… لو لم تكوني هناك، لربما فقدنا كين… أو ستيف… أو أكيرا… أو حتى أنا.”
آن (ترفع وجهها نحوه، عيناها غارقتان بالدموع): "لكنني لم أحمِ نيورو… لقد مات، نيورو… مات! وستيف… ستيف خسر كل شيء… ساقاه كسرتا… ويده… يده قُطعت!!”
توقفت لثوانٍ وكأنها تحاول أن تلتقط أنفاسها وسط الألم، ثم أكملت بنبرة مرتجفة:
آن (بصوت ينهار): "كان يمكنه أن يهرب… كان يمكنه أن ينجو… لكنه عاد من أجلي!! أنا من جعلته يعود!! أنا من… تسبب له بكل هذا!! لو أنني لم أكن ضعيفة… لو أنني لم أصرخ… لو أنني فقط… كنت أقوى… لما دفع الثمن بدلاً عني!”
تجمد آكيو للحظة… وشعر بأن كل كلمة منها كانت تنحر روحه هو أيضاً. مدّ آكيو يديه ببطء نحوها، ثم عانقها بقوة أكبر.
آكيو (بصوت خانق): "توقفي، آن… أرجوك توقفي… لا تلومي نفسك على ما لم يكن بيدك. كلنا تأذينا… لكن لا أحد يحمّلكِ شيئاً… لا أحد!”
لكنها لم تكن تسمعه بالكامل… كانت محاصرة داخل ذنب لا تقدر على غفرانه. في هذه اللحظة، لم تكن آن النينجا القوية… بل كانت مجرد فتاة مكسورة، تحمل على كتفيها أكثر مما تحتمله روح. وفي زاوية الغرفة… كان أكيرا لا يزال يحدّق في السقف، وعيناه تغرقان بالفراغ، لا بالدموع.
آن كانت لا تزال تبكي بين ذراعي آكيو، جسدها يرتجف من فرط الانهيار، وصوت شهقاتها يتقطع بين الحين والآخر… لكن خلف كل هذا الحزن، بدأت تظهر نبرة خوف حقيقي… قلق عميق لم تقدر على كتمانه.
آن (بهمس مكسور): "لكن كين… كين-سان هو أكثر من تأذى… قلبه كان ينزف… لقد رأيت وجهه، رأيت عينيه… كانت تلك نظرة إنسان منتهي يحاول العيش بأقصى ما لديه!"
ارتجف صوتها وهي تضغط على صدرها بقبضتها الصغيرة.
آن (بصوت خافت، يرتعش من القلق): "لا أستطيع تخيّل أن أفقده أيضاً… لا أستطيع، آكيو… لا أستطيع!”
أكيرا (يفكر مع نفسه، بصوت داخلي بارد): "كين، ستيف، نيورو، آكيو…”
أدار رأسه ببطء نحو آن وهي تبكي في حضن آكيو.
أكيرا (يواصل التفكير، بنفس البرود): "ذكرت أسماء الجميع… إلا أنا.”
ظل يحدّق لثوانٍ دون أن يظهر عليه أي انفعال, فقط ذلك الفراغ المعتاد خلف نظراته.
أكيرا (يفكر، بعينين فارغتين): “هل يهتم أحدٌ بي حقاً… أم أنهم سيتخلّون عني أيضاً، تماماً كما فعلت تيراكولا؟"
أغمض أكيرا عينيه للحظة… لكن صوته الداخلي لم يهدأ.
أكيرا (يفكر، بنبرة ساخره قاتمة): "مثير للاهتمام… أن تكون في نفس الغرفة، تتنفس نفس الهواء، تتألم بنفس الطريقة… ثم تكتشف أنك لست ضمن القصة حتى.”
فتح عينيه ببطء وحدّق بالسقف, ثم مد يده إلى صدره، حيث كان لا يزال يشعر بألم المعركة.
أكيرا (يغمض عينيه من جديد، وينطق داخل نفسه): "ربما هذا طبيعي… فأمثالي لا يُحَبون، بل يُستخدمون… يُعجب بهم البعض، لكن لا أحد يختارهم في النهاية.”
ثم ضحك بصوت خافت لا سعادة فيه.
أكيرا (بصوت داخلي، خافت، يحمل مرارة السنين): "لماذا أنا هنا أصلًا؟ لا أقصد هذا المكان فقط… بل لماذا وُلِدتُ أصلاً؟ هذه الحياة… هذا العرق المزدوج… هذا الدور الغامض الذي ألعبه ولا أحد يشرح لي قواعده.”
أخذ أكيرا نفساً عميقاً، ثم وضع ذراعه فوق جبينه ليحجب الضوء.
أكيرا (يفكر، بنبرة تتمايل بين السخرية والانكسار): "حين احتدم القتال… لم أفعل شيئاً. لم أتجرأ حتى على الاقتراب… جسدي تجمد… وعقلي؟ كان يبحث عن نكتة يُلقيها.”
سكت للحظة، وكأن الصمت نفسه يوجعه.
أكيرا (بهمس داخلي): "أنا عار… مجرد عار يمشي على قدمين. أتكلم كثيراً، أبتسم كثيراً، أتصرف كأنني لا أحتاج شيئاً… لكن الحقيقة؟ أنني لا أملك شيئاً.”
ضغط بأصابعه على صدره، حيث كان الألم الحقيقي في أعماق قلبه وليس بسبب المعركة.
أكيرا (بمرارة): "ليس عندي هدف حقيقي… ولا ماضٍ أفخر به… ولا مستقبل أركض نحوه. ألهذا السبب تبِعتُ تيراكولا؟ فقط لأجد معنى؟”
ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة شبح لا يحمل أي حياة.
أكيرا (يتمتم بسخرية يائسة): "أي معنى… لو كان كل شيء بداخلي فارغاً؟”
ثم استدار على جنبه، وأدار ظهره نحو آكيو وآن، وأغمض عينيه مجدداً… وكأن النوم هو المهرب الوحيد لأفكاره اليائسة.
يتبع…